أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - حب أيسر














المزيد.....

حب أيسر


فاطمة الزهراء الرغيوي

الحوار المتمدن-العدد: 2501 - 2008 / 12 / 20 - 07:00
المحور: الادب والفن
    


لأنه انتشلها من بؤس حياتها الرتيبة، أحبته. كان ودودا جدا، يلون لها وردا على السحاب العابر في يوم خريفي ويبعث نغمات متقطعة في الصمت الذي يغلفها. كانت دروس الأبجدية التي تعلمها للأطفال في صفها غير كافية لتلقي ببعض الرتوش الدافئة على حياتها. كان الصغار ينتظرون منها أملا ما وكانت تحاول البحث عن زاوية تمكنها من رؤية نصف الكأس المليء.. لذا صدقت أنه مميز جدا، لأنه ذات مساء، إذ بللت وجنتيها بدموع مستحقة، توقف ليسألها إن كانت بحاجة إلى ذراع تسندها. كان الألم يعتصر صدرها دون رحمة، لكنه عندما ضمها إليه بقوة، تلاشى وتحول إلى شعور غامر بالدفء.
بدت لها العلاقة احتمال جدي للهروب من دروس الأبجدية ومن مشوار الحافلة الذي يمتد ساعة ذهابا وإيابا إلى الحضانة، ومن والديها العجوزين والأميين، وزوجة أخيها التي تأخذ دوشا كل صباح بكثير من التبجح.. كانت لها أسباب واضحة لترغب بالهروب مثلما فعل خطيبها الذي ركب ذات مرة البحر شمالا، ثم اختفى.
كانت تتذكر الدرس الأول في الفلسفة، مركزية السؤال في البحث عن الحقيقة. لكنها إذ ضمها، تجاهلت أمر الأسئلة وشهادتها الجامعية وما تعرفه أو تجهله. وكانت تكتفي بابتسامة حين يبادر إلى حديث مطول عن الله والحب والوطن. لم تصدق حديثه لأنها لم تتساءل. عندما عادت إلى المنزل، لم تغتسل، ولم تبتسم بتبجح في وجه زوجة أخيها، ولأمها التي سألتها ككل مساء هل من جديد، اكتفت بإيماءة محايدة.
أمام طبيبة النساء، التزمت الصمت أيضا. لأن الطبيبة أجابت عن أسئلة لم تطرحها، ثم سلمتها بيد باردة وصفة الدواء. تعمدت هي أن تقصد صيدلية بعيدة عن مسكنها وعملها.
في المطعم، شعرت بغيرة لم تشأ أن تعترف بها تماما، تجاه النساء الأخريات، اللواتي كن يستعرضن أزواجهن بفخر، ربما هناك من يمثلن مثلها، فكرت متشبثة بالورود الملونة على السحاب.
كان هو يأكل بشراهة، متجاهلا النظرات المتربصة بهما، حتى عندما بادره قريب له بالتحية، لم يرتبك، بينما حاولت هي جاهدة أن توقف تصاعد حمرة الهلع إلى وجنتيها.
تناولت الشوكة باليد اليسرى، محاولة ادعاء عدم الاهتمام. كانت تعرف أن الأكل هو ضرورة للبقاء. حضنه الدافئ أيضا ضرورة للبقاء، أو هو على الأقل زاوية محتملة للرؤية إلى نصف الكأس المليء. لم تحدد تماما إن كانت ترغب في الحياة، أم أن خلاياها أصدرت الأمر، وإذ أضربت يمناها وظلت جامدة تحت الذقن، تجاوبت يسراها فامتدت إلى الشوكة وبدأت بالتقاط الطعام.
لكنه تصدى لها:
- قولي بسم الله الرحمن الرحيم، وتناولي الطعام باليمنى..
للحظات بقيت يسراها عالقة بينهما. لم يكن قد بسمل قبل أن يقبلها ويضمها بشوق.. وضعت الشوكة، تناولت حقيبتها، أخرجت منها حبوب منع الحمل ووضعتها على طبقه، ثم غادرت..



فاطمة الزهراء الرغيوي
تطوان- المغرب
http://mima-fzr.spaces.live.com/?lc=1036






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم يعد ساعي البريد يضحك
- جلباب للجميع
- حالة سقوط
- متاهة العشق (أو أنت وأنا.. وأنت)
- الثامن من مارس.. وأشياء أخرى
- مرآة لجسد يحتضر
- مد وجزر


المزيد.....




- مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم هند صبري بالشراكة مع غو ...
- فيلم -الملحد- يُعرض بدور السينما المصرية في ليلة رأس السنة
- كابو نيغرو لعبدالله الطايع: فيلم عن الحب والعيش في عالم يضيق ...
- -طفولتي تلاشت ببساطة-.. عرائس الرياح الموسمية في باكستان
- مسابقة كتابة النشيد الوطني تثير الجدل في سوريا
- جواد غلوم: حبيبتي والمنفى
- شاعر يتساءل: هل ينتهي الكلام..؟!
- الفنان محمد صبحي يثير جدلا واسعا بعد طرده لسائقه أمام الجمهو ...
- عام من -التكويع-.. قراءة في مواقف الفنانين السوريين بعد سقوط ...
- مهرجان البحر الاحمر يشارك 1000 دار عرض في العالم بعرض فيلم ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - حب أيسر