أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال حمد - معاداة السامية قميص الصهيونية















المزيد.....

معاداة السامية قميص الصهيونية


نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 753 - 2004 / 2 / 23 - 04:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترزح اوروبا هذه الأيام تحت وطأة الإرهاب الاعلامي الموجه من قبل الحكومات الاوروبية والمبرج صهيونيا وامريكيا. حيث يقوم سفراء اسرائيل في العالم وبالذات في اوروبا بادوار محاكم التفتيش الصهيونية، ففي اسبانيا القديمة كانت محاكم التفتيش تلاحق اليهود والمسلمين، أما الآن في اوروبا الحديثة فمحاكم التفتيش اصبحت صهيونية اوروبية وتقوم بملاحقة المسلمين والعرب وكل من  يتحدث عن عنصرية ودموية اسرائيل.

 

 لم يمض وقت طويل على حادثة الاعتداء على معرض ستوكهولم حيث قام سفير اسرائيل في السويد بتحطيم لوحة بياض الثلج التي تتحدث عن الشهيدة هنادي جرادات وعمليتها في حيفا ، مع العلم ان اللوحة لم تكن لجانب الشهيدة بل كانت ضدها ، ويضاف لذلك ان الفنان الذي انجزها اسرائيلي يقيم في السويد منذ زمن طويل. لم تمض اسابيع قليلة على تلك الواقعة السوداء حتى قامت اليوم سفيرة اسرائيل في النرويج " ليورا هرتزل " (حفيدة المجري  ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية العنصرية والأب الروحي لدولة اسرائيل 1860 - 1904). بلفت انتباه ادارة غاليري مونار في العاصمة اوسلو حيث يقام معرض للرسم تحت عنوان " معاداة السامية باسم الرب"، الى أن لوجة الفنان  الامريكي "خريس ريدي" الموجودة في المعرض معادية لليهود وتتضمن اشارات معادية للسامية ، فقد ظهر في اللوحة كتابة اسم اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، و عند تقاطع الحرفين "سين"  (بالانكليزية) في الأسمين تحول الحرفان لشكل صليب معقوف ، وهذا الصليب هو شعار النازية.

 

تقول السفيرة الاسرائيلية في رسالتها لادارة الغاليري ان الرسم المذكور يربط بين النازية وكل من اسرائيل وامريكا ويحمل رسالة معادية لليهود. وطالبت السفيرة ليورا هرتزل ادارة المعرض بسحب اللوحة من دار العرض لأنها غير مقبولة. وقد اختار المدير و صاحب دار العرض "اندرياس انغلشتاد" التشاور مع مسؤول من الطائفة اليهودية في النرويج وهو " يوليوس بالتيال" أحد آخر اثنين من الناجين من المحرقة  "الهولوكوست" و اللذين لازالا على قيد الحياة في النرويج قبل ان يقرر بعد ذلك سحب اللوحة من المعرض.

 

الغريب في هذا المعرض أنه جاء لينتقد ويكافح معاداة السامية المتصاعدة ( حسب رأي اسرائيل واصحابها في العالم) بين المسيحيين والعرب. وكأن العرب من طينة اخرى غير طينة اليهود من أصول عربية، ألا يدري هؤلاء الذين يتحدثون عن معاداة السامية ان العرب ساميون وتعود جذورهم لسام ابن نوح وأن جد الفلسطينيين هو كنعان ابن سام؟!. هناك مغالطة واضحة وجهل في التاريخ وفي استعمال شعار معاداة السامية وربطه فقط باليهود واسرائيل ، فالعرب واليهود "العرب" ساميون مع سبق الاصرار، ومن يتهم العربي بمعاداة السامية إما أنه جاهل ولم يدرس التاريخ أو أنه نفسه معادٍ للسامية بشقها العربي وليس اليهودي.

 

هذه الواقعة تعيدني لحدث آخر حصل في احدى التظاهرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني في النرويج ، وكانت التظاهرة مقامة للتنديد بمذابح مخيم جنين ونابلس وغزة وغيرها حيث مارست اسرائيل جرائم حرب بحق الفلسطينيين شبيهة بجرائم النازية ضد اليهود وغير اليهود في اوروبا ابان الحرب العالمية الثانية. وقد كان من المدعويين للتحدث في التظاهرة راعي الكنيسة النرويجية  في اوسلو المطران "ستانست" ، و عندما جاء دوره لإلقاء كلمته  طالب قبل بدء الحديث بانزال يافطة كانت تحملها امرأة مسلمة وفيها بالاضافة لصور عن المجازر الاسرائيلية في فلسطين شعاري النازية "الصليب المعقوف" واسرائيل " نجمة داوود". معروف ان النجمة المذكورة هي شعار اسرائيل وجيشها وقطعان مستوطنيها الذين يرتكبون الجرائم والمذابح في فلسطين المحتلة.  طبعا هذا الطلب لم يكن عاديا ولا طبيعيا بالنسبة للفلسطينيين و لمعظم الحضور ، لأنه في اوروبا وامريكا ودول العالم الأخرى كما في نفس الاراضي الفلسطينية المحتلة ترفع هكذا شعارات ، وهي بالنسبة للمقتولين باسم العدالة الصهيونية والعنصرية الهمجية الاسرائيلية رمزا ارهابيا وليس دينيا ، شعارا تستخدمه عصابات فاشية عنصرية استيطانية احلالية اجتثاتية مسلحة بخزعبلات دينية وبدعم رسمي من دولة اسرائيل ومنظمات عالمية يهودية صهيونية وأخرى مسيحية متصهينة. المهم ومن أجل أن تستمر المسيرة ولكي لا نحرفها عن وجهتها وهدفها قام المعنيون بالأمر ( ومنهم كاتب هذه السطور ) بإنزال اليافطة المذكورة ، حيث تحدثت لاحقا المطران النرويجي.

 

 تذكرت هذه الواقعة لأنها تجسد الهلع الأوروبي من كلمات مثل معاداة السامية والربط بين النازية والصهيونية أو الفاشية والصهيونية مع أنه كان حتى سلام الشجعان العتيد يوجد قرار أممي ودولي يقول " الصهيونية شكل من اشكال العنصرية". وبالرغم من ان الحقيقة على أرض الواقع في فلسطين اثبتت واظهرت بالصوت والصورة همجية وعنصرية وسادية وفاشية وحتى نازية جيش اسرائيل والمستوطنون في تعاملهم مع الشعب الفلسطيني، إلا أن كل هذا وذاك لم يبدل كثيرا في مخاوف المعنيين.

 

 يكفي ان يتذكر المرء أن كل رؤساء وزراء اسرائيل مسئولون عن جرائم حرب ومجازر ومذابح ارتكبت بحق الفلسطينيين والعرب. لكن حتى كل هذا لم ينفع في زحزحة و تبديل البرمجة التي لازالت متمكنة من عقول الاوروبيين وخاصة الرسميين منهم، فالشعوب قالت كلمتها في وقت سابق من العام الماضي حيث اظهر استطلاع للرأي اعده الاتحاد الأوروبي أن 58 % من الاوروبيين وضعوا اسرائيل في المرتبة الأولى من حيث الخطر على السلم العالمي وتلتها الولايات المتحدة الامريكية في المرتبة الثانية. بعد هذا الموقف الشعبي الاوروبي لا يجوز ان تحارب لوحة لفنان رسمها وعرضها من اجل اظهار عنصرية وفاشية اسرائيل في التعامل مع الآخرين ، فالفنان اراد ان يثبت برسمه الجميل وفكرته القوية اساليب الرقابة المتبعة في كيان اسرائيل واراد ان يثبت انها نفس الاساليب التي كانت متبعة في زمن الفاشية، زمن تقطيع اصابع الموسيقيين والكتاب والشعراء ... ان الفنان الامريكي خريس ريدي كان يريد ابراز فكرته بشكل حضاري وفني مميز ، لكن تدخل محاكم التفتيش الصهيونية حال دون ذلك وأخضع ادارة دار معرض اوسلو للقطع الفنية واجبرها على سحب اللوحة.

 

لا بد في الختام ان نذكر أن هذه المحاكم التفتيشية الجديدة في اوروبا بدأت تظهر بشكل جلي بعد الاستفتاء المذكور اعلاه، ولا بد للمؤتمر الأخير الذي عقد في بروكسل وتسابق فيه البائعون والمنافقون على بيع المواقف للصهيونية العالمية ولدولة اسرائيل وللجاليات اليهودية عبر  محاولة ربطهم بين تصاعد معاداة السامية و الوجود الاسلامي والعربي المهاجر في القارة الأوروبية. وهذا ما سمعناه من معظم المتحدثين في المؤتمر المذكور. ولا بد هنا من ذكر بعض الاصوات اليهودية المعادبة للصهيونية والتي تحدثت بشكل معقول ووجهت انتقادات عديدة للحكومة الاسرائيلية واتهمتها باشعال نيران الحقد  على اليهود بسبب ممارساتها الارهابية والقمعية والعقوبات الجماعية ضد شعب فلسطين. هذا من ناحية لكن المؤتمر استطاع إظهار الجانب الصهيوني على اساس انه الضحية وتجاهل معاناة الضحية الحقيقية وهي الفلسطينية، كما انه حرف الأنظار عن الجرائم المنظمة التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ولم يتحدث عن حصار الشعب الفلسطيني والاغلاق الكامل للاراضي الفلسطينية وسياسة العقاب الجماعي. وقد لاحظنا كيفية البحث عن الكلمات في خطابات الوزراء الطليان والألمان وغيرهم من الاوروبيين، فالحديث عن اسرائيل والصهيونية واليهودية يجعلهم فنانون في التأليف والاستنباط اللغوي، ويظهرهم بمظهرهم الحقيقي، الذي يكشف مدى الارهاب الذي يمارس عليهم في مسألة الموقف من اسرائيل واعمالها، ولكي تقتنعوا بالكلام تخيلوا مرة أخرى وزير خارجية ألمانيا يوشكا فيشير وهو يتحدث في المؤتمر المذكور، أو تذكروا كلمات سولانا وغيره من قادة اوروبا.

 

يجب الاعتراف بان معاداة السامية ليست محتكرة على اليهود ففي اوروبا معادون للعرب وللمهاجرين من كل الألوان وكذلك لليهود، مما يعني ان القضية ليست محصورة باليهود وحدهم. فالجماعات اليهودية هي التي تساعد في ابراز تلك العداوات من خلال احتكارها للمعاناة، وتجاهلها لمعاناة الآخرين، واكثر من ذلك دورها في تلك المعاناة خاصة المتعلقة بالفلسطينيين، وتدخلاتها في كل صغيرة وكبيرة في حياة الأوروبيين. وبما ان  المهاجرين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين في اوروبا هم من ضحايا العنصرية ومعاداة السامية فأنهم يقفون ضد معاداة السامية ويرفضونها جملة وتفصيلا. أما ان يتهموا بمعاداة السامية فهذا  ببساطة وكما قلنا اعلاه غير مقبول لأن العرب ساميون، والذين يضطهدونهم يحتكرون السامية.

 

على اوروبا ان تنطق بلسان اوروبي متحرر من العقد وأن تقول ما تريد قوله لا أن تبول على مواقفها مع هبوب رياح التهديد الصهيونية ، فالحقيقة التي يجب ان يعرفها الناس ان السياسة والثقافة والفن والرسم والمسرح والأدب والصورة والتظاهرة والتجمع والبيان والموقف كل هذه الأشياء تعبر عن نفسها عبر تعبيرها عن موقفها من احداث تجري في عالمنا. لذا اعلن اعجابي الشديد بلوحة الفنان الأمريكي خريس ريدي ولا أعتبرها معادية للسامية بل تصويرا حقيقيا ودقيقا للحال الاسرائيلي وللنهج الأمريكي فكلاهما يمارس اعمالا شبيهة باعمال الفاشية والنازية.



#نضال_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسحاب من غزة وامنيات شارون
- شحم الخنزير لن يحميكم
- عواصف ثلجية وعواصف سياسية
- برلماني آخر زمن ..
- مجزرة جديدة !ما الجديد في ذلك؟
- اتفاقية تبادل الاسرى، ماذا بعد ؟!
- القدومي والكويت و ابو مكر ..
- العالم من حولنا يلف ويدور
- ابو عريضة
- غزة وفتح تحت المجهر
- بشارة وبركة ليسا عميلان
- أنور ياسين يُسَلِم على الحرية
- النظر لعملية تبادل الأسرى بعينين مفتوحتين
- ضمائر حرّة و حيّة
- هنيئا للاسرى ، هنيئا للمقاومة وصبرا يا سمير الكبير
- مؤتمر حركة فتح ، هل سيعقد باسرع من البرق ؟
- ريم الرياشي
- تضامنًا مع الصحفي ذيب حوراني (مراسل -المنار-) الذي اعتقلته ق ...
- نهايات و بدايات
- هل هذه بداية النهاية بين اسرائيل والدروز الفلسطينيين ؟


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون بدء المرحلة الرابعة من التصعيد: استهداف جميع ...
- روسيا: فتح قضية جنائية بعد حرق كتاب -العهد الجديد-
- كلوب يقول إن مشكلته مع محمد صلاح قد -تم حلها بشكل كامل-
- تركيا تعلن -الوقف التام- للتبادل التجاري مع إسرائيل.. من الف ...
- -ما الأسوأ: أكاذيب إسرائيل بشأن غزة أم تكرار هذه الأكاذيب من ...
- شاهد: يلتهم كل ما يعترض طريقه.. كاميرا ترصد تشكّل إعصار هائل ...
- شاهد: الاحتجاج الطلابي يمتدّ إلى المكسيك والجامعات تنتفض لوق ...
- ألمانيا تستدعي القائم بأعمال سفير روسيا بسبب هجوم إلكتروني
- بعد التهديدات الإسرائيلية بالانتقام.. الجنائية الدولية تصدر ...
- زاخاروفا ردا على كاميرون: أول اعتراف رسمي بالحرب ضد روسيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال حمد - معاداة السامية قميص الصهيونية