أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سليم - غطوها وصوتوا غطوها وصوتوا














المزيد.....

غطوها وصوتوا غطوها وصوتوا


محمد سليم

الحوار المتمدن-العدد: 2526 - 2009 / 1 / 14 - 07:39
المحور: الادب والفن
    


ذات ليلة من ليالي كانون ,, سقطت عيناي رغما عنى ,, على حشد هائل من أهل قريتي في جنح الظلام ,, رأيتهم كخشب مسندة في ريح عاصف,,اشتدت حيرتي أكثر,, سجنتني علامات الاستفهام بغباء لا نظير له وأخذتْ برأسي ترجرجهُ وتسألهُ ؛ متى أتوا ؟,, ولم هم هنا في مواجهة المقابر دونما حراك ؟..,,وأين النواح والعويل أو لطم الخدود والصراخ؟.. ومن يشيّعون؟..,,ولم هم في ظلام حالك دونما شعلة ضوء واحدة أو جذوة من نار ؟,,هممتُ بالهرولة إليهم .. لفني الرعب والخوف حتى أخمص قدمى ,, مكثتُ مكاني كخيال مآتة أحرسُ نفسي الهاربة..إلا خطيفات من تحديق في هذا المشهد العجيب الساكن سكون القبور .. أسترق السمع بين الحين والمين علني أستوعب شيئا ما,,فيا للمصيبة..لا أسمع إلا همهمات خافته كتعاويذ شيطانية مكتومة أو تسبيحات صوفية خاشعة ..وأيديهم ترتفع وتنخفض في حركات هستيرية عجيبة..,, تقدمتُ خطوة..لا خطوتين..ثلاث,, تقهقرت خطوتين ..ثلاث ,,تسمرتُ في مكاني كاتما شهقات خوفي ويدي على قلبي المرتجف ,,..........
الأقدام تحبو خطوة بخطورة نحوالمقابر.. المثوى الأخير..وكأن شبحا يقودهم وهم لا يشعرون ,, سكنتْ الأقدام,,ماتت أرجل الأرجل,, خرج عليهم رجل ضخم الجثة عريض المنكبين في رأسه هالة مثيرة..من القبر خرج !,, لا من زواريق المقابر!.. ولم ؟,, .. وقف عليهم فوقفتُ بدوري من مخبأي ! ,, رأيتُ الرجل منهم يُقبّل يديه وقدميه ثم يعود من حيث أتى ,,ويتقدم الآخر ,,والثالث.. والرابع ,, حتى أتى عليهم أجمعين ,,وعندئذ خرج من القبور بضع رجال أشداء يحملون تابوتا يشع نورا ,,وضعوه بين يدي الزعيم ,,...رفع القائد يديه عاليا إلى السماء ..وإذ بالجماهير الغفيرة تزحف عن بكرة أبيها وتتحولق حول التابوت ..تحضنه ,,تُقبّله ,,تتمسح به ,, ثم عم السكون المكان مرة أخرى وخيم الصمت ورُصصت الصفوف ..وإذا بأحدهم يصرخ بصوت حاد: سبحوووووه ...,, فيرد الجمع بخشوع و وحدوووووه ,, قلتُ فى سرى؛ لا اله إلا الله ..كلنا زائلون..وكتمت نفسي رعبا وخوفا ,,...........
راح قلبي يدق بعنف ومع كل دقة تهرب ضحكة باهتة أسخر بها من خوف نفسي وأستحثها على الصمود ,, واُهدأ قلبي وأسألهُ بثبات:هل هذا هو الزعيم القائد دام الله ظله الظليل ؟!..,, كبستْ على نفسى صوت الثأثأة ولم أستطع جوابا ,, ظننتُ أنى بلغت حد الجنون أوأنى لا محالة أشهق شهقة الموت الأخيرة,,...أنقذني منها صوت عذبا..,, صفارة الإسعاف ..سيارات الأمن ومصفحاته..,,وأصطف القادة والضباط والجنود بلباسهم الأسود ونياشينهم البراقة على قمة المشهد ,,ساد الهرج والمرج وارتفعت الأصوات بين حانق ..محتج ..مستنكر..متذمر ..متعجبا مما يجرى ,, أخذ القادة الرجل عريض المنكبين وسجوه بداخل التابوت وكأنهم أعادوه مرة أخرى الى الموت بعدما فشلت قُبلات الحياة ..,,خرج أهل القرية من صمتهم وتعالت صيحاتهم هادرة ( غطوها وصوتوا ..غطوها وصوتوا ..),,دارتْ بى الأرض من هول الزلزلة فانكفأت على نفسي واضعا يدي على رأسي أسألها ؛من تلك الأنثى العارية التي يطالبون بتغطيتها ,,واين هى ؟.. وليس أمامهم غير هو وهو وهو ,, ودرتُ في سؤالي ؟..وإذ بى أرفع بصري فلا أجد منهم أحدا ..غير سيارات الأمن تحمل أكواما من أهلي وعشيرتي ,, هرولتُ إليهم .. أستوقفنى أحدهم وسألني منذ متى وأنت تشاهد وترى ..؟,,حاولت جاهد الرد فلم أقدر ..,, تفحصنى بفضول شديد ثم سحبنى وهو يقول لى أنت الشاهد الوحيد ؟..,, صرختُ عيطتُ متُ خوفا ثم إنفجرت ضاحكا : شاهد ماشفش حاجة..غطوها وصوتوا غطوها وصوتوا ...................
‏06‏/01‏/2009






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دونكشوت وطواحين الهواء الفلسطينية,,
- شوية عكننة بالمصرى الفصيح
- أموت واعرف !؟
- ساعة تروح وساعة تيجى
- فراخ تبيض وشعوب تكاكى !
- بوش راجل ولا مؤاخذة
- يُحكى أن ,,
- تحليل جيو استراتيجي استاتيكى حتى النهاية فى مسألة قطاع غزة ا ...
- سيادة القانون والأرانب..
- يا عامة الناس عليكم بأكل الملوخية ..
- حدوتة أمي؛ كل حاجة صُغننه
- قمم عربية بلا بلا فخر..
- المواطن قفشوه..!
- لقمة العيش بمعيار عالمى !!..
- قمرنا بايظ
- أشُفها أشُفها..!!..
- في المُشمُش لو فهمت !!
- تيار كارى كركم !!
- يلعن أبو الثقافة
- في (حذاء ) السيد هنية


المزيد.....




- فنان من غزة يوثق معاناة النازحين بريشته داخل الخيام
- إلغاء حفلات مالك جندلي في ذكرى الثورة السورية: تساؤلات حول د ...
- أصوات من غزة.. يوميات الحرب وتجارب النار بأقلام كتابها
- ناج من الإبادة.. فنان فلسطيني يحكي بلوحاته مكابدة الألم في غ ...
- سليم النفّار.. الشاعر الذي رحل وما زال ينشد للوطن
- التحديات التي تواجه التعليم والثقافة في القدس تحت الاحتلال
- كيف تحمي مؤسسات المجتمع المدني قطاعَي التعليم والثقافة بالقد ...
- فيلم -أوسكار: عودة الماموث-.. قفزة نوعية بالسينما المصرية أم ...
- أنغام في حضن الأهرامات والعرض الأول لفيلم -الست- يحظى بأصداء ...
- لعبة التماثيل


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سليم - غطوها وصوتوا غطوها وصوتوا