أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد محمود القاسم - الأديبة صابرين الصباغ والقدرة على تقمص الشخصيات















المزيد.....

الأديبة صابرين الصباغ والقدرة على تقمص الشخصيات


احمد محمود القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2463 - 2008 / 11 / 12 - 06:11
المحور: الادب والفن
    


الأديبة صاب
صابرين الصباغ، أديبة وشاعرة مصرية عربية، من مدينة الاسكندرية، عضوة اتحاد كتاب مصر، والكثير من النوادي والاتحادات الأخرى، وحاصلة على العديد من الجوائز في القصة، صدر لها مجموعة قصصية بعنوان: (وصية أم)، و(تكات الخريف)، و(الفرار إلى قفص)، ولها رواية بعنوان: (تموت الملائكة)، وايضا مازالت تواصل دراستها في الجامعة .
تمتاز الأديبة والشاعرة صابرين، بتنوعها في كتاباتها، بين كتابة القصة القصيرة، وكتابة الخواطر، والشعر المنثور، وتغلف كتاباتها دائما باحساس رقيق، وحوار متقن، تعبر عنه بشفافية واضحة، عن صراع التناقضات في الحياة، وبكلمات موسيقية عذبة، ومنتقاة بدقة واتقان، وتعبر لك عن خلجات ما يدور في نفسها وجوانحها، بأسلوب أدبي راقي، رمزي وغير مباشر، افكارها ابداعية، تلتقطها من واقع شخصيات في الحياة المعاشة، كما تحتوي كتاباتها على الكثير من الصور التعبيرية الأدبية الجميلة، والعواطف الجياشة، تفتح لك الباب بشكل موارب، وتدعك تتسلل بالدخول، الى داخلها ببطء شديد، وفجاة تعرف انت الى اين وصلت بك، فتفهم هدفها ومرادها.
في لقاء معها غير مباشر، لم يكن معد له مسبقا، بشكل جيد، تحدثت معها عما يدور في خلجات نفسها من صراعات، وما تود ان تعبر عنه في مسيرتها الأدبية والشعرية، وفي كتاباتها المعبرة كثيرا، دار بيننا حديث هاديء ودافي، وبعفوية مطلقة، تفاجأت به حقا، لم اكن اعلمها مسبقا بمضمونه، حتى اعرف ما يجول في خواطرها بعفوية وبصدق، ولم اقل لها انني اود نشره عبر الشبكة العنكبوتية، ومنتدياتها وصحفها الألكترونية، وكان هذا ما جرى بيني وبينها من حديث وحوار:
قلت: منذ متى تكتبين الشعر والنثر والقصص والخواطر؟
قالت: منذ اكثر من عشرين عاما.
قلت: وما هي رسالتك في الكتابة؟؟
قالت: نشر الحب والود والتفاهم والانسجام، بين الناس بشكل عام، وداخل الأسرة بشكل خاص، والتعبير عن معاناة بعض الشخوص في المجتمع.
قلت: تكلمت في كتاباتك عن شخصية الخادمة ومعاناتها، وعن مشكلة واحساس زوجة عقيمة وزوجها، والعروسة في يوم حنائها، وما يتبعه من طقوس وعادات وتقاليد، وعن امراة مصابة بسرطان الثدي، ومعاناتها اليومية وما ينتاب احساسها، وعن امرأة قذرة بكل ما في الكلمة من معنى، وامرأة في حالة ولادتها، وامرأة تعاني من الوحدة القاتلة، وعن مرحلة الشيخوخة وما يدور في فلكها، من مناكفات ومماحكات زوجية، وغيرها من الشخصيات المعروفة في المجتمع العربي بشكل عام، والمصري بشكل خاص، هل انت حقا تتكلمين عن واقع عايشتيه بصدق؟؟ ام انك تتقمصي تلك الشخصيات، وتعبري عن بواطنها وخلجاتها، وما يدور ويحرك شخصياتها؟؟
قالت: (ضحكت كثيرا من سؤالي) وواصلت، انا لدي ولد وبنت في الجامعة، وولد آخر في المدرسة، فكيف بالله عليك؟؟؟ كيف انا اكون سيدة عاقر، كوني تقمصت شخصية امرأة عاقر، وكتبت عن شعورها وما يحدث بينها وبين زوجها من حوارات؟؟
قلت: وشخصية الخادمة؟؟؟ هل فعلا اشتغلت خادمة ايضا، في يوم من الأيام؟؟؟؟
قالت: (ضحكت كثيرا) ثم قالت، يا سيدي معقول هذا؟؟؟ انا سيدة وزوجي مدير شركة كبرى، واعمل خادمة!!!!! (تواصل ضحكاتها بشكل متقطع)، وتابعت القول، انا كتبت رواية عن ظروف شابة عاهرة، (وبسرعة قبل ان تكمل حديثها) قالت: ارجوك، اوعي تفتكر انني ....... لا سمح الله، (واصلت ضحكاتها بشكل متواصل أيضا، وعالي جدا).
قلت: دقتك، في تقمص الشخصيات، والتعبير عن ظروفهم بشكل جلي وواضح، شوقتني كثيرا لمعرفة شخصيتك وعملك؟؟؟
قالت: ياسيدي، انا اتقن تقمص الشخصة، وأراها في أحيان كثيرة أمامي، وأتفاعل معها بشكل عميق، وأحس بها جيدا، لذلك، أعبر عن مكنوناتها بصدق واخلاص، وليس شرطا ان اكون مارست عمل او دور تلك الشخصية وخلافه.
كتبت الأديبة والشاعرة الرائعة صابرين، بعضا من خواطرها، وهي تجلس في شقتها على احدى شرفاتها، وتراقب شرفتين تطلان عليها من عمارتين قريبتين منها، وتتخيل ما يدور بداخلهما من احداث، على ضور بعض مؤشرات تصدر منهما يوميا، لنقرأ ما يدور بخلجات نفسها بعنوان: شرفات:
أصنعُ قهوتي، أخرج إلى الشرفة-محيط إبداعي-أستقل موجة نص جديد، أغوص في عمق عبارة، أمرح على سطح معنى شيق، على الوجة المقابل شرفتان، لم أتلصص عليهما-ولم أحاول-كأن الجدران زجاجية، بل ربما البيوت تقيأت أسرار أصحابها ..زوج وزوجة بنيا هرم حياتهما من أحجار السنين، تطاول البنيان، حتى شابت قمته، سكون يضج به المكان، الأثاث يحترف لغة الصمت، الستائر أصابها شلل السنين ..يجلسان في الشرفة، بيد كل منهما كوب شاي، ينظر إلى الشارع، و هي تجلس خلفه بيدها كوبها، يرتعش خوفاً من سقوطه، صمتها جعلها غير مرئية له،تضع يدها على فمها لتأسر لسانها عنوة، يسير كوباهما في رحلة شاقة، لتتمكن من الوصول إلى أفواههما، قد تبرد حتى تصل، تغيب هناك، لتستريح من عناء الوصول، أو يبثان لها شقاء العمر الطويل، ترهلات زمنهما القاسي ..في الشرفة الأخرى، تبدوالحياة فيها لعوباً، الأثاث يتراقص على ترانيم عشقهما، الستائر باسمة الوجة، موسيقى وصخب للمشاعر، يعدوان خلف بعضهما للإمساك بالحب، يراوغهما في لعبة عشق مسلية ..
كل يوم أشاهد؛ حتى صرت أتنبأ أحيانا بما يحدث في الشرفتين، تغلق الأيام بيديها القاسيتين شرفة السكون؛ لتصمت صمتاً أبدياً،الشرفة الأخرى تهدأ فيها الحياة، لم يعد هناك عدو خلف الحب، نضج وسكن في القلوب واستكان، صار صوته همساً، أرفع فنجان قهوتي، الذي يئن في رحلته الشاقة؛ ليصل إلى شفتيَّ مرتعشاً، خوفاً من سقوطه.
تكتب صابرين عن وحدتها، فتقول بألم وحرقة، عما يعتريها في هذا الموقف، من ملل وسأم ورغبات تتصارع بداخلها:الحياة، ورقة وحيدة، تذبحني الوحدة بسكينها الحامية، تمزق أوصالي، تفترسني بشراهة عجيبة، أتمزق، وتسيل دمائي، فتلعقها، دق جرس الباب، رأيت من خلاله رجلاً، عرفت أنه من قسم الشرطة، صعقت عندما سألني عن اسمي، لكِ تلك الورقة، أخذت الورقة، أحسست برعشة تسري في كياني، كأنها زلزال، مركزه هذه الورقة، وأنها ستدك عمري كله، أصبح زوجي كأنه فوهة بندقية، تطلق طلقة نارية، تقتل بها حياتنا.
تسيل من عيني دمعة ملتهبة، فاقت حرارة الشمس، كلما أغلقت جفني، صارعتهما دمعة جديدة، تريد أن تنزلق لتلقى مصير أختها.
شعرت أنني على متن سفينة غارقة، لا سبيل لإنقاذها، بعدما فر الربَان، وتركني أصارع الأمواج وحدي، في هذا الخضم، وجدتني أركب إحدى أمواج الماضي، وأعود معها.
رأيتنا معاً، تغمرنا السعادة، إن فتحت عينيّ أرى الدنيا ترتدي أجمل ثيابها، إن غفوت، فأحلامي كلها جميلة، صرنا نشرب من ينبوع السعادة حتى الثمالة، يطفو على سطح السعادة سؤال، سألني وسألته، أين طفلنا؟ نظر كل منا للآخر، وعلامة الاستفهام تلتف حول أعناقنا، من منا الذي لم يعط جواز مرور لطفلنا؟؟؟ وأعاق حضوره.؟
ذهبنا إلى الأطباء، أجرينا الاختبارات اللازمة، انتظرنا النتيجة.
هي عقد من الماس، يزين جيد كل النساء، بكيت أيامي وأنا أنتظر، هل أنا ولود؟؟؟؟ أو أنني شجرة عقيم؟؟ ؟ لا تصلح إلا أن يستظل بظلي، أو أن أبتر، فأكون مثل قطعة خشب، تُحرق، فتصير رماداً، هل أبتر؟ وأنا ليس لي فروع جديدة، أو ثمار تملأ حياتي بهجة.؟
يجلس شارداً أمامي، ينظر كل منَا للآخر بعيون الصمت، كأننا نرى بعضنا لأول مرة، ورقة التعارف بيننا، هي نتيجة الاختبارات، نعم نحن في سباق، كل منا يتمنى الفوز على رفيقة، حياتنا بها عطب، لا يريد أن يكون هو سببه، ولا أنا.
ذهبت إلى الطبيب، قرأت عينيه قبل حديثه، أنا أرض بور، لن أنبت أو أثمر.!
ماتت داخلي الأمومة، انتحرت، ارتديت ملابس الحداد، على رفيقتي الراحلة .
شعرت برحمي يضمر داخلي وينكمش، يستحي مني و يبكي؛ لأنه لا يصلح لأن يكون دنيا لصنع وليدي، عدت إلى المنزل، وجدت زوجي، وعلى وجهه، رسمت نشوة النصر، أنظر إليه بنظرة استعطاف، لكن، كنت أسيرة، وهو كأمير منتصر، سعيد بفوزه .
!تركني وحيدة، أحمل عقمي الذي صار رفيقي، بعدما رحلت أمومتي بغير عودة، أغلق الباب، بعدما رمقني بنظره، يقول فيها :
لن أكمل عمري معك، فأنت نصف امرأة، مجردة من الأمومة، بئر جف ماؤها قبل أن يرويني، أعود إلى مشاعري الممزقة، وقد لففتها في ورقة .!
تتابع الأديبة والكاتبة صابرين، في خلجات، تتصارعها، وتعبر عنها بأيحات رمزية راقية، عن خريف عمرها، لنقرأ ماذا تقول، عبر تكات الخريف.. خريف عمرها:
في قلب الليل، أسمع: (تك تك)، تكَات خفيفة، كصوت طرقات حبَات المطر، على زجاج غرفتي، لسنا في الشتاء، بل يعيشنا أغسطس.أسترق السمع، تكَات لا تتغَير.
قلت: لعلها الساعة، تلك الرابضة فوق جدران سنيني المزعجة، خاصة في الليل، التي تصمت نهاراً، و تثرثر عندما يجن الليل. نهضت من فراشي، أخرجت منها البطارية، تنفست الصعداء، أستطيع الآن النوم بلا إزعاج .!
أغلق عيناي، أعود أسمع .... تك تك .! أنظر إلى الساعة، ماتت عقاربها.
دفنت رأسي تحت وسادتي، لكن الصوت يتسلل؛ ليطعن أذني، شققت صدر غطائي، نهضت أتتبع أثر الصوت.ذهبت إلي المطبخ ...
أتحسس صنبور المياه المزعج، مددت أصبعي في فوهته، قلت لعله يهاب الظلام، بدأ يخاف، يعرق بقطرات مياه تصدر تكات خوف، لكنني، وجدته جافا، ليس قطرات عرق، ولا حتى لعابا يسيل من فمه. أسير في اتجاه الصوت ....يشتد الصوت كلما اقتربت من الكرسي العتيق، رفيق عمري، تعلو تلك التكات أكثر، أكثر...أربت على ظهره، أحادثه، أتذكر يوم اشتريتك، كنت تشع شباباً ورونقاً، تقف وسط الأثاث متباهياً مختالاً، الآن ينخر السوس عظامك، فتتآكل وتموت، أعذرني صديقي، يجب أن أتخلَى، وأنا أبكيه، أنتظر؛ لأجد أنه قد غاب الصوت بغيابه، أطفئ الأنوار، ألوذ إلى فراشي، ما هي إلا لحظات، وأسمع :تك.. تك .!
في موقع آخر، من كتاباتها المتنوعة والرقيقة، والجميلة والممتعة، تتقمص دور الخادمة، وما يحدث لها، أثناء تنقلها اليومي، لخدمة الأسر، من شقة الى شقة فتقول:
أعملُ خادمة متنقلة، أنظف كل يوم بيتاً، أمتطي قطاري كل يوم، أترجل منه في محطة منزلية، صاحبات المنازل، كل منهن، لها شكل وطبع، الحنونة، التي تعدني واحدة من أهل بيتها، تحسن إليَّ، منهن الجافة، التي تشبه قطعة خبز جافة، تجرح مشاعري، البخيلة، التي تطعمني طعاماً قديماً، وتأكل وعائلتها الطعام الطازج.
أنظف غبار منازلهن؛ لأنظف غبار الفقر عن أولادي !أعود كل يومٍ منهكةً، بعدما أوزع بريق قوتي على بيوتهن، يأتي سيد آخر، ينتظرني كي يتقاضى ثمن صحتى وقوتي، يأخذ نقودي تاركاً لي، وهني وشقائي، أستجديه أن يعمل، لكنه اعتاد الاسترخاء على شواطئ شقائي، يوماً، طفح الكيل، ألا تعمل لأرتاح بعض الوقت ؟ النساء كلهن، يرتحن فى بيوتهن، مللت خدمة المنازل، ضعفت أرجل سنيِّ، ولم تعد تحملني !!
هل وجدتُ عملا ولم أعمل؟؟؟ تحرك، لا تقف هكذا، الصحة تتصارع على أعضائك والتعب يأكل فتات عمري ..ماذا أفعل ..؟
يضرب الباب في وجهي، لن أخرج للعمل، عليه أن يبحث هو عن طريقة ينفق بها على الأولاد. أول يوم، حان موعد ذهابك إلى العمل، استيقظي ..لن أذهب .... أنا مريضة.
يأكل الأولاد ما تبقى من طعام في البيت، أشعر أن أعضائي هدأت، استراحت، في إجازة رسمية، لم أعلنها، لم تتخيل أن تحظى بها.
اليوم الثاني ...أنتِ .. وقت العمل، لن أذهب، لماذا؟؟؟ ألم تأخذي قسطاً من الراحة أمس ؟ كلا .. مازلتُ أشعر بالتعب، الغضب يجلس على مقاعد وجهه، يخرج، يلطمني بيد الباب على وجهي،أمي ... ماذا سنأكل اليوم؟ أذهب لأبيك بالمقهى، يعود أبني مكفهراً، كأنه عائدٌ من رحلة طويلة، بعدما فقد بعيره وزاده ..نهرني أبي، بعدما خجل أمام أصدقائه، تحملوا، حتى يحضر.يمر نصف اليوم ... ألم تحضري طعاماً للأولاد ..؟ من أين؟ لم أخرج للعمل .... تصرف أنتَ .. كيف ..؟ ومن أين لي ..؟ سُدت أبواب الرزق بوجهي ..كلا ... بل أنتَ من أدمنَ المكوث بالمنزل، خلعت أبواب الرزق، وبنيت بدلاً منها جداراً، بأحجار راحتك، ..يقفز شيطانه على وجهه، يوسعني ضرباً، حتى سال الباقي من قوتي، لأزيد إصراراً وعناداً .
ينظر إليَّ، ينتظر أن أخرج للعمل، لكنني لم أخرج، يستشيط غيظاً، أتشفى لشعوري بذلته، وقلة حيلته،أنظر من النافذة، أجد ابني يتسول قطعة خبز من أحد أصدقائه، أبكي بشدة وأخرج إلى ...
وفي غفوة حالمة، تحلم بأنها امرأة في حالة وضع فتعبر عن شعورها فتقول:
تتضخم داخل أعضائها، يضيق بها المكان، يعتصرها، فأتألم.!يحين وقت الولادة، أستعد، يشتد الألم، خبطات شديدة، تضرب كل خلجاتي، كأنَه إعصار مدمَر،!أدفع بقوة، أقلبها رأساً على عقب، إلى أن تستقيم، !يشتد الألم أكثر؟ أصرخ وأصرخ، ليضج بها المكان، أدفع أكثر وأكثر وأكثر، هاهى، هاهى، تخرج على الأوراق .!
تتقمص حالة مع زوجها في خريف العمر، حيث تسمع طرقات على الباب فتقول:
..شاب، شعر العمر، تهدمت أركانه، نجلس أنا وزوجي نسامر وحدتنا، نتذكر الأيام الخوالي ..هذا البيت الصامت، الذي كان يشع ضجيجا، يسعدنا، نلهو بأرجوحة، تسمى الحياة، ويوماً ..ألا تسمع طرقات على الباب؟ كلا لم أسمع شيئا ، هناك من يطرق الباب، لعلهم أحبابنا، قلت لك لا يوجد أحد، أرجوك، أنهم هم، قلبي يخبرني بهذا ..!
يذهب ويعود، ألم أقل لكِ، لا يوجد أحد، أرأيت؟؟ تباطأت في فتح الباب، فظنوا أننا بالخارج، ورحلوا، يا ترى!! متي سيعودون مرة أخرى؟؟؟ أعود لأسمع همس أعضائي؛ تئن ألماً من حمل تلك السنوات الكثيرة، ليلاً ... استيقظ،، هناك من يطرق الباب. أرجوكِ نامي، لن يأت أحد في هذا الوقت المتأخر، صدقني طرقاتهم هى التي أيقظتني. أرجوك، أنها تهيؤات، بدأت تبكي، ليصدق قلبها الذي سمع طرقات أحبابه .
رق لها قلبه، فنهض يحاول إيقاظ قدميه الناعستين، عاد ....قلت لكِ لا يوجد أحد .
لي ساعة أوقظك، حتى ذهبوا، يا ترى!! متى سيعودون مرة أخرى؟؟
تمر الأيام ليرحل آخر صوت، كان يشعرها بطعم الحياة، تنهشها الوحدة، وتقتلها سيوف الصمت، تسمع طرقات على الباب ...تستحث قدميها للسير، تتحرك الأولى، وتستجدي الثانية لتلحق بأختها، تعاندها، وبعد حروب طويلة، تصل إلى الباب، فلا تجد أحدا .
آه منكما صرتما هرمين، لا تقويان على حملي، والسير بي حتى الباب، ليتني فقدتكما فلا فائدة منكما، سوى تلك الآلام التي تنتشر بكما .
تجلس تفكر كثيرا، نعم إنها فكرة جيدة .
تدفع الكرسي العتيق الذي التهم جسد عمرها، وقد صار ثقيلا لا تقوى على دفعه ..! تحدثه،
تحرك، أتذكر عندما كنت ألكزك بإصبعي، فتفر مذعورا أمامي، وبعد معاناة طويلة، كأن الكرسي يلتصق بمكانه، ولا يريد أن يبرحه، أو أن الأرض تتمسك بأقدامه، خشية أن تفقد لمساته على وجهها ..!أخيرا يقترب الكرسي من الباب ..فتجلس عليه صامتة.
اما عن شعرها النثري، لنقرا ما كتبته في هذا المجال :
قالوا لي:أكتبي قصتكِ
فكتبتُ اسمكَ،لأني أحبكَ
صنع قلبي، ملايين الأقنعة، تُشبهكَ
ألبستها حروفي، أعلم أنك لا تشبهني.
فلماذا كلما نظرت لمرآتي؟؟؟ رأيتك !!!!!
وتصف حبيبها بكلمات قليلة معبرة جدا فتقول:
كالبحر أراك
أترنح، بدوارهمسكَ
تغرقني، دوامات غضبك .
وتظهر بعضا من مكنونات شخصيتها لحبيبها فتقول:
لاتتعجب إن رأيتني يوماً أبكي، ويوماً أضحك
فأنا كالزهرة، أزين يوماً عُرسا، ويوماً قبراً.
وتتوالى افكارها، فتقول بكلمات قصيرة معبرة :
لو كان قلبي محبرة
لجعلت
من صدر الحبيب
ورقة.
وتواصل الحديث اليه فتقول له:
أحتاجكَ
وأنا محبطة جدا، وسعيدةٌ جدا،
وما بينهما
احتاجكَ أكثر.
وتخاطبه مرة اخرى وتقول له:
كن كتابا رائعا
أحتفظ به.
ولا تكن
جريدة يومية.
وفي مقطع تشبيهي رصين تقول لحبيبها:
تمد أمامي،موائد هجركَ.
مملوءة، بما لذ وطاب
من أطباق العذاب، فيسيل لعاب عيني.
هذه هي الأديبة والكاتبة المصرية صابرين الصباغ، سيدة واديبة وكاتبة أسكندرانية، تمتاز بتألقها، ورقة وعذوبة خواطرها واشعارها وافكارها، تكتب بعفويتها، لكنها تكتب بعمق، وبخبرة، عركتها السنين، من خلال تجارب عاشتها طويلا، او من خلال تجارب صديقاتها ومعارفها، ومن خلال نظرتها الذاتية والموضوعية للأمور وللحياة، تكتب بعفويتها، وعلى هواها، وهوى سجيتها، فتبدعك وتمتعك، بكتاباتها، وأفكارها وبخواطرها، وبقصصها وباشعارها النثرية، وعندما تقرا لها ادبياتها واشعارها بتمعن وروية، تمتعتك أكثر، عندما تسمع ما كتبته من قصص وخواطر واشعار بصوتها الموسيقي العذب والصافي، كرقرقة صوت المياه العذبة، وهي تنساب من مجرى جدول ماء صغير.
تحياتنا للأديبة والكاتبة صابرين، تالقها وابداعاتها.
انتـــــهى



#احمد_محمود_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت في بيت لحم
- الوجه الآخر للكاتبة والصحفية والاعلامية اللامعة سلام الحاج
- تصريحات اولمرت/رئيس وزراء العدو الصهيوني ذات دلالات واضحة
- موازين القوى الفلسطينية –ا لإسرائيلية مختلة والوضع الفلسطيني ...
- الجرأة والصراحة في كتابات وأسلوب زينب حفني
- قراءة في رواية -موسم الهجرة إلى الشمال -للكاتب السوداني الطي ...
- قراءة بين السطور: لرواية (أحلام النساء الحريم) للكاتبة والأد ...
- قراءة في رواية (أنثى العنكبوت)
- لماذا رفض الفلسطينيون قرار التقسيم في العام 1948م
- وجهات إسرائيل الاستراتيجية بعد 60 عامًا على إقامتها -وثيقة م ...
- قراءة بين السطور في رواية زينب حفني (ملامح)
- النانو والثورة العلمية
- تقرير( مدار) الاستراتيجي في العام 2008
- قراءة في كتاب، قصة صبا الحرز (الآخرون)
- قراءة بين السطور في قصة (الأوبة)، للكاتبة والأديبة السعودية ...
- في الذكرى التاسعة عشر لاستشهاد القائد الوطني عمر القاسم
- مجزرة بلدة الطنطورة الفلسطينية والإجرام الصهيوني
- لغة الجسد وكيفية فهمها
- أحلام مستغانمي والكتابة في لحظة عري،
- ندوة بعنوان: جنرالات في مجلس الوزراء


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد محمود القاسم - الأديبة صابرين الصباغ والقدرة على تقمص الشخصيات