|
زمن التغيير
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 2469 - 2008 / 11 / 18 - 10:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جاء حين آمن الشعب الأمريكي بضرورة التغيير ، وحين آمن بان قواعد اللعبة السياسية في واشنطن يجب ان تتغير ، فالشعب عندهم يريد الخروج من دائرة المجهول أو اللاعلم ، التي عاشها في حروب عبثيه وصراع لم يحقق ماهو مطلوب منه بالفعل . فجملة القضايا التي كان لأمريكا دور الريادة فيها ضاعت وتبخرت أحلام الملايين ، كقضية الحرية وقضية العدل وقضية السلام ، والموقف من قضايا الشعوب ومطالبها في الإستقلال وتقرير المصير ، ولم يُلتفت بجد نحو بناء مجتمع التقدم والرفاهية بل زيد في حماية دول ترعى الإرهاب وتمد عناصره بأسباب القوة . زمن التغيير حين أعترف الشعب بخطأ القيادة تقليد يُحسب للشعب الأمريكي دون سواه من شعوب العالم ، و هو يعني عندهم العودة للقيم التي نادى بها إبراهام لينكلون وتحرك على ضوئها قطار العولمة صعوداً مع بيل كلنتون ، لكننا نعترف إن هذا القطار تاه في صحراء البحث عن المجهول ، أو في خلق صور وقيم بعيدة عن تلك التي تنهجها أمريكا .
نقول هذا إيماناً منا بالدور الواجب على أمريكا ان تضطلع به في منطقتنا والعالم ، إذ إن شعوب العالم المتنوع تنتظر بشغف حركة هذا القطار ، لكن لُيحدد أولاً مساراته وماهو مطلوب منه ، فمنطقتنا العربية وشرقها الأوسط على سبيل المثال يئن من مشكلات جسام لم تحسم بعد ولم تجد لها حلول ، وهذا يعني تراكم المشاكل في وعي الناس وسهولة تصديق التُهم السيئة عن أمريكا وعن دورها وأزدواجية المعايير لديها ، ونحن نعلم إن هذه مع غيرها تُشكل سدود في طريق التغيير ، تُلهي مُخطط التغيير عن أهدافهم ليسيروا في حارات ليست مطلوبه ولا مُراده ولا مقصودة في الأصل .
ومنطقتنا إيضاً أُدخلت في حرب مع الإرهاب من دون تحديد شكله وطبيعته ، ومن دون التفريق بينه وبين النضال الشعبي ضد الأستبداد والدكتاتورية ولهذا أُستغل موضوع الإرهاب في قمع الشعوب وحرمانها من نيل حقوقها ، فلم تُحدد آليات عمل الحكومات ضد الإرهاب ولم تحدد الوظائف والأطر الواجبة في ذلك ، وبدى لمن أضطلع بهذه المهمة وكأنها فتونه وبلطجة لا غير ، من دون حساب للأبعاد الأربعة التي تُحدد حركة السياسة والعمل السياسي في مجتمعات متنوعة ذات ثقافات مختلفة .
وغرق العراق في المجهول فتبدد الحلم وتاهت شعارات الديمقراطية فيه إلى محاصصة وطائفية وجهل وقتل ودماء تسيل كل يوم ، وفُقدت فيه روح المواطنة والشعور الوطني الصحيح ، وخروجت أهداف التحرير عن مقاصدها حتى شُرعنّ التمزق في لحمة الوطن الواحد والشعب الواحد ، حصل هذا كله حينما نست أمريكا ماعليها من واجب وحقوق وقيم ونست معاني الأنفتاح الأممي ليحل محله الإنغلاق ، والتردي والجهل ، وسوء المعاملة والتطرف ، وزيادة شحنات الإرهاب وتمدد كرياته السرطانية لتطال أجزاء من العالم الحصين .
إذن هي غلطة تبعتها غلطات جسدت عمق الهوة بين الشعارات والأهداف والنوايا والمصالح والرغبات ، هذا الغلط تبناه جيل هم كل من تتابع على حكم العراق ، ويكأن هذا الغلط هو تكرار أو إعادة إنتاج للأيام السود ، وحكومة الحزب الواحد والفرد الواحد وعادت إلى الذهن والذاكرة نرجسية العقم والتخلف وسوء الإدارة ، والولع المقصود في تبديد الثروة وإحتقار الشعب ، وكذا في التجييش والتجييش المُضاد .
وهنا نقول مع غيرنا لقد فقدنا الأمل بالمستقبل وضيعنا الحاضر وكتبنا تاريخاً أسوداً كل مافيه دماء وحروب وغزوات وصولات على الآمنيين ، نلاحظ هذا في طبايع الغدر والخيانة والتآمر وحيل الجهلة وسطوتهم ، جهلة جيء بهم في زمننا الأغبر هذا جيء بهم على عراقنا المُثقل بالجراح ..
من هنا يبدو إن زمن التغيير وأوآنه هام ، خاصة حين يرفعه أو ينادي به رجل سوف يقود العالم على طريقة تبدو مغايرة ، وإن تحقق ذلك الزمن فسيكون للكلام معنا ، تحدد على أساسه مصير شعوب وتقرر فيه حركة نضال ، لأن هذا التغيير سيعمل على نشر قواعد الديمقراطية من دون المساس بقيمها ، في أسلوب أخر وسيعالج إختلالات العالم بروح تبدو جديدة .
فزمن التغيير قادم كما أعتقد ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين ... بين السياسة ورجاله
-
الليبرالية والدين
-
الأمن ومستقبل المنطقة
-
الإتفاقية الأمنية والمرجعية الدينية
-
صور الارهاب - القرضاوي نموذجاً
-
الفرقة الناجية – إشكالية المفهوم والدلالة -
-
إعادة النظر في مباني التفكير الديني
-
شهر رمضان
-
أوباما وخيار التغيير
-
كركوك ومفهوم المبادلة
-
وحدة الليبراليين في العراق
-
لماذا تغيب ملك الأردن ؟
-
مأزق الديمقراطية في العراق
-
فرض القانون .. بشائر السلام
-
قانون الشرايع لدى فلاسفة اللاهوت
-
إيران مرةً ثانية
-
مؤتمر مكة للحوار
-
العراق وامريكا .. إتفاق من أجل الحياة
-
عبد الرحمن الراشد ومنطق العصبية
-
رؤية مغايرة للكتاب المجيد
المزيد.....
-
مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن
...
-
الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم
...
-
الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
-
التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد
...
-
حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
-
الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
-
ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
-
بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
-
هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
-
وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|