أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الخطيب - قصة قصيرة -بالونة وحكاية-














المزيد.....

قصة قصيرة -بالونة وحكاية-


بسمة الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 2545 - 2009 / 2 / 2 - 04:16
المحور: الادب والفن
    




لم يكن ممكناً أو وارداً أن أصدّق أن أرواح البشر ترتفع إلى السماء بعد الموت مثل أرواحنا، وأنّها تحنّ إلى ماضيها وتختلس النظر إلى من تركتهم خلفها.

على الأرجح، البشر أيضاً ما كانوا يصدّقون الأمر نفسه عنّا.
لكنّ اللقاء بين أرواحنا وأرواحهم حصل.

كنّا نمضي جلّ وقتنا في استعادة مآسينا فوق الأرض، والتي كانت متشابهة وأحياناً واحدة.
لا أحد هنا يتألّم أكثر من الآخر. أو هكذا توهّمنا لبعض الوقت.
*
ذات يوم، كنّا مجموعة صغيرة، لتمضية الوقت اتّفقنا أن نختار أجمل قصّة موت.
التحدّي ببساطة كان أن يروي كلّ منّا حكاية موته ونختار في النهاية أجمل حكاية.

راح كلّ منا يحكي، مع كثير من المبالغة، كيف مات وآخِر ما يذكره من حياته الأرضية.

المرأة السمينة ماتت في حادث سير، والدجاجة أُعدمت بسبب الشكّ في إصابتها بأنفلونزا الطيور... ثمرة الخوخ سُحقت تحت عجلة سيارة، أما الديسم فقد قتله زعيم الدببة كي يضاجع أمّه وحين أتى دوري رويت لهم كيف نخرت الديدان جذعي بعدما عشت السنوات التي على شجرات التين أن تعيشها.

كانت لدى البعض حكايات موت غريبة، من المصارع الذي أهلكته قشرة موزة إلى الشاب الذي علق في شبكة الصرف الصحي فمات مختنقاً من الرائحة، إلى الرجل الذي قضى بذبحة قلبية إثر مشاهدته إحدى مباريات كرة القدم...
أتى دور الطفل. سأل أولاً عن الجائزة التي سينالها صاحب أجمل حكاية. ضحكنا وقلنا له إنّ الجائزة هي العودة ليومين إلى الأرض، فأدار وجهه مخفياً دموعه ورفض الاشتراك معنا.

أثار فضولنا، فقلنا له إنّنا سنعطيه ما يطلبه إن أعجبتنا حكايته.
حينئذ قال: "اذا أعجبتكم حكايتي تعطونني بالونة وتحكون لي حكاية قبل النوم".
ابتسمنا لسذاجته وكدنا نستبعده من المسابقة، لكنّه قال كلمتين أخرستانا: "قتلتني الكوليرا".

صمتنا جميعاً. لم نكن نتصوّر أن الكوليرا ما زالت موجودة، في زمنٍ أمراضُه القاتلة هي السيدا والسرطان وأنفلونزا الطيور... زمن رُسمت فيه الخارطة الجينية ونُظّمت رحلات سياحية إلى القمر.
أشار الطفل إلى وسط العالم، إلى حيث ظهرت أولى الحضارات، قال إنّ الحروب لم تقتله أو الجوع ولم يغتصبه الجنود ... بل الكوليرا.

أحضرنا للطفل بالونة، وتبرّعت إحدى الجدّات بسرد حكاية من بلاده، بطلها السندباد البحري.
*
لم نعد نتسلّى بحكايات موتنا، ولكن، بين ساعة وأخرى، كانت أرواح تائهة تطرق أبواب السماء وتطلب بالونة وحكاية.


بالونة وحكاية : احدى قصص المجموعة القصصية "شرفة بعيدة تنتظر" لبسمة الخطيب الصادرة عن دار الآداب - بيروت 2009



#بسمة_الخطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حليب دموع وبنفسج
- رثاء جوزف سماحة
- ليلة بيضاء - قصة قصيرة
- يوميات ذاكرة مثقوبة
- العرب القدامى كانوا أكثر استكشافاً (ارتياد الآفاق) مشروع أدب ...
- هل يأتي يوم يتفرغ فيه الكاتب لكتابته أم هو موعد لا يأتي أبدا ...
- ينقلون قصيدة من حلم أو يحلمون بلوحات وأزياء.. والفن نفسه حلم ...
- الإهداءات فن لا يملكه كل الكتاب.. لطف أم فعل حب أم كمبيالة م ...
- آخر أيام- الكاسيت- ... صار نوستالجيا والاسطوانة القديمة تعود ...
- البحث عن أقدام قوس القزح
- ثمة شيء أصفر... فوق أنفك...!
- أقلّ من الحبّ بكثير
- آدم ليس عائداً معي


المزيد.....




- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...
- مصر.. إحالة بدرية طلبة إلى -مجلس تأديب- بقرار من نقابة المهن ...
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس محمود عباس: الأزمة والمخرج!


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الخطيب - قصة قصيرة -بالونة وحكاية-