أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامر سليمان - المعارضة الديكتاتورية والمجتمع المتسلط















المزيد.....

المعارضة الديكتاتورية والمجتمع المتسلط


سامر سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2520 - 2009 / 1 / 8 - 09:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


منذ هزيمة 1967 وما أعقبها من تحركات طلابية وعمالية وفي أوساط المثقفين للمناداة بالديمقراطية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومنذ أن استجابت السلطة جزئياً لهذه المطالب على استحياء في عهد ناصر وبشكل أكثر وضوحاً في عهد السادات تُصنف مصر على أنها حالة انتقالية من نظام سياسي ديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي. اليوم مضى على هذا التصنيف ما يقرب من أربعين عاماً، وما زال تصنيفنا هو أننا في مرحلة انتقالية. لماذا؟ الإجابة السهلة هي أن نظام الحكم يناور ولا يريد أن يخلي الساحة. ولكن هذا التفسير لا يفيد كثيراً، لأن الديكتاتور بالتعريف لابد وأن يدافع عن مواقعه حتى أخر نفس. الإجابة الأخرى هي أن بديل النظام الديكتاتوري ضعيف، فالمعارضة معزولة ومنقسمة، والمجتمع المدني ضعيف وغير قادر على تحجيم الدولة القوية القاهرة. ولكن هذه الإجابة تقوم على افتراضات غير صحيحة. فكرة أن زيادة قوة المعارضة في مصر ستؤدي بالضرورة إلى نمو فرص الديمقراطية تفترض أن التيار الغالب في المعارضة المصرية ديمقراطي. وهذا افتراض خاطيء، لأن التيار الغالب إما ديكتاتوري أو لم يحسم أمره بعد إزاء الديمقراطية. لماذا تظل المعارضة المصرية في معظمها ديكتاتورية؟ الإجابة السهلة هي أن نظام الحكم ديكتاتوري، وبما أن المعارضة هي بنت النظام لذلك فهي تشبهه. على أن تلك الإجابة غير مرضية لأن البنت لا تشبه أباها بالضرورة. في أحيان كثيرة ينمو ويتطور الأبناء بالجدل بل وبالصراع مع أبائهم.

الحقيقة أن المعارضة في مصر ليست دائماً معارضة بل هي سلطة متخفية وراء قناع معارض. كيف تكون المعارضة سلطة؟ ألا ترى كيف تُعامل المعارضة من قبل نظام الحكم؟ ألا ترى كيف يتم التنكيل بها إذا أطلت برأسها زيادة عن اللازم؟ ألا ترى المحاكمات العسكرية وقانون الطواريء والتنكيل بالمعارضين؟ ألا ترى كيف تنفرد المجموعة الحاكمة بتقرير مصير البلاد؟ إذا كانت السلطة هي فقط كرسي الرئاسة وكراسي مجلس الوزراء ومجلس الشعب والمناصب الكبرى في الدولة فالتيارت السياسية خارج هذه المنظومة ستكون في المعارضة. ولكن قواميس العلوم السياسية لا تُعرف السلطة هكذا. السلطة في تعريفها العلمي هي القدرة على فرض الطاعة. بهذا المعنى نظام حسنى مبارك في السلطة لأنه قادر على فرض الطاعة على معظم سكان البلاد، وهو ناجح في محاصرة تحركات المعارضة في مساحات محددة سلفاً لا يجب عليها تجاوزها. ماذا اذا طبقنا هذا التعريف على التيار الأكبر والأهم في المعارضة المصرية وهو التيار الديني؟ صحيح أنه معارضة داخل المؤسسات الدستورية الرسمية مثل مجلس الشعب لكنه سلطة في المجال العام، وهو سلطة غاشمة في كثير من الأحيان. هو سلطة في المجال العام لأنه قادر أحياناً على تعطيل بعض قوانين الدولة وفرض قوانينه الخاصة. مثال: الحصول على رخصة قانونية من الدولة لبناء كنيسة أحيانا لا يعني شيئاً. فالتيار الديني قادر على تعبئة الالاف الذين يخرجون لإجهاض عملية بناء الكنيسة بالقوة وبالإرهاب. هنا القانون المطبق ليس قانون الدولة ولكن قانون التيار الديني، الذي تنص نصوصه في أكثر نسخها اعتدالاً على تقسيم المجال العام إلى مجال كبير اسلامي يمارس السلطة فيه ومجال صغير مسيحي تمارس السلطة فيه الكنيسة. لقد أصدر هذا التيار قانوناً غير مكتوب ينص على أن نسبة المسيحيين في مصر لا تتجاوز 3% وأن كنائسهم تكفي وزيادة لذلك لن يسمح لهم ببناء كنائس جديدة. مثال أخر: القانون الرسمي للدولة لا يمنع المرأة من ارتداء ملابس خفيفة، لكن قانون التيار الديني يحظر ذلك إلا في بعض المساحات الضيقة (اذا بليتم فاستتروا)، لذلك فالسيدات اللاتي يرتدين مثل هذه الملابس في المجال العام الواسع يتعرضن للمضايقات والتحرش لأنهم يخالفن القانون السائد فيه دون أن يحرك التيار الديني ساكناً لكف الأذى عنهن لأنهن هن من بدأن بمخالفة القانون، لذلك عليهن تحمل التبعات. هل تذكرون حالة نهى رشدي التي امسكت بالمتحرش بها واقتادته إلى القسم وأخيراً حصل على حكم بالسجن لثلاث سنوات؟ تقول نهى وصديقتها التي ساعدتها أن معركتهن الأساسية لم تكن مع المتحرش ولكن مع الناس في الشارع التي رأت أن الخطأ الأصلي هو خطأ الفتاتين لأن لبسهما لم يكن محتشماً بما يكفي، ومع الشرطة التي ما كانت تريد تحرير محضر بالواقعة. هؤلاء كلهم يطبقون قانون ما غير مكتوب يقول أن المرأة المتحرش بها مسئولة عن هذا التحرش إذا كانت ملابسها غير مطابقة لمواصفات ملابسهم.

بالمثل، فكما أن التيار الديني يمارس السلطة في المجال العام، فالمجتمع أيضاً تمارس بعض فئاته السلطة وتفرض قوانينها الخاصة. هناك خطأ شائع يقول أن مشكلة الديمقراطية في مصر أن المجتمع ضعيف أمام دولة قوية وقاهرة. لكن الدولة بالتعريف هي قوانين لها مؤسسات تسهر على حمايتها وتطبيقها.هل يجادل أحد أن القانون في مصر يداس بالأقدام من ذوي النفوذ والمال الذين يفرضون قانونهم الخاص (انت مش عارف انت بتلكم مين؟). بأي معنى إذن الدولة المصرية قوية؟ مثال: الرصيف هو في الأصل ملكية عامة مخصصة للمشاة وتحظر قوانين الدولة الاقتطاع منه. أين الرصيف في مصر اليوم؟ لقد أكله الأقوياء بنفوذهم أو بأموالهم وأصبح القانون السائد هو أن الرصيف ملك للمحل المطل عليه. وهذا القانون نافذ لدرجة أن المشاة أطاعوه ونزلوا إلى نهر الشارع معرضين أنفسهم لخطر الدهس بالسيارات. مثال أخر: قوانين الدولة تعطي الحق في تكوين لجان نقابية في المصانع وتفرض على أصحاب الأعمال التأمين على العمال وتحظر الفصل التعسفي. كم من رجال الأعمال يخرج على قانون الدولة ويحرم العمال من أبسط حقوقهم؟ كم من رجال الأعمال يفرضون على الناس التوقيع على استمارة 6 قبل الالتحاق بالعمل؟

هذه مشكلة الديمقراطية في مصر. فهي تغيب عن بلدنا ليس لأن السلطة السياسية المركزية قادرة على إخضاع الكل وعلى سحق المعارضة. هي غائبة لأن نظام الحكم قرر اقتسام السلطة مع أطراف في المعارضة وفي المجتمع لا تقل استبداداً عنه. الشعب المصري لم يدخل حتى الآن في معركة حقيقية من أجل الديمقراطية، ربما لأنه يدرك بالفطرة أنه لا يواجه سلطة واحدة وإنما ثلاث اتفقا على اقتسام النفوذ والمساحات: سلطة نظام الحكم وسلطة المؤسسات والتيارات الدينية وسلطة المال. هذا في حين أن معارضة كل سلطة لا تزال متخندقة في مجالها ولم تدرك بعد أن الأمل الوحيد للديمقراطية المصرية هو تحالف معارضات السلطات في كل المجالات. وحدة المعارضات ضد تحالف السلطات هو عنوان المرحلة القادمة.



#سامر_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستبداد في فكر الدكتور هلال والبابا شنودة
- اسألوا ماركس عن الأزمة المالية العالمية
- سَجل.. أنا عربي، والانبا توماس أيضاً عربي
- النبش في قبور الأقباط
- أجزخانة السلام لصاحبها مرقص أبو سيف
- الوداع يا جمال
- المقاومة انتهت.. فمتى يبدأ الهجوم؟
- هل من بديل للصراع مع إسرائيل؟
- إلى زملائي في التي كانت قلعة الحريات
- مؤتمرنا القادم ضد الطائفية والتمييز الديني
- محنة مصر بين سلطة وطنية -منبطحة- ومعارضة غير وطنية -شريفة-
- الحكمة الغائبة في حركة التحرر الفلسطينية
- الدولة ليست شركة ولا محلاً للبقالة
- الدولة الدينية دولة متطفلة
- هل يعمل -اليسار الثوري- فعلاً ضد الدولة؟
- عندما تتحدث الفاشية حديث الطبقات
- البديل الاشتراكي هو ثمرة العمل الجماعي لليسار
- البديل الاشتراكي 2، بديل عن الفردية المتوحشة والعائلية المتخ ...
- الرأسمالية أنواع
- شروط تجاوز الرأسمالية


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سامر سليمان - المعارضة الديكتاتورية والمجتمع المتسلط