أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سامر سليمان - سَجل.. أنا عربي، والانبا توماس أيضاً عربي















المزيد.....

سَجل.. أنا عربي، والانبا توماس أيضاً عربي


سامر سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2389 - 2008 / 8 / 30 - 10:29
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


"سجل.. أنا عربي". هذه العبارة قالها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بفخر في قصيدته الشهيرة والتي أستهل بها هذه المقالة في الرد على ما ورد في محاضرة الأنبا توماس بالولايات المتحدة عن عروبة مصر. قال نيافته أن المصريين ليسوا عرباً وأن القبطي إذا قلت له أنت عربي فهو يعتبرها إهانة. هذا القول فيه مغالطات عديدة ناهيك عن عدم ليقاته. أولاً المصريون يستخدمون كلمة عربي بمعاني مختلفة حسب السياق. أحياناً يستخدمونها لوصف أهل الخليج العربي، وفي أحيان أخرى يقولوها لوصف المصريين الصحراويين، أي البدو، وفي أحيان ثالثة لوصف تلك البلاد من الخليج إلى المحيط التي تسود فيها اللغة العربية إلى جانب لغات أخرى بالطبع. من هنا المصريون – ومنهم الأقباط – يعتبرون أنفسهم عرباً في أحيان وليسوا بعرب في أحيان أخرى، حسب المعنى المستخدم لكلمة عربي. ومن هنا فإن كلام الانبا توماس ومن قبله أنصار الفرعونية المصرية عن أن المصريين ليسوا عرباً فيها مغالطة. فمن الناحية اللغوية، المصريون عرب، باسثناء أقليات صغيرة من غير العرب مثل النوبيين في الجنوب والأمازيغ في الغرب (سيوة) مع الأخذ في الاعتبار أن هؤلاء وأولئك يعرفون العربية جيداً إلى جانب لغاتهم الأم. نعم المصريون عرب. فلغة الكتابة عربية ولغة اللسان عربية مصرية أو مصرية عربية. صحيح أن مئات الكلمات المصرية القديمة ( مثل بتاع) مازالت في قاموسنا اليومي، لكن هذا لا ينفي أن العربية هي المنبع الأساسي للغة المصرية المنطوقة. والحقيقة أنه ليس هناك لغة واحدة في العالم نقية من تأثيرات لغات أخرى. النقاء اللغوي والثقافي وهم كبير شأنه شأن النقاء العنصري.
نحن عرب باللسان. لا شك في هذا. والعروبة المعاصرة ظاهرة لغوية/ثقافية وليست عرقية. لذلك فالقول أن استخدامنا للعربية لا يصنع منا عرباً، كما أن استخدام الامريكان للانجليزية لا تصنع منهم انجليز فيه مغالطة فادحة. فانجلترا وأمريكا وكندا واستراليا ونيوزلاندة وغيرهم يشتركون كلهم في أنها بلاد انجلوفونية، أي تتحدث وتكتب بالانجليزية مع العلم ان انجليزية كل بلد تختلف بعض الشيء عن انجليزية البلاد الأخرى. ومن هنا يمكن للأمريكي أن يقول بفخر أنا أمريكي ولست انجليزياً، ولكن ليس له أن يقول أنا لست أنجلوفونيا لأنه يتحدث بالانجليزية. العروبة مثلها مثل الانجلوفونية أو الفراكفونية، ظاهرة لغوية تنضوي تحتها بلاد ودول كثيرة مستقلة عن بعضها البعض. لذلك فالقول بأن المؤمنين بعروبة مصر هم مفرطين في استقلالها مقولة خاطئة. عروبة مصر حقيقة. من ينكرها ينكر أن الشمس تشرق من الشرق أو أن مصر تقع في قارة أفريقيا. والمصري القائل بأنه ليس عربياً باللسان يقولها بلسان عربي. والأمر مثير فعلاً للضحك. الجاد فعلاً في رفضه لعروبته يجب عليه أن يعود إلى اللغة المصرية القديمة، لا ليصلي بها فقط في طقوسه الكنسية ولكن لكي يستخدمها أيضاً في حياته اليومية كما في مؤسساته الاقتصادية والعلمية والتعليمية. بالمناسبة يعني إيه كمبيوتر باللغة المصرية القديمة؟ الجاد فعلاً في نزعته الفرعونية يجب عليه أن يبين لنا عملياً كيف للغة المصرية القديمة أن تعود من الماضي لكي تقف أمام العربية، ناهيك عن طوفان اللغة الانجليزية. نعم يجب الحفاظ على اللغة المصرية القديمة. وهي في الحقيقة لن تندثر أبداً، لأنها أحد منابع اللغة المصرية الشفوية اليوم، ولأنه - أن أجلاً أو عاجلاً - ستفهم الدولة المصرية أن ما يسمى باللغة القبطية ليست ملكاً للكنيسة الارثوذكسية ولكن ملك للمصريين جميعاً، لأن ما يسمى باللغة القبطية هي اللغة المصرية القديمة مكتوبة بالحروف الاغريقية ومتأثرة باللغة اليونانية. لكن الحفاظ على اللغة المصرية القديمة من الاندثار شيء وتخيل أن بإمكانها أن تزاحم اللغة العربية وتزيحها شيء أخر. هذا هو الوهم بعينه
لماذا هذا العداء للعروبة من جانب الأنبا توماس؟ الأنها لغة الغزاة العرب الذين حكموا مصر في مرحلة من تاريخها؟ الأن اللغة العربية كانت مدعومة من الدولة عندما أزاحت اللغة المصرية القديمة؟ لكن هناك بلاد مثل إيران، احتفظت بلغتها الفارسية بالرغم من حكم العرب لها. يعني انتشار لغة ما لا يمكن تفسيره فقط بسياسات الدولة القسرية. من العجيب فعلاً أن الانبا توماس كان يتكلم عن فرض اللغة العربية قسراً في محاضرة باللغة الانجليزية أمام جمهور من الامريكيين. ألم يرد في ذهنة للحظة واحدة أن اللغة التي كان يحاضر بها أزاحت لغات الشعوب الأصلية لأمريكا الشمالية؟ ألم يرد في ذهنه أن تلك الإزاحة لم تحدث ببعض الضغط على هذه الشعوب – كما في حالة مصر - وإنما بالإبادة الجماعية للناس التي كانت تتكلم هذه اللغات. إذا كان الانبا توماس متسقاً مع نفسه فعليه أن يسير على خطى العقيد معمر القذافي الذي كان حتى وقت قريب يساعد جماعات من السكان الأصليين في الولايات المتحدة لكي يستعيدوا بلادهم من أحفاد المهاجرين والمستعمرين. هل يعلم الانبا توماس كيف سادت اللغة الفرنسية فيما يسمى اليوم فرنسا وكيف قضت على لغات أخرى؟ هل يعلم أن ذلك تم بالحديد والنار كما بموارد الدولة الطاغية؟
من حق الانبا توماس كما من حق ذوي النزعة الفرعونية أن ينبشوا في تاريخ الحكم العربي الاسلامي لمصر، ومن الطبيعي أن يسلطوا الضوء على جرائمه في حق المصريين أو بعضهم طالما أن هناك تيار في المجتمع يريد استدعاء ذلك الحكم من أعماق الماضي إلى القرن الواحد وعشرين باعتباره القادر على صناعة الجنة على أرض مصر. ولكن من المهم أيضاً أن نلفت نظر الأنبا توماس إلي حقائق الحاضر ومقتضيات المستقبل. تلك التي تقول أن مصر اليوم عربية اللسان، وأن المسيحيين المصريين عرب باللسان وأن من يريد منهم التخلص من عروبته سيكون عليه أن يقطع لسانه بيده، وأنه لا يستقيم أن يدعي الانبا توماس أن الأقباط هم المخزن الأساسي للوطنية المصرية في الوقت الذي يدعوهم فيه إلى التخلي عن لغتهم ولغة شعبهم، أيا كانت الطريقة التي تبنوا بها هذه اللغة في الماضي. العربية ليست فقط لغة أهل الجزيرة العربية، هي ليست فقط لغة امرؤ القيس وعنترة بن شداد ولكنها لغة نجيب محفوظ وسلامة موسى، لغة فيروز والرحابنية، لغة الانجيل كما يعرفه المسيحيون في مصر. هذه هي حقائق الحاضر وهذه هي ركائز المستقبل.



#سامر_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبش في قبور الأقباط
- أجزخانة السلام لصاحبها مرقص أبو سيف
- الوداع يا جمال
- المقاومة انتهت.. فمتى يبدأ الهجوم؟
- هل من بديل للصراع مع إسرائيل؟
- إلى زملائي في التي كانت قلعة الحريات
- مؤتمرنا القادم ضد الطائفية والتمييز الديني
- محنة مصر بين سلطة وطنية -منبطحة- ومعارضة غير وطنية -شريفة-
- الحكمة الغائبة في حركة التحرر الفلسطينية
- الدولة ليست شركة ولا محلاً للبقالة
- الدولة الدينية دولة متطفلة
- هل يعمل -اليسار الثوري- فعلاً ضد الدولة؟
- عندما تتحدث الفاشية حديث الطبقات
- البديل الاشتراكي هو ثمرة العمل الجماعي لليسار
- البديل الاشتراكي 2، بديل عن الفردية المتوحشة والعائلية المتخ ...
- الرأسمالية أنواع
- شروط تجاوز الرأسمالية
- العمود الفقري لتحالف الحرية والتقدم
- من دولة الاشتراكية الديمقراطية إلى دولة المواطنة
- لا هلال ولا صليب في السياسة


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب
- هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - سامر سليمان - سَجل.. أنا عربي، والانبا توماس أيضاً عربي