|
2009: مواجهة التحديات الصعبة
سيار الجميل
الحوار المتمدن-العدد: 2514 - 2009 / 1 / 2 - 07:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ زمن طويل جدا، وأنا أترقب ما سيصادفه العالم في العام 2009، إذ كتبت قائلا بأن العالم سيبدأ تاريخا جديدا من عند مخاضاته الخطيرة.. وها نحن نوّدع العام 2008 بكل أحداثه الصعبة، واضطراباته المريرة، التي ستولد من رحمها خيبات الأمل لما سيجنيه العالم عام 2009. فهل تكّيف العالم حقا لسوء العواقب، أم أنه باق رهين التفاؤل الكاذب؟ صحيح أن رئيسا أميركيا أسود وجديدا سيطل ببعض الأفكار والرؤى، ولكن هل بمقدوره مواجهة التحديات الصعبة؟ عام 2009، سيزدحم سياسيا بأكبر حجم من الانتخابات العامة في العالم.. في الهند، والاتحاد الأوروبي، واندونيسيا، وجنوب أفريقيا، وإيران، وأفغانستان، والعراق..
نعم، سينشغل العالم الإسلامي سياسيا ومحليا بتموجاته ومشكلاته، ولكن العالم يمر بتحديات اقتصادية مريرة على مستوى الأسواق والشركات والدولة، ذلك أن عالم الشمال سيجد نفسه يجني تبعات الأزمة المالية لعام 2008، وسيقف وجهاً لوجه أمام تراجع مخيف في معدل النمو العالمي، فبعد أن كان يعيش طفرة، غير عادية، وبنسبة تتراوح بين 4% و 5%، انخفض إلى أقل من 3%. وهنا، سيواجه عالم الشمال حالات الانكماش، بتأثير: الإفلاس، والتقشف، وارتفاع البطالة، وضمور الشركات، وانحسار القوة مع بقاء بعض الدول محافظة على قوتها النسبية. إن من المحتمل صعود تأثيرها في العالم، مثل: البرازيل وروسيا والهند والصين، بفعل قوتها الإنتاجية التي نتوقع أن يكون لها دورها الأكبر في كيفية سيرورة إدارة العالم.
في العام 2009، سيهتم العالم بظاهرة الاحتباس الحراري، وستنطلق من كوبنهاغن عند نهاية العام، صفحات تقرير مخيف، والدعوة إلى خفض انبعاثات الغازات والمحروقات بفعل تغير طارئ على المناخ، ونقص المياه، وتجارة الكربون، والطاقة البديلة. إن البيئة ستمر بإخفاقات لا نحسد عليها عام 2009. إن الكآبة تطل على وجه كل التوقعات، وان هواجس الخوف تعم كل العالم.. ربما لا ينتبه احد إلى انسحاق الفقراء في العالم، إذ سيتضاعف عدد الجائعين الذي بلغ 862 مليونا عام 2008، ولكن الصراع سيكون شديدا بين الأغنياء للاستحواذ على ما تبقى من الفضلات مع رأسمالية جديدة، وطفيلية بشعة، وانفجار سكاني، وغذاء اقل لأكثر من 6 مليارات من البشر.. مع ركود اقتصادي، يعقب هذا الكساد، وانخفاض حجم التجارة العالمية بنسبة 5,2 بالمئة، وهبوط معدل الاستثمار في العالم بنسبة 50 في المئة عام ,2009.
وسوف لن يفلت من تلك التداعيات أي بلد.. بعد أن غابت، فجأة، قبل أشهر مئات المليارات من العملات الصعبة، وان اغلب شركات صناعة السيارات كانت قد أعلنت، وستعلن، عن خسائر بمئات المليارات، وتسريح ملايين الناس عن العمل.. مع إخفاق الدول الغربية في خطط الإنقاذ، صحبة مع الفشل الذريع في الحد من تدهور أسواق البورصة. ومع عجز فاضح في ميزانيات اغلب الدول المنتجة للنفط حتى إن ارتفع سعر النفط عام 2009، فكيف إذا بقي يسجل تدهورا في السعر ؟ وستعاني كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وايطاليا من ركود اقتصادي واضح.
ولكن ؟ سيكون للمتفائلين مكانهم، منذ الآن، عن العام الجديد بحيث يسرحون ويمرحون بلا أية دواع للقلق، إذ ستبدأ طفرة جديدة على الانترنت، ويعلن العلماء عن خريطة الدماغ، كما سيتم الإعلان عن كواكب تشبه الأرض، وان 2009، سيعتبر عاما للفلك بمرور 400 سنة على اكتشاف غاليلو للتلسكوب ! فضلاً عن نشر علاج جديد لمرضى السرطان.. ومن الطريف، أن العام 2009 سيشهد مرور 30 سنة على الثورة الإيرانية، واحتلال الاتحاد السوفييتي لأفغانستان، ومرور 20 سنة على إزالة جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتي ونهاية المنظومة الشيوعية، كما ستجري احتفالات مرور 50 سنة على الثورة الكوبية، و60 سنة على الحلف الأطلسي، و70 سنة على الحرب العالمية الثانية، و80 سنة على الأزمة الاقتصادية الكبرى لعام 1929.
ولعل اخطر ما واجهه العالم عام 1979 سيختتم مرحلة التخضرم بين قرنين مع 2009 التي ستشهد ـ كما اعتقد ـ مفاجآت تاريخية كبيرة، ليس بتوقيع صلح سوري مع إسرائيل، وليس برحيل ملكة قديمة عن عرشها ! ولكن بمرور أيام تهز العالم هزّا عنيفا.. كل التوقعات واردة بصدد حرائق تصيب الشرق الأوسط، واندلاع حروب جديدة تعقبها حروب إرهاب. ولكن الأسئلة: هل سينكمش دور إيران ؟ وهل ستتفجر حرب شعواء في باكستان ؟ وهل ستنكفئ أحزاب الإسلام السياسي في مجتمعات الشرق الأوسط خصوصا بعد المزيد من خيبات الأمل؟
صحيح أن التوقعات تكثر جداً في مثل هذه الأيام، إلا أن الأسوأ هو الغالب.. دعونا نتأمل في كيفية إبعاد دولنا ومجتمعاتنا عن ذلك، ونحن نشارك العالم هواجسه من اجل أن تنعم الأرض بفرص بديلة نحو الأفضل، وأن ندعو لإيجاد حلول وسياسات إستراتيجية لإعادة التوازن وتنشيط الزراعة وحماية البيئة وتنمية الإنتاج.. وينبغي أن يكون التغيير شاملا لكل أصقاع الأرض من دون حصره في بلد معين.. إننا بحاجة ماسة اليوم إلى تقارير خبراء عقلاء لا إلى قرارات ساسة بلهاء، وأن ينضج أكثر من برنامج عمل، يدعو للإصلاح والاعمار والسلام، بديلاً عن كل الفرص الضائعة.
#سيار_الجميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قبل ان يأكلنا ماردُ العصر !
-
حقوق الملكية الفكرية والثقافية العربية
-
جون لينون..الموسيقار البريطاني الراحل رائد فرقة البيتلز ..ار
...
-
المثقفون الملتزمون
-
سارة بلين : هل ينتظرها مستقبل سياسي ؟
-
الماضي يسحق مجتمعاتنا !
-
مأساة الاقليات في العراق
-
اضطهاد المثقفين
-
-الاوليغارشية- تهدّد المجتمع العراقي
-
مكابدات الوعي هل يكون العراق او لا يكون ؟
-
بَرويز مُشَّرف : هروبٌ غَير مُشِّرفْ !
-
العراق : مشروع دولة متمدّنة التجربة التكوينية
-
اغتيال كامل شّياع : فجيعة مؤلمة لكلّ المثقفين العراقيين
-
جورجيا : وَرطةٌ جَديدة !!
-
كَثُرَ الراحِلون ... قلّ القادِمون !
-
بازار المخفيّات المتبادلة
-
تكوين العراق المعاصر
-
عولمية عربية بلا تشريعات حيوية
-
الأحْياء يخْسَرَهُم الأمْوات ! رِسالَةٌ عابِرةٌ الى كُلّ الأ
...
-
الصحافة العراقية تاريخ رائع يدخل متاهة الانفلات !
المزيد.....
-
بينهم أطفال وصحفيون.. إصابات في قصف إسرائيلي على مستشفى في غ
...
-
بينما يستعد المراسل للبث.. كاميرا CNN توثق قصفاً إسرائيليًا
...
-
مجدي.. مسعف بغزة متشبث بمهنته
-
بين -ابتهاج- و-خشية-، كيف تنظر الدول الخليجية للتصعيد بين إي
...
-
عام على هجوم حماس ـ أمن إسرائيل و-مصلحة ألمانيا الوطنية-
-
ألمانيا: لقاءات بين شباب مسلمين وأفراد من الشرطة لتعزيز الثق
...
-
أسرار صمود -حماس- على مدى عام.. وكم تبقى لديها من مقاتلين؟
-
بري: واشنطن لا تفعل شيئا لتنفيذ النداء المشترك الداعي لوقف إ
...
-
خبير روسي يضع سيناريوهات محتملة للرد الإسرائيلي على هجوم إير
...
-
الدفاع الروسية: تدمير 21 مسيرة أوكرانية خلال الليل
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|