أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سيار الجميل - كَثُرَ الراحِلون ... قلّ القادِمون !














المزيد.....

كَثُرَ الراحِلون ... قلّ القادِمون !


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 2378 - 2008 / 8 / 19 - 05:30
المحور: سيرة ذاتية
    


لم اتذكر ان مجتمعنا الابداعي العربي قد وّدع في السنوات الخمس الاخيرة مثل هذا العدد الكبير من المبدعين العرب .. ربما كنّا نوّدع مثلهم ، ولكن لم نشعر بالخسارة الا اليوم .. ربما كّنا نودّعهم ، ونأمل ان يحلّ نظراء لهم .. ربما كّنا نودعّهم ، لأننا لم نكن غرقى بين طيات امواج التاريخ الصعبة .. كما نحن عليه اليوم ؟ اننا نوّدع اليوم من عاش لاكثر من خمسين او ستين سنة حياة ابداعية منتجة كي يجد نفسه غريبا او مغتربا اليوم ! كانوا على موعد مع الحياة دوما وفوق اية تضاريس ، وفي خضم كل المناخات بدءا بربيع تلك الايام الجميلة وانتهاء بهذا الخريف العاصف .. نعم ، كانوا يشعرون بالخريف الاصفر ، وقد تعّرت كل الاشجار من اوراقها ، وبانت هزيلة غير مثمرة .. ان الاخرين ينتظرون رحلتهم في عشر سنوات قادمة ، وهي سنة الحياة حيث تغيب اجيال وتتفتح اجيال . نعم سيرحل كل المخضرمين بين القرنين على التوالي ، ولكن هل سيجدوا من حولهم من يكمل الطريق .. ؟؟ وهل ستظهر من بعدهم مثل ذاك الحجم الرائع من الرموز والاعلام الذين ملئوا الدنيا ، وشغلوا الناس في كل الاماكن والميادين ؟ في الرواية ؟ في المسرح ؟ في الشعر ؟ في الصحافة ؟ في التاريخ ؟ في الموسوعية ؟ في الفلسفة ؟ في القصة ؟ في الغناء ؟ في الاخراج ؟ في التمثيل ؟ في الزعامة ؟ في المعمار ؟ في التشكيل ؟ في .. كل ميادين الحياة والمعرفة ..
اننا لم نجد حتى يومنا هذا من جيل جديد في الميدان اي ربيع اخضر يانع .. الزهور غدت دوما تقطف منذ تفتحها .. انها تكافئ بالعزلة او بالمرض ، او بالنفي او بالهجرة او بالقتل او بالتفجير .. انها ترحل قبل ان تؤدي مهامها .. انها ترحل من دون اي جواز للرحيل ! انها ترحل لتترك فراغا هائلا في كل المرافق المنتشرة في العواصم والمدن ! انها ترحل فجأة من دون استئذان .. ويودعها الجميع ، بالرغم من ان ازدحام المشهد ( الابداعي ) اليوم ، ولكن تباينا كبيرا قد حدث بين اجيال قرنين ! لقد برز في القرن العشرين العشرات من المميزين في مجالات كثيرة ، واليوم يرحلون بسرعة البرق ، فهل تبشّر حياتنا بعدد ممّيز من القادمين ؟ ان القادمين كثر في وجودنا وثقافتنا ، ولكن تنقصهم نخبة المتميزين . ان البيئة غير عقيمة ، والمجتمع ليس بعنين ، ولكن تبدّلت الحياة كثيرا في العقود الثلاثة الاخيرة تبدلا كبيرا ، وما جنته الانظمة السياسية ، والثقافة المنغلقة ، والعطب الحضاري ، والمخيال الماضوي ، والتردي التربوي .. بحيث لم تعد حياتنا تنجب المبدعين والمهنيين المحترفين او الفنانين الرائعين في كل الميادين .. اننا نفتقد هؤلاء كثيرا ، وكأن باب النضوب والتصحر يزداد حتى على مستوى النخب والجماعات الفاعلة .. عالمنا لم يعد يقرأ كما كان في الماضي .. عالمنا لم يعد يشعر باهمية المستقبل .. عالمنا لم يعد عالمنا يبدو يغرق بالتقاليد والمهترءات ولم يعد يهتم بالخلق والابداعات .. لقد ودعنا في السنوات الاخيرة اسماء لها وزنها بفعل ما قدمته لدنيانا ، ولم نعد نستقبل اي بدائل قوية تحل محل من مضى .. ان اسماء مثل : محمد مهدي الجواهري ، ونيقولا زيادة وصالح العلي ومجيد خدوري ونازك الملائكة واميل حبيبي ونزار قباني وعبد الوهاب البياتي وفدوى طوقان ومحمد شكري ويوسف شاهين وفؤاد المهندس وسناء جميل وسعد اردش ومحمود مرسي ومصطفى العقاد وفؤاد التكرلي وشاكر الفحام وابو العيد دودو ومنير بشير وبشير الداعوق وسهيل ادريس وتوفيق الباشا وليلى عسيران ونزيهة سليم ورضا علي ومؤنس الرزاز وعبد الرحمن منيف وصلحي الوادي وبياتريس اوهانسيان ومي غصوب وحسن الكرمي وعلي السريتي وسمير عياد واحمد حيدر وعبد الرحمن خليف وعبد الوهاب المسيري وسركون بولص وفريد الله ويردي ومدني صالح وجبران تويني ومؤيد نعمه واحمد الربعي وعبد الله زكريا الانصاري وجورج حبش وجوزيف سماحه وذكرى الدالي وهدى سلطان وزياد قاسم ونجيب يونس وغسان عبد الخالق ورؤوف عباس ويونان لبيب وجمال بدوي وجاء كل من يوسف شاهين ومحمود درويش ليكونا في نهاية القائمة التي لم يزل فمها مفتوحا على مصراعيه لالتهام من تبقى من كبار القرن العشرين .. هي نماذج مميزة من اقرب الراحلين والقائمة طويلة .
هل لنا ونحن نودع هذه الاسماء من رموز الراحلين ان نشّكل ذاكرة تاريخية عنهم ، ليكونوا مشهدا حضاريا في تكوين اجيال عربية جديدة ؟ هل للجيل الجديد ان يتعلم من اخلاقيات الراحلين اشياء واشياء ؟ هل نسعى لاحياء نظرية " الابوة والبنوة " في التشكيل الحضاري لحياتنا المعاصرة ؟ اذا عجز الزعماء ، وفشلت الحكومات ، في الاستجابة لتحديات التخلّف وعناصره الماضوية ، فهل باستطاعة المثقفين الحقيقيين ان يفتحوا بابا جديدا للجيل الجديد كي يتجاوز مواريثه البالية ، وتقاليده المتقاعسة ، وتفاهات الواقع المر ؟ هل باستطاعتنا ان نحقق شيئا حتى وان كان يسيرا ، ليس في ترميم الجدران القديمة ، بل في تغييرها جذريا ؟ هل باستطاعتنا ان نستذكر أساليب الراحلين ، ومناهجهم ، واخلاقياتهم كي تستلهم الاجيال الجديدة ما فاتها من المعاني الكبيرة .. قبل ان تتشدق بما لها من قصاصات ورق يسمونها بشهادات جامعية ؟ ان رموز الراحلين ليست شواهد قبور ، بل مواريث تاريخ حي.. ان من ولد اليوم وسيولد غدا وفي رحم هذا العصف المأكول من الزيف ، وفي رحم هذا الركام من الهزائم والاغترابات .. لابد وان ينهي هذا الخريف المخيف ، وينطلق نحو ربيع جديد تتشكل فيه الرموز الجديدة ، وتنتج في اوانه المعاني الكبيرة .. كالتي عرفتها اجيال سابقة برغم كل التحديات ! ان الخروج من الاطواق التي كبلتنا طويلا ، تجعلنا نعشق بيئاتنا من دون جعلها مجرد نفايات للاخرين .. ان من يتواضع كثلة الراحلين ويعيش مكابداتهم ، ويؤثر ايثارهم .. سيجد نفسه يتميز على شاكلتهم خطابا وممارسة وتفكيرا .. فهل سنجد وسط الكم الهائل من المساهمين والمتطلعين والقادمين بعض رموز جديدة ، تدرك معنى الحياة والتقدم ؟



#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بازار المخفيّات المتبادلة
- تكوين العراق المعاصر
- عولمية عربية بلا تشريعات حيوية
- الأحْياء يخْسَرَهُم الأمْوات ! رِسالَةٌ عابِرةٌ الى كُلّ الأ ...
- الصحافة العراقية تاريخ رائع يدخل متاهة الانفلات !
- المسيري : الرحيل الاخير
- مبادئ وخطوات لا صناديق وشعارات !
- مَن يُنقِذُهُنّ مِن أيدِي البَرابِرة الجُددْ ؟
- هل من ضوابط قانونية للصحافة الالكترونية ؟
- باراك حسين اوباما : البدل الامريكي الضائع !
- مسّلة الجوع : أين سلال الغذاء العربية !!
- إشكالية - التاريخ - في الثقافة العراقية
- وقفة عند مؤرخي اسرائيل الجدد
- شرانق الماضوية والقطيعة التاريخية
- امريكا مطالبة باعتذار تاريخي !!
- قصة التحّول التاريخي من عالم بريطانيا القديم الى عالم امريكا ...
- ثقافة الكراهية .. فجيعة التاريخ !
- البرلمانيون العرب .. هل يمثلون مجتمعاتهم ؟
- مار بولص فرج رحو : علامة تاريخية فارقة على طريق العراق
- قمّة خطابية ام ورشة عمل قيادية !؟


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سيار الجميل - كَثُرَ الراحِلون ... قلّ القادِمون !