أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الخطيب - أقلّ من الحبّ بكثير














المزيد.....

أقلّ من الحبّ بكثير


بسمة الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1651 - 2006 / 8 / 23 - 07:27
المحور: الادب والفن
    


أمس انتهى
نزفت، فقدته... ثم نزفت
سبح في السائل الأحمر بصمت
لا! ربما قال "باي باي"
وربما قالها بحنان

فقدته. انطفأ نجمٌ.
نفقت عصفورة.
ارتعشت الأرض قليلاً
لم يقتل الزلزال سوى بضعة آلاف
بينهم الكثير من الأطفال
بقيت ألعابهم الوضيعة خلفهم.
أعدم جيش التحرير الأميركي عائلة وسجّيت جثث أطفالها الستة النيام بهناءة أمام عدسات لم ترتجف.

فقدته. حدثٌ بسيط لم يكترث له أحد.
جلست فوق المرحاض وبكيت
اختلطت الدماء مع مياه المجاري
حين فاحت رائحتها في الشارع لم يعرف الناس أن رائحة جنيني في الأجواء
تابعوا السير إلى مقاصدهم وهم يسدّون أنوفهم


فقدته. لم تقرع أجراس الحزن
ولا أخّر المؤذّن أذانه ثانية
ولا غصّت سيّدة عجوز بدمعتها
كل يوم يموت أطفال على امتداد رقعة اليابسة هذه
كل ثانية ترتفع أرواح ناصعة نحو الأعلى
فما الجديد إن مات طفلي
أو انتهت قصة حب
أو التحقت روحٌ بأرواح أخرى لا حصر لها

كان قلبه ينبض فيّ.
وحده قلبه كان قد تكوّن وكنت قد مددت يدي لألمسه عبر الشاشة في زيارتي الأخيرة للطبيب.
توقّفت المعزوفة الآن وساد صمت قميء.

فقدته. قبل أن أملكه.
لم يكن لي. ليس للحظة واحدة.
كنت أنتظره بأكثر من شوق وأكثر من حبّ وأكثر من انتظار
كنت أنتظره وأنا فارغة، في انتظار أن أمتلئ به
كنت أعيش من دون حبّ وحين أتى الحبّ اكتشف أني لا أستحقه، فرحل

فقدته. مهده سيبقى خالياً. بارداً.
لن تُصنع منامات ساذجة فوق المخدّة الفستقية
لن تسيل من فمه عصارة البون بون وتلطّخ الكنبة
الألعاب التي منيتها بملمس يديه الطريتين تنام الليلة خائبة،
والقصص التي قلت اني سأشتريها له قد تنتظر زمناً على الرفّ
متاجر الألعاب كلها تفتقده
والمدرسة التي اخترتها له أعطت مقعده وعلبة تلوينه لطفل آخر

فقدته. انطفأ حلم. كان خطأ مني أن أحلم.
عاقبتني الحياة، ذكّرتني أني، أنا نفسي عقاب لنفسي، ولولا أن موتي يريحني لانتزعت روحي منذ زمن.
مدّت يدها الظالمة إلى أحشائي وأطفأت بإصبعين العلقة النابضة بمليار أغنية منذ أغاني الإغريق إلى أغاني داليدا
سحبته معها من دون أن أشعر
عندما استيقظت متلهّفة لبدء يوم جديد وإنهائه كي تمرّ الأيام بسرعة وتكبر العلقة وجدت حوضي غارقاً في اللون الأحمر... من دون ألم أو حتى مغصة! من دون وداع من دون تضرّع!

فقدته. غاب وجهه الذي لم أره ولم ألمسه
غادرت عيناه قبل أن أعرف لونهما.
غرقت ابتسامته وأنا التي عوّلت على التعلّق بها في بحور الوحدة
فقدت حبّه لي
تعلّقه بي
روعة اسمي الخارج من فمه
لهفته عليّ
شوقه لصدري
لجوءه إلى حضني

فقدته. قيل إني لم أحبّه كفاية
ليس إلى حدّ الاحتفاظ به وحمايته.
في أحد أحلامي، ما قبل الأخير، قال لي: "أنا طفلك"
ابتسمت له غير مصدّقة ما أسمع
لماذا قال هذه الكلمة البديهية؟ هل كان يودّعني؟


لا تبارحني هذه الأسئلة: كيف رحلت؟
كيف سبحت في ذلك السائل اللزج ولم تترك خلفك سوى همسة بالكاد فهمتها "باي باي"؟؟!

من سيعتني بك هناك؟ في الغيب؟ فوق قوس قزح؟
من سينفخ على أصابعك يدفئها حين تتدنى درجة الحرارة؟ من سيرضعك؟ وهذا الحليب الذي يتدفّق من صدري أين أذهب به؟ عقاقير الأطباء لم تنجح في إيقافه. أحضرت النسوة لي رضيعة أرضعها، وجدتها جميلة كابتسامة ملاك، فرفضت أن أرضعها. أتعرف لماذا؟
لأنها ستصبح عروسك.
كلما رأيت فتاة جميلة تمنيتها عروساً لك. سأحنّي كفّيها بدمي.

أرغب بقوة أن أنام.
أن أنهار.
هذا شيء قد يعزيني.
روحي خاوية.
لا وزن لي.
أريد أن ألحق بك
لكني فارغة جداً ولا أستطيع أن أتحرّك.

أريد فقط أن أغرق في حلم تافه، أقلّ من الحبّ والأمومة، أقلّ بكثير
أريد حلماً تافهاً تستخفّ الدنيا به وتمرّره لي... ولا أفيق منه لأجد أني أثناء تلذذي بنومي العميق فقدته.



#بسمة_الخطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آدم ليس عائداً معي


المزيد.....




- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الخطيب - أقلّ من الحبّ بكثير