أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد فؤاد الشافعى - وسط السيارات














المزيد.....

وسط السيارات


خالد فؤاد الشافعى

الحوار المتمدن-العدد: 2432 - 2008 / 10 / 12 - 06:25
المحور: الادب والفن
    


كانت السيارات تندفع بسرعة وبلا نهاية

سيول من السيارات تندفع بقوة
حيث لا اجد اى فرصة فى المرور

كانت الامطار تهطل بغزارة
وكل سيارة تريد العودة بأقصى سرعة


وكان الناس يسيرون على الرصيف المقابل
تحت حمايةشرفات المنازل والمظلات

وكنت وحدى على الرصيف المقابل الملاصق لطريق السيارات

تنهمر فوق رأسى الامطار الباردة لتحيل وجهى الى قطعة ثلج

بينما تغوص السيارات فى برك المياة لتصب مياهها فوق جسدى


اركض للامام لعلى اجد ما يمنع عنى المطر

وساترا بينى وبين السيارات

ولكن بلا فائدة

فذلك الرصيف الضيق المجاور لبركة طويلة
من الاوحال العميقة يمتد طوليا الى خارج
المدينة والسيارات تواصل اندفاعها العنيف
غير مبالية بمحاولاتى الخجلة للعبور


اخيرا قررت انتهازفرصة وجود فراغ صغير
بين صفوف السيارات وتخطيت صفهم الاول
بنجاح وركضت سعيدا بأتجاة الرصيف المقابل
حيث أرى المشاة هناك بعد ان كانت
السيارات الضخمة تحول بينى وبين رؤيتهم


لاول مرة اتمنى ان اكون وسط الناس


اخيرا اعبر اخر صفوف السيارات
وقد نسيت اننى اكاد اسبح فى المياة من حولى


ولكن فجأة

اندفعت السيارةالفارهة القادة من بعيد بسرعة اكبر

حاولت الركض اكثر لكن المياة العميقة اعاقت محاولتى الاخيرة

وامام اندفاعها العنيف وصوت الموسيقى الصاخبة المنبعث منها

لم اجد سوى التراجع للخلف ليندفع من ورائها سيلا جارفا من السيارات

لتجعلنى اتراجع تماما للخلف الى الرصيف الاول الضيق

ولكنى لمحت شاحنة ثقيلة تندفع بسرعة اكبر
فى المسار المجاور للرصيف الصيق

فتوقفت لاتركها تعبر

ولكن سيارةحديثة كانت تسير بجوارها قد ضاعفت من سرعتها

واغلقت تماما الطريق فى وجهى
حتى تيقنت انها ستقفز بى خارج الطريق تماما

ولكنى فى اللحظة الاخيرة

اندفعت بأإقصى سرعتى وقفزت لأعبر السيارتين
واعود الى الرصيف الضيق مرة اخرى


ما ان وصلت الية حتى تركت نفسى ارقد علية
واسترخى تماما غير مباليا بالاوحال او
الامطار او سخرية الناظرين


شعرت للحظة بفقدان الوعى
ولكنى افقت دون ان اشعر بأى شىء سوى

التبلد التام فى جسدى وشعورى بالتجمد
حتى اننى لم اعد اشعر بيدى تماما


اخذت نظرة طويلة الى السيارات التى تواصل اندفاعها

والمشاة على الرصيف المقابل وهم يضحكون
]
وينظرون بريبة الى منظرى

لمحت نظرات الشفقة فى اعين بعض الناس
ولكنى لم اجد الفارق كبيرا بين الشفقة والشماتة

فالاثنين لهم معنى واحد عندى


شيئا غريب حقا

اكتشفت الان ان نظارتى قى سقطت
وضاعت عندما قفزت فى المرة الاخيرة

لكنى أرى الناس الان بوضوح
رغم اننى لم اكن أراهم جيدا فى السابق


مرت الان بجوار وجهى شاحنة ضخمة
اهتز لها كل افرع الاشجارواطلقت بوجهى عاصفة

جعلتنى اشعر ان وجهى قد انسحق تماما
ولكن صوت السيارة كان


مميزبشكلا غريب وكانة ضحكة من رجلا عجوزا شامتا

اخذت نفسى من غفوتى وابعدت كل تلك الافكار من راسى
وقررت عبور الطريق بأى ثمن


وقفت على قدمى التى لا اشعر بها
وقبضت يدى التى اصبحت كقطعة ثلج ميتة

ونظرت بعينى الثابتة على الرجل الطويل مهندم الزى
الذى يقف بثقة اسفل مظلتة العريضة

مبتسما تلك الابتسامة الصفراء المستحقرة التى تكاد تنطق وتقول

"انت قذر"

اتجة الان نحو الرصيف الاخر


اتقدم بسرعة غير مباليا بتلك السيارة الجميلة
التى اطلقت كوابحها صوتا يقول

"انت غبى"

اواصل العبور الان وعينى مثبتة على الرجل ذو المظلة

تحاول حافلة كبيرة المرور من امامى
ولكنى اتخطاها بمهارة جعلت ركباها يشهقون فى
اماكنهم بينما اطلق بوق الحافلة صوت يقول

"انت مجنون"

لم يعد امامى سوى صفا اخيرا من السيارات
ولكن الرجل ذو المظلة مازال يحمل نفس
النظرة السمجة والابتسامة الصفراء التى تحرق اعصابى

اشعر الان فقط بقدمى واطرافى

لماذا لم يؤثر فى الرجل عبورى للسيارات رغم سرعتها

لماذا يحتفظ بنفس النظرة الواثقة التى اشعلتنى نارا

حسنا ايها السمج ها انا اعبر


تقترب سيارة قديمة متهالكة ذات صوتا صاخب

يبدو انها تحاول الوصول الى اقصى سرعة
ولكن هذا لا يزيدها سوى ضجة

لن تكون تلك الخردة ما يقف امامى فى النهاية

ها انت بين يدى ايها الوغد اليس لديك
سوى تلك الابتسامة البلهاء؟

ولكنة لاول مرة ادار وجهة عنى ونظر خلفى فى لهفة غريبة



كانت السيارة القديمة المتهالكة
تدفعنى فى الهواء ثم تعبر على جسدى المتجمد

وصوتها المزعج المتحشرج يقول

"انت ميت"



#خالد_فؤاد_الشافعى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يعرفون من انا؟
- عازف منتصف الليل


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد فؤاد الشافعى - وسط السيارات