أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - جلباب للجميع














المزيد.....

جلباب للجميع


فاطمة الزهراء الرغيوي

الحوار المتمدن-العدد: 2290 - 2008 / 5 / 23 - 07:43
المحور: الادب والفن
    


ينتقل بخفة في أرجاء المكان.. حاملا سنواته السبعين، يرتدي جلبابين، لابد أن الأول كان يوما ما ناصع البياض، هو مصفر الآن.. بينما ضيع الثاني لونه البني واتشح بالسواد... عندما اقترب وجالس امرأتين بجانبي، لاحظت وجهه المطبع بالتعب.. لمحت إشراقة تطل من خلف زجاج نظارته القديمة والسميكة.. بدا صوته يافعا. كان يقذف الكلمات بشكل متسارع والسيدتين تنصتان بخشوع متفاوت..

الكبرى مدثرة بجلباب وغطاء رأس ابيض ، غلبت هالة الاستسلام على محياها.. كانت تقلب بين أصابعها وريقات غصن الريحان وتتمتم بكلمات غير مفهومة.. بجانبها كانت الفتاة الأصغر سنا تحاول جاهدة طأطأة رأسها.. تلتفت خفية إلى المارين، تتطلع إلى الرجل المسترسل في قراءته، تعدل وقفتها، ترتب المنديل الأصفر الذي يغطي رأسها، تنفض غبارا غير موجود على جلبابها المزهر بورود مختلفة الألوان.. ثم تطأطئ رأسها من جديد.

يغادر الرجل المرأتين مسرعا.. يقفز فوق الأبنية الصغيرة.. بعضها حديث الطلاء، الآخر مزين بالنعناع.. هنا أيضا، بدت مظاهر التفاوت الطبقي.. أبنية مغطاة بالسيراميك وأخرى ارتفعت أكثر من جاراتها..

رفع الرجل بيده جلبابيه، وواصل انتقاله من مجموعة لأخرى .. نظرت إلى الساعة.. عليّ أن أغادر قريبا..
- هل انتهيت؟ سألت الطفل المنهمك بالصباغة.
- نعم، .. ردَّ بصوت منكسر.

ابتسم لي بامتنان وهو يتناول قطعة العشرة دراهم. تابعت خطواته الخجولة.. أقرانه يجلسون على مقاعد الدرس الآن.. حاولت ألا أحزن عليه.. لي من الحزن ما يكفيني، لكن غصة ما شدت صدري.. التفت إلى الجهة الأخرى، رفعت يدي مشيرة إلى الرجل بأن يأت. رأيته يمد يده إلى امرأة بجلباب مخطط، أتي إليّ وهو يدس ما أعطته المرأة بين ثنايا جلبابيه.
- السلام عليكم يا ابنتي..
رددت التحية متمتمة ، و طلبت منه أن يتلو ..
- بسم الله الرحمن الرحيم، يسن والقرآن الحكيم..

حاولت متابعة قراءته السريعة، تلمستُ شاهد القبر، أبعدت بيدي الأخرى طرف جلبابي الأزرق لكي لا يلطخ بالجير.. دمعة ما انسابت على خدي، حاولت إيقافها دون جدوى..
ازدادت الغصة حتى وصلت حلقي .
- هل هو رجل أو امرأة، سألني الرجل، وإذ أجبت، رفع آيات الدعاء بسرعته المعتادة..

فكرت، ما الفرق بين رجل وامرأة هنا.. في هذا المكان لا وجود للفواصل.. يتجاورون في صمت وينتظروننا..

فاطمة الزهراء الرغيوي
تطوان- المغرب
http://mima-fzr.spaces.live.com/?lc=1036



#فاطمة_الزهراء_الرغيوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حالة سقوط
- متاهة العشق (أو أنت وأنا.. وأنت)
- الثامن من مارس.. وأشياء أخرى
- مرآة لجسد يحتضر
- مد وجزر


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء الرغيوي - جلباب للجميع