الأداء الحزبي / الأداء النقابي، أو العلاقة الجانحة نحو التحريف.....6

محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 2440 - 2008 / 10 / 20 - 08:59
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

الغاية من الأداء النقابي؟ وإذا وقفنا على أن مفهوم الأداء النقابي يتمثل في الممارسة النقابية اليومية انطلاقا من البرامج النقابية، ومن الملفات المطلبية، وفي إطار نقابة مبدئية تحترم فيها الضوابط النقابية، كما هي في النظام الداخلي للنقابة:

فما هي الغاية من الأداء النقابي؟

إن الغاية من الأداء النقابي ليست كالغاية من الأداء الحزبي، نظرا لاختلاف طبيعة النقابة عن طبيعة الحزب، ولاختلاف طبيعة الأداء النقابي عن طبيعة الأداء الحزبي، وبسبب اختلاف الأهداف التي تسعى النقابة إلى تحقيقها من الأهداف التي يسعى الحزب إلى تحقيقها.

وهذه الغاية من الأداء النقابي، وتبعا للاختلاف بين النقابات القطاعية، والمركزية من جهة، وبين المركزيات النقابية من جهة أخرى، تختلف باختلاف القطاعات النقابية، وباختلاف المركزيات لنقابية، التي صارت متعددة تبعا لتعدد الجهات التي تقف وراء وجود تلك المركزيات.

وهذا الاختلاف في الغاية، الذي لا مبرر له، يعتبر وسيلة للتشويش على العمل النقابي الصحيح، والمبدئي، والهادف إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، من أجل إيجاد مجتمع متوازن على مستوى الأجور، وعلى مستوى التمتع بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وهذا التوازن، وعلى هذا المستوى، يتم التشويش عليه عن طريق خلق كيانات نقابية، تهدف إلى تحقيق غايات أخرى تضرب ذلك التوازن في الصميم.

ولذلك نجد أن الغاية من الأداء النقابي تتحدد حسب كل كيان نقابي على حدة:

فالكيان النقابي الذي يقف وراء وجوده تنظيم حزبي إقطاعي، بهدف حماية مصالح الإقطاعيين، عن طريق تضليل العمال، والأجراء، يسعى إلى بناء مجتمع محافظ على القيم اليمينية الإقطاعية، في ظل قيام نظام إقطاعي متخلف.

والكيان النقابي الذي يقف وراء وجود حزب التحالف البورجوازي الإقطاعي، بهدف حماية مصالح هذا التحالف البغيض، عن طريق تضليل العمال، والأجراء، يسعى إلى بناء مجتمع مزدوج القيم الإقطاعية / البورجوازية، وتحت إشراف النظام البورجوازي الإقطاعي التبعي، الذي يرعى مصالح التحالف البورجوازي الإقطاعي. فتكريس ازدواجية القيم، تعتبر مسالة أساسية بالنسبة لنظام من هذا النوع، مما يجعل العمل النقابي سجين هذه الغاية المموهة.

وبالنسبة للكيان النقابي الذي يقف وراء وجوده الحزب البورجوازي الليبرالي، يهدف حماية مصالح البورجوازية الليبرالية، عن طريق ممارسة تضليل العمال، والأجراء، فإنه يسعى إلى تحقيق غاية تتمثل في تكريس القيم الليبرالية في المجتمع البورجوازي الليبرالي، الذي يرعاه نظام ذو طبيعة ليبرالية، حتى تصير البورجوازية الليبرالية بورجوازية سائدة.

أما الكيان النقابي الذي تقف وراء وجوده أحزاب البورجوازية الصغرى، من أجل المساهمة في تحقيق تطلعاها الطبقية، فإنها تعمل على إنضاج الشروط التي تمكن من ذلك، وتعمل على تحقيق أهداف البورجوازية الصغرى، في أفق إيجاد مجتمع تسود فيه قيم هذا النوع من البورجوازية، وفي ظل نظام يشرف على تسييد تلك القيم، ويسعى إلى تأبيدها، باعتباره نظاما بورجوازيا صغيرا.

وعندما يتعلق الأمر بالكيان النقابي الذي ينشأ على أسس نقابية مبدئية، ودون تدخل من أي جهة حزبية، أو من الدولة، ويهدف إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، فإنه يسعى إلى صيرورة الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، منتجا لشروط تمتع العمال، والأجراء، بحقوقهم المختلفة، وفي ظل دولة تسود فيها الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وبنظام منتج لقيم الحق، والقانون في مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وهذا الكيان النقابي، ومن هذا النوع، وبهذه الأهداف، وبغايته المنشودة، لا يمكن إلا أن يكون مدعوما من قبل الأحزاب العمالية، والتقدمية، والديمقراطية، باعتباره كيانا نقابيا مبدئيا.

وفيما يخص الكيان النقابي الذي يقف وراء وجوده اليمين المتطرف، بهدف تسخيره في تضليل العمال، والأجراء، دعما للحركة اليمينية المتطرفة، فإن غايته جعل الطبقة العاملة، وسائر الأجراء، فاقدين لوعيهم الطبقي، ومنساقين وراء نخبة اليمين المتطرف، الساعية إلى الرجوع إلى الوراء، وإدخال البشرية في متاهة الظلام.

وانطلاقا من تنوع الأداء النقابي المنتج لتنوع الغاية من ذلك الأداء، فان الغاية من الأداء النقابي ترتبط بطبيعة الجهة التي تقف وراء وجود الكيان النقابي نفسه، وبطبيعة الأهداف، وبطبيعة النظام السياسي القائم، والذي يتحقق في ظله نوع معين من الأداء النقابي.

وما يجب الحرص عليه، تحقيقا للغاية المتمثلة في قيام مجتمع منتج لتمتع العمال والأجراء بحقوقهم المختلفة:

1) قيام نقابة مبدئية: ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، ووحدوية.

2) قيام نظام يرعى تمتع جميع الناس بجميع الحقوق.

3) الحرص على أن تصير النقابة مستقلة عن الأحزاب، وعن الدولة.

4) قيام الأحزاب العمالية، والتقدمية، والديمقراطية، بدعم الأداء النقابي المبدئي.

5) قيام نضال سياسي بموازاة مع الأداء النقابي، يسعى إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

وبذلك يعمل الأداء النقابي المبدئي على تجاوز كل المعيقات، ويساهم في تحقيق الأهداف النقابية المبدئية، وصولا إلى تحقيق غاية إيجاد مناخ يضمن تمتيع العمال، وباقي الأجراء، بكافة الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية الصادرة عن المؤسسات الدولية المهتمة بحقوق العمال، والأجراء، وفي ظل نظام قائم على أساس اعتماد الاختيارات الديمقراطية، والشعبية، وعلى أساس دستور يضمن سيادة الشعب على نفسه، ويسعى إلى ترسيخ الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات