أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد ديوب - الديموقراطية.. العصية على العقل العربي















المزيد.....

الديموقراطية.. العصية على العقل العربي


مفيد ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 751 - 2004 / 2 / 21 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما لم يدفع شعب فاتورة الخلاص من حاكمه الطاغية, و اثناء حكمه, مثلما دفع الشعب العراقي, و طيلة عقود طويلة. أنهر من دماء و مقابر جماعية. شباب و نساء شيوخ و أطفال, مهاجرون و منفيون, و حروب طائشة رعناء مجنونة .
كانت فرحة هائلة عند سقوط عرش الطاغية. ترافقت مع غصّة و حزن شديد بنفس الوقت, أن جيوش أجنبية هي التي أسقطت عرشه, و هي التي باتت غازية محتلة و حاكمة . ظل حلم الديموقراطية دفينا بالصدور طيلة حكم الطاغية, و كلما ازداد قمعه و بطشه كلّما توهج هذا الحلم, و ازداد التوق إلى يوم الخلاص من الطاغية, و تحقيق الحلم المنشود.                                      و اليوم .. بعد عام من سقوط الطاغية يتساءل العراقيون و نحن معهم : ماذا حل بالحلم, ماذا حل بالديموقراطية ؟ !
لا شك أن المستعمر و إدارته التي كانت لها أحلامها, بأن تتمكن من إدارة المجتمع و البلاد بنفسها, لكي تحقق الاستيلاء على ثروة النفط منفردة. لكن الواقع كان شئ آخر, فشرعت تفتش عن خطوات بديلة كلما عجزت و تعثرت خطواتها الأولى, إلى أن اضطرّت إلى الاستنجاد بهيئة الأمم المتحدة لتلعب دورها كي يستقر العراق على نمط توافقي بين مكوناته, و تتمكن هي من رعاية مصالحها, و هذا بحث آخر ليس مجاله هنا. و نعود للبحث عن الديموقراطية و الحلم الجميل. كيف عبّر عنه الشعب العراقي و رموزه و سياسيوه, الذين ذاقوا مرارة السجون و التعذيب و القمع العنيف من الديكتاتورية.
يذكر أمين عام الحزب الشيوعي عضو المجلس الانتقالي في مقالته الواردة على موقع الحوار المتمدن 9/ 2 /2..4
يذكر تفصيلات ــ يمكن الرجوع إليهاــ عن الحياة في عراق اليوم, و التي تصور المشهد بأنه غابة تفتقد إلى شريعتها الفطرية. تبدأ بأعمال القتل العبثي أو الثأري, أو عودة المجازر الجماعية ضد الأبرياء المدنيين ـ و تصلنا بعض تلك المشاهد المرعبةـ و تنتهي بالسلب و النهب و الاعتداء, و صولا إلى الرشوة و المحسوبيات, و تدّخل العشائر و الطوائف و الإثنيات في تصريف شؤون الدولة أو الوزارة. و بروز ذلك أكثر لدى القادة السياسيين, و استخدام نفوذهم لتقاسم الغنائم و إحياء الولاءات.!!                       و نتساءل مع الكاتب, أين أضحت الديموقراطية الحلم؟.. كيف تبخّرت من الأذهان التي انتظرتها و حلمت بها طويلا ؟ و ننعيها مع الكاتب أيضا. و نقف بذهول و دهشة أمام ذلك !!!... مع محاولة تفهّم الشروط الخاصة التي يعيشها الآن إخواننا في العراق / احتلالا أجنبيا، فوضى، قمع متوارث /  لكن بالرغم من كل ذلك, يبقى السؤال ملّحا:                                                                       أين موقع الديموقراطية في وعي و عقل العراقي و العربي ؟ !                                                                                           
                                *                      *                        *
المشهد الآخر من اللوحة يزيد من إلحاح و مشروعية السؤال السابق, و يجبّرنا على البحث عن جذور الأزمة, متفادين المنزلقات السابقة, مثل إلقاء التهمة على الأعداء ( استعمار,خيانة..) أو على الآخر..
المشهد الآخر من اللوحة هو: سقوط الديكتاتورية و الشمولية في جورجيا. و ذكر هذا المشهد هنا لا يحمل معنى المطابقة أو سحب تجربة على تجربة. بل يقتصر على مقاربة الأمر.
لقد استخدمت هناك أرقى أشكال النضال المعاصرة لإسقاط الديكتاتورية – النضال السلمي بالاعتصام و التظاهر و العصيان المدني. و انهار النظام أمام ذلك, و حصل الانتقال السلمي إلى مرحلة أخرى مختلفة, و جرت الانتخابات فورا, دون  تهديم أو قتل أو إراقة دماء. و مع أن ذلك  له ظروفه الخاصة المختلفة عن ما حصل في العراق, لكن ما حصل في صباح اليوم التالي, مقصود أكثر بالإشارة إليه و الوقوف عنده, و هو أن الشابات و الشبان نزلوا إلى الشوارع, و بأيديهم المكانس و المعاول ينظفوّن الشوارع و يحفرون في الأرصفة الفارغة من الأشجار مواقع لزراعة أشجار جديدة فيها. و عند سؤال أحد الشبان عمّا يفعلون أجاب:
إننا نبني وطننا الجميل ليصبح أكثر جمالا!!.
هناك... الشبان الذين يحملون المعاول و يزرعون الأشجار.. و هنا في العراق يحمل الشبان آلات الموت, و يقتلون الآخر المختلف أو المدني البريء, و أحيانا بالعشرات من أبناء الوطن ذاته ؟!! الجميع يتفهمون أعمال المقاومة ضد الاحتلال..         لكن أحدا غير مستعّد لتقبل قتل المواطنين العراقيين الأبرياء, أو هيئات دولية إنسانية, و أعمال ثأر و سلب و نهب, و تشكيل عصابات, أو استخدام زعماء الطوائف و العشائر و الأحزاب المختلفة لمواقعهم, من أجل المزيد من الاحتقانات الطائفية و التقسيمية..
و هنا يمكن القول أن هناك أسبابا عميقة لممانعة العقل العربي على تمثل الديموقراطية. و المرتكزة على محور رئيسي هو الاعتراف بالآخر و حقوقه,و التي كان ينشدها و يعاني الفظائع من غيابها, و يحلم باليوم الذي سيظفر بها. وحين يسقط الديكتاتور و يحين وقتها, يعجز الجميع عن ممارستها و تطبيقها في الحياة اليومية. أو إدارة الاختلاف مع الآخر..                             هل صحيح أننا نحن العرب يسهل علينا هدم ما لا نرغب به, و نعجز عن بناء أبسط الأسس, أو الأعمال لحياة طبيعية يومية, أو سياسية على مستوى الوطن ؟؟!
إذا كان هذا صحيحا, و هذا ما نخشاه و لا نرغب بتصديقه, فنحن حقا لا نستحق الحرية التي ننشدها.. و لا نستحق الديموقراطية التي طالما حلمنا بها. و نحن حقا لا زلنا في مرحلة بدائية من مراحل التطور الإنساني, و مازالت عقولنا تحمل معها كل موروثات الماضي السحيق, رغم أننا نعيش في القرن الواحد و العشرين.. 
و هذه الموروثات البائدة, و الحاضرة اليوم في الوعي , هي التي تحتل كامل المساحة الثقافية , و تتثبت بها, و تتمّنع من الانزياح لصالح مفاهيم العصر , و التي أصبحت الديمقراطية إحدى مسلماته لدى أغلب الشعوب ..                                                          
 
 هنا..يتوجب على الباحثين التوقف و التنقيب عن أسباب التشكّل المتوارث للعنف , و أسباب الإعاقة التاريخية للديمقراطية .
يبدو الكلام و كأنه مجرد جلد للذات , من أجل جلد الذات.. لكن الأمر ليس كذلك, بل لأننا بأمس الحاجة وقبل أي شيء آخر , إلى كشف زيف الأوهام الكبيرة التي كنا نعيش فيها , و تعشش في وعينا. عندها فقط يمكن بعد أن نهبط من أبراج أوهامنا إلى أرض الواقع,ونتمكن من معالجة مشكلاتنا بشكل ناجع, مهما كانت .. كما تقتضي الحاجة إلى تفكيك كل المفاهيم, و الشروع ببناء مفاهيم تستلهم ما أنتجه الإبداع البشري, و تستلهم روح العصر , بحاجة إلى تفكيك مفاهيم الدين , و إعادة الدين إلى حقله الخاص به فقط , وبحاجة إلى تفكيك مفاهيم السياسة, و تنظيفها مما لحق بها أوحال و تشوهات, مارسها أهل الدعارة باسم السياسة, و إعادة الالق إليها.
أننا بحاجة إلى الإجابة على الأسئلة التالية بكل مصداقيته :
هل حقا نريد بناء أوطان  جميلة , أم ما نريده لا يعدو سوى فرض إرادتنا بوسائل العنف على الآخر الأضعف و المختلف ؟ 
أم ما نريده هو اقتطاع جزء من الوطن لنشّيد فيه عزوة القبيلة , أو العشيرة ؟
أم ما نريده هو إشادة دولة على جزء من تراب الوطن, تتحقق فيها تصوراتنا الدينية, المستجرّة منه بطن التاريخ الآفل.  ومن خيالاتنا الخادعة , ونمارس فيها أمراضنا النفسية, من عدوانيات دفينة تجاه الآخر آيا كان ؟
عند الإجابة على هذه الأسئلة. سنكتشف لماذا لم نكن صادقين مع أنفسنا عندما طالبنا بالديمقراطية , ولماذا كانت بالنسبة لنا كلام حق نريد به باطلا , ولماذا كانت الديمقراطية مجرد رغبة بالخلاص من الطاغية, و ليس أكثر. و ليس من أجل الشروع ببناء وطن مؤسّس وفق الأصول الديمقراطية , ولماذا لم تتمكن مفردات الديمقراطية من الولوج إلى نسيج وعينا , و كنا عاجزين عن تمثلها في الوعي و في السلوك , و أخيرا لماذا لا نستحقها ؟
 
                                                     *             *                 11/2/2..4   مفيد ديوب



#مفيد_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعّوقات والإعاقات .. المتجددة
- المعّوقات والإعاقات .. المتجددة
- الديموقراطية.. العصية على العقل العربي
- حول ورقة الموضوعات المقدمة إلى المؤتمر السادس للحزب الشيوعي ...
- متى يرزقنا الله بأفضلهم...؟ مفارقات صادمة .. وجلد الذات
- ثورة الحجاب
- حلب ... يا مجمع الأحرار


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد ديوب - الديموقراطية.. العصية على العقل العربي