أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - كريم عبد - مفهوم (اللعبة الديمقراطية) ومخاطر تزوير الانتخابات !!















المزيد.....

مفهوم (اللعبة الديمقراطية) ومخاطر تزوير الانتخابات !!


كريم عبد

الحوار المتمدن-العدد: 2535 - 2009 / 1 / 23 - 08:58
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


خلال أزمنة طويلة مظلمة قدم العراقيون تضحيات لم يقدمها أي شعب من أجل تحقيق العدالة. والعدالة في العالم المعاصر تعتمد أساساً على دولة القانون والنظام الديمقراطي. والأسس الأربعة التي تعطي للدولة الديمقراطية شرعيتها، هي : الحريات الفردية. الحريات العامة. استقلال القضاء. ثم التبادل السلمي للسلطة. والنقطة الأخيرة تعتمد على نزاهة الانتخابات الديمقراطية. فعلى النزاهة والشفافية في اجراء الانتخابات يعتمد مشروع تحقيق العدالة ويتقرر مستقبل العراق.
وهذا يعني أن من يعمد إلى تزوير الانتخابات أنما يتلاعب بمصير العراقيين ومصالحهم، فهو يريد إعادتهم إلى سنوات الظلم والحرمان لأنه يقوّض الديمقراطية من داخلها.
أن هذا الموضوع، أي تزوير الانتخابات، رغم حساسيته، تبدو عواقبه غير واضحة لدى قسم من العراقيين، فربما تصوّر البعض أن الضرر الذي سينتج عن تزوير الانتخابات في هذه المحافظة أو تلك، هو مجرد فوز قائمة معينة بعدد من المقاعد التي لا تستحقها ولسنوات معدودة.
وإذا كانت هذه النتيجة بحد ذاتها تعتبر مخالفة صريحة للقانون، لكنها ستبدو صغيرةً إذا ما عرفنا الأضرار الجسيمة الأخرى المترتبة عليها، أي تلك الاضرار التي ستلحق بمبدأ التبادل السلمي للسلطة جراء أي تزوير يحدث. ومن هذه الأضرار :
أولاً : أن قيام أية جهة بمحاولة تزوير الانتخابات، سيدفع أو (يبرر) للأطراف الأخرى القيام بنفس العمل المشين، أي أن ظاهرة التزوير ستتسع بالعدوى، لتتكرر في الدورات القادمة وفق مقولة : ما دام الآخرون قد زوروا فلماذا لا نزور نحن !! وهي الوجه الآخر لمقولة: ما دام الأخرون ينهبون المال العام فلماذا لا ننهب نحن !! ما يدفع لخلق حالة من عدم الثقة بالعملية الديمقراطية برمتها. وهذا سيؤدي إلى نوع من السلوك السلبي والشعور بالخيبة لدى الرأي العام بالجهات المسؤولة وصناديق الأقتراع التي تُعتبر عنوان التحضر وسر تقدم الدول في العالم المعاصر.
ثانياً : أن ثقافة تمزيق صور المرشحين وشعارات القوائم الانتخابية، ينطوي على رغبة مسبقة بتزوير الانتخابات، أي التأثير على نتائجها بطريقة غير مشروعة. وربما تدل عملية التمزيق على عجز في تحقيق تلك الرغبة. لكنها في الحالتين تدل على ضعف الشعور بالمسؤولية الاخلاقية في صيانة حق المواطن في الأطلاع على طبيعة برامج القوائم الانتخابية ومرشحيها. وهذا بحد ذاته يُعتبر إنتهاكاً لقواعد اللعبة الديمقراطية واستهانة بمشاعر العراقيين ورغبة بقهر إرادتهم !!
ثالثاً : أن مقولة (اللعبة الديمقراطية) الشائعة في الأدبيات الغربية، لا تعني أن (يلعب) كل طرف على الأطراف الآخرى كما فهمها البعض عندنا !! إنما (اللعبة الديمقراطية) تعني أن يمارس الجميع العملية الديمقراطية بروح رياضية سواء فاز الطرف المعني أو خسر. ففي التبادل السلمي للسلطة عبر الانتخابات، لا يوجد طرف خاسر دائماً ولا طرف فائز دائماً. فالمهم هو فوز الديمقراطية لأنها الضمانة الوحيدة لتطور الدولة والمجتمع.
أن عدم فوز قائمة معينة لا يعني هزيمتها النهائية، بل يُفترض بها أن تراجع برامجها ونقاط ضعفها كي تتلافها في الدورات القادمة. وهنا يكمن معنى التبادل السلمي للسلطة، أي عندما يلتزم الجميع بأصول اللعبة الديمقراطية وليس التلاعب على القوانين. لأن التلاعب على القوانين هو مثل الخيانة، لا يمكن إعتباره وجهة نظر.
على أساس هذه الروح الديمقراطية تعتمد الثقافة الحقوقية للدولة التي يعتمد عليها الأمن الإجتماعي والتطور الاقتصادي. أن التبادل السلمي للسلطة بين الأطراف المختلفة يعني أستمرار التوازن الإجتماعي واستمرار ثقة المواطنين بدولتهم ونظامهم الديمقراطي باعتباره صمام أمان المستقبل.
مثال : في بريطانيا وخلال الإنتخابات العامة في 1996 وكان حزب المحافظين قد تكرر نجاحه في الانتخابات لثلاث دورات سابقة. قال أحد أقطاب حزب المحافظين نفسه :( بدأت أخشى على الديمقراطية في بريطانيا بسبب ضعف المعارضة ) أي أنه أعطى دفعة معنوية للمعارضة على حساب حزبه، أي أنه شجع الجمهور البريطاني على إنتخاب أحد أحزاب المعارضة وبالفعل فقد فاز حزب العمال وقتها.
ولكن ما هي دوافع ذلك القائد في حزب المحافظين لأتخاذ ذلك الموقف ؟! هذا الرجل مثل بقية قادة الأحزاب الديمقراطية في بريطانيا، يُدرك بأن مستقبل الدولة البريطانية ومصالح شعبها وتعدديته الثقافية، تعتمد على التبادل السلمي للسلطة، وليس على الأستحواذ على كرسي الحكم. لأن استمرار حزب واحد أو إتجاه واحد على حكم البلد سيؤدي إلى تعفن الثقافة الحقوقية للدولة وسيلحق أضراراً مادية ومعنوية بالاتجاهات الآخرى إذا استمرت في حصاد الخيبة فقط، فالإدمان على الخيبة والخسارة من قبل الاتجاهات الأخرى سيؤدي بالتراكم إلى التطرف ومن ثم تفكك المفاهيم الديمقراطية. بينما الاتجاه الذي سيستحوذ على زمام الأمور سيبرر الأخطاء ويكرس الفساد المالي والإداري، فتتسع المظاهر السلبية داخل الدولة على حساب حرية المواطنين وحقوقهم وأولها حق الأحزاب والاتجاهات الأخرى بالمشاركة في تحمل المسؤوليات الرسمية. ولنأخذ العبرة من نتائج تعفن الديمقراطية في العهد الملكي عندنا، حيث أدى ذلك إلى ترجيح خيار الإنقلاب العسكري الذي سرعان ما تكرر ليُنتج لاحقاً ديكتاتورية صدام حسين، حيث خسر الجميع ولم يربح أحد. لقد خسرنا القرن العشرين جراء ذلك، فهل هناك جهات سيقودها الجهل وغواية السلطة لتجعل العراقيين يخسرون القرن الواحد والعشرين بنفس الطريقة ؟!!
رابعاً : أحدى عمليات التزوير التي حدثت في أحدى دوائر الانتخابات السابقة، كما رواها لي شاهد عيان، تمت بالشكل التالي: كانت الدائرة الانتخابية في مدرسة، وكانت صناديق الأقتراع موجودة في عدة صفوف، وكل ناخب يذهب لأحد الصفوف ليدلي بصوته مرة واحدة طبعاً، لكن جمهور الناخبين التابع لأحد الأحزاب المتنفذة، كان كل ناخب منه يدخل لجميع الصفوف، أي يدلي بصوته لعدة مرات !! ولكن ماذا نتج عن ذلك ؟! هل هي مجرد مسألة كسب أصوات إضافية ؟ لا طبعاً. النتيجة الأخرى هي أن هذا الحزب مسخ أخلاق جمهوره ومحازبيه الذين قاموا بعملية التزوير تلك، أي الذين أدلوا عدة مرات بأصواتهم خلافاً للقانون وخيانة للأمانة الوطنية. أي أنه سهّـل لهم ودربهم على مخالفة القانون. ما يجعل من المتوقع أن يُعيد هؤلاء نفس هذه الفعلة في أماكن أخرى غير الانتخابات. والسؤال هو : أية أحزاب هذه التي تمسخ أخلاق محازبيها وأنصارها من أجل الفوز بمقعدٍ سوف لن تمارس من خلاله سوى المزيد من الفساد وتعطيل الخدمات ونهب المال العام ؟! أية أحزاب هذه بحق السماء ؟!
خامساً : إن التساهل أو الصمت عن أية عمليات تزوير تقع في هذه الدائرة الانتخابية أو تلك، ينطوي على خطورة تبرير التزوير في شؤون الدولة الأخرى، لا سيما وأن الجهات الرسمية لم تحسم لحد الآن قضية ( حملة الشهادات المزورة !!) الذين سرقوا فرص غيرهم من المواطنين واحتلوا مواقعَ هم غير مؤهلين لها، ما انعكس سلبياً على عموم عمل الدولة، وكان هذا أحد أخطر مظاهر الفساد الإداري الذي ساهم في تردي الخدمات العامة وتراجع الاقتصاد العراقي. فأصبحت مشاعر الحقد على الدولة تنمو باطراد لدى الفئات المتضررة جراء الإقصاء والتهميش القسري. وإذا استمرت هذه المظالم فلا أحد يستطيع إيقاف عودة الأفكار الإنقلابية لدى الجمهور المتضرر من كل ذلك.
سادساً : وهنا تكمن النتيجة الأكثر جسامة لتزوير الانتخابات، فإذا كان أساس النظام الديمقراطي يعتمد على حيادية مؤسسات الدولة وشفافية تعاملها واعتمادها المعايير المهنية في التعيينات، فإن البعض عندنا فَهمَ الفوز بالانتخابات كما لو كان انقلاباً عسكرياً، فالحزب الفائز في محافظة معينة يعتقد أن من حقه تغيير طاقم الموظفين واحلال المحازبين والمحسوبين عليه محلهم، وليس أدل على ذلك من وجود مجالس محافظات أو وزارات مغلقة على حزب أو طائفة أو قومية معينة !! وهذه ظاهرة لا مثيل لها في جميع دول العالم !!
أننا هنا لسنا أمام نقص في الثقافة الديمقراطية، إنما أمام وعي سياسي رث غرائزي ومشوّه، لأنه في جميع الدول الديمقراطية، تبقى الأطقم الإدارية والتقنية في المرافق الخدمية ثابتة، أي لا علاقة لها بنتائج الانتخابات، بعد أن تكون قد عُينت على أساس الخبرة والكفاءة والنزاهة فقط، وليس من خلال الهويات الحزبية أو الطائفية كما هو حاصل في (العراق الجديد) ويا للغرابة !!
وأخيراً، إذا كانت الرغبة بتزوير الانتخابات ناتجةً عن نوازع قهرية وثقافة رثة، فأن التزوير سيكون سبباً في تكريس وتعميم الرثاثة والقهر في أروقة الدولة، وهذه إهانة للدستور وخيانة لتضحيات العراقيين التي لا يمكن أن تذهب هدراً. فمن يريد إعادة التاريخ إلى الوراء لن يحصد غير الندم والخسارة.



#كريم_عبد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الثقفة العراقية: لغة المثقف وتطور رؤاه ؟!
- لا أهلاً ولا سهلاً بأحمدي نجاد في بغداد
- أصل الأزمة العراقية وفصلها
- الحكيم وبرهم صالح : مصادرة عقول العراقيين !!
- كيف نحمي العراق ونصنع مستقبله
- حزب البعث بصفته وباءً سياسياً 2-2
- حزب البعث بصفته وباءً سياسياً ( 1 - 2 )
- خارجية العراق: مسؤولية لا يشعر بوطأتها الوزير !!
- الأخلاق والإنسان العراقي
- فكرة - المجتمع - في خيال دولة الأجهزة
- رسالة إلى السيد نوري المالكي : ولكن ما هي الديمقراطية يا دول ...
- العراق الجديد : مقولات زائفة ورأسمال سياسي فاسد !!
- خلفيات وأهداف التدخل الإيراني في العراق ؟!
- الحركة الإسلامية في مفترق طرق : إدارة الصراع في لحظة سياسية ...
- الزرقاوي وخالد مشعل : الجهاد والأخلاق والمسؤولية السياسية
- أكاذيب حكام طهران بشهادة إيرانية دامغة !!
- المثقف العربي مُعلقاً من قدميه
- الإنحطاط بصفته ثقافة
- معنى استمرار الإرهاب وتصاعده في العراق !!
- أطوار بهجت تعود إلى سامراء كي تُقتل ثانية ً !!


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - كريم عبد - مفهوم (اللعبة الديمقراطية) ومخاطر تزوير الانتخابات !!