|
إيديولوجيا الاقتصاد الإسلامي : محاربة الفكر الاقتصادي الحديث لتكريس اقتصاد الريع .
إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي
(Driss Jandari)
الحوار المتمدن-العدد: 2523 - 2009 / 1 / 11 - 09:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من بين الأوهام ؛ التي يسعى الفكر الإسلاموي إلى ترسيخها في أذهان العرب ؛وهم الاقتصاد الإسلامي؛ وهو مفهوم ؛ ظهر نتيجة الطفرة البترولية ؛ التي عرفتها منطقة الخليج ؛ لينضاف إلى قائمة التجهيل الذي تمارسه المؤسسات الدينية في الفكرالعربي من قبيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة؛ و الدولة الإسلامية؛ و الأدب الإسلامي ... و الكثير من المفاهيم الأخرى ؛ التي لا تحقق غاية سوى نشرالتجهيل الممنهج في الفكر العربي من أقصاه إلى ادناه ؛ اعتمادا على تسويق الإيديولوجيا بدل التفكير في القضايا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية بشكل عقلاني ؛ يعتمد المنهج العلمي الرصين . لنتوقف عند مفهوم الاقتصاد الإسلامي؛ و نتناوله من منظور – كعادتنا- لا يحابي و لا يتحامل ؛ و لكن يسعى إلى تنوير المواطن العربي؛ و إطلاعه على ما يحاك ضده من مؤامرات ؛ تسعى إلى العودة به إلى القرون الوسطى؛ في عالم معولم؛ منفتح ؛ يعيش الحاضر؛ و يرسم آفاق المستقبل ؛ من دون بكاء على الأطلال . من الأمور البديهية عند المتخصصين في الاقتصاد أنه تخصص علمي ؛ يقوم على معايير علمية واضحة ؛ سواء ما ارتبط منه باقتصاد السوق المنفتح الرأسمالي؛ أو ما تعلق باقتصاد التأميم ؛ المتحكم فيه من طرف الدولة الاشتراكي . و سواء مع النموذج الأول أو الثاني ؛ فإن هناك منظومة واضحة تقوم على أسس علمية ؛ أساسها البحث العلمي ؛ المرتبط بالنظرية العلمية . لكن لم نقرأ لحدود الآن عن اقتصاد مرتبط بالدين ؛ سواء المسيحي أو اليهودي أو الزرادشتي ... لأن الدين – كما كررنا مرارا – ليس هو العلم ؛ و ما يرتبط بالعلم ليس موضوعا للدين ؛ و لكن هو موضوع للبحث العلمي ؛ الذي يقوم على نظريات علمية واضحة ؛ مرتبطة بالواقع المعيش ؛ و ليست مرتبطة بالإيمان الديني . لقد مهدت بهذه المقدمات ؛ لأنها – في اعتباري- مقدمات منطقية ؛ يمكن لأي باحث علمي أن يتفق معنا فيها ؛ لكن دعنا نتناول موضوع ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي ؛ حتى نبين أن هذا المو ضوع ليس إلا نتيجة للطفرة البترولية ؛ التي عرفتها منطقة الخليج ؛ و بالتالي فهو ليس بالوضوع العلمي ؛ الذي يمكن أن نتناوله من الوجهة العلمية ؛ بل هو فقط نوع من الإيديولوجيا ؛ المرتبطة بتيار ديني (الإخواني – الوهابي )؛ الذي تحالف لينشر الجهل الممنهج في الفكر العربي ؛ و يقتل في المواطن العربي روح الإبداع و الخلق و البحث العلمي . ظهرت في السنوات الأخيرة مجموعة من الفتاوى المدفوعة الثمن ؛ التي يقدمها رجال دين لا علاقة لهم بموضوع الاقتصاد ؛ و قد كان المشترك بينها هومحاولة إقناع المواطن العربي بربوية التعاملات البنكية ؛ التي تعتبر أرقى ما وصل إليه الاقتصاد الحديث ؛ و ذلك طبعا قصد جلب الزبناء لما يسمى بالبنوك الإسلامية ؛ في إطار المنافسة الشرسة بينها و بين البنوك المرتبطة بالنظام الاقتصادي الحديث ؛ و التي تخضع لمتنظومة من القوانين الواضحة ؛ التي تعتبر نتيجة تطور الفكر البشري في هذا التخصص العلمي . لكن هل حقيقة تعتبر تعاملات هذه البنوك غير ربوية ؟ أم إنها تختلف فقط في تسلحها بإيديولوجية توهم زبناءها بأنها غير ربويية ؛ بينما هي في الجوهر تنضوي تحت منظومة الاقتصاد الرأسمالي ؟ و هدفها تنافسي اقتصادي ؛ و ليس ديني البتة . لنحاول فهم هذا الارتباط بين ما يسمى البنوك الإسلامية و النظام الرأسمالي ؛ يمكن أن نطلع على ما تروجه وسائل الإعلام بخصوص أزمة الصكوك في ما يسمى بالبنوك الإسلامية ؛ كنتيجة للأزمة التي تعرفها البنوك الرأسمالية في العالم أجمع . و من ثمة يمكن أن نفهم بأن هذه التجربة ؛ التي لا تقوم على أساس علمي واضح يميزها عن غيرها من التجارب الاقتصادية – الرأسمالية خصوصا - ليست سوى فقاعات سرعان ما تنفجر و ينفضح أمرها . و حقيقتها أنها تستغل الشعور الديني للمسلمين لتحقيق أهداف ترتبط بالربح المادي ؛ و تستغل الشعارات الدينية ؛ في إطار المنافسة الاقتصادية ؛ أما على مستوى جوهرها ؛ فهي دعامة رئيسية للاقتصاد الرأسمالي ؛ تمنح القروض ؛ و تستفيد من الفائدة ؛ و إن بطريقة ملتوية تعتبر الفائدة ربحا متفق عليه بين القارض و المقترض . و في هذا الإطار يمكن أن نفهم تهافت الكثير من البنوك في أوربا و آسيا و أمريكا على الاستفادة من هذه التجربة ؛ لأن خبراءها يعرفون جيدا أنها تجربة رأسمالية ؛ تقوم على شعارات دينية ؛ فلم لا يستفيدون من كعكة البترودولار ؛ عبر إرضاء الشعور الديني للمسلمين ؛ و تحقيق الربح المادي . إنه من بين شروط تحقيق النهضة العربية التسلح بالمعرفة العلمية ؛ و الفصل بين ما يرتبط بحياة البشر ؛ و الذي يخضع للسيرورة و التحول ؛ و بين ما يرتبط بمجال الدين و الاعتقاد ؛ و الذي علمنا الفكر الحديث أنه يرتبط بمجال الروحيات لا بمجال الماديات . أما إن لم يتحقق هذا الرهان في الفكر العربي ؛ فسننجح في تحقيق هدف واحد ؛ هو أن نعيش في العصر الحديث بأجسادنا و في القرون الوسطى بعقولنا و أرواحنا ؛ و هذا ما تسعى لتحقيقه المؤسسة الدينية ؛ مدعومة بالبترودولار .
#إدريس_جنداري (هاشتاغ)
Driss_Jandari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إيديولوجيا الإعجاز العلمي في القرآن و السنة : نشر الخرافات ل
...
-
من دروس أحداث غزة : العلاقات الدولية تقوم على المصالح لا على
...
-
أحداث غزة : صراع الأصوليات الدينية لنشر الدمار و الموت .
-
في حاجة النشر الإلكتروني إلى الأقلام العربية المتنورة
-
نموذج التدين المغربي سلاح لمواجهة التطرف الديني الوهابي
-
أحداث غزة و فشل استراتيجية الإعجاز و الجهاد المقدس
-
في مساءلة التراجع الحضاري للأمتنا العربية : هل سببه تخليها ع
...
-
في حاجة الفكر العربي المعاصر إلى استلهام روح التنوير النهضوي
...
-
من الشورى إلى المستبد العادل : الفكر الديني و تكريس دولة الا
...
-
الحلاج .. في صلبه المباغت
-
الديمقراطية بناء ثقافي و ليست فقط صناديق اقتراع .
-
العلمانية و الدولة المدنية في الثقافة العربية : المشروعية ال
...
-
تأويل النص الديني و تكريس الرجعية في الثقافة العربية
المزيد.....
-
بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي
...
-
مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي
...
-
مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة
...
-
بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري
...
-
أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
-تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف
...
-
سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
-
المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس
...
-
الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|