أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد ديوب - الديموقراطية.. العصية على العقل العربي















المزيد.....

الديموقراطية.. العصية على العقل العربي


مفيد ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 744 - 2004 / 2 / 14 - 06:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما لم يدفع شعب فاتورة الخلاص من حاكمه الطاغية, و اثناء حكمه, مثلما
دفع الشعب العراقي, و طيلة عقود طويلة. أنهر من دماء و مقابر جماعية. شباب و
نساء شيوخ و أطفال, مهاجرون و منفيون, و حروب طائشة رعناء مجنونة .
كانت فرحة هائلة عند سقوط عرش الطاغية. ترافقت مع غصّة و حزن شديد بنفس
الوقت, أن جيوش أجنبية هي التي أسقطت عرشه, و هي التي باتت غازية محتلة و
حاكمة . ظل حلم الديموقراطية دفينا بالصدور طيلة حكم الطاغية, و كلما ازداد
قمعه و بطشه كلّما توهج هذا الحلم, و ازداد التوق إلى يوم الخلاص من
الطاغية, و تحقيق الحلم المنشود.                                      و اليوم
.. بعد عام من سقوط الطاغية يتساءل العراقيون و نحن معهم : ماذا حل
بالحلم, ماذا حل بالديموقراطية ؟ !
لا شك أن المستعمر و إدارته التي كانت لها أحلامها, بأن تتمكن من إدارة
المجتمع و البلاد بنفسها, لكي تحقق الاستيلاء على ثروة النفط منفردة. لكن
الواقع كان شئ آخر, فشرعت تفتش عن خطوات بديلة كلما عجزت و تعثرت خطواتها
الأولى, إلى أن اضطرّت إلى الاستنجاد بهيئة الأمم المتحدة لتلعب دورها كي
يستقر العراق على نمط توافقي بين مكوناته, و تتمكن هي من رعاية مصالحها, و
هذا بحث آخر ليس مجاله هنا. و نعود للبحث عن الديموقراطية و الحلم الجميل.
كيف عبّر عنه الشعب العراقي و رموزه و سياسيوه, الذين ذاقوا مرارة السجون
و التعذيب و القمع العنيف من الديكتاتورية.
يذكر أمين عام الحزب الشيوعي عضو المجلس الانتقالي في مقالته الواردة على
موقع الحوار المتمدن 9/ 2 /2..4
يذكر تفصيلات ــ يمكن الرجوع إليهاــ عن الحياة في عراق اليوم, و التي
تصور المشهد بأنه غابة تفتقد إلى شريعتها الفطرية. تبدأ بأعمال القتل العبثي
أو الثأري, أو عودة المجازر الجماعية ضد الأبرياء المدنيين ـ و تصلنا بعض
تلك المشاهد المرعبةـ و تنتهي بالسلب و النهب و الاعتداء, و صولا إلى
الرشوة و المحسوبيات, و تدّخل العشائر و الطوائف و الإثنيات في تصريف شؤون
الدولة أو الوزارة. و بروز ذلك أكثر لدى القادة السياسيين, و استخدام نفوذهم
لتقاسم الغنائم و إحياء الولاءات.!!                       و نتساءل مع
الكاتب, أين أضحت الديموقراطية الحلم؟.. كيف تبخّرت من الأذهان التي
انتظرتها و حلمت بها طويلا ؟ و ننعيها مع الكاتب أيضا. و نقف بذهول و دهشة أمام
ذلك !!!... مع محاولة تفهّم الشروط الخاصة التي يعيشها الآن إخواننا في
العراق / احتلالا أجنبيا، فوضى، قمع متوارث /  لكن بالرغم من كل ذلك, يبقى
السؤال ملّحا:                                                                      
أين موقع الديموقراطية في وعي و عقل العراقي و العربي ؟ !                                                                                           
                                *                      *                       
*
المشهد الآخر من اللوحة يزيد من إلحاح و مشروعية السؤال السابق, و يجبّرنا
على البحث عن جذور الأزمة, متفادين المنزلقات السابقة, مثل إلقاء التهمة
على الأعداء ( استعمار,خيانة..) أو على الآخر..
المشهد الآخر من اللوحة هو: سقوط الديكتاتورية و الشمولية في جورجيا. و
ذكر هذا المشهد هنا لا يحمل معنى المطابقة أو سحب تجربة على تجربة. بل يقتصر
على مقاربة الأمر.
لقد استخدمت هناك أرقى أشكال النضال المعاصرة لإسقاط الديكتاتورية -
النضال السلمي بالاعتصام و التظاهر و العصيان المدني. و انهار النظام أمام ذلك,
و حصل الانتقال السلمي إلى مرحلة أخرى مختلفة, و جرت الانتخابات فورا, دون 
تهديم أو قتل أو إراقة دماء. و مع أن ذلك  له ظروفه الخاصة المختلفة عن ما
حصل في العراق, لكن ما حصل في صباح اليوم التالي, مقصود أكثر بالإشارة
إليه و الوقوف عنده, و هو أن الشابات و الشبان نزلوا إلى الشوارع, و بأيديهم
المكانس و المعاول ينظفوّن الشوارع و يحفرون في الأرصفة الفارغة من
الأشجار مواقع لزراعة أشجار جديدة فيها. و عند سؤال أحد الشبان عمّا يفعلون
أجاب:
إننا نبني وطننا الجميل ليصبح أكثر جمالا!!.
هناك... الشبان الذين يحملون المعاول و يزرعون الأشجار.. و هنا في العراق
يحمل الشبان آلات الموت, و يقتلون الآخر المختلف أو المدني البريء, و
أحيانا بالعشرات من أبناء الوطن ذاته ؟!! الجميع يتفهمون أعمال المقاومة ضد
الاحتلال..         لكن أحدا غير مستعّد لتقبل قتل المواطنين العراقيين
الأبرياء, أو هيئات دولية إنسانية, و أعمال ثأر و سلب و نهب, و تشكيل عصابات,
أو استخدام زعماء الطوائف و العشائر و الأحزاب المختلفة لمواقعهم, من أجل
المزيد من الاحتقانات الطائفية و التقسيمية..
و هنا يمكن القول أن هناك أسبابا عميقة لممانعة العقل العربي على تمثل
الديموقراطية. و المرتكزة على محور رئيسي هو الاعتراف بالآخر و حقوقه,و التي
كان ينشدها و يعاني الفظائع من غيابها, و يحلم باليوم الذي سيظفر بها.
وحين يسقط الديكتاتور و يحين وقتها, يعجز الجميع عن ممارستها و تطبيقها في
الحياة اليومية. أو إدارة الاختلاف مع الآخر..                            
هل صحيح أننا نحن العرب يسهل علينا هدم ما لا نرغب به, و نعجز عن بناء
أبسط الأسس, أو الأعمال لحياة طبيعية يومية, أو سياسية على مستوى الوطن ؟؟!
إذا كان هذا صحيحا, و هذا ما نخشاه و لا نرغب بتصديقه, فنحن حقا لا نستحق
الحرية التي ننشدها.. و لا نستحق الديموقراطية التي طالما حلمنا بها. و
نحن حقا لا زلنا في مرحلة بدائية من مراحل التطور الإنساني, و مازالت عقولنا
تحمل معها كل موروثات الماضي السحيق, رغم أننا نعيش في القرن الواحد و
العشرين.. 
و هذه الموروثات البائدة, و الحاضرة اليوم في الوعي , هي التي تحتل كامل
المساحة الثقافية , و تتثبت بها, و تتمّنع من الانزياح لصالح مفاهيم العصر
, و التي أصبحت الديمقراطية إحدى مسلماته لدى أغلب الشعوب ..                                                          

 هنا..يتوجب على الباحثين التوقف و التنقيب عن أسباب التشكّل المتوارث
للعنف , و أسباب الإعاقة التاريخية للديمقراطية .
يبدو الكلام و كأنه مجرد جلد للذات , من أجل جلد الذات.. لكن الأمر ليس
كذلك, بل لأننا بأمس الحاجة وقبل أي شيء آخر , إلى كشف زيف الأوهام الكبيرة
التي كنا نعيش فيها , و تعشش في وعينا. عندها فقط يمكن بعد أن نهبط من
أبراج أوهامنا إلى أرض الواقع,ونتمكن من معالجة مشكلاتنا بشكل ناجع, مهما
كانت .. كما تقتضي الحاجة إلى تفكيك كل المفاهيم, و الشروع ببناء مفاهيم
تستلهم ما أنتجه الإبداع البشري, و تستلهم روح العصر , بحاجة إلى تفكيك مفاهيم
الدين , و إعادة الدين إلى حقله الخاص به فقط , وبحاجة إلى تفكيك مفاهيم
السياسة, و تنظيفها مما لحق بها أوحال و تشوهات, مارسها أهل الدعارة باسم
السياسة, و إعادة الالق إليها.
أننا بحاجة إلى الإجابة على الأسئلة التالية بكل مصداقيته :
هل حقا نريد بناء أوطان  جميلة , أم ما نريده لا يعدو سوى فرض إرادتنا
بوسائل العنف على الآخر الأضعف و المختلف ؟ 
أم ما نريده هو اقتطاع جزء من الوطن لنشّيد فيه عزوة القبيلة , أو العشيرة
؟
أم ما نريده هو إشادة دولة على جزء من تراب الوطن, تتحقق فيها تصوراتنا
الدينية, المستجرّة منه بطن التاريخ الآفل.  ومن خيالاتنا الخادعة , ونمارس
فيها أمراضنا النفسية, من عدوانيات دفينة تجاه الآخر آيا كان ؟
عند الإجابة على هذه الأسئلة. سنكتشف لماذا لم نكن صادقين مع أنفسنا عندما
طالبنا بالديمقراطية , ولماذا كانت بالنسبة لنا كلام حق نريد به باطلا ,
ولماذا كانت الديمقراطية مجرد رغبة بالخلاص من الطاغية, و ليس أكثر. و ليس
من أجل الشروع ببناء وطن مؤسّس وفق الأصول الديمقراطية , ولماذا لم تتمكن
مفردات الديمقراطية من الولوج إلى نسيج وعينا , و كنا عاجزين عن تمثلها في
الوعي و في السلوك , و أخيرا لماذا لا نستحقها ؟

                                                     *             *                
11/2/2..4   مفيد ديوب



#مفيد_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول ورقة الموضوعات المقدمة إلى المؤتمر السادس للحزب الشيوعي ...
- متى يرزقنا الله بأفضلهم...؟ مفارقات صادمة .. وجلد الذات
- ثورة الحجاب
- حلب ... يا مجمع الأحرار


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد ديوب - الديموقراطية.. العصية على العقل العربي