أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رواء الجصاني - الجواهري: لواعج ومواجهات (5)














المزيد.....

الجواهري: لواعج ومواجهات (5)


رواء الجصاني

الحوار المتمدن-العدد: 2526 - 2009 / 1 / 14 - 07:38
المحور: الادب والفن
    


في عام 1974، يحل الجواهري ضيفاً على العاهل المغربي الحسن الثاني، في الرباط وطنجة ومراكش. وإذ يُحتفى به بكل استثناء، صرحاً عراقياً وعربياً أول، يغتاظ متنطعون ونهازون "ثقافيون" إلى جانب سياسيين "ثوريين" من ذلك الزمان، ليهاجموا المحتفى به من "جبهات" وبلدان عدة، وبتحريض "أحزاب" وأنظمة، "ثورية" هي الأخرى، ولكن على طرائقها الخاصة... ومن بين تلك الهجمات مقالات ومواضيع "أدبية" جداً، حاولت أن تهز دوح الشاعر العظيم، وتطال من تاريخه باعتباره "مهادناً" مرة، و"مرتداً" مرة ثانية، لأنه قبل استضافة ملكية حلم بها المهاجمون ذاتهم، ليلاً ونهاراً، بل وسعوا إليها بكل دأب، ولكنهم لم ينالوا وإن بعضاً يسيراً منها، فراح غضبهم وحسدهم، يتجسد في مزاعم وتقولات وأكاذيب بائسة، و"ثورية" مدعاة أكدت السنوات التالية واقعها وحقيقتها، فانكفأ أصحابها، لا يعرف لهم صوت أو صدى... وأمام كل ذلك لم يجد الجواهري من وسيلة دفاع مناسبة، سوى الشعر فكتب:
تحية .. ونفثة غاضبة
سماحاً إن شكا قلمي كلالا
وإن لم يُحسن الشعرُ المقالا
أتبغون الفُتوة َ عند همٍّ
على السبعينَ يتَّكلُ اتكالا...
فما شمسُ الظهيرة وهي تـَـغلي
كمثل الشَّمس قاربت الزَّوالا

وبعد هذه الافتتاحية الجواهرية "التقليدية"، يجوب القصيد وفي أكثر من ثمانين بيتاً في الوصف والفخر، وحتى الغزل، ليصل إلى المواجهة المفروضة... وقبل أن تنطلق ساعة الصفر، راح الشاعر يمهد للآتي، ملمّحاً لبعض يسير من تاريخه وصرحه الخالد ومسيرته المتفجرة أبداً بالمواقف والتحديات، وإن زعم هذه المرة بالتعب والرغبة في الاستراحة من معترك الحياة، بعد صعاب جمّة وهجرة واغتراب، ومعاناة من بعض أهل الدار وغيرهم، على مدى عقود:
حماةَ الفكر .. قِيْلةَ مستنيب
يجنبُ نفسَه قيلا وقالا
تنقلَ رحلُهُ شرْقاً وغرباً
وحط هنا بسوحِكُمُ الرِّحالا
يحاول بعدَ دنيا من عذاب ٍ
عن الدنيا وما فيها اعتزالا
فصونوه من العادِينَ ضبحاً
ووقوه التماحكَ والجدالا...
ففي جنبيَّ نـَـفْسٌ لو تراءت
لكُمْ لرأيتُمُ العَجَبَ المُحالا
أَسُلُ النصلَ عن جُرح ٍ نزيف ٍ
فأَلْقي تحت حُفْرته نِصالا

... وخلافاً لكل "المزاعم" التي باح بها العديد من الأبيات السابقة، وغيرها، تفنن الجواهري في وسائل المواجهة، ودروب الردّ على المعتدين، لينبيء – بقصد، أو غير قصد – أنه ما برح في عنفوان الشعر والعطاء، وان شمس ابداعه لم تغادر موقعها برغم السنوات السبعين، وبقيت تغلي بكل الكبرياء والاقتدار... ولكي يثبت ذلك علناً مع سبق الاصرار، راح يضيف:
وقلتُ لحاقدينَ عليَّ غيظاً
لأني لا أُحبُّ الاحتيالا
هَبُوا كلَّ القوافِلِ في حِماكُمْ
فلا تَهْزوا بمن يَحْدُو الجِمالا
ولا تَدَعوا الخصامَ يجوزُ حدّاً
بحيثُ يعودُ رُخْصاً وابتذالا
وما أنا طالبُ مالاً لأني
هنالكَ تاركٌ مالاً وآلا
ولا جاهاً ، فعندي منه إرثٌ
تليدٌ لا كجاهـِـكمُ انتـِـحالا

... ثم، ولكي يختم القصيدة بمطلعها، في تناسق وسياق مرسومين بدقة متناهية كما يبدو، يطلق الشاعر الكبير عنان مخزونه المتراكم، واحتياطيه اللامحدود، للرد على القوالين، منوّهاً إلى تجاربه السابقة مع مثلائهم، وربما جالت بذهن المتابع هنا قصائد الأربعينات والخمسينات الجواهرية الشهيرة، حين يقرأ الأبيات الأخيرة من هذه اللامية "الدفاعية" الفريدة:

حَذار ِ فإنَّ في كَلِمي حُتوفاً
مخبأة ً ، وفي رَمْل ٍ صلالا
وأنَّ لديَّ أرماحاً طِوالا
ولكنْ لا أُحِبُّ الاقتِتالا
تَقَحَّمْتُ الوَغَى وتَقَحَّمَتْني
وخَضتُ عَجاجها حَرْباً سِجالا
فكانَ أَجَلَّ مَن قارعتُ ، خصمٌ
بنُبْل ِ يراعه رَبِحَ القِتالا
فكم من قَوْلة ٍ عندي تَأبَّى
لها حسنُ الوفادة ِ أنْ تُقالا
ستُضرَبُ فيهم الأمثالُ عنها
اذا انطَلَقَتْ وجاوَزَت ِ العِقالا
وعندي فيهمُ خبرٌ سَيَبْقى
تغامَزُ منه أجيال تَوالى
حّذار ِ فكم حَفَرتُ لُحودَ عار ٍ
لأكرمَ منكمُ عَمّاً وخالا

... وهكذا وبتلكم الكلمات والتعابير "الثائرة"، وهو وصف يستخدمه الجواهري كثيراً، تخلص القصيدة إلى مبتغاها، وليبقى التاريخ شاهداً على ان التحذيرات التي جرى اطلاقها قد فعلت مفعولها، فلم يرد المعنيون، وبعضهم ممن لا يمكن ان تبخس كفاءاته الأدبية والسياسية... ونحجم حالياً عن التصريح بالأسماء ذات العلاقة، وربما نعود لتقديم المزيد من "الكشوفات" في أوقات لاحقة.



#رواء_الجصاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجواهري: لواعج ومواجهات (4)
- الجواهري: لواعج ومواجهات (3)
- الجواهري: لواعج ومواجهات (2)
- الجواهري: لواعج ومواجهات (1)
- الجواهري في براغ، ومنها ... وإليها *
- أسماء وشؤون عراقية في ذاكرة باريس
- أسماء وشؤون عراقية في ذاكرة موسكو
- وقفة أخرى حول التاريخ العراقي في براغ
- لماذا اهمل النقد العربي الجواهري ، شاعر -عصره-؟
- تاريخ عراقي في ذاكرة براغ ... 3/3
- تاريخ عراقي في ذاكرة براغ ... 2/3
- تاريخ عراقي في ذاكرة براغ ... 1/3
- وصفي طاهر ... رجل من العراق – 2 / 2
- وصفي طاهر ... رجل من العراق 1-2
- حين رقص الجواهري ذات ليلة
- شهادات وأسماء ومشاركات في حركة طلابية عراقية مجيدة 2/2
- شهادات وأسماء ومشاركات في حركة طلابية عراقية مجيدة 1/2
- الجواهري في احدى مواجهاته الغاضبة
- الجواهري والانقلاب الفاشي عام 1963
- الجواهري بين رؤيتين


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رواء الجصاني - الجواهري: لواعج ومواجهات (5)