أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد هادف - الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحلقة السادسة) الدستور :ذلك الكتاب















المزيد.....



الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحلقة السادسة) الدستور :ذلك الكتاب


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 2438 - 2008 / 10 / 18 - 07:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


مع صيف 2012، يكون قد مر على الجزائر المستقلة نصف قرن. أربعة أعوام تفصلنا عن ذلك اليوم. فما الذي سيحدث خلال هذه السنوات التي تفصلنا عن 2012؟ وكيف سيكون العالم وقتئذ؟ وهل ستكون الجزائر على ما هي عليه اليوم؟ أم أسوأ؟ أم تكون قد أسست زمنها الجديد، زمن الديموقراطية والسلم والعدالة؟ وهذا ما نتمناه، ومانعمل في سبيله. لقراءة الحلقات السابقة اضغط على الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=139145
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=139541
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=146973
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=148506
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=150240


الدستور :ذلك الكتاب

الحياة فضاء مفخخ. كيف تمت هندستها على هذا الشكل؟ ولماذا؟ ما هي العوامل والأسباب التي أخرجت الحياة على هذا النحو؟
ومن يواصل هذه التقاليد، تقاليد هذا الإخراج الماكر؟ التقاليد المناقضة للفطرة الإنسانية؟ تقاليد المؤامرة والاحتيال والتزوير والتزييف وبث ثقافة الرعب بالتعذيب المعنوي والجسدي ... لم يدخر الفكر الإنساني جهدا لكشف الأساطير (القديمة والجديدة منها) المؤسُّسة للاستبداد والخضوع، التفقير والاستثراء، احتكار ثقافة السعادة وبث وترويج ثقافة الحزن والخوف والضلال...
لم يدر في خلدي قبل 1990، أن العالم العربي سيكون على هذه الحال. كنت آمنا مطمئنا ككل أبناء الشعب البسطاء، واثقا في أني أعيش في دولة يدير شؤونها رجال أسياد. ولم يساورني شك في النخبة العربية المفكرة. لكن يا للهول! لقد حدث ما يشبه القيامة، لم تعد القضية الفلسطينية وحدها، لقد أصبح العراق مسرحا للقصف الغربي، ودخلت الجزائر زمنا همجيا لم يحدث أن تنبأ به دماغ من الأدمغة العربية. هنا وضعت كل شيء موضع شك ومراجعة. ليس ثمة شك في أن حياتنا يتم تدبيرها بليل، ومن نعتقدهم أسيادا ليسوا سوى عرائس كركوز يتم تحريكها عن بعد، وربما من عقر الدار.
ééééé
وبعد أن غادرت، لم أفلح في تحقيق هدفي في الهجرة إلى كندا، ولم يكن لدي خيار آخر سوى الإقامة بالمغرب.
ظلت مكتبتي معي في حلي وترحالي ، وكم كنت أشعر بالألم كلما وجدت نفسي مضطرا على ترك بعضها مؤقتا بسبب تنقلاتي، أو بيع بعضها كلما اضطرتني الحاجة.
وفي الوقت الذي كنت أحمل كتبي ، كنت في الآن ذاته كسائر أبناء أمتي أحمل في قلبي سؤالا ثقيلا: لماذا تنشغل أمتي بتفاهات تسميها قضايا؟
وأنا في غمرة تساؤلاتي شعرت بالثقل يزداد على ظهري، فأشفقت على نفسي من القول الحكيم في الخطاب القرآني"كالحمار يحمل أسفارا" ومن قول الشاعر" كالعير في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول"، فها أنذا أتخفف من حملي وأقسّمه في جسوم كثيرة على حد قول الشاعر عروة بن الورد.
ééééé
إن التذكر أمر ضروري، هذا ما تأكد لي وأنا أنسج كتابي هذا، فكنت كلما جلست إلى الحاسوب لأعدل أو أضيف أو أحذف، التمعت في ذهني فكرة تعود بي رأسا إلى مقال قرأته أو كتاب، فأعود بدوري إلى أرشيفي، وفي ذات الوقت أقرأ المستجدات التي أضحت في عصر الأنترنيت في متناول كل من يحسن الإبحار. لقد كنت حريصا حد الهوس على كتب بعينها أو كتابات نسختها أو قصاصات جرائد، أو هوامش سجلتها من هذا الكتاب أو ذاك، أو عن هذا الحدث أو ذاك.
ééééé
هذه النصوص خلاصة أحداث عايشتها بشكل أو بآخر، وخلاصة قراءات لكتابات متعددة. إنها باختصار خلاصة تأملات ومكابدات عشتها كما عاشها كل عاشق أحب الحياة، فلم يستسلم لخطوبها وإكراهاتها، ومغامرات الثائر الذي أحب الحرية، فلم يرض عنها بديلا إزاء المساومات والإكراهات، وإشراقات الشاعر الذي أحب الكلمة إيمانا منه أن الوجود، أي وجود، كيفما كانت اللغة يكون.
تلك هي الروح التي منحتني القوة للعبور، واختراق الأزمات، والقدرة على النهوض بعد كل عثرة أو سقوط، القدرة على استعادة عافيتي الإنسانية وصونها من التلف والانحطاط.
ééééé
وتساءلت عن حال الأمة التي خرجت من رحمها، فجاء الجواب من أعماق التاريخ السحيقة، غير أن لحظة بالغة القوة هي التي ظلت مستعصية على التلاشي، لحظة انصهرت فيها أزمنة خلت واندغمت في جوهرها حد الذوبان، هي التي أنجبت أمتي الممتدة في الآفاق تاريخا وحضارة، والغارقة حتى الأذنين بؤسا، وفقرا، وجهلا، واقتتالا. هي أمتي الإسلامية بكامل خصوبتها وتشظياتها.
ونظرت إلى العالم فإذا به يتفتح في وعيي أزمنة وحضارات، يوميء لي أن الزمن الحي هو زمن الإنسان الفاعل، إنسان الحرية والخلق، الحامل في دمه قيم الحق والخير والجمال. وبدا لي في مقدمة الركب شعوب تمضي قدما، تمسك بزمام الرحلة، وشعوب في الخلف تتطاحن حول تفاهات سمّتها قضايا. وتساءلت لماذا أمتي انسحبت إلى الخلف؟ لأنها انشغلت بتفاهات وأصرت أن تسميها قضايا مصيرية، فبقيتْ هناك تراوح مكانها مذ نسيت أن المعركة الحقيقية هي التي تكون في سبيل سعادة الإنسان، تلك السعادة الممكنة والمشرعة الأبواب.
فاستأنفت السير، واستفسرت عن الخطب، أصخت السمع إلى أسلافي، وإلى جيلي وإلى نبض التاريخ الإنساني. وأنا أقرأ ما دَوّنهُ رجالات الأدب والفلسفة والدين والفن والسياسة والقانون، وما خلّفه الأنبياء والحكماء ومبدعو الأساطير والمؤرخزن....، وجدت التاريخ يتدفق عبر جميع الأصوات، ولكنه لايتدفق شفافا إلا في الأصوات الحرة. وفهمت بأن التاريخ لا يفصح عن مكنونه إلا عبر مقاربة حميمة، وأنه لا يفصح عن مكنونه إلا إذا حاوره الكاتب كما لو أنه تاريخه الشخصي، تاريخ طفولته الممتدة في لبس الأزمنة وغبار النسيان.
ééééé
إن المتأمل في هذه الأمة يجدها وهي تصرخ في وجه العالم، تصفه بالقبح. إن هذا القبح ليس سوى صورتها وقد انعكست على مرآة ضميرها المعذب بالجهل والجبن والحقارة. إن ماقادتني إليه تأملاتي هو حالة التناقض التي تعيشها هذه الأمة، فهي من جهة تعيش حالة من وثق أنه المتربع على عرش اصطفته له العناية الإلاهية، ومن جهة ثانية تتخبط في تيهها المعنوي وحيرتها المفتوحة لا تقوى على تلمس معالم العبور إلى خلاصها المنشود، تعيش أسيرة عذاباتها خلف سور الغضب، غضب الناموس الكوني.
ééééé
إن فرنسا الأنوار بدل أن تنير سبيل الرشاد الحضاري لمستعمراتها، سلطت نورها الباهر على نخب هذه المستعمرات فأعمت بصرها، ثم قادتها في طريق الضلال، و تواطأت مع ذئاب مستعمراتها فأجهزت على الأبرياء ذبحا وحرقا وتشريدا،واغتصبت أراضيهم وأرزاقهم وطمست ذاكرتهم .
واصلت خطاي أتتبع مجرى التاريخ وأستقصي أخباره وأسائل أحداثه ورموزه، وأواجهه بأسئلة الطفل الذي يدفعه فضوله إلى معرفة مجاهل طفولته، فأجلس قبالته بكل حواسي وهو يقص علي سيرة طفولتي الغائبة، سيرة أسلافي، وكلما خلد إلى الصمت، أُربّت على كتفه فيسترسل في الحكي، فيحدث أن أتنهد أو أستغرب أو أحزن أو أغضب.... ويحدث أن أسقط ضحكا على نوادره وخرافاته، وأعود لأطرح أسئلتي بصيغ جديدة، فيجيب مراوغة ومداورة، فأوهمه بالتصديق ثم أوقعه في الفخ فيبلع ريقه ويحاول إيهامي أنه قد أفرغ كل ما في جعبته، فأحاصره، وأتقمص دور النفساني فيبوح، أو دورالمحقق فيعترف، أو دور الموسيقي فأنقر على طبل هواه فينخرط في رقصته المجنونة، ويلهج بآلامه وخباياه، ويحدث أن أسقيه من خمرة كلماتي فتسترخي أعصابه حد النشوة، فيفتح لي قلبه كصديق ثم يجهش بالبكاء وهو يروي ذكرياته الحميمة.
ééééé
ووجدت أن قراءة استشرافية لمستقبل الجزائر لن تكون سوى في إطار قراءة شاملة لمستقبل العولمة الأمريكية في تفاعلها مع القوى الحليفة والقوى المناهضة، وأنه من الصعوبة استشراف هذا المستقبل في ظل غياب القدرة على الإحاطة بالمخاضات التي تعيشها الشعوب الإسلامية من جهة، وغموض المخططات الغربية من جهة ثانية، وموقف الصين والروس من جهة ثالثة، أضف إلى ذلك كله دور اللوبيات المتوحشة في ما يحدث والكيفية التي ستستثمر بها الأوضاع في هذه الحالة أو تلك، وفي هذا البلد أو ذاك. ومع ذلك فالانتصار على الروح الانهزامية وتجاوز ثقافة الانتظار وتحويل الخلاص الفردي إلى خلاص جماعي والانخراط في معركة التغيير المحلي، ذلك كله ممكن، ولكن لن يكون إلا بابتكار دستور يحمل في صلبه رؤيا خلاقة ومشروع مجتمع، ذلك أن من يجب أن يخضع للقوانين، يجب أولا أن يكون شريكا في ابتكارها.
وأستغرب لماذا كلما بدأ النقاش حول الدستور سارع نفر إلى الاعتراض متذرعا إما بعدم أهلية الشعب، أو أن الديموقراطيات العريقة نفسها لم تصل ذلك إلا عبر تراكمات، وأن الدول الراسخة في الديموقراطية ليس لها دستور مثالي، أو أن الدستور ليس هو المشكلة وتجديده لا يأتي بحل، فهو مجرد قوانين، أو أن الدستور بإجماع ولو نسبي طرح طوباوي.
إن المشكلة ليست في الشعب مثلما يزعم بعض المنظرين، ولا في النظام الحاكم (فليس في العالم نظام له قابلية التنازل بسهولة عن امتيازاته)، بل الخلل في النخبة المعارضة سواء تلك التي تدعي التقدمية والحداثة (ليبرالية كانت أو اشتراكية) أو تلك التي تبنت القومية أو الإسلام السياسي. فقد أثبت التاريخ قصورها الفكري ونظرتها اللاتاريخية وعدم أهليتها في بلورة مشروع مجتمعي.
ééééé
ووجدت الجزائر والمغرب مدعوين للتذكُّر على لسان رجالاتهما، تذكُّر الأحداث الحرجة بأسئلتها الأساسية. وواجب التذكر الذي طالب به المفكر الفرنسي الحر- بول ريكور- يقوم به كل من العدالة والشهود والمؤرخين، لأن التذكر انتصار على المكبوت والمقموع وسبيل إلى بناء ذاكرة سوية وسعيدة. لكن أمرا جللا كهذا لا يجترحه إلا الرجال، لا بالمعنى البيولوجي للكلمة، فلدينا والحمد لله بهذا المعنى الملايين. بل بالمعنى الأخلاقي للكلمة.

ووجدت أن الأزمة الجزائرية المغربية لن تجد طريقها إلى الحل إلا من طرف واحد، الطرف الذي يكون له قصب السبق الديموقراطي، أي فضل التأسيس لزمن مغاربي جديد، وهذا الطرف هو من ينجح في تحقيق انسجامه المحلي، وهذا الانسجام المحلي الذي تناضل من أجله القوى الحية لكلا البلدين، لن يتحقق إلا بشرط واحد، هو الذهاب رأسا إلى دستور تبتكره النخب من صلب شعبها، النخب بكل مشاربها ومذاهبها ومصالحها، دستور متشبع بروح العصر دون أن يتعارض مع خصوصية الشعب، ذلك أن الديموقراطية ليست سوى تجل لذلك الكتاب: الدستور.
ééééé
وبناء اتحاد للدول العربية، الذي كان حلم رواد النهضة، ليس مهمة مستحيلة إذا ما تضافرت جهود النخب على بث ثقافة ديموقراطية عقلانية الفكر وإنسانية المبدأ والمقصد في كل قطر عربي يكون انسجامه المحلي رافدا للاتحاد العربي. غير أن الانسجام المحلي لن يكون إلا تجليا لذلك الكتاب: الدستور.
ééééé
وبناء اتحاد إسلامي بالمعنى الجيوسياسي والثقافي العميق للكلمة (وليس بالمعنى الأصولي الضيق)، الاتحاد الذي ظل حلم رواد الصحوة الإسلامية المتنورة، سيكون الاتحاد العربي رافدا من روافده، ولن يكون إلا انخراطا في ابتكار شريعة كونية جديدة وأن الأهلية التي سيحوزها في هذا المضمار فإنما بقدرته على تطوير المكتسبات التي حققها أفذاذ البشرية في مجال حقوق الإنسان، ولن يكون للمتحد الإسلامي موضع قدم في المستقبل إذا لم ينظر إلى (الفقر والظلم والثراء الفاحش وتكديس الثروات وسوء توزيعها والإنجاب غير المعقلن والتطرف....) كأعراض مرضية يجب معالجة المدمنين عليها، كما يجب تصنيفها قانونيا من المحرمات بوصفها أنماطا سلوكية نابعة عن ثقافة معادية للإنسانية . وهذا المتحد الإسلامي سيكون رافدا من روافد النظام العالمي المفترض تأسيسه. ذلك أن المستقبل البشري بمواصفاته الإنسانية لن يكون سوى تجل لدستور عالمي جديد أكثر رحابة ومردودية في مجال حقوق الإنسان وحقوق الشعوب.
ééééé



)فالدّستور يجسّم عبقريّة الشّعب الخاصّة، ومرآته الصّافية التي تعكس تطلّعاته) إن هذه العبارة التي وردت في ديباجة الدستور الجزائري لا ينتقدها إلا جاهل، لكن هل الدستور الجزائري يجسم عبقرية الجزائريين؟
منذ أن دخلت الجزائر غمار الاستقلال لم تتدرب على فن الإصغاء إلى ذاتها، ولم تفتح النقاش حول تصور للدولة كبيت مشترك يضمن للجزائريين العيش على قدم المساواة وبالتالي يضمن سيادته في بناء علاقاته مع مكونات المجتمع الدولي.
كان من الواجب أن تتركز كل الجهود حول ضرورة ابتكار دستور، باعتبار الدستور ليس مجرد قوانين نقتبسها من هنا وهناك ونعيد صياغتها بأسلوب جيد، فالدستور يحمل في صلبه فلسفة حياة ومشروع مجتمع وتصورا للدولة، تساهم في ابتكاره كل الأطراف.
إن الحديث اليوم في الأوساط السياسية والإعلامية عن تعديل الدستور، وعزوف النخب عن الخوض في إثارة النقاش حول دستور جزائري تساهم في خلقه كل الأطراف، كل هذا يؤكد أن الجزائر لم تستوعب بعد المعنى الحقيقي للديموقراطية والحداثة. فالحداثة - عمليا- هي رفع القيد عن الحريات والمبادرات وفسح المجال للرأي الآخر، ليس (القيد القانوني) الرادع للتسيب والفوضى، بل ذلك القيد (الأهوائي والبيروقراطي) المتذرع بالمصلحة الوطنية حينا وبالغيرة على الأخلاق والدين حينا آخر، الحداثة هي كيفية الخروج من اللغط السياسي أو الحد منه على الأقل (وهو لغط لا يتورع عن استنزاف أموال طائلة لا طائل من ورائها) والدخول في الفعل المدني. فمن أولى الأولويات هي تأثيث المجتمع -مدنيا- من خلال هيئات وجمعيات ومنتديات ونقابات …غير أن هذا لايتأتى إلا مشروطا بانفتاح ديموقراطي على المستوى السياسي، المؤسس بدوره على دستور مجمع عليه من قبل كل القوى الممثلة للمجتمع، ذلك أن الدستور هو النواة المؤسسة لكينونة الديموقراطية، فكيفما كان تكون.
إن الدستور، كما أفهمه، هو أروع إنجاز يبدعه الشعب عبر ممثليه، أروع وأهم نشيد، أجمل سومفونية، بل هو الكتاب الذي لا يمكن إبداعه إلا بواسطة الشعب، ومن صلبه، وله.



الوئام المدني... أي أفق؟
ـــــــــــ

*تم نشرها تحت عنوان "رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الجمهورية" بجريدة الزمان اللندنية، يوم 15-09- 1999، قبل الاستفتاء بيوم.

شهد العقد الأخير من هذا القرن حركة ملموسة ومتسارعة اصطبغت بالعنف في وضع اللمسات الأخيرة على إعادة ترتيب (المسكن البشري) بمعناه العالمي. وارتفع النقاش إلى ذروته حول موضوعات أصبحت تقدم نفسها على أنها معطيات موضوعية وشفرات أساسية لفهم العالم في زمنه الجديد، فالحداثة وما بعد الحداثة والعولمة والديمقراطية وحقوق الإنسان والإرهاب. هي طلاسم المرحلة وفي الوقت ذاته هي(مفاتيحها) التي لا يمكن بمعزل عنها فك مغالق المشهد الذي سيجيء .
لقد أمسكت الدول الأمريكية المتحدة بزمام العربة ذات السرعة الفائقة. ولأن الأحداث لا تنفك تتسارع فقد أصبح يتعذر الالتفات إلى الخلف بل وحتى النظر يمنة ويسرة. فأمريكا المتحدة بعد أن فككت (القلعة الحمراء) تفرغت لما أسمته بـ (الخطر الأخضر)، وتوجت نزعتها الاستحواذية بتنفيذ سيناريوهات التوسع وفرض الهيمنة. وكانت حرب الخليج هي العتبة الأساسية التي دشنت بها هذا المسار، وبعد حصارها للعراق وفي ضوء تقارير فرق التفتيش راحت تركز قصفها على أهم النقاط الحساسة، وفي موازاة الملف العراقي انتصرت على العناد الليبي الذي خضع في نهاية المطاف وقدم المتهمين إلى المحاكمة. وكان هذا إشارة وعيد إلى من وضعتهم في قائمة الإرهاب عبرت عنه فعليا بقصف السودان وأفغانستان في الظرف نفسه حشدت قوات الحلف الأطلسي لترتيب البيت اليوغوسلافي حسبما تقتضيه أخلاقيات الفتح الجديد الذي بشر به فيلسوفها فرانسيس فوكوياما و منظرها صمويل هتنغتون. لقد خرجت الدول الأمريكية المتحدة مدججة بالقوة والقانون، خرجت لتتفقد أحوال العالم في جنبات الأرض ولتعيد ترتيب الجغرافيا والذات في إطار العولمة ووفق فلسفتها البراغماتية.

لقد كان على كلينتون أن يخرج من مأزقه الذي تورط فيه بسبب نزوة عابرة. ومع أنه لم يخسر مجده السياسي فبلا شك أنه دفع الثمن باهظا. لقد خرج من مأزقه كما يخرج غصن شائك من كومة صوف. ولأنه زمن استثنائي فالمعالجة كانت استثنائية كل شيء كان على المكشوف. في الوقت ذاته كانت تشتغل على ملفات ساخنة، ملفات من العيار الدولي ظلت تعمل بإصرار على تصفيتها بأكبر ربح ممكن وفق فلسفتها البراغماتية.
في تلك الجهة من الزمن ومن المكان ظلت الجزائر تغالب أهواءها وكلما دار العام دورته صدر تقرير أسود يدين النظام ويحمله مسؤولية ضلوعه في جل الخروقات والانتهاكات. أما النظام الذي ركب رأسه لم يتردد في ستر عورته بما تملك الخزينة من مال والأرض من ثروة إنه يلهث لهاث الطريد وراء الدول والهيئات لشراء رضاها وصمتها دونما تحفظ أو تبصر.


لقد مات الآلاف، ونزح الآلاف من الأرياف إلى أطراف المدن، ومن مناطق الموت إلى بعض الجهات التي يتوفر فيها بعض الأمن، واختار الآلاف الهجرة خاج الحدود. إنه موت لا يفصح عن وجهه الحقيقي: مشهد عدمي تصنعه الأهواء والمصالح المشبوهة، الندرة في كل شيء نفيس، في الحياة الكريمة وفي الكتاب الجيد، في العمل وفي النبل... الموت والبؤس هما الوفرة ذاتها. الموت في كل مكان، في الحافلة أو في السيارة قد يباغتك حاجز مزيف بتحويل اسمك إلى ذكرى .. في قطار تفاجئه عبوة ناسفة في نفق أو جسر.. في انفجار لغم أخذ له زاوية من زوايا مقهى أو بار، مطعم أو مسجد أو في سيارة مفخخة تمت برمجتها لتنسف المكان في وقت قد تقودك الصدفة إليه.. في ليل تتحول سكينته إلى جلبة مذعورة سرعان ما تتحول إلى صمت لسان حاله يقول: لقد مر الرعب من هنا. ليس هذا سوى إيقاع من إيقاعات المأساة. البؤس اليومي خبز المسحوقين، إيقاع آخر أكثر بشاعة يسحق الحلم ويمضغ القلب بفكين معدنيين. أما الكذب فهو إيقاع السلطة. وهي عندما تكذب، فهي تعرف – سلفا – أنك تعرف بأنها تكذب إلا أنها في الوقت ذاته تومئ لك: عليك أن تصدق أقوالي تعامل معها كما لو أنها صدق. السلطة في حاجة إلى كلام وفي حاجة إلى من يسمع، يسمع فقط. وأنت إذا أردت أن تتكلم فحذار أن تقول ما هو جارح، ولأن الواقع كله جارح، وحتى يشملك الرضوان الرسمي، فإذا تكلمت فاكذب.

إن المأساة التي فغرت فاها بعد الانفتاح الديمقراطي كانت بمثابة لقطة (عمق المجال) بالتعبير السينمائي. فالواقع بكل تمزقاته وتراكماته تجلى من خلفه التاريخ كمجال ضارب العمق، مجال مؤنث باللحظات الحرجة التي عبرتها الجزائر ولم تعطها كفايتها الدستورية تدارسا ونقاشا وفحصا ومعالجة، وهي اللحظات التي انزاحت إلى الخلف بشكل ملتبس في غمرة الأحداث والتحولات وما انفكت تعاود الظهور عبر مراحل تاريخية معينة، وهي ذاتها لا تزال تطفو على السطح إلا أن الخطاب السياسي بنزعته المتعالية والمفارقة ظل يغلفها بما يحلو لأصحابه، بلغة التمويه والقول المزخرف.
منذ أحداث 5 أكتوبر عام 1988 والجزائر تعيش حالة التنازغ، وحطمت رقما قياسيا في كثرة الانتخابات وتغيير الرؤساء والحكومات. وجاءت انتخابات أبريل، مرة أخرى لتعبر عن عمق مبهم، عمق ظل يعمل على صيانته (سلفنا)، ذلك السلف الذي لا يزال يقبع في غرفة البرمجة والتنفيذ من (ذاتنا الجمعية) موجها ومتحكما فيه من خلف حجاب( بطرق مباشرة وغير مباشرة، وبوعي متواطئ منه وبدون وعي) من قبل قوى عالمية نافذة، يقبع بارتياح وثقة كبيرين.
تقدمت وجوه أبريل، هذه المرة بكثرة وخرجت من كل فج عميق لتشغيل واجهة الأحداث صخبا وغبارا على الصعيدين السياسي والإعلامي. فما الذي جاء به الرئيس الجديد عبد العزيز بوتفليقة؟

سيدي الرئيس
لقد أدرجت سياستك تحت شعار "الوفاق الوطني" و "الوئام المدني". على غرار "التصحيح الثوري" الشعار الذي رفعه الرئيس الراحل هواري بومدين وقد كنت وزيره و أحد أنصاره عام 1965، وعلى غرار " الانفتاح الديمقراطي" عام 1990. وعلى غرار "التقويم الوطني" عام 1995 الذي رفعه الرئيس المستقيل ليامين زروال. وكل السياسات المنتهجة تحت الشعارات السابقة وإن اكتست فاعلية نسبية ومحدودة فقد عبرت عن عدم مصداقيتها بعد مدى قصير وكشفت عن تعجل وعدم تبصر في التقدير.

لقد أثبتت جميع المحاولات أن الأزمة الجزائرية ذات طابع بنيوي وأن القول بأنها ظرفية وعابرة قول فنده الواقع. إلا أن الخطورة مثلما أشار بعض الباحثين تكمن في شح الدراسات والبحوث التي كان لابد أن ترافق هذا الوضع وتضيء عتماته.
مما لا شك فيه أن الجزائر تعاني أزمة متعددة الجوانب و إن مقاربتها لا يمكن أن تكون إلا بنيوية كما أن معالجتها لا يمكن أن تكون ذات نجاعة إلا في الإطار ذاته. و إن بابا كهذا لا يمكن طرقه إلا إذا تسلحت النخبة (السياسية، العسكرية، الثقافية والمالية) بما يكفي من الشجاعة للنظر إلى الواقع و إلى التاريخ بعينين مفتوحتين وروح حضارية وإنسانية مع التجرد من كل استراتيجية متعالية خاصة تلك النزعة الضيقة المعلنة حينا والمضمرة حينا آخر في التعامل مع ثوابت وخصوصيات المجتمع الجزائري.
إن الدراسات وعلى ندرتها ظلت تتحاشى الربط بين الأزمة الجزائرية الراهنة وجذورها الموغلة في التاريخ، ومنذ الاستقلال إلى يوم الناس هذا لم تفلح السياسات في إخراج الجزائر من حالة التنازع إلى حالة الاستقرار والانسجام.
غداة الاستقلال فصل العسكريون في الأمر، إلا أن هذا الفصل كان من جانب واحد. فصلوا فيه بعنف الخطاب وسطوة الأشياء بالإقصاء والمؤامرة والتصفية الجسدية. ولأن الإقلاع كان ينطوي على خلفيات ضيقة سرعان ما انكشف (العطب)، و لأن الروح التي حركت المسار السياسي روح تمردية أكثر منها ثورية اعتمدت الانقلاب وسيلة لتصحيح العطب، فكان التصحيح الثوري وقد ظلت السياسة التي صنعته تقتات منه بما تيسر من نفط وقوة وكاريزمية. وقد فقدت هذه السياسة بريقها باختفاء شروط قوتها.
ما العمل؟ تساءل العسكريون. وما كان عليهم إلا اعتماد انقلاب جديد وعلى غرار التصحيح الثوري جاء الانفتاح الديمقراطي. وقد عبر هذا الانفتاح عن العمق البنيوي للأزمة بسبب تجاهله لأهم مبدأ في قاعدة اللعبة الديموقراطية وأعني بذلك مبدأ الإجماع على دستور يحمل في صلبه المعالم الأساسية للعبور إلى الزمن الجزائري المنشود. وبين العنف والعنف المضاد تحول هذا الانفتاح المشبوه إلى بعبع دموي ابتلع الأخضر واليابس. وبعد ترقيعات استهلكت الكثير من المال والدم جاء التقويم الوطني إلا أن هذا التقويم لم يصمد أمام العصف وسرعان ما أصبح أصحابه مطالبين بإخلاء مواقعهم فورا. وها نحن الآن تحت مظلة (الوئام المدني) والأمل يحدونا في العبور إلى جزائر منسجمة.

ونحن على مرمى حجر من القرن الجديد، وفي غمرة التحولات وما يصاحبها من هيمنة عالية لخطاب الديمقراطية وحقوق الإنسان فإن المحيط العربي السياسي والثقافي ظل يلتزم الصمت إزاء ما يحدث في الجزائر*، أما الغرب الذي ظل يستثمر الأزمة حسب ما تقتضيه مصالحه فقد برهن عن انكفائه.وارتداده عن القيم التي أنتجتها حداثته. لم يعد ثمة شك في أن حضارته بدأت تتنكر لمقولاتها.
إن الغرب الرسمي و على رأسه الدول الأمريكية المتحدة لم يعد لديه أي حجة كي يقنعنا أنه القلعة الساهرة على حقوق الإنسان. لقد تواطأ مع الذئاب وخان تعاليم حضارته، تلك التعاليم الإنسانية المضيئة التي أسسها فلاسفته طياسين الفتوحات المعرفية. لقد طغت رغبته المتعالية مزهوة بما ملكت من جبروت التكنولوجيا. لقد تواطأ مع الذئاب (ذئابه وذئابنا). وانساق ساسته وعسكريوه وراء نزوات وجشع أرباب الشركات المتوحشة ومخططات المنظمات الأصولية السرية. لقد خبا صوت الحق في جسده. أما مفكروه الأفذاذ فقد بح صوتهم. لقد أصبحت الدول الأمريكية المتحدة طليعة الانحطاط مثلما وصفها الفيلسوف روجي غارودي في كتابه الأخير.

سيدي الرئيس ....
مضى على مجيئك إلى سدة الحكم شهور معدودات، وقد شهد الوضع السياسي في ظلك تحولات سمحت له بالخروج شيئا فشيئا من حالة الانحباس التي كادت توصله إلى التشظي. لقد استطعت في هذا الظرف القصير أن تعمل على تفعيل المشهد السياسي محليا ودوليا بفضل ما تتمتع به شخصيتك من مرونة وكاريزمية فأطلقت سراح المعتقلين السياسيين وفتحت باب العفو والمصالحة الوطنية بكل ما يتطلب ذلك من حوار وتفهم وإصغاء إيمانا منك أن الجزائر لكل الجزائريين دونما إقصاء ودونما تعال. وربما تساءلت مثلما يتساءل كل جزائري أرقه الوضع المأساوي: هل ما تم الشروع في إنجازه يكفي لبناء دولة تتسع لكل الجزائريين، وتتسع للحق والقانون؟
ولا شك - سيدي الرئيس- أنك تعرف خصوصية الحالة الجزائرية وهي خصوصية تشكلت عبر مراحل تاريخية متعددة لم تكن عواصفها العاتية لتهدأ إلا لتثور بغتة، عواصف ذهب ضحيتها رجال أفذاذ لم نتمكن بعد من قراءة آثارهم في كليانيتها، في سلبيتها وإيجابيتها، في غموضها ووضوحها، في أخطائها وصوابها، تلك العواصف التي ذهب ضحيتها عقبة وكسيلة وذهب ضحيتها السلم ليحل محله مسار دموي رهيب.
تلك لحظة ضاربة في القدم إلا أنها ظلت تفتعل في شرايين التاريخ ومفاصله. كما كان الأمير عبد القادر ضحية هذا العطب ولم يتلمس الشروط الضرورية التي من دونها عصفت الأحداث بمشروعه النهضوي، فتكبد حيرته واكتفى بالصمت بعد حرب ضروس دامت سبعة عشر عاما ولم يخسر الحرب ضد فرنسا بقدر ما خسرها ضد خصومه الجزائريين والمختلفين معه في الرأي. لست في حاجة لتذكيرك بما حدث أثناء الثورة وبعدها، فأنت ابنها وسليلها.
سيدي الرئيس...
لقد جعلتني الأزمة أنفتح بكامل جوارحي على نداءات مجتمعي وتأوهاته وعلى غياهب التاريخ وغياهب الذات.
لست رجل سياسة ولا منخرط في حزب، ولا أكاديمي يطرح خدماته لهذا المركز أو لهذه الجهة. وقد كان علي من موقعي كمثقف أن أعيد قراءة التاريخ من الفتوحات إلى غاية الانفتاح الديمقراطي وأن أضع جغرافيا الجزائر وتاريخها تحت مجهر حيادي وأمين حتى أتبين الخيط الأبيض من الأسود، وحتى أتلمس ملامحي التي كادت تضيع في غمرة احتفال دموي تفننت في إخراجه (ذات غامضة) من أجل التعرف على وضوحها. أعني الذات الجزائرية التي لم تولد بعد بكامل خصوبتها وبهائها.
إن الجزائر – سيدي الرئيس – وأنت أعرف العارفين لا يمكن احتواؤها بمجرد خطاب سياسي ولا يمكن معالجة قضاياها الأساسية والمصيرية بديماغوجية تخلو من أي واقعية سياسية وثقافية. إن الجزائر أوسع من أن يدير شؤونها رجل واحد أو تيار واحد، وأعمق من أن تملأها إيديولوجية مقفلة، وأكثر تعقيدا من أن يحرر خطاها عنف أو عنف مضاد.
سيدي الرئيس...
أرجو أن يتسع صدرك لرسالتي. فلست سوى واحد من الجزائريين الذين لم يعودوا في حاجة إلى انتخابات لا تفضي سوى إلى انتخابات كما لا أرغب في أن تحزم حقائبك - فجأة - وترحل مثلما رحل الأمير عبد القادر و أحمد بن بله والشاذلي بنجديد وليامين زروال أو مثلما رحل عقبة وكسيلة وبوضياف وقاصدي مرباح إنك - سيدي الرئيس- قد شرعت في إزالة التشنج السياسي، وقد بات من الضرورة والواقعية أن تجتمع النخبة لتجلس إلى مائدة واحدة في سبيل الإجماع على ما هو أساسي بروح عالية من المسؤولية، إن الجزائر ليست في حاجة إلى بناء (أساس جديد) بقدر ما هي في حاجة إلى ملاقاة (أساسها)، إنها في حاجة إلى تقاليد سياسية تكون في مستوى محنتها وتطلعات شعبها. إن ما نحن في حاجة إليه- سيدي الرئيس- هو اعتماد نظام سياسي فدرالي يرفع اللبس عن الأزمة التي صنعتها الأهواء والجهالات، ويعمل على تدعيم وحدة الدولة.

ما هو التاريخ...؟ إنه فن، حسب التعريف الخلدوني، وللفنان ما يخوله أن يعيد اكتشاف ما هو معلوم، ذلك أن العادي، البديهي والسائد يكتسي - غالبا- وضوحا كاذبا وشفافية مخادعة وتكون فيه الحقيقة أكثر التباسا وتخفيا. ليس التاريخ مجرد أحداث مؤلمة أو مخزية، ولا مجرد تحف للتباهي والتفاخر كما أنه ليس ما يسرده على مسامعنا (الراوي) مقتمصا – تارة- ياقة السياسي، وتارة أخرى نبرة المعلم وتارة ثالثة وقار الواعظ.
التاريخ لا يوجد في الهناك، إنه هنا يتحرك معنا وفينا، إما عن معرفة وإما دون معرفة، ولكن في الحالتين كليهما يخضع لتأويل ما. إن التاريخ الوصفي لن يتجاوز نطاق الكرونولوجيا رغم زخرفته لها، وتبعا لذلك يظل سجين (المتى؟) إن التاريخ كونه ذاكرة الشعب، وحتى يبقى نهرا دائم التدفق والخصوبة، فإن الضرورة تلزمنا با ختراقه – من خلال معرفة عميقة وناقدة – بسؤالين جارحين: كيف ولماذا؟
وبهذا المبدأ نتحول من مجرد مرآة تعكسه كتاريخ (لم نساهم في صنعه) إلى تجربة نكون نتاجها ونتيجة لها من خلال تعارف متجدد، ومعرفة عميقة، محايدة ومتحررة من أي نزعة إيديولوجية مقفلة.
أفتح هذا السؤال، لا لأعطي جوابا، ولا لأنتظر جوابا. أفتح هذا السؤال بغية الانخراط في نقاش – كان لابد – أن يتناول ما هو واقعي. لأني أنتمي إلى شعب بذل مجهودات ضخمة وتضحيات جسيمة أعطته في نهاية كل مطاف...(لاشيء سوى المأساة)، شعب أنفق أكثر من ثماني سنوات ولا يزال، في الانتخاب الذي لا يفضي سوى إلى انتخاب في ظل صراع دموي لا يحمل أي معنى، صراع أفرزه واقع صنعته الأهواء والجهالات.
أفتح هذا السؤال بهاجس البحث عن (الموضوع الضائع) في هذه الأزمة التي هي نقاش عصبي محفوف بالصراخ والغبار والدم والأنين والقهقهات، هذا الهاجس هو الذي حملني على قراءة التاريخ مجددا- ساعيا إلى محاورته، لمسه، الامتزاج به والتعرف عليه من أجل التعرف على ذاتي. إن الانتخاب كسلوك ديموقراطي، هو وسيلة مسبوقة بشروطها و إلا كان (مجرد صرخة في واد)، ذلك أن الانتخابات عملية يتم اللجوء إليها بعد أن تجمع النخبة على ما هو (أساسي). إلا أن النخبة (لم يفتح عليها الله بعد) لكي تجلس إلى طاولة واحدة قصد تدارس حالة مجتمعها متجاهلة حالة الإحباط والمعاناة التي تطوق عنق الشعب يوما بعد يوم. فما جدوى الانتخابات في ظل نخبة متشرذمة وشعب لا يعرف رأسه من قدميه، وفي غياب دستور نابع من صلب الشعب عبر نخبه وممثليه؟.
ثمة موضوع ضائع في الأزمة الجزائرية، وهذا الموضوع الضائع هو (الواقعي) أستعير هذا المصطلح من حقل التحليل النفسي، هذا (الواقعي) ظلت تحجبه وتغلفه خطابات متعالية وصراع ملتبس. والواقع بكل تحولاته المأساوية ومستجداته الهزيلة والهزلية، يغنينا عن كل قول بليغ.
إن ما يحدث على مسرح الأحداث وما أفرزته الأزمة أثبت أن الذين ما فتئوا يقدمون أنفسهم في الواجهة على أنهم عقلاء وشرعيون، ليسوا في حقيقة الأمر سوى أهوائيين ومزاجيين لا أكثر ولا أقل. إن الضرورة الملحة أو المسعى الواقعي يكمن في معالجة الأزمة برمتها من خلال مساءلة التاريخ برمته. ذلك أن الإسلام السياسي في الجزائر لا علاقة له بالمنبع المحمدي بقدر ما هو تمظهر لروح التمرد، تلك الروح التي ظلت تنهل (دون وعي منها) من ماض سحيق شاءت الأقدار أن يلتحق فيه القرامطة بالخوارج ويجتمعان على أرض اسمها الجزائر. أما ديموقراطية الجزائر فلا علاقة لها باجتهادات مونتيسكيو ومن حذا حذوه، إنما هي امتداد لتلك الديموقراطية التي نبذها أفلاطون وأرسطو بوصفها ديموقراطية الاخساء والجهلة والطغيان والتسيب.

وبناء على هذه المعطيات فإن الحال التي آلت إليها بلادي ليست نتيجة تمخضت عن التاريخ بقدر ما هي تمظهر لتاريخ غير مبتوت فيه، لتاريخ يحتاج إلى قسط كبير من الإضاءة والتهوية، تاريخ استغلته وتستغله لوبيات شبحية. فالجزائر التي دفعت ثمنا باهظا من أجل الاستقلال، لم تتعلم بعد كيف تجلس إلى مائدة التاريخ حتى تلتقي مجددا بذاتها وتتعارف معها وفق آداب وأخلاقيات الضيافة، إنها مدعوة كيما تعيد ترتيب علاقتها مع ما هو أرضي من جهة، ومع ما هو سماوي من جهة ثانية. إن ما نحن في حاجة إليه هو الانفتاح على ذاتنا المتعددة والتواصل مع المكان والزمان حتى نتمكن من الانفتاح على الآخر.
ثمة ضرورة واقعية وملحة، معرفية وجمالية للتواصل مع التاريخ والجغرافيا. فمنذ الاستقلال إلى الآن لا تزال الجزائر تدير ظهرها إلى منطق التاريخ وذلك أن نخبها لم تكن مؤهلة للبت في القضايا الجوهرية، ولم يعتمد وجهاء هذه النخبة الواقعية في نظرتهم لهذه القضايا، معتبرين إياها أمرا عارضا فكانت التحليلات السياسية سطحية شأنها شأن الخبر الإعلامي المستعجل لا تمس سوى قشرة الحدث دون التوغل في جذوره. إن العمق الجزائري بجميع أبعاده، وهو عمق بربري هلالي ظل يبحث له عن أصل، وفي الوقت الذي كانت الجزائر مدعوة إلى تجاوز حيرتها – بابتلاعها رمزيا – بتوفير الشروط السياسية للاندماج الفعال، ظل الخطاب الرسمي والمعارض على حد سواء يجهد نفسه في تبرير فشله دون أن يكترث لما يترتب عن ذلك من صراعات لا تفضي إلى معنى، وفي هذه الحالة، وفي غفلة العقل، ظل اللاوعي يسهر على صناعة المشهد السياسي في الجزائر، مشهد دموي وعبثي في آن، مشهد لا يزال يتحرك دونما أفق واضح.
(الموضوع الضائع) ضائع بين دعاة المزوغة بعدائهم للعروبة، ودعاة العروبة بتجاهلهم للأمازيغية، ضائع بين أصوليين يجهلون العمق الحقيقي للإسلام، وبين ديموقراطيين مزيفين لم يتشبعوا بثقافة الاختلاف.. إن التاريخ لا يقبع في بطون المكتبات فحسب، إنه لصيق بالإنسان والأشياء والجغرافيا، إنه في جميع الحالات دليلنا شئنا أم أبينا، إلا أنه في غياب معرفته واستكناه مجاهله، إنه والحالة هذه يتحول إلى دليل أعمى. ذلك أن جهل التاريخ يعني بالأساس جهل الذات وبالتالي الضلال المبين .

في كل مجال من مجالات الحياة وشؤونها، هناك الرفعة وهناك الوضاعة، هناك الجودة وهناك الرداءة، كذلك هو شأن السياسة. إن معرفة التاريخ والتبصر وبعد الهمة والانفتاح على الآخر هي جوهر أي عمل سياسي. إن أي مسعى متعنت لا جدوى منه سوى تمديد مسافة الدم والبؤس.
فهل دشن أبريل منعطفا ربيعيا في تاريخ الجزائر بعد شتاء طويل وقاس أتت عواصفه على الأحلام الوردية وبثت في جوف الليل السياسي هواجس الرعب والترقب. لقد آن للنخبة أن تتحرك، أن تقدم قراءة جديدة للتاريخ، وأن تسائل مجددا الرموز التي ساهمت في صنع تاريخنا، وهي الآن تشكل موروثنا الحضاري والثقافي.
ثمة أسئلة ينبغي طرحها (بواقعية وموضوعية)، على عقبة بن نافع وإكسيل، على الكاهنة، على عبد الرحمان بن رستم، على الأمير عبد القادر وكاتب ياسين، على هواري بومدين ومفدي زكريا ومحمد ديب... على ابن باديس ومالك بن نبي .. على بختي بن عودة ومعطوب الوناس......
وثمة نداء ينهض من عمق التاريخ، ومن عمق الراهن المثقل بالآلام والأهواء والأوهام، نداء الأسلاف الذي ينهض جنبا إلى جنب مع نداء ضحايا اليوم، إنهم ينادوننا من أجل التعارف السلمي، ذلك أن التعارف هو السبيل الأمثل للتعايش المخصب. إن التعارف هو تعميق للفكر وتلقيح له، إنه انفتاح على الذات والتاريخ، وتمثل جمالي للجغرافيا، إنه تحسين للنسل ببعديه البيولوجي والثقافي وتخصيبه قوة وجمالا وذكاء وأخلاقا. فمتى تنخرط النخبة في نقاش عميق حول دستور، يكون الرحم المؤهلة لإنجاب جزائر سيدة...؟



في سبيل الخروج من حرب رديئة، إلى وئام يمكن إجتراحه، من أجل ( دولة) يصنعها (الإجماع).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لحرب الحرير (أكتوبر 2000)
سيدي الرئيس:

مع حلول الذكرى السادسة و الأربعين لحرب التحرير يكون قد مر على اعتلائكم سدة الحكم عام ونصف، فترة بلا ريب كانت حافلة بالأحداث و المجهودات غير أنها مجهودات ذهبت أدراج الرياح، ضاعت كما ضاعت تضحيات ثورة بأكملها و كما ضاعت عقود من الاستقلال، لأنها مجهودات لم تنتظم منذ البدء داخل إطار سياسي ديموقراطي يحمي فعاليتها و يمنحها القدرة على التجدد والاستمرارية.
إن أي ثورة لا يمكن أن تقوم إلا رفضا للواقع و من أجل بديل أفضل، رفض مؤسس على وعي وواقعية وبديل مدروس في ضوء دستور مجمع عليه. إن الثورة ليست هي التمرد و ليست هي الانتفاضة، و الفرق بين المتمرد و الثوري جوهري، إذ الأول لا يهمه سوى تقويض الواقع دونما بديل بينما الثوري و هو يجهز على الواقع فهو في ذات الوقت يحمل مشروعا بديلا.
و لا شك أن القيمة الحقيقية لأية ثورة لا تقاس بعدد الضحايا والخسائر، إن قيمتها تتجلى في ما ستتمخض عنه من انتصار للقيم الإنسانية و على رأس هذه القيم كرامة الإنسان و حريته.
لقد خلفت حرب الفاتح من نوفمبر 54 مالا يقل عن مليون و نصف المليون من الشهداء، فماذا صنعت بدمائهم الزكية؟ و ماذا فعل المجاهدون وهم يتسلمون زمام الاستقلال؟ لقد انصرفوا إلى التناحر فيما بينهم هذا ما سجله التاريخ.. ماذا فعلت الجزائر باستقلالها الذي ضحت من أجله بخيرة أبنائها؟

منذ البدء لم تسلك الجزائر مسارا طبيعيا نحو ذاتها. لقد تم الإجهاز بكيفية تراجيدية على جوهر الاستقلال. و أصبحت (الثورة) كما لو أنها ملك شخصي تباع و تشترى بأبخس الأثمان. أمّا المجاهدون الانتهازيون الذين صنعوا لمصالحهم (منظمة) ثم (منظمة) أخرى لأبنائهم لم يعملوا سوى على تشويه (الثورة) و لم يكن لهم من هدف سوى نهب ما يمكن نهبه. و بعد ثلاثة عقود من الاستقلال وجدت الجزائر نفسها تتهجى ملامحها على إيقاع من الدم والدموع.
في بداية الاستقلال لم يعمل الممسكون بزمام السلطة سوى على تكسير صورة الجزائر المنشودة في مشاعر الجزائريين، و لم يكن الإقلاع سوى تشتيت للشمل، اغتيالات و اعتقالات و تآمر و انقلاب وهروب نحو المنافي تلك هي مفردات المرحلة.
و الآن وقد عبرت الجزائر عقدا من أزمتها الحمراء هل يمكن القول بعد تجربة الوئام المدني أنها استدركت أخطاءها و هي الآن تسلك مسارا طبيعيا نحو الاستقرار؟
لم تسر سفينة الوئام في بحر هادئ و لا في ضوء بوصلة تؤشر لوجهة واضحة المعالم. و يكفي هنا أن أشير إلى إعراض المعارضة عن السياسة المنتهجة و التشظيات التي رافقت صدور بعض المذكرات التاريخية و تماسها الكهربائي بالراهن السياسي فضلا عن استمرار حالات القتل و تردي الوضع الاجتماعي واحتداد الشعور باليأس.
إن السياسة التي سادت عقودا من الزمن و قد تأسست على إلغاء الحريات الفردية و الجماعية والرأي المخالف اعتقادا منها أن الاستبداد يؤدي إلى بناء دولة قوية اتضح أنه اعتقاد زائف فنده الواقع وفضحته الأحداث.
و لم يكن الدفع بالفرد نحو المزيد من التضحيات من أجل بناء دولة مستبدة و قوية سوى دليل ساطع على ضعف الدولة و عجزها عن بناء قوة حقيقية أساسها العدل و الحوار و الانفتاح و حسن التدبير ولنا في تجارب الأمم العبرة و الدرس الأساس و لعل إسبانيا مثال من أمثلة شتى يمكن لأي سياسة عاقلة أن تضعها موضع تأمل واعتبار. فلم يكن بوسع إسبانيا إلا أن تقتنع بضرورة (الإجماع) في بناء ذاتها ولم تكن (مسودة قانون الإصلاح الشامل) إلا لتتسع لجميع الأطراف عبر الحوار و التشاور حتى للحزب الشيوعي المتهم بإشعال الحرب الأهلية. و في نهاية المطاف انتصر التبصر والواقعية على الأهواء والمزاجات والمصالح الضيقة.

أما الجزائر فقد ضربت صفحا عن أي نداء يتغيا الإجماع كما لو أنها أصيبت بالعقم و ظلت تتغذى على سياسة واحدة و وحيدة، سياسة كلما بردت سارعت (الطغمة) إلى تسخينها بالطبل و النفير و بالدم والنار.
ولعل ما يروج حاليا حول تغيير (مجلس الأمة) بـ (مجلس عقلاء) يندرج في هذا المضمار أي تسخين سياسة الوئام التي يبدو أن ما اعتقدته علاجا ليس سوى مسكنات.

سيدي الرئيس:
إن إيمانكم بأن الديمقراطية لا يمكن أن تكون في ظل الإرهاب هو إيمان لا يترجم الفهم الصحيح للديمقراطية بوصفها وسيلة و غاية في آن واحد... و يمكن القول أن الإرهاب لا يزول إلا في المناخ الديمقراطي إذا سلمنا أن الديمقراطية في المنطلق و بالأساس هي الحوار و الاعتراف المتبادل بين جميع الأطراف المتنازعة و هذا أول رهان لأي دولة ترغب في أن تكون ديمقراطية، فإن نجحت فيمكنها الانتقال بخطوة أخرى في سلم الديمقراطية و إن فشلت فهذا يعني أن إقلاعها كان خطأ من الأساس أي في حالة الفشل في هذا الرهان فمن السخف الحديث عن الانتخابات و المجالس المنتخبة وما إلى ذلك من مفردات المعجم الديمقراطي.
و عليه فإن أي مجهود في غياب (الإجماع) سينتهي إلى نقطة الصفر.
إن رسالتي هاته لا تكتسي صبغة المطالبة أو الترجي بقدر ما هي (فعل فردي) لا شك أنه يصب في (فعل جماعي) يتحرك هنا وهناك بغرض التأسيس لتيار غايته الجوهرية هي الدعوة إلى (الإجماع)، و هي بمثابة دعوة إلى سيادتكم يكون لكم فيها شرف التأسيس لعهد جزائري جديد يكون (الإجماع) فاتحته ومفتاحه.
لقد أصبحت الجزائر أكثر من أي يوم مضى في حاجة إلى (الإجماع) و إلى احترام التعدد والاختلاف وإلى نظام ضمن أولوياته استراتيجية تتغيا إبراز خصوصية الجهة و تأهيلها عبر استقلاليتها القانونية والسياسية و الاقتصادية و الإدارية . و يكون الاعتراف بالشأن الجهوي كشأن ذاتي يتمتع باستقلالية تعمل على تدعيم أسس و مقومات وحدة الوطن.
و مثلما تحتاج الجزائر - جغرافيا- إلى تأمل جيوبوسياسي فهي تحتاج إلى تأمل جينيالوجي على مستوى الفاعلين السياسيين والعسكريين، إذ التأمل المؤسس على فن الإصغاء هو ما يفضي إلى الفهم السليم المفترض تبادله بين الأطراف المتنافرة و إلى تجاوز العداوات و الأحقاد التي كرسها سوء الفهم والعناد والنزعات الفردانية.
إن التاريخ يحتاج دائما إلى إضاءة و تهوية و تطهير ذاتي بموازاة التسامح و الترفع عن الثأر وهذا ما يضمن للشعب التمتع بـ (ذاكرة سعيدة) و الشعب الجزائري من أحوج الشعوب إلى هذه الذاكرة …
يحار المرء وهو يسمع أصواتا تتعالى في خضم فوضى عارمة، أصواتا من العيار الثقيل تطالب بالتحقيق في كذا و كذا وبالمحاسبة و يتساءل المرء بينه وبين نفسه: إن هؤلاء الذين يطالبون بالتحقيق، فمن يحقق مع من؟ و من يحاسب من؟ إن أمرا كهذا لا يمكن أن يكون إلا في مجتمع سوي مستقر و آمن أي في مجتمع أجمعت نخبته و شعبه على أساسيات تعاقدت حولها ميثاقا وارتضتها دستورا. إن الشعب لم يعد يصدق مثل هذه المسرحيات.


سيدي الرئيس
لقد زرتَ الصين، ولا أدري إن كانت هذه الزيارة أحالتك على حكيم هذا البلد العريق كونفوشيوس الذي قال ذات يوم: "إذا فسدت التسميات لم تعد من جدوى للكلمات و عندها اضطربت أمور الدولة" وإذ أسوق هذه الحكمة فلكي أشير أن الديمقراطية لا يرفع صرحها سوى الديمقراطيين.. ولا ديموقراطية إلا بالإجماع. وأن تسمية الأشياء بأسمائها هو ما نحتاج إليه.








#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحل ...
- نصف قرن على مؤتمر طنجة: الشرط الغائب في مسألة الاتحاد المغار ...


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد هادف - الجزائر في أفق 2012، الذكرى الخمسينية لاتفاقيات إيفيان (الحلقة السادسة) الدستور :ذلك الكتاب