أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا















المزيد.....

صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 2452 - 2008 / 11 / 1 - 05:01
المحور: الادب والفن
    


الأربعاء,تشرين الأول 29, 2008

صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا

نافذة أثرية في بلدتي جيوس
بعدستي
[url=http://www.servimg.com/image_preview.php?i=94&u=12018225][img]http://i71.servimg.com/u/f71/12/01/82/25/dscf2610.jpg[/img][/url]
صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا
زياد جيوسي
بين الألم والفرح تدور عجلة الزمان، فأبحث في هذا الصباح البارد عن الفرح بالسير تحت الرذاذ، فقد بدأ موسم الأمطار يحمل في ثناياه خير كثيرا، واغتسلت رام الله بالمطر كما الوطن، فتطهر جسدها وروحها بكمية جيدة من الأمطار، أزالت بعض مما تراكم عليها في الصيف الطويل الذي سبقه موسم جفاف عانينا فيه من شحة الماء، وعكس نفسه على غلال الزيت والزيتون، فجاء الزيت شحيحاً في معظم المناطق.
ليلة الأمس حين توقف رذاذ المطر خرجت من صومعتي للسير في دروب رام الله، كان الهواء باردا، لكني كنت اشعر بالدفء يلفني، كان البرق يسطع بالغرب باتجاه ساحلنا السليب، دلالة على أمطار قوية، فتوقعت أن يصل المطر في الليل لرام الله ولكنه لم يصل إلا رذاذاً، فسرت بقوة وهمة عالية، متمتعا بالنسمات الباردة وجمال المدينة وهدوئها، وبعد تجوال سريع لعدة كيلومترات آويت لصومعتي وحيدا إلا من رفقة الحب والذاكرة، فالخريف يجدد الحب ويجدد الروح، فأشعر بأوراق تسقط مني كأوراق الشجر، استعدادا لولادة جديدة.
الأيام الماضية كنت أمر بمرحلة هدوء وانطواء، فلم أكن أخرج سوى للسير في شوارع المدينة في الصباح الباكر وفي الأمسيات، ولم احضر سوى فيلم سينمائي واحد في المركز الثقافي الألماني الفرنسي، شعرت به فيلما موجها يهدف فقط لإبراز أن شعبنا ليست لديه أية مشكلة بالتعايش مع المحتل ومستوطنيه، وسيكون لي حديث بمقال خاص عن هذا الفيلم، وقد بدأت أشعر أن هناك دورا خفيا يمارسه المركز المذكور بعد أن زاد عدد رواده وزواره، وقد استفزني هذا الفيلم حتى أني قدمت مداخلة طويلة لتبيان أهداف الفيلم السيئة، رغم أني قلة من الأوقات التي أشارك بها في مثل هذه الحوارات، لأخرج من هناك مع الصديق حسان البلعاوي الذي استُفز مثلي في لقائنا الأول بعد معرفة طويلة من خلال كتاباتي واطلاعه عليها، لنجلس حتى منتصف الليل بحديث ذو شجون كانت القدس وذاكرة القدس التي عشتها، واحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية تأخذ الحيز الأكبر من الحوار، وسرقنا الوقت حتى اكتشفنا انه لم يبقى غيرنا في مقهى زرياب الجميل، فاعتذرنا للعاملين الذين بقوا بانتظارنا ولم يظهروا تأففا ولا ضيقا من تأخرنا.
وها أنا أعود لأواصل ما انقطع من الذاكرة في الأحاديث السابقة، وتمسك ذاكرتي بيدي وتعيدني لأوائل سبعينات القرن الماضي إلى الشام مرة أخرى، فقد عشقت المدينة بطريقة غريبة، وقد كتبت عن ذلك في مقال صباحكم أجمل- شام يا ذا السيف، في الثلاثين من الشهر السابع لهذا العام، وفي دمشق كنت أصحو مبكرا وأجول في شوارعها، أتمتع بالسير لمسافات طويلة، كنت اتجه نحو حي من أحيائها وابدأ التجوال فيه حتى أحاول أن اعرفه كله، وفي العصارى أعود إلى وسط المدينة، احتسي القهوة أو الشاي بالنعناع على مقهى الفاروق الذي ذهب به الزمان، وأدلل نفسي أحيانا بنفسٍ من التمباك من تحت يد أبو سليم الفلسطيني الذي كان يقطن مخيم اليرموك، فعلى روحه الرحمة إن كان ميتا أو ما زال على قيد الحياة، وإن كنت أشك بذلك فقد كان في الخمسينات من العمر وأنا بأوائل العشرينات، وكان يحلو لي الجلوس معه حين لا يكن ضغط بالعمل عليه، فيحدثني عن ذاكرته وفلسطين وذاكرة اللجوء، ويحلم باليوم الذي يعود به إلى بلدته في شمال فلسطين، وإن كنت نسيت مع الزمن أي بلدة ينتسب إليها بالجذور، فأشعر بالدمعات تتدفق إلى عينيه وهو يحدثني، فما أن يجلس معي إلا وقلت له مقطع من أغنية: أهلا بالشيخ يحدثنا، فيجيب كما الأغنية: سأحدثكم، ونضحك معا.
كانت دمشق جميلة وبسيطة، كانت مساحات الأخضر تحيطها، وبعد ما يزيد عن ثلاثين عاما لم أراها، اسمع من أصدقاء لي هناك أن هذه المساحات الخضراء قد التهمها البنيان وغابات الاسمنت، وأن معظم ما في ذاكرتي قد عفا عليه الزمان، وأني بحاجة إلى ترتيب زيارة جديدة لبناء ذاكرة أخرى تقارن بين ما كان وما مضى.
كان يعجبني التجوال بحي الساروجة القديم واشعر فيه بعبق التاريخ، والذي يحمل اسمه من أسطورة تروى، ومع الزمن وجدت نفس الأسطورة سببا لتسمية بلدة طاروجة في محافظة نابلس وتسمية الفالوجة في فلسطين والعراق، وربما تكون سببا للتسمية في مناطق أخرى من أنحاء الوطن العربي الكبير، أما في الأمسيات فكان يحلو لي الجلوس دوما في قاصيون المرتفع والجميل، احتسي القهوة والشاي مع كتاب اقرأه مع النسمات العليلة، أو أحضر فيلما سينمائيا وخاصة في سينما الكندي التي كانت متميزة بأفلامها، أو أحضر مسرحية بأحد المسارح المنتشرة في المدينة، وقد أتيح لي بتلك الفترة أن أزور حلب وحمص وأجول بهما، كما أتيح لي أن ازور الزبداني وسرغايا والفيجة وعين الخضراء وهي من أجمل مصايف سوريا، ولكنها زيارات قصيرة لم تترك في الذاكرة إلا بعض من الملامح.
وذات صباح خرجت من البيت لأجد دمشق ترتدي حلتها العسكرية، فعلمت أن حرب تشرين قد بدأت، وكنت حاضرا على ملحمة مشرفة من القتال الشرس، وشاهدت بعيناي الطائرات الإسرائيلية وهي تتساقط أمام منظومة الصواريخ الدفاعية المضادة للطيران، فشعرت بالكرامة تعود للروح وذاكرة خروجنا مطرودين من وطننا ومن رام الله في حرب حزيران في الذاكرة، وفي تلك الفترة فقدت رفيقين في غارة على حي أبو رمانة، أوصلاني بالسيارة إلى منطقة المعرض واتجها هناك، فحصلت الغارة الإسرائيلية وارتقت أرواحهما شهداء للعلا، بعد أن تسللت الطائرات المغيرة من فوق بردى على ارتفاع منخفض ونفذت فعلتها، وشاهدت غارة فاشلة أخرى على موقع بطريق السويداء وكنت مع أصدقاء بسيارة نمر من هناك، فقفزنا إلى جنبات الشارع على الأرض حتى نهاية الغارة، وفرت الطائرات المغيرة بعد أن واجهت مقاومة عنيفة فلم تتمكن من أهدافها، ونجونا جميعا رغم أني كنت اشعر مع القذائف المتساقطة بأني ارتفع للسماء وأرتطم بالأرض، وبقيت بدمشق في تلك الفترة ورفضت أن أعود لعمّان، حتى توقفت الحرب وقررت الذهاب إلى بغداد للدراسة الجامعية، حيث كان اللقاء بحاضرة مميزة من حواضر العرب، سيكون لها أحاديث في مرات قادمة.
صباح آخر لرام الله، صباح أجمل يا طيفي البعيد القريب، صباح أجمل يا حروفي الخمسة، التي لا يمكن أن تفارقني وستبقى منقوشة في ثنايا الروح وتلافيف الذاكرة، صباح أجمل مع أمطار الخير والجمال وجولة الصباح السريعة في دروب المدينة، أتأمل بها رام الله والياسمين المتعربش على الحيطان وأقطف كالعادة وردتين منها، لي ولطيفي، فأضعها أمامي في صومعتي بيت الياسمين لأبدأ نهارا جديدا وحلما بصباح أجمل مع شدو فيروز: " أحب دمشق هوايا الأرقا، أحب جوار بلادي، ثرى من صبا و وداد، رعته العيون جميلة و قامة كحيلة، دمشق بغُوطتك الوادعة حنين إلى الحب لا ينتهي، كأنك حلمي الذي أشتهي، هوى ملئ قصتك الدامعة، تمايل سكرى به دمشق كشمس الضحى الطالعة، هنا و البطولات لا تنضب، تطلع شعب حبيب العلى إلى المجد بالمشتهى، كلل دمشق و أنت الثرى الطيب، غضبت و ما أجمل، فكنت السلام إذا يغضب".
صباحكم أجمل.
رام الله المحتلة 29-10-2008

مدونة أطياف متمردة

http://ziadjayyosi1955.maktoobblog.com/



#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زياد جيوسي بذاكرته يوثق اللحظة في الصورة
- صباحكم أجمل الطيبة ورفقة وطن ومطر
- صباحكم أجمل/ أرصفة رام الله والعشاق
- هذيان صباحي
- وداع الأم الياسمينة بقلم: خالد محاميد
- صباحكم أجمل وداعا يا أمي.. أيتها الياسمينة
- الرواد وكارفان وذاكرة السينما
- سمر حزبون: إبداع العدسة والجسد
- صباحكم أجمل حنين وذاكرة
- صباحكم أجمل شام يا ذا السيف
- سعاد.. للقاصة: عدلة شداد خشيبون
- صباحكم أجمل رام الله – عمّان والهوى
- صباحكم أجمل طير المسا
- صباحكم أجمل يا مختار المخاتير- ليالي الشمال 5
- صباحكم أجمل عائد إليها - ليالي الشمال 4
- صباحكم أجمل في رحاب خضوري
- حماس أسفل فلسطين.. فيلم: لوفاء جميل
- صباحكم أجمل/ الريح الحزينة
- خمس دقائق عن بيتي
- صباحكم أجمل كرم العلالي الكرمي ليالي الشمال 1


المزيد.....




- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا