أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هادي ناصر سعيد الباقر - ((ربّوا اولادكم على غير ما درجتم عليه لأنهم مخلوقون الى زمان غير زمانكم )) (( في التربيه والتعليم ))















المزيد.....



((ربّوا اولادكم على غير ما درجتم عليه لأنهم مخلوقون الى زمان غير زمانكم )) (( في التربيه والتعليم ))


هادي ناصر سعيد الباقر

الحوار المتمدن-العدد: 2506 - 2008 / 12 / 25 - 00:46
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


((ربّوا اولادكم على غير ما درجتم عليه لأنهم مخلوقون الى زمان غير زمانكم ))
الامام علي بن ابي طالب عليه السلام
المبحث الاول : تمهيد ومفاهيم : (( في التربيه والتعليم ))
عام 1956 كنت طالبا" في الجامعه الاميركيه في بيروت .. وكان البروفسور (( وليم دارتي )) قد وزّع علينا كتيب عن (( الوصايا العشرة في التربيه الامريكيه )) ... قلت للبرفسور المذكور :.. عندنا الامام علي كان قد لخص هذه الوصايا بقوله (( ربوا اولادكم على غير ما درجتم عليه لأنهم مخلوقون الى زمان غير زمانكم )) .. فاندهش البروسور متعجبا" .. وقال هل الامام علي هذا هو الآن وزيرا" للتربيه في العراق ... فاجبته كان قد استشهد منذ اكثر من 1400 سنه .. فاجابني البروفسور : .. ولكن ما لكم لا تتبعون هذه الوصايا في عمليات التربيه عندكم ؟؟!!
العالم يتغير :
نحن جزء متميز ذي نسيج واحد فالأرض تصغر يوما" بعد يوم .. واختزلت المسافاة اختزالا" .. واصبح بامكان الانسان .. ارادته وكلمته وصورته .. ان تطوف حول الارض في طرفة عين ... وجسما" في ساعات ... فالعالم يتغير , ونحن نتغير ايضا". فالتغيير هو قانون الحياة .. وقانون الماده , وقانون البيئه .. وهو قانون الهي . فكل شيء يسير الى الامام ويتغير .. والوقوف والسكون في مكان واحد فانّ مصيره كالماء الراكد .. ولكن نطرح السؤال :س : كيف نتغير ؟! النظريه السائده والفهم المتداول :: ان التغيير يبدأ من داخلنا .. وهذا صحيح .. بسم الله الرحمن الرحيم (( انّ الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم )) .. والبيئه تبدأ اولا" بمنحنا التجربه والمشاهده .. فتشكل لدينا مفاهيم في الضمير .. ويبدأ تقبل هذه المفاهيم .. والاعتقاد فيها والايمان بها .. ثم يبدأ التغيير في السلوك الخارجي حيث يؤثر في احداث التغيير مجددا" في البيئه .. ولكن كيف يتم احداث التغيير من الداخل :.. هل هو بالكلمه .. بالنصائح .. بالتعليم المغلق ... في رأيّ ان احداث التغيير من الداخل يكون بآلية من الخارج ..من البيئه التي يعيشها الانسان .. وهكذا كانت البيئه الطبيعيه هي مصدر الالهام والمعرفه ... وشكلت حضارات الانسان المختلفه وتراكم المعرفه باختلاف البيئه التي تواجد فيها الانسان ... وابسط مثل على ذلك هي : قصة الشاعر ابن الجهم الذي مدح الخليفه العباسي : قائلا" : .. انت كالدلو في الكرم .. وكالحمار في الصبر ... وكالكلب في الوفاء .. , مما اغضب احد الحاشيه , مما دفع الخليفه الى تبيان بان هذا الشاعر هو بدوي استخدم ادوات بيئته .. وامر الخليفه على اسكان هذا الشاعر البدوي .. في احد قصور الخلافه المرفهه .. الافرشه الوثيره .. الوان الطعام .. والخدم من الغلمان .. والجواري الجميلات .. والرقص والموسيقى .. والاشربه المتنوعه .. وبقى هذا الشاع لفترة سنه اعتاد التأقلم والتطبع على هذه البيئه المرفهه ... عندها ارسل عليه الخليفه لينشده قصده .. فقال قصيدته المشهوره : عيون المهى بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث ادري ولا ادري
فالبيئه كوّنت مفاهيم جديده انعكست من الضمير .. من القلوب الصافيه .... فالتربيه البيئيه هي اداة التغيير .. تستنبط المفاهيم من المشاهده والمعايشه .. والتأثر والتأثير .. قراءة" .. محاكاة..تعليما" ثقافة" سلوكا" ووجدانا" ..
فنحن نعيش ولا زلنا , عصر التربيه والتعليم بالترديد والتلقين .. والسلطه والتحفيظ بالاجبار .. خضوعا" لسلطة الوالدين .. والمدرسه .. من سجن البيت الى سجن المدرسه .. ففي سجن البيت يتم تربية المشاعر بالطاعة والحب .. اما سجن المدرسه فهو سجن التطبع وفرض النظام والقانون .. وفي المدرسه يقضي الشباب خيرة ايام عمره .. حيث يتم تحييد قدرته على الانتاج تحديدا" لقدراته لفترة تقارب من الخمس والعشرين سنه ..
ثم تبدأ مرحلة التربيه في اقسام المجتمع : الشارع .. النادي .. السوق .. الاصدقاء .. .. وهناك لدى العديد من علماء التربيه , مع تطور وسائل الاتصالات وتكنولوجيا اللاتصالات الالكترونيه , اخذو بضرورة احداث ثوره في اساليب التربيه .. لتنتقل عملية التربيه الى مسؤلية المتعلم نفسه واختياراته .. لقيادة انقلاب على سلطة الاسره والمدرسه التقليديه ..
فلسفه تربويه :
نحن في اشد الحاجه الى الاكثار ما البحوث والدراسات الفلسفيه في علوم التربيه والخوض باستمرار في علوم فلسفة التربيه .. وان الطبيعه الانسانيه من الاسس الهامه التي تقوم عليها الفلسفة .. فالفرد الانساني الذي تتناوله التربيه بالتهذيب والتشكيل .. لا بد وان نعرف كنهه .. وتكوينه .. وطرق تعليمه .. وطرق اكتسابه للخبرات.. وحتى نستطيع ان نقول: انها فلسفه تربويه .
انّ المشكله الاساسيه في التربيه .. هي : اختيار الاتجاه او الاهداف .. وهذه تعتبر من المشاكل الاساسيه في التربيه . ان الاهداف والوسائل هي عمليه متكامله لا يمكن ان نفصل فيها بين اجزائها .. فهي جميعها مراحل على طريق العمليه التربويه كل فيها اهدافا" ووسائل باختلاف النظرة اليها .. وهناك اهدافا" عامه تصلح للعمليه التربويه في جميع المجتمعاة على السواء ..
اما الاهداف الخاصه : للعمليه التربويه فهي التي تنبع من المجتمع الخاص التي تعيش فيه التربيه ..
ففلسفة التربيه تعني بهدف علاقة الانسان بالمجتمع .. فان البيئه التي تنمو فيها الشخصيه الانسانيه تتضمن الطبيعه غير البشريه والاشخاص او الافراد الآخرين .. الذين يتعامل معهم الفرد .. فالذات ليست شيئا" في عزله , ولكنها دائما"" وبالضروره هي ..ذات.. في علاقه مع البيئه الطبيعه ومع البيئه البشريه في كلّ متشابك معقد ... وهذه العلاقات يمكن ان نضعها تحت اسم عام هو المواطنه ... ومن اهداف التربيه كذلك : ان تكون التربيه في المجتمع هي:: وسيله للمحافظه على اعز ما يحرص عليه من قييم وسلوك وعادات وتقاليد دون ان تكون هذه المحافظه جامده متجرده لا تتجاوب مع اصداء التغيير والتطور في المجتمع .. فلقد اصبح من سمات المجتمات الحديثه ان تتغير وان تتطور وان يصيبها التحول في نواحيها المختلفه ... والتربيه هي رائدة هذا التغيير والمبشره والعامله له .. فالحداثه تعني ان نأخذ من تراثنا ما يلائمنا ونترك ما لا يتلائم معنا .. ثم ان : نظيف عليه ما يستجد من الغير وما يفرزه العصر الذي نعيشه .... كما ان العمل كذلك يجب ان يكون من اهداف التربيه ووسيله وفرصه لها .. كذلك المناشط الترويحيه يجب ان تتاثر بها العمليه التربويه التي يمارسها ويشترك فيها الفرد .. وتؤثر فيها .. وما الترويح الاّ ذلك الميدان من الحياة الذي جوهره هو التحرر من جميع المعوقات والمحددات التي تفرضها ضروة العمل اليومي في هذه الحياة الشاقّه ..
وشيء هام من الاهداف التي تسعى لها التربيه هو نمو الحريه ... فنتائج التربيه ان يكون هو : الانسان الحر .. والاخلاق هو ما تسعى الى تأكيده التربيه .. اذ لا يوجد ميدان من ميادين التربيه لا يمت الى المسأله الاخلاقيه بصله .. ... فالعمل التربوي نفسه يتضمن بالضروره اختيارا" اخلاقيا" .. فالتربيه عملية توجيه نمو الافراد توجيها" قصديا" .. ووظيفة النظريه الاخلاقيه في التربيه هي اظهار المعايير المتاحه للوصول الى المطالب التي تقوم لصالح اهداف وطرق تربويه متنوعه وتأييدها .. كذلك تكون المعرفه لها دور اساسي في التربيه , فالمعرفه اساسيه في التربيه كما هي اساسيه في النمو الانساني .. وهي جزء من اية فلسفه تربويه سليمه .. فلكي تكون انسانا" لا بد ان تعرف .. والانسان لايكون انسانا" الاّ بالمعرفه والتربيه ...
من الاهداف المهمه للتربيه هو تنمية الحاسه الجماليه عند الفرد .. فان للفنون وظائف هامه في الحياة الانسانيه .. .. ولأن التربيه هي : عملية توجيه ونمو للافراد , فان طبيعة هؤلاء تصبح هدف ومسأله على درجه كبيره من الاهميه بالنسبه لفلسفة التربيه ..
للتربيه فلسفه :
لا نتقدم في الحياة ما لم تكن لدينا فيها فلسفه .. فالفلسفه : هي طريقه من طرق النظر الى المعرفه التي لدينا فعلا" . وتتضمن تنظيم وتفسير وتوضيح ونقد ما هو موجود بالفعل في ميدان المعرفه والخبره , وتستعمل كماده لها ما تتضمنه العلوم والفنون المختلفه والدين والادب من معارف , كما انها تستعمل المفاهيم العامه العاديه .... والفلسفه طريقه خاصه للنظر الى المعرفه والخبره اللتين تمتلكهما بالفعل ... فوظيفة الفيلسوف هي ان يحاول ارجاع البحث الى مبادئه الاساسيه وفروضه التي يقوم عليها ... فمهمته الكشف عن الاسس التي تقوم عليها المعتقدات في كل مكان ..
تعريف التربيه :
هي عمليه قصديه .. يتم عن طريقها : توجيه .. الافراد والانسانيين .. لنمو الافراد الانسانيين ..
اركان التعريف وعناصره :
1- عمل انساني : اي تتعلق بالافراد الانسانيين ...فنحن نستطيع ان ندرب الحيوان ولكننا لا نربيه .
2- عملية نشاط : فالتربيه ليست شيئا" يمكن ان نلمسه ولكنها عملية نشاط , نوع من النشاط المتعلق بالافراد الانسانيين ... فأن يكون(( الفرد قد تربى )) .. يعني ان يكون قد مرّ بعملية نشاط .. فهي عملية تتضمن ما يصبحه الفرد في المستقبل كفرد .
3- التوجيه : هي عملية توجيه وترشيد .. وتشكل ما سيصبح عليه الفرد .. فهي عملية تفاعل بين قطبي المرشد الموجه ... والفرد المتلقي .
4- عن طريق الافراد : تقتصر التربيه على توجيه النمو الفردي .. عن طريق الافراد .. اي ان وكلاء التربيه .. وهم : المعلمون المسموح لهم .. هم : الافراد الانسانيون وحدهم .
5- عمليه قصديه : ان التوجيه الذي يقدمه الافراد يكون قصديا" .. وعمليات التوجيه القصديه التي ترمي الى التأثير في نمو االفرد وفي تعليمه هي التي تقع في حدود تعريفنا للتربيه .


المبحث الثاني
العمليه التربويــــــــه
في خضم الحياة اليوميهة ... نعتاد ان نسمع الكثير من الكلمات والمصطلحات دون ان نقف عندها .. لنتدبر ونعرف معانيها .. فنحن نرددها , لكثرتها في قاموس لغتنا المستعمله يوميا" , وتختلط علينا تحديدات ومفاهيم ومعاني قد تكون مختلفه .. ومنها كلمة (( التربيه )) : ... فكلمة التربيه تتردد وتستعمل بكثره على كافة المستويات الشعبيه والعلميه ولكن نادرا" ما نقف لنتدبر معانيها ونحدد لها اوجه او فلسفه لمدلولتها ... فنحن كثيروا الجهل بما نتداوله ونستعمله او نعيش معه .. فنحن قد نعيش الوجود .. ولكننا لا نعيه .. فالعيش والحياة الفة وسلوك .. وقد لا تكون وعيا" وجدانيا" .. فالماء اكثر المواد حاجة" وتداولا" له من قبل الانسان .. ولا يمكن له الابتعاد عنه .. وتقوم المجتمعات والحضارات قرب الماء وعنده ... ولكن لحد الآن يجتهد العلماء ان يعرف اسراره .. وهم لازالوا لم يلمّوا بهذه الاسرار ...
بيئة التربيه : وهي الاوساط التي تمر بها المراحل التربويه ... وليست العمليه التربويه .. او بما يسمى (( بالتربيه البيئيه ))
فللتربيه بيئات متعدده على الانسان ان يمر من خلالها او فيها .. ليتربى سلوكيا" اما فطريا" او قصديا" .. وهي باختصار :
1- الاسره : وتسمى بمدرسة المشاعر والعواطف والحب .. حيث تتم التربيه بالسلطه المقبوله .. حيث تتم العمليه التربويه بالتلقين والاجبار والقدوه وتشكيل السلوك الفطري او القصدي بنقله استنساخا" من جيل الى آخر ..
2- بيئة المدرسه : وهي البيئه التي تمهد لحياة المجتمع وتعويد الصحبه والنظام والقانون .. ولا زالت العمليه التربويه بقوة السلطه والتلقين والترديد وتدريب عمليه التذكر ..
3- بيئة الشارع . والرياضه .. وحركات الشباب .. اتصال .. والسلوك المهني ..
في هذه البيئات الثلاثه .. فاننا لازلنا نفكر في التعليم تلقينا" نظريا" منفصل عن حاجات البيئه او المجتمع الذي تتواجد فيه المدرسه .. حيث يتم سكب المعلومات في الاذن سكبا" جبريا" قد يترشح منه , مفاهيم مختلفه , الى الدماغ عند كل فرد وحسب انطباعه وهوى نفسه ...
4- مدرسة بيئة الحياة . وهذا ما ارى ضرورة اضافته او اقتراحه . فالتربيه عندي هي سلوك جسدي وذهني ووجداني اخلاقي وجمالي بقدر ما هي عمليه تقنيه وفكريه .. ومصدر العمليه التربيه ومعينها بيئة الحياة التي تتم فيها هذه العمليه ..فتعتمد اساسا" على الاهداف الخاصه المستقاة من عناصر البيئه الطبيعيه والبشريه .. وبنفس الوقت فان اسس الاهداف العامه المشتركه موضوعيا" وعالميا تكون اساسيه لفهم الاهداف الخاصه .. كما ان العمليه التربويه لاتتم

بالسلطة والتلقين وتجميد الولد او التلميذ .. بل تتم باقتناع والمشاركه بين المعلم والطلاب والتماشي مع المواسم البيئيه وحاجات هذه البيئه والانسان .. بما يحافظ على سلامة البيئه وحاجات الاجيال الحاضره والمستقبله ..
ونحن لازلنا , وفي الالفيه الثالثه , لازلنا ننظر الى التربيه والتعليم وكأنها ترتبط بالولد ... ولكن الا يتحتم على الراشد هو ايضا" ان يتربى باستمرار ويتعلّم .. ولو عن طريق خبرة الحياة ومدرستها , ولا زلنا نتخذ من المدرسه سجنا" يتم فيه اهدار احلى واروع واقوى سنين الانسان عشرون سنه او اكثر من العمر تذهب بين اربعة جدران لنلقن ونشكل السلوك المرغوب منقبلنا للاجيال القادمه .. وهي عملية استنساخ واعادة وتكرار لما نحن عليه ... بعدها يحصل الولد على شهادة التخرج وهي شهادة المرور ليحصل على وظيفه .. ليستثمر وقت الراحه مكافأة على سنين الشهاده ... فنحن نستدل على المعلومات بالشهاده التي حصل عليها , ولا اعتراف بالمعلومات التي يحملها والخبره التي يحملها الفرد .. وهذا ديدن البلدان المتخلفه .. التي راجت فيها عملية تزوير الشهادات العليا , حيث تمتلىء مؤسسات هذه الدول بمن لاخبرة لهم من اصحاب هذه الشهادات ممن يشكلون سدا" مانعا" في وجه اصحاب المعرفه والشهادات الحقّه ويحرمون البلد من عقول بنّاءه تمهد حقا" لتطوير بلدانهم .. او ممن يحملون شهادات دون ان تزودهم بالعقليه والاسلوب والذهنيه العلميه .. مثل هؤلاء وجدوا انفسهم وقد انعزلوا في ابراج عاجيه محرّمة على ذوي الرأي والقدره الحقّه .. وقد لاحظت ان في الدول المتقدمة حقا" تكون الابواب مفتحة لكل ذوي علم برهن على علمه بالتأليف والبحث والنشر ... ففي اواخر الستينات وفي جامعة كاليفورنيا , وحسب ما اخبرني به المرحوم الدكتور جعفر الحسني : حيث بيّن ان من كان يحاضر على طلبة الدراسات العليا في موضوع التثقيف الصحي استاذ لايحمل اية شهاده .. ونشرت الصحف الامريكيه مرة" قصة اكبر جرّاح في الجملة العصيه والدماغ , من كان لايحمل اية شهاده في الطب .. وما احاول ان اقوله اننا يجب ان لانهمل مدرسة الحياة بل علينا ان نستثمرها وننظم طريقه الاستفاده منها ... وبالتأكيد ان ساكن الاهوار او الصحراء هما اكثر خبره ومعرفة بالبيئة التي يعيشونها , من اي ذو شهادة عاليه والذي لايستطيع المقاومه للعيش في مثل هذه البيئاة ولو لايام قليله .. ولعل قصة (( محمود )) , في الخمسينات .. في الشواكه .. الذي حصل على الشهاده الثانويه , وكانت نادره في ذلك الوقت , وأنه كان يسعى للحصول على وظيفه محترمه .. اذ لايليق ان يعمل مع ابيه في دكان التنباك .. واعناد ان يأخذ كل يوم من ابيه مبلغ درهم , اي خمسون فلسا" .. يركب صباح كل يوم زورق الاجره ( البلم ) لعبور دجله الى المقهى .. واستمر حاله على هذا المنوال لاشهر مما دفع صاحب الزورق ان ينصحه للعمل لمساعدة ابيه بدلا" من حالة البطاله التي يعيشها .. ويبدو ان محمود شعر بالاهانه , مما دفعه ان يسأل صاحب الزورق : عمّي انت تعرف فيزيا ؟ اجابه صاحب الزورق : لا والله عمي انا ما اعرف هكذا بنت! .. فاجابه محمود : ربع عمرك خساره .. وهكذا كرر محموذ اسألته الى صاحب الزورق .. انت تعرف : كيمياء .. احياء .. ؟ وصاحب الزورق ينفي معرفته بهؤلاء البنات ... ومحمود يكرر له .. نص عمرك خساره .. وهكذا ... , وفجأة هبت ريح قويه واخذ الزورق يتمايل بشدّه .. عندها سأل صاحب الزورق محمود :: عمي محمود انت تعرف تسبح ؟ اجاب محمود :: لا والله عمي ما اعرف اسبح ! عندها اجابه صاحب الزورق .. عمي محمود :: لعد كل عمرك خساره !!.. هذه القصه الحقيقيه اصدق مثال على اهمية مدرسة الحياة والبيئه .. فاتصور المدرسه الحديثه بانها اصدق تمثيلا" و صوره للمجتمع والحياة والبيئه المتواجده فيها .. وهذا جانب او احد كفّي قيام مدرسة الحياة الجديده .. اما الكفّه الاخرى لقيام هذه المدرسه .. فهو ان تتم العمليه برضا وموافقة ومشاركة الطلاب والتلاميذ واقتراحهم وما المعلم الاّ صديق وموجه ومرشد ومشارك في العمليه .. الا يجدر بنا ان نفكر للمدرسه النظام الجديد هذا .. في انتاج مادي وعلمي لسد احتياجات المجتمع المحلي .. وحسب كل مرحلة عمريه سلوك ذهني وانتاجي ..
لقد اشار افلاطون الى ان : ((ان تكوين انسان يتطلب خمسون سنه )) ... يقصد بالانسان : هو ذو السلوك المعرفي .. والمهني .. القادر على تحمل مسؤوليةالحياةوالمجتمع ... بتكوين انسان بسلوك معرفي وانتاجي , قادر على فهم المسؤوليه وتحملها..كل بحسب الفترات العمريه .. حيث يكون العمل ضرب من ضروب اللعب .. وضرب من ضروب النشاط الشبابي ... ثم وضرب من ضروب العلم والبحث والفلسفه .. وبالامكان تطوير نظامنا التربوي على مراحل ووفق خطط مرحليه مقننه وفق علوم فلسفة التربيه .. ليبتعد عن اسلوبالترديد والتلقين .. الى اسلوب عناصر البيئه المحليه والعامه .. لتبدأ عملية التربيه من انامل الاصابع . والحواس الخمسه .. : النظر .. السمع .. التذوق .. اللمس .. الشم .. وحيث تقوم اليد وابهامه هي الاداة بتنمية وتطور

المفاهيم .. الى الدماغ .. وهكذا يقول علماء الانثروبولوجيا بان سبب تطور ونمو دماغ الانسان هو تركيب اليد وموقع حركة الابهام فيها ... لماذا لا اتكون العمليه التربويه وعملية التعليم مقسمه حسب المراحل العمريه وحب الفلسفه التي بيناها :
1- مرحلة بناء الردود الانعكاسيه وبنائها الصحيحه .
2- مرحلة التربيه والتعلّم على التذكّر .
3- مرحلة التربيه والتعليم على التفكير .
4- مرحلة التربيه والتعليم على التطبيق والقياس والاستنباط .. وهو البحث العلمي والوعي .

تحديد مفهوم التربيـه
سؤرد عددا" من هذه المفاهيم لعلماء .. في موضوع التربيه .. كل منهم يعرض وجها" من اوجه مفهوم التربيه :-
1- معجم العالم لالاند : ( آ)
التربيه : (( هي سياق يقوم في ان تتطور وظيفة او عدة وظائف تدريجيا" بالتدريب وان تتحسن نتيجة ذلك السياق ))
فهذا التحديد : يعني ان التربيه سياق ونتيجه معا" . . كما انه يوحي بان التربيه تعتبر دائما" كقيمه .. وهذا هو تحديد ضيق ... لأن التربيه لا تتم فقط بالتدريب , بل ايضا" بالقراءه .. وبالمثل .. وبالمثل ... وبالاعجاب .... الخ .
2- اما معجم روبير :
فهو على العكس يشير الى مظهر التربيه الكلي : مظهر التربيه هو (( جميع الوسائل التي بمساعدتها نوجه :تطور الكائن الانساني وتطوره .. والنتائج التي نحصل عليها بفضل تلك الوسائل )) ... انّ كلمة(( نوجه)) : تعني : ان التربيه هي متسلطة ضروره .. فنحن نتلقى تربيه .. لا ان نربي انفسنا .
من هنا نستطيع ان نقول : انّ التربيه هي : العمل الذي يخوّل كائنا" انسانيا" ان ينمي استعداداته الجسديه والفكريه .. كما ينمي مشاعره الاجتماعيه والجماليه والاخلاقيه في سبيل انجاز مهمته كانسان .. ما استطاع الى ذلك سبيلا , وهي نتيجة" لذللك .
3- اما العالم و.جيمس: فقد شدد بوضوح في كتابه : آراء الى المعلمين : (( يتحتم عليكم ان تدركوا ان مهمتكم المهنيه تقوم خاصة" واساسا" في تنشئة سلوك تلميذكم ... متخذين كلمة سلوك في معناها الاوسع اذ تنطوي على جميع انواع الاستجابات المطابقه للظروف التي تؤدي به اليها مصادفات الحياة )).. اقول ان هذا مفهوم للتربه سلوكي .. فالسلوك يشتمل على حقل الاعمال الانسانيه كله , اي الشعور الجمالي والبحث العلمي ... وتعني التربيه : اننا اكتسبنا طريقة عمل معينه ... بيد اننا لا نرى الفرق بين التربيه والتعليم .
4- وعلى العكس من ذلك : فان العالم التربوي (( ليتريه )) في مقالته (( تربيه )) .. فيرى ان هناك تعارض بين وتتفق مع المعارف التي تكسبها والاتجاهات الاخلاقيه التي تمنحها المشاعر .. وكذلك هو يضيف الى ذلك التمييز في المضمون ... تمييزا" آخر ذا طابع تربوي .. اذ يقول : (( التعليم يتم تلقينه .. والتربيه يتم اكتسابها بطريقة عمل اخرى لدى المعلّم ايّا" كانت )) ... ولكني ارى في ذلك شيىء من المبالغه في الثنائيه ... وقصارى القول انّ التربيه والتعليم لا يختلطان كما انهما ليسا متميزين تماما" ... والفارق بينهما هو فارق فيما يتعلق بالجنس والنوع :.. فالتعليم هو نوع من التربيه ..
الاسره وتربية الشعور
هي النواة الاولية ... فالتربيه : تعني ان نتناول الفرد في عمق .. وفي طبقة كيانه .. وعاداته ... وانفعالاته ... وعواطفه الاولى ,, وان التربيه : تتجه الى تلك الطبقه ’ تلك التربيه التي تسبق كل تعليم .. وقد تم ادراك ذلك قديما" فقد قال افلاطون : (( اعني بالتربيه .. الفضيله التي يكتسبها الولد اولا" )) ... وهي تقوم بتنشئة المشاعر الاكثر بداءه عن طريق عادات حسنه ... وهذه المشاعر هي (( اللذه والعاطفه والالم والحقد )) ... فهي تنسجم تلقائيا" مع العقل عندما يظهر فيما بعد لدى الولد . ودور التربيه الاول في تنسئة الولد , يتم عن طريق وسائل جماليه .. ويركز على دور الموسيقى في عملية التربيه , وعلى محبة الخير وكره ـــــــــــ (آ ) : فلسفة التربيه .. من منشورات مؤسسة فرانكلين – 1971 ) , فلسفة التربيه : منشورات عويدات والفرنسيه عام 1978
التربيه الديمقراطيه : من منشورات مؤسسة فرنكلين - 1975
الشر, قبل ان يكون قادرا" على التفكير والفهم :.. (( وعندما ينمو العقل , يحتضنه الولد , ويسلم به تسليمه بقريب له في حنان بمقدار ما يكون قد تغذى بالموسيقى )) ( جمهورية افلاطون ) .. وشدد ارسطو على ذلك الجانب في التربيه الاولى .. اذ يقول :
(( اخشى ان لايكون التفكير والتعليم متساويين في القوّه لدى جميع البشر , ويتحتم علينا ان نثقف مسبقا" نفس المستمع عن طريق العادات , لكي نجعله يحب او يكره ما عليه ان يكونه , شأن الارض التي ندعوها الى ان تستثمر البذار )) ( علم الاخلاق الى نيكوماك ) ... ان تلك التربيه الاوليه والعميقه هو واجب على الاسره ... ولكن قد نجد في ذلك تناقص !
لقد طرأ على الاسره تقلّص خطير في العالم الحديث :
1- ضاقت في حجمها : اذ اقتصرت على الزوجين والاولاد القصّر .
2- ضاقت في وظائفها بما انها لم تعد قط سوى جماعة سكنى واستهلاك ..
3- أخيرا" ضاقت في سلطتها , في سلطة الوالدين .. ولا سيما الاب : على الذريه ... ولقد حدّ من تلك السلطه لا الدولى فقط بل العادات والمعتقدات ايضا" . ولم يعد الوالدان يستطيعان ان يقررا زواج اولادهما او مهنتهم .. , ((اقول ورأي مني ::.. ان سلطة الاسره يمكن ان نستدل بها كمقياس عل كون المجتمع بانه : مجتمع حديث متطور .. او كونه مجتمع متخلف ؟!! .. ففي المجتمع الحديث المتطور المتحرر يضيق فيه ( سلطة الاسره على الولد ) ... في حين انه في المجتمع العشائري القبلي تتقوى وتتوسع سلطة الاسره وتتعداها الى قوة و سطوة وديكتاتورية سلطة العشيره !))... بيد ان الاسره تحتفظ دائما" بوظيفتهما الرئيسيين بالنسبة الى الاولاد , اعني حمايتهم ( تغذيتهم واكسائهم والاعتناء بهم , وتربيتهم . فالوالدان يفرضان على الولد تصرفا" معينا" او ان يمنعاه عنه فحسب , بل ايضا" ان يكوناه في افكاره ومشاعره الاكثر عمقا" وديمومه . وان السلطه الوالديه تبقى (( مطلقه )) في اقصى الحدود بالنسبه الى السلطه ..
ان هناك الكثير من المفكرين قد ثاروا على الاسره مثل : جان بول سارتر الذي يقول : (( لا انبل من ان نكوّن اولادا" , ولكن , كم تنطوي حيازتهم على ظلم !)).. ذلك ان هذه (( الحيازه )) تمثل شكلا" مفرطا" لحق الملكيه , وهي حيازة كائن انساني بالامكان تحديد مصيره ... والاسره هي المجتمع المغلق , التي تلعب الاسره كحاميه , ودورا" محافظا" والاسره كمربيه هي مجتمع تدرجي يرفض المساواة ... فان التغلب على اخ بكر , او على اب او ام .. يعني اهانتهم ... فالولد لا يتعلم في اسرته سوى علم اخلاق الزام وخضوع لقاعدة هي مقدسه بمقدار ما هي غير مفهومه.. تحمي الاسره الولد وتربيه فتوشك دائما" ان تجعل منه قاصرا" مستمرا" ... فالاسره هي (( سجن انفرادي )) تقوم فيه ايدي الاشخاص المحبوبين مقام المحامين عنه ... فان العاطفه المتبادله , والسعي الى عدم تسبيب الحزن .. والاسره تبقى موّحده لأن كل عضو يقبل ان يلعب فيها الدور نفسه دون ما تغيير او مفاجأه . وهنا تكمن احدى العلل الكبرى التي تقضي الى ازمة سن المراهقه الشهيره . فالوالدان لايسلمان بان ولد الامس قد اصبح بغتة" كائنا" آخر باسراره وافكاره وتمرداته ... ان الاسره ترتكز على حق اعتباطي كليا" , لاتحمي الاّ وهي تخنق ... ولا تربى , الا وهي تجمّد ... وهذه الانتقاد ليست جديده .. فنحن نجدها في جمهورية افلاطون ..
الولد في الاسره مكبوت سواء أ كانت حسنا" او خطأ" فهي لا تستطيع الاّ ان تكبت . .. ان وظيفة الاسره تقوم في تحويل الغرائز الاشد وحشيه , اي الجنسيه والامومه , الى ميول (( غيريه )) او اجتماعيه .. وهنا نكمن التربيه الاساسيه وان الاسره لا تنجزها في التعليم ولكن في الوجود وفي ترك كل عضو فيها يلعب دوره , يكفي ان يكون الانسان ولدا" لكي يكتشف في الحب الامومي نموذج كل حب ... وفي العاطفه الابويه نموذج كل طاعه , بل كل احترام ايضا" ... ان المدرسه , كمدرسه شعور فريده في نوعها ... وفي مقدور الصله العيليه ان تنطوي عليه من جوانب مغرضه وانانيه غير سليمه , ونرى فيها الوسيله الوحيده التي تخوّل الانسان ان يعرف الانسان ويحبه ... فان تعلّم الاخوه خارج نطاق الاسره والعيليه غير ممكن ... وان التربيه العيليه هي اخيرا" تربيه للراشدين ايضا" , فان الرجل والمرأه في خبرة الزواج ثم في خبرة الامومه ثم في خبرة الابويه هما اللذان يتعلمان الشعور اولا" . فان الولد هو مربي والديه .. وهاكم دور الاسره التربوي :
1- لقد توطد ذلك الدور بدلا" من ان يضعف ... وان كون الاسره في الغالب دورها على نحو جد سيء .. لا يمنع ان يكون
دور حاسم .
2- يقوم ذلك الدور في تنشئة المشاعر انطلاقا" من الغرائز الاكثر حيوانيه وفي تغيير وجهها .

3- ان الاسره في ذلك الدور , هي فريده في نوعها , ولقد اثبت ان الولد الذي حرم والديه ( اليتيم ) هو معاق بمراره في البدايه .. وقد يكون معاقا" جسديا" , فهو وقد وجد في صراع مع مجتمع متحجر وحتى معاد , بانه ((يذنب حتى في وجوده )) , مما يحول دون نموه نموا" طبيعيا" اذ يستلزم هذا النمو العاططفي .
4- تضطلع الاسره بذلك الدور لافي التعليم بل في وجدودها فقط الذي يعني الحب . والحب العيلي كثيرا" ما يكون أعمى وأحيانا" عاصفا" قاسيا" , بيد انه يتيح الفرصه للفرد , رجلا" كان او امرأه , راشدا" او ولدا" , لكي يكشف عن نفسه كشخص فريد في نوعه ... الاسره تربي بالحب .. ومهما كانت مغالطها ونزاعاتها واخطاؤها . فان المطلوب ان (( يتمثل في القلب )) .
5- ان ذلك الدورالتربوي يفيد الوالدين , على الاقل . بقدر ما يفيد اولادهما , وان كانت ثمه تربيه مستمره فهي تكمن هنا , وان الوجود العيلي يكون اقل مأساة لو ادرك الوالدان جيدا" ان اولادهما هم ايضا" مربوها .

الاسره والمدرسه لهما دوران متكاملان ؟!
ان التربيه المدرسيه والتربيه العيليه كلاهما تكونان خانقه ... والآن تعتبر كل من الاسره والمدرسه مؤسسين متكامليين اذ تؤمن كل منهما وظائف متعارضه , فمقابل التدرج المنزلي , تؤمن المدرسه المساواة بين اولاد من السن نفسها , وهي لاتنمي المشاعر بل الادراك , وان القيمه التي تلهمها ليست الحب بل العدل ..
لانستطيع ان نسلم اليوم بعلم تربيه يرتكز على الحب .. شأن علم التربيه الذي نلقاه في كتاب الوليمه الافلاطونيه : فالحب هو الايثار والمعلّم يلتزم بجميع تلامذته بالتساوي , الحب يوجب المبادله وان المعلم غير جدير بالتعليم اذ لم يعتبّّر عزّة النفس هي الاولى لدى الاولاد , التي تقوم في التصرف بمشاعرهم الخاصه .. اذا كانت الاسره الحديثه تضطلع في التربيه (( تنشئة المشاعر )) فهي تضطلع ايضا" بالوظائف الاخرى اجمالا" , وهي تلقن وتنشىء وتعلّم , بيد انها سرعان ما ترى نفسها غير كافيه لتلك المهام التي تؤلف التعلم والتي تأخذها على عاتقها مؤسسات خاصه تطابق كل ّمنها نوعا" مختلفا" من التعلم ..
المبحث الثالث :
التربيـه والسلطـــــه
كان ولا يزال وسيبقى موضوع التربيه مادة" لآراء ومبادىء لحقل الفلسفه والتفلسف ... وقد يطول البحث والكتابه فيه لدينا ... ولكني ارغب ان انهيه بالتطرق الى موضوع المشكله الرئيسيه في موضوزع التربيه ... الا وهو موضوع (( السلطه في عملية التربيه )) .. الذي يعتبر اداة التربيه الاساسيه منذ ان كانت , وهو, اي السلطه : الاداة او الموضوع المحوري الذي تدور حوله اغلب بحوث فلسفة التربيه ... فالتربيه كانت ولا زالت تتم بكافة اساليب السلطه الابويه المقبوله سلطة الحب .. او سلطة المدرسه والقانون والنظام .. بالتلقين ... التهديد .. الترغيب .. بالرضاء او عدمه ... بحيث ينتج او يعطي المعلّم او المربي نسخا" اصليه او محسنة عنه .. فهم لا يربون اجيالهم الى زمان غير زمانهم , وان رغبوا او اعتقدوا او ظنّوا انهم فاعلين ذلك .. فهل يمكن ان تتم عملية التربيه بأسلوب آخر .. بالمشاركه والمبادره والالتحام بالحياة والبيئه ... وان يقوم كلا المربي والمعلم .. والتربي والمتعلم بتبادل الادوار وبدون اية سلطه , ان يقوما بتبادل الادوار واقتراح المناهج والمواضيع وبشكل متجدد ومتطور بالادوات والاساليب ..
السلطه : ماهي : هي القدره على ان تطاع .. وان تكون تلك القدره تعتبر مشروعه ... اذ بدون تلك المشروعيه تصبح السلطه حيله او عنف .. ... فالعمليه التربويه تعاني من سلطتي الاب والمعلم .. فهو خضوع بالرضى المستمر لدى من يخضع لهما ... وخطورة معاناة السلطه هي في ان تجعل العمليه التربويه عملية استنساخ وتكرار لما يريده الابوان والمعلم , وتربية الاولاد على ما درجنا عليه .... ان السلطه المربيه لا تكون جائره لأنها سلطه محبه بالاساس ... فلا يمكن ان تقوم عمليه تثقيف بغير ان يتم نقل ثقافه ... وهذا لا يمكن ان يكون ممكنا" بدون سلطه جبريه ..فان عزمنا ان نربي( الولد ) من اجل هدف لايذهب اليه من تلقاء نفسه , فيتحتم ان نلجأ الى نوع من السلطة ... ليست ديمقراطيه ولا عقليه ... ولكن الى هيبة الاسره او المدرسه ... وعلى الولد الطاعه دون ان يختار او ان يفهم ... فنحن نوشك ان نخنق الولد ذلك العقل وتلك الحريه اللذان نزعم اننا نربيه من اجلهما ..
الانسانيه والتربيه : ... ان الانسان حيوان ولد قبل(( الميعاد )) .. فجسمه كله غير كامل .. وان عليه ان يتعلم كل ما سعت الحضاره اليه .. آلاف السنين للحصول عليه من لغة .. وفكر .. ومشاعر .. وفن ... واخلاق ...

فالفطره او الطبيعه الانسانيه لا تكتمل بمعزل عن التربيه ... وان الانسانيه ليست وراثه طبيعيه ؟؟ بل ميراثا" يتختم على كل انسان ان سيعى اليه .. وان كل انسان ليس ما هو عليه الاّ بالتربيه ... اي فقط بالتربيه نستطيع ان نصنع انسانا" .. والبشر يختلفون في اذواقهم ومشاعرهم وفئاتهم الفكريه والاخلاقيه تماما" كما تختلف التربيه التي تلقوها .
التربيه من اجل المجتمع ؟ ام من اجل الولد ؟!
ان المشكله الفلسفيه العظمى التي لايمكن اي علم ان يحلها ... ولكن كل انسان او مربي يطرحها فور ان يعهد اليه في التربيه ... وهي كيف السبيل الى ايجاد غايات التربيه ؟ فالتجريبيون لا يعترفون او يقرّون باية قصديه في التربيه ... كأن نقول :: اننا نربي الولد للمجتمع ... .. اما انصار الطبيعه فهم على النقيض , يريدون ان تتم تربية الولد لنفسه لكي تخوله ان يتفتح .. وانه من الظلم والخطر اخضاع الولد لقواعد ليست ملكه , فليس ذلك تنشئته بل تشويها , وان التنشئه احترام ذلك الشكل المتأصل في كل ولد .. اننا لانربي الولد كي يبقى ولدا" , كما لانربيه لنجعل منه (( عاملا" ومواطنا" )) .. وانما نربيه لنجعل منه انسانا" , اعني كائنا" قادرا" على التبادل والاتحاد بكل ما هو انساني ... فالآثار الجماليه الكبيره . والقوانين العلميه والقيم الاخلاقيه ليست اجتماعيه بل انسانيه ..
نحن نرفض تربيه مجبره اي اجباريه لا تهدف سوى الى الامتثاليه الاجتماعيه , كما نرفض تربيه فوضويه توشك ان تحجز الولد في دور الطفوله , بل وكما قال ( ديووي – فيلسوف التربيه الديمقراطيه الاميركيه ) :: .. هو ان نخول كل فرد الاّ يوقف تربيته على الاخلاق .
ان التعليم التقليدي , وفي عصر يفتقر اكثر من اي وقت آخر الى ابداع , .. فانه لا ينشأ او ينتج الاّ امتثاليين او متمردين ... ان من المهم ان يتحرر المشاركون بالعمليه التربويه من قلقهم الذي ينتج خاصة" من السلطه التي تقوم بها او نرضخ لها .. فيجب حل وتفكيك جميع علاقا السلطه التي تسبب في الجماعه التشويش وايقاف التطور ... فعندما يتخلص المشاركون في العمليه التربويه من قلق الطاعه او الرئاسه , وعندما يقبلون بانفسهم على ما هو عليه , فانهم يقبلون بالآخرين ويستطيعون القيام بالتبادل لانهم متحررون .. فنرى ان يتم رفض سلطة المعلّم ... لا المعلم ومنفعته , فالمعلم يجب ان يضع تحت تصرف الطلاب معارفه ووسائله .. ولكن بدون ان يفرضها عليهم . ويثق بالفاعليه والحيويه الخاصه بالجماعه ثقته (( بنمو )) كل فرد , لكي يخوّل الابداع ان يتفتح . فالمعلم هو مستشار تقني الذي يمنح , بناء على الطلب , جميع المعلومات المنشوده ... وهو المرشد الذي يقي الجماعه من كل تحكميه , والمنشط لان شوقه الى التعلّم , هو افضل حافز ...
بلا شك ان التعليم هو حق : بصفة كونه بالذات واجبا" .. لكن هل يعني الواجب ان افرض على الغير خبرتي واعتقادي وعملي .. وان احتكر حق الكلام ؟؟ .. اليس في استطاعتنا ان نجد علم تربيه يكون فيه التعليم مهمة اللذين يتعلمون بالذات ... ويكون مركزا" على تعليم الذات لا على التعليم .. .. ويمكن ان نذكر للمعلم ثلاثة مواقف :
1- موقف المعلم الذي يتكلم وحده .. فيرفض كل اعتراض وكل سؤال ..
2- موقفه في منح الطلاّب .. حق الكلام اذ نسلّم بان في استطاعته ان يكونوا على صواب من المعلّم لا على المعلّم .
3- موقف الحوار : اي التبادل حيث يوشك المعلّم ان يخطىء ..

انّ كلا" من التربيه الفوضويه والتربيه المتسلطه .. يخطئان الهدف الذي يقوم في ان نخوّل الذي نربيه ان يكون عضوا" راشدا" في الانسانيه :
آ – لأنها تجمد الولد في طفولته .
ب- توشك ان تجعله متباطئا" عن الانسانيه بوسائل .. فعوضا" على ان تحرره .. فانها توشك ان تجعل منه قاصرا" الى الابد .

نرجو ان نكون قد وفقنا في ان نبين جانب من الوجه التربوي لمقولة .. الامام علي بن ابي طالب – عليه السلام ..
(( ربّوا ابنائكم على غير ما درجتم عليه لأنهم مخلوقون الى زمان غير زمانكم ))



#هادي_ناصر_سعيد_الباقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياحوت البلاّعه هدّي بلدنا ابساعه ...
- الكوليرا والجمره الخبيثه والاوبئه في العراق
- ثورة اكتوبر الاشتراكيه ___ والسلام --- ورأس المال
- محاولات لاستنزال المطر ضد ارادة الطبيعه
- ذل الحاجه وذل الطلب
- حق المواطن في الموارد والتنميه
- أمّن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء -- على ابواب وباء كبير ...
- منظمات المجتمع المدني الغير حكوميه بين الانانيه و( الحراميه ...
- من بغداد الى أيران و من المستشار الى ___ ابو زينب
- وباء الكوليرا
- الثقافه النسويه في العراق
- ثقثقافة الكراهيه Hatness Culture
- تكملة --- البحث عن محددات ومقاييس لاكتشاف التلوث البيئي
- كيف نستدل على وجود تلوث البيئه -- المحددات
- من اجل مفوضيه عليا لمنظمات المجتمع المدني
- من عجائب سلوك المخلوقات
- جهاز الاداره الحكومي في العراق .. عدو المواطن .. والوطن
- طرق الحياة يدفعنا بها القدر
- فخامة دولة السيد رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي المحترم - ...
- الحمى الصفراء Yellow Fever او القيء الاسود(( الحمى التي هزمت ...


المزيد.....




- سعيد يأمر باتخاذ إجراءات فورية إثر واقعة حجب العلم التونسي
- بايدن يخطئ مجددا و-يعين- كيم جونغ أون رئيساً لكوريا الجنوبية ...
- شاهد.. تايوان تطلق صواريخ أمريكية خلال التدريب على المقاتلات ...
- عشرات الجرحى جراء اصطدام قطارين في بوينس آيرس
- في أقل من 24 ساعة..-حزب الله- ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل مستخد ...
- مرجعيات دينية تتحرك قضائيا ضد كوميدية لبنانية بعد نشر مقطع ف ...
- شاهد.. سرايا القدس تستهدف الآليات الإسرائيلية المتوغلة شرق ر ...
- شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة بشرق خان يونس
- واشنطن: -من المعقول- أن إسرائيل استخدمت أسلحة أميركية بطرق - ...
- الإمارات تستنكر تصريحات نتانياهو بشأن -مشاركتها- في إدارة مد ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هادي ناصر سعيد الباقر - ((ربّوا اولادكم على غير ما درجتم عليه لأنهم مخلوقون الى زمان غير زمانكم )) (( في التربيه والتعليم ))