أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد فؤاد الشافعى - رحيل البراءة














المزيد.....

رحيل البراءة


خالد فؤاد الشافعى

الحوار المتمدن-العدد: 2445 - 2008 / 10 / 25 - 04:08
المحور: الادب والفن
    


انة الغروب
لعمرى لم ارى ما هو اجمل من الغروب والشروق
وكانى ارى الحياة تموت وتبعث كل يوم

كنت مع اصقائى اطفالا نلعب بلا انقطاع ولا نضع للدنيا فى اذهاننا اى حسابات ولم يكن وجود المقابر جوار منازلنا يزعجنا او يخيفنا بقدر ما كانت تبهجنا وتسعدنا وقد يستغرب البعض كيف تكون المقابر مبهجة؟
والحقيقة اننا كنا نرى فيها سبب لتميزنا وسط باقى الاطفال فى البلدة وكأنها ملكنا بل هى كذلك بالفعل
فنحن نلعب فيها ونأكل بها ونقضى الاعياد فيها ايضا
ولابد ان هذا غريب اذ كيف يقضى اطفال اعيادهم فى المقابر ولكن كما قلت كنا نرى فيها كنزنا الكبير
لقد حفظناها شبرا شبرا وقرأنا كل كتابة ساذجة كتبت عليها وحفظنا كل شواهد القبور ووجدنا الكثير من الاشياء المفقودة
وتلصصنا على بعض القبور المفتوحة فكان لنا معها حكايات وقصص طويلة
وعندما كنا نقول لأحد من اصدقائنا اننا نسكن جوار المقابر كنا نلحظ نظرات الدهشة وعدم التصديق فى عيونهم وعندما كانوا يأتون لرؤيتها كانوا ينبهرون بها ويحسدونا عليها وكنا نستمتع بأرعابهم وسرد قصص وهمية مخيفة تجعلنا نشعر بنشوة سادية عندما نرى نظرات الرعب فى اعينهم
كم مرة اوقعنا بهم فى افخاخ
كم كنا نضحك عليهم ونسخر منهم
اما نحن فلم نكن نخشى شيئا
ظلت هكذا حتى جاء يوم ودخلت جنازة صغيرة من بضعة اشخاص يحملون لفافتين صغيرتين وقاموا بدفنهم فى الارض وليس فى قبرا
فاصبحوا كقطعتين مرتفعين من الارض وقالوا لنا وقتها انهما طفلين اخوة ولدا وبنت توفيا فى حادثة حيث احترقا حتى الموت عندما اشتعلت النار فى بيتهما
لا اعلم لما اصابنا الخوف هكذا لماذا كنا نبتعد عن هذين القبرين الترابيين ولا نطيق ان نراهم
نحن الذين جبنا المقابر وفحصنا كل قبر وكل مدفن وعشنا وسط القبور
لماذا نخشى من هذين القبرين؟
كيف عرف الخوف طريقة الينا؟
لماذا اصبحنا نتحدث كثيرا عن الموت؟ لقد قضينا ما مضى من عمرنا بين القبور دون ان يتبادر الى ذهننا اى فكرة عن الموت فقط كانت المقابر ملهانا وملعبنا
على اية حال لم يمنعنا ذلك من دخول المقابر واللعب فيها والحفاظ على كنزنا الثمين
فقط كنا نتجنب المرور امام هذين القبرين او رؤيتهم
ربما لأنهما كانا طفلين مثلنا ودفنا امامنا فشعرنا لاول مرة بجهامة الموت ورعبة


انة الغروب
يكتمل الان وتختفى الشمس وراء الافق البعيد مستبقية بعض الاضواء الحالمة الرقيقة تنير العالم من حولنا حتى يصل كل ضال الى ماواة وكل طفلا الى والداة
وكالعادة نتسابق للعودة وليس السباق الا تعبيرا عن روح المنافسة التى فطرنا عليها
لذلك لم اكن لأرضى ان يسبقنى احد فرغم تقدمهم الا انى قررت ان اخذ الطريق المختصر من فوق المقابر ان المقابر هنا كبيرة وملتصقة
الحقيقة اننا كنا ناخذ هذا هذا الطريق دائما الى ان جاء الطفلان ففضلنا الطريق الاخر حتى لا نضطر الى القفز بجوارهم عندما نصل لنهاية ذلك الصف من القبور
ولكنى لا املك خيار الان وعلى كل حال يمكننى ان اقفز قفزة كبيرة اتخاطاهم بها


وها انا اتنقل بين اسطح القبور واقترب اكثر واكثر حتى سبقتهم ولم يعد سوى القفزة الاخيرة
وها انا اقفز لأتخطى ذلك القبر الترابى و
اوة ما هذا
لم تكن قفزة كافية لقد غاصت قدمى فى القبر الترابى
الذى لم اكد المسة حتى سمعت تلك الصرخة
صرخة طفلا مدفون وقعت علية الان
وشعرت بقدمى تطأ جسدا صغيرا يتلوى من تحتها
فلم اشعر بنفسى الا وانا ازحف على الارض وقد امتلىء قلبى رعبا لاول مرة فى حياتى
عشت بعدها اسود ايام اتنقل من كابوس الى اخر
اصبحت اخاف من كل شيئا واتخيل كل ما فى عقلى من مخاوف ومسوخ وهى تتمثل امامى وتستفرد بى عندما اكون وحدى



الان انا اعلم ان هذا كلة كان وهما
وبسبب خوفى المسبق من هذا القبر تكفل عقلى بصنع خيالات تتناسب الحادث الرهيب الا ان كل هذا لم يجدى
لقد تغير كل شى ولن اعود كما كنت مرة اخرى



#خالد_فؤاد_الشافعى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحقيق
- رسالة من سندريلا
- الام الخنازير
- وسط السيارات
- هل يعرفون من انا؟
- عازف منتصف الليل


المزيد.....




- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد فؤاد الشافعى - رحيل البراءة