أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - قبل ان يأكلنا ماردُ العصر !














المزيد.....

قبل ان يأكلنا ماردُ العصر !


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 2507 - 2008 / 12 / 26 - 09:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صراع اليوم ليس بين شرق وغرب ، بل ان اللعبة تجري بين سكان عالمنا في الجنوب واستحالة حياتهم من دون مارد الشمال . علينا ان لا نكابر ، ذلك ان عالم الجنوب ليس لديه القدرة على ان يبقى 24 ساعة واقفا على رجليه من دون منتجات عالم الشمال .. هذا الذي يجثم على مصادر الطاقة ، ويكرر ثروات الارض ، ويهيمن على علاقات الانتاج باختراق الشركات ورؤوس الاموال ، مع ثورة المعلومات ، والاتصالات ، وتكنولوجيا الاعلام في عموم الارض .. هل تنفع معه ما تبقى لدينا من فضلات ايديولوجية ، ومن استعراضات فارغة ، ومن شعارات طنانة ، ومن مأثورات عاطفية تملؤها التناقضات ؟

اي " فكر " هذا الذي باستطاعته ان يقاوم هذا المارد الكاسح الذي يبدو انه قابض على انفاس العالم كله ، وهو يلاحق الجبابرة على ممتلكات الفقراء ! اية ادوار ، واية مواقف ، يمكننا اتخاذها من اجل ان يلتفت الينا لنعرف كيف نخاطبه ونطالبه ؟ اية حقوق مضاعة على مدى مائة سنة يمكنها ان تعود الى قبضتنا ونحن لا ندري كيفية التعامل معه ؟ اية اهداف ، واية امنيات ، واية احلام كتلك التي آمنا بها وطالبنا بتحقيقها ، يمكنها ان تكون اليوم بعد ان خربنّا طرقنا ، وشتتنا جهودنا ، وقتلنا مشروعاتنا ، واحرقنا زمننا ، وضيعنا فرصنا ، وعطلنا قدراتنا ، وجمدنا عقولنا ، وذبحنا شبابنا ، وفرّقنا شملنا واصبحنا لا نفهم الا لغة الردح والشتائم والتخوين والكراهية وتراكمات الاحقاد والتكفير والموت ؟

من علم ملايين الناس كل هذه الاقانيم السوداء ؟ من جعلهم ينشدّون دوما الى الوراء من دون استقامة الطريق ؟ من جعلهم يلوكون النصوص ، صباح مساء ، وهم لا يدركون كم هو الزمن ثمين في مقياس الشعوب ؟ من علمهم الكسل ، والتواكل ، والاستسلام للضياع ؟ من جعلهم لا يعرفون الا المثالب والسوالب في الحياة ؟ من قيد افكارهم وسجنها في الغرف المظلمة ؟ من جعل تصوراتهم لا تبتعد اكثر من الاكل والنوم وتلبية حاجات نداء الطبيعة ؟

ان زمننا هذا قد خلق للاذكياء ، والمبدعين ، والخلاقين ، والوعاة ، والحرفيين ، والمكتشفين .. ولا مكان للاغبياء ، والكسالى ، والمقلدين ، والمرددين ، والمتكلسين ، والنائمين ، والهائمين ، والخياليين .. ان مارد العصر لا يهمه الا كيف يحافظ على قوته ، وتكنولوجيته ، وتطور حضارته ، ونظم معلوماته ، ومصالح اقتصاداته .. الخ ان المارد المعاصر يهمه كيف يستحوذ على الايدي العاملة الرخيصة ، ويهمّه كيف يسّوق بضاعته الكمالية ، واسلحته الفتاكة ، وسلعه الجديدة .. انه بقدر ما يهمه الانتاج وتحسينه يهمه ملايين المستهلكين ، ونحن من اكبر المستهلكين ليس لمنتجاته فقط ، بل لكل الزمن والطاقة والعقل والمال .

مئة سنة مرت ولم تحقق الايديولوجيات اهدافها .. وعليه ، فان النخب العليا في اي مجتمع ، مطالبة بالضغط على الحكومات ، من اجل تغيير المناهج السياسية والتربوية والاقتصادية .. وكل ما من شأنه ، ان يأخذ بالتحولات من دون اي طفرة وراثية ، ومن دون اي قفزة نوعية ، ومن دون حرق للمراحل .. المطلوب تغيير جذري في النهج وانفتاح على العصر .. وان تتضّح مقاصدنا ، واهدافنا بعيدا عن اللف والدوران ، وعن اللعب بالتناقضات ، وعن ثنائية التراث والمعاصرة وعن ازدواجية المعايير .. علينا ان نسلك طريق التفكير المدني وفرض القانون .. والعمل المنتج . وان نحافظ علي الحدود الدنيا من العلاقات الادبية التي يحترم فيها احدنا الاخر علي الاقل ، وهنا ، يستوجب الانطلاق من واقع مهترئ ينبغي تغييره او تطويره ، وان يتقّبل كل المستحدثات الجارية في العالم بروح عالية .. اننا مدعوون جميعا لوضع اسلوب عمل صريح وشجاع يطالب بالنص مراعاة التشريعات الخاصة بذلك .

نعم ، ان حياتنا العربية ، الرسمية والاهلية ، بحاجة ماسة الي اصدار تشريعات وضوابط لكل مرفق من المرافق والمؤسسات والاجهزة المستخدمة ، وان تخضع ثورة التحديث الي هيئات نزاهة وان تخضع كل التجاوزات للقضاء .. لابد من تغيير في نهج الذات ، وتماسك في العلاقات ، والتزام العمل .. وشفافية الحوار ، ينبغي ابداع الكلمة ، والنص ، والريشة ، والصورة والصوت ، والعقل ، والمشاعر ، والجمال ، واثراء الثقافة الحقيقية واشراكها في سيرورة الثقافة العالمية .

وأخيرا ، ينبغي تفعيل اي بادرة او اكثر من اجل ان يكون كل الانسان في مجتمعاتنا كفوءا ومحترفا ومنتجا ، وان يلتزم جملة تقاليد واعراف نهضوية لا حيدة عنها .. وان تمارس اخلاقيات في غاية النضج ، وان تؤسس برامج عمل ، وتشرع قوانين ، والانطلاق بكل ما يمكن ان يسّهل العمل ويرسّخ الشفافية بعيدا عن الفوضي السائدة .. ان الحياة العربية ينبغي ان تكون مؤسسة للمنتجين ، ورحابا للمثقفين ، وتجمعا للمبدعين ، ومنظومة للعاملين ، وميدانا للتربويين ، وساحة للفنانين الحقيقيين . اننا بأمس الحاجة الي ان نعيد التفكير بمسيرتنا ، حتي وان كانت قصيرة والا سنكتب ضربا من العبث والجنون ، ومهما بقينا متنازعين بمثل هذا المستوي فسوف يسجل العالم علينا بأننا غير مؤهلين ابدا للعمل بروح جماعية وحداثوية .. فهل سندخل حقا القرن الواحد والعشرين ؟ وهل سننجح باستخدام آخر منجزات العصر من اجل الارتقاء بواقعنا وافكارنا وخطابنا وكل وجودنا الي زمن جديد ؟ هذا ما ستجيب عنه السنوات المقبلة .






#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق الملكية الفكرية والثقافية العربية
- جون لينون..الموسيقار البريطاني الراحل رائد فرقة البيتلز ..ار ...
- المثقفون الملتزمون
- سارة بلين : هل ينتظرها مستقبل سياسي ؟
- الماضي يسحق مجتمعاتنا !
- مأساة الاقليات في العراق
- اضطهاد المثقفين
- -الاوليغارشية- تهدّد المجتمع العراقي
- مكابدات الوعي هل يكون العراق او لا يكون ؟
- بَرويز مُشَّرف : هروبٌ غَير مُشِّرفْ !
- العراق : مشروع دولة متمدّنة التجربة التكوينية
- اغتيال كامل شّياع : فجيعة مؤلمة لكلّ المثقفين العراقيين
- جورجيا : وَرطةٌ جَديدة !!
- كَثُرَ الراحِلون ... قلّ القادِمون !
- بازار المخفيّات المتبادلة
- تكوين العراق المعاصر
- عولمية عربية بلا تشريعات حيوية
- الأحْياء يخْسَرَهُم الأمْوات ! رِسالَةٌ عابِرةٌ الى كُلّ الأ ...
- الصحافة العراقية تاريخ رائع يدخل متاهة الانفلات !
- المسيري : الرحيل الاخير


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيار الجميل - قبل ان يأكلنا ماردُ العصر !