أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رواء الجصاني - الجواهري: لواعج ومواجهات (3)














المزيد.....

الجواهري: لواعج ومواجهات (3)


رواء الجصاني

الحوار المتمدن-العدد: 2513 - 2009 / 1 / 1 - 04:07
المحور: الادب والفن
    


يعود الشاعر العظيم خريف عام 1968 إلى بلاده بعد "سبع سنوات عجاف" في مغتربه ببراغ، ليستذئب عليه النهازون والمتنطعون، تحت لافتة "تخلف" الشعر العمودي، و"شيوخة" أصحابه، و"نضوب" روافده... مع تلويح لا يحتاج لمزيد من الفطنة إلى أن الجواهري كان هو المقصود أولاً، بل وأخيراً، في تلك المعركة "الثقافية"... بل وقد تشجع البعض من "النقاد" و"الشعراء" العراقيين والعرب، من "الجامعين خشار القول" لينتقلوا من الايماء إلى الايحاء صراحة، في التحرش المباشر بالشاعر والوطني الرمز، بل وحتى محاولة التطاول عليه... وأمام هذه المنازلة التي جاء توقيتها بالتزامن انعقاد المؤتمر الأول للأدباء العرب ومهرجان الشعر المرافق له، في بغداد والبصرة (نيسان/ابريل 1969)، اختار الجواهري "حلبة الشعر" ليخوض المعركة من خلالها، بشموخ وعنفوان، وليرد بدالية مطولة، مدافعاً ومهاجماً في آن واحد، وليجوب أكثر من مضمار، وبأكثر من "بيت قصيد":
يـا ابـن الفـراتـيـن
يا ابن الفراتين قد أصغى لك البلدُ
زَعْماً بأنك فيه الصادحُ الغرِدُ
ما بين جنبيكَ نبعٌ لا قَرارَ له
من المطامح يستسقي ويَرتفد
يا ابن الفراتين لا تحزن لنازلة
أغلى من النازلات الحزنُ والكمدُ
فما التأسي إذا لم يَنْفِ عنك أسىً
وما التجلدُ إن لم ينفعِ الجَلَد
وما ضمانةُ قولٍ لا شفيعَ له
من الضمير ولا من ذمةٍ سَنَدُ

ثم تتوالى آهات الجواهري لتتصاعد مزدحمة بالعتاب، والقاسي أحياناً، على أصحاب وأحباء، مشيراً إلى غربته المريرة عن بلاده، وصمت بعضهم عما تعرض إليه من نكران وإجحاف... وكذلك جاءت كثرة من أبيات القصيد لتصكّ أسماع المسفّين، ممن لم يعرفوا حجومهم الحقيقية:

لا تقترحْ جنسَ مولود وصورتَه
وخلّها حرةً تأتي بما تلِد
ولا شَكاةٌ أيشكو السيفُ منجرداً؟
لا يُخلقُ السيفُ إلاّ وهو منجرد...
على الوجوه مشَتْ أكذوبةٌ عَرَضٌ
وقرَّ تحت الجلُودِ الجوهرُ النَّكَد

ويستمر الشاعر الكبير مخاطباً المؤتمرين، والمشاركين في جلساته، ومن بينهم بعض المتطاولين العراقيين والعرب، من "المطعمين سعير الحقد لحمهم" فنازلهم منفرداً، صائلاً جائلاً ليصف ويوضح ويفنّد، وليفصح ويضمر، وعلى امتداد أبيات القصيدة المئة والسبعين، مستعرضاً قدراته الشعرية وإبداعه، ودون أن "تأسره" القافية أو "تقيده" الأوزان:

وصاحبٍ لي لم أبخَسْهُ موهِبةً
وإنْ مشَتْ بعتابٍ بيننا بُرُد
نفَى عن الشعرِ أشياخاً وأكهِلـَـة
يُزجى بذاك يراعاً حبرُه الحَردُ
كأنما هو في تصنيفهم حكمٌ
وقولُه الفصلُ ميثاقٌ ومُستَنَد
وما أراد سوى شيخٍ بمُفردِه
لكنَّهُ خافَ منه حين يَنفرد
بيني وبينَك أجيالٌ مُحَكَّمَةٌ
على ضمائرها في الحكم يُعتَمدُ

... وبعد الأبيات السابقة ينتقل الجواهري من الخاص إلى العام، منوّهاً للنتائج، ومحذراً من الغيّ والتطاول، وإلا فالتاريخ هو الفيصل الحاسم، وما أقدره على الحكم والمقاضاة كما آمن الشاعر العظيم:

يا شاتميَّ وفي كفي غلاصمهم
كموسع الليث شتماً وهو يُزدَرد
وعاضضيَّ وفي أفواههم شَلَلٌ
أرخى الشفاه ، وفي أسنانهم دَرَد
أتَلطِمونَ جبينَ الشمسِ أن قَذِيَتْ
عيونُكم فبها من ضوئها رَمَد
أم تُفرِغون مياهَ البحر أن نَضَبَت
حياضُكم فهي نَزْرٌ ، مُوحلٌ ، صَرَد
يا بن "الركائك" والأيام هازئة
بميتين على ما استفرغوا جَمدوا
ما ضرّ من آمنت دنيا بفكرتِهِ
أن ضيفَ صفرٌ إلى أصفار من جحدوا

... ولكي تكتمل الصورة التي شاءها الجواهري الكبير، لم يدع الفرصة لتمر، دون أن يجدد التفاخر بتفرد عطائه، وبسنوات نضاله المديد، ومواقفه في التنوير، فقال - مثلما يزعم - قولة صدق "لا تستمن ولا تخشى، ولا تعد" ودون أية رهبة، خاصة وهو في بدايات عقده الثامن آنذاك: "فما يخاف، وما يرجو وقد دلفت سبعون مثل خيول السبق تطرد"، بحسب ما جاء في القصيدة العصماء ذاتها.



#رواء_الجصاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجواهري: لواعج ومواجهات (2)
- الجواهري: لواعج ومواجهات (1)
- الجواهري في براغ، ومنها ... وإليها *
- أسماء وشؤون عراقية في ذاكرة باريس
- أسماء وشؤون عراقية في ذاكرة موسكو
- وقفة أخرى حول التاريخ العراقي في براغ
- لماذا اهمل النقد العربي الجواهري ، شاعر -عصره-؟
- تاريخ عراقي في ذاكرة براغ ... 3/3
- تاريخ عراقي في ذاكرة براغ ... 2/3
- تاريخ عراقي في ذاكرة براغ ... 1/3
- وصفي طاهر ... رجل من العراق – 2 / 2
- وصفي طاهر ... رجل من العراق 1-2
- حين رقص الجواهري ذات ليلة
- شهادات وأسماء ومشاركات في حركة طلابية عراقية مجيدة 2/2
- شهادات وأسماء ومشاركات في حركة طلابية عراقية مجيدة 1/2
- الجواهري في احدى مواجهاته الغاضبة
- الجواهري والانقلاب الفاشي عام 1963
- الجواهري بين رؤيتين
- من أرشيف الجواهري ووثائقه الخاصة
- عن بعض -اخوانيات- الجواهري


المزيد.....




- بعد 24 ساعة.. فيديو لقاتل الفنانة ديالا الوادي يمثل الجريمة ...
- -أخت غرناطة-.. مدينة شفشاون المغربية تتزين برداء أندلسي
- كيف أسقطت غزة الرواية الإسرائيلية؟
- وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما
- الدراما العراقية توّدع المخرج مهدي طالب 
- جامعة البصرة تمنح شهادة الماجستير في اللغة الانكليزية لإحدى ...
- الجوع كخط درامي.. كيف صورت السينما الفلسطينية المجاعة؟
- الجوع كخط درامي.. كيف صورت السينما الفلسطينية المجاعة؟
- صدر حديثا : -سحاب وقصائد - ديوان شعر للشاعر الدكتور صالح عبو ...
- تناقض واضح في الرواية الإسرائيلية حول الأسرى والمجاعة بغزة+ ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رواء الجصاني - الجواهري: لواعج ومواجهات (3)