أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد خنجي - مفارقةٌ بين مُعَمّمٍ عصريٍّ ومدنيٍّ نصِّيٍّ















المزيد.....

مفارقةٌ بين مُعَمّمٍ عصريٍّ ومدنيٍّ نصِّيٍّ


حميد خنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2426 - 2008 / 10 / 6 - 08:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتنافس المسلمون السنة والشيعة سنويا مرتين في مبارزة معرفية عقيمة، ويتناطحون في جدل فقهيّ وعلميّ طويل وعويص.. تتكرر القصة نفسها سنويا ، لتطفو على السطح خلافات فقهية تاريخية ترجع إلى قرون غابرة ، مرها الاختلاف المذهبي/ الفقهي ، الذي لا يبدو انه سيستقر إلى اتفاق محتمل ، في أحد أهم الأمور الدينية ألا وهو ؛ ثبوتية بزوغ هلال شهري رمضان وشوال ، الأمر الذي يرجع إلى وقتٍ لم يكن بمقدور البشر من خلال معارفهم العلمية المحدودة من الإثبات العلميّ القاطع على وجود الهلال الفعليّ حتى وإن لم تستطعْ العين المجردة من رؤيته لسبب من الأسباب !


والمعروف أن المسالة الفقهية الأساس التي تنظم عملية ثبوت رؤية الهلال بالعين المجردة تستند إلى الحديث النبوي الشريف والمشهور؛ " صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ".. وظلت الأمور هكذا حتى العصور الحديثة، حيث صار بمقدور العلم بما لا يقبل الشك إثبات وجود الهلال من عدم وجوده، وان لم يُرَ بالعين المجردة ! يبدو أن الأمر المستجد الهام لدى بعض فقهاء الدين المحدثين، وتفسيراتهم العصرية، وجوهر نهجهم التحليلي والتفسيري يتركز في مبدأ إمكانية التغاضي عن النصّ، الذي يرونه معرضا للتبديل عبر مرور الزمان.. محاولين إيجادِ مخرجٍ فقهيّ للمسالة الخلافية هذه، الهادف إلى نقطتين هامتين: أولا.. الاعتراف بالحقيقة العلمية الثابتة وان لم يكن بالإمكان رؤيتها . ثانيا .. سيمهد هذا الاتفاق البيّن والضروريّ بين المسلمين لتعاون شامل فيما بينهم، الأمر الذي سيقربهم من روح العصر ويدخلهم – ولو متأخرا- إلى دنيا التنوير !


يتخذ المُعمّم العصريّ المجتهد والمشهور باعتداله ؛ الشيخ الجليل " السيد محمد حسين فضل الله" ، أحد المراجع الشيعية في لبنان الأساس - منذ بعض الوقت - مواقف لا تتلاءم مع السائد من الثوابت .. فمعيار المرجعية الجليلة لدى "السيد محمد فضل الله" متعلق بإمكانية رؤية الهلال في أي بلدٍ ضمن زمن اليوم الواحد ( عُرف بهلال شيلي في قارة أمريكا الجنوبية ) ... ليس هذا فحسب بل يكاد " السيد فضل الله" جريئا في اجتهاده إلى درجة (حسب مصادر المطلعين الأقرباء منه) يبدو وكأنه يريد أن يقول أو يوحي بإمكانية تجاوز المقدس المبالغ فيه من "النص" في مصلحة الواقع الموضوعيّ / العلميّ وسنة التطور الإنسانيّ والظروف المتغيرة أبدا .. ويرى ضرورة ذلك لسببين أساسين .. أولهما : أولوية الحقائق العلمية وسنة التطور والتغيير البشريين على التصورات المستندة على النصّ المرهون بزمانه وظروفه. وثانيهما: أحقية مبدأ اتفاق المسلمين وما له من مردود ايجابي يصبّ في مصلحتهم .. هذه المصلحة العمومية التي يجب أن تشكل جوهر الحق الإنساني والديني في كل زمان ومكان


بالمقابل يستعرض الأكاديميون والأخصائيون ، المتبحرون في علوم الفلك والفيزياء الرياضية ، في بسط معارفهم وعلومهم للمهتمين والقراء العاديين ، محاولين الإثبات العلمي الدقيق لِلُحَيْظة ظهور أو نشوء الهلال في بدء كل شهر قمري والإمكانية الفعلية من رؤيته أو عدمه .. على أن جُلّهم، انطلاقا من المبدأ النصيّ في التفسيرات والأحكام الفقهية / الدينية، يستندون على ضرورة الرؤية بالعين المجردة(النص الفقهيّ للسّنة النبوية الشريفة).. ولعل أكثرهم بروزا وجدلا وثقة في حساباته الفلكية هو أستاذ الفيزياء التطبيقية بجامعة البحرين ونائب رئيس الجمعية الفلكية البحرينية؛ الأستاذ / الدكتور" وهيب عيسى الناصر"


فعلى سبيل المثال والمقارنات، قبل طرح موجزِ مساهمات الأستاذ الناصر.. لنشير أولا إلى شيء من آراء زملائه.. في هذا السياق يتساءل بحق الدكتور "فؤاد شهاب" أستاذ التاريخ المشارك في جامعة البحرين عن سبب العشوائية في تحديد الهلال، ويرى أن ذلك من صنع القادة وأصحاب القرار، أي انه يلمح من أن السبب سياسي وليس ديني! أما رئيس الجمعية الفلكية البحرينية الدكتور"شوقي الدلال" فيقول أن التاريخ الإسلامي لم يشهد اختلافات من هذا القبيل كأيامنا هذه وذلك بسبب أن الرؤية كانت الوسيلة الوحيدة لإثبات ظهور الهلال؟! و في نفس السياق يقول رئيس قسم الفيزياء الأستاذ " محمد العثمان" من أن الإشكالية راجعة لاختلاف المعايير في الرؤية وليس بسبب حساب موقف الفلك المتفق عليه من قبل الجميع ولذلك فان الاختلاف شكليّ بحت وليس حقيقيّ .. مضيفا من أن ظاهرة "الاقتران" بين النهاية والبداية ، تحدث عندما يكون مركز القمر والشمس لهما خط الطول الكسوفيّ نفسه . أما فيما يتعلق بفقيهنا الجليل رئيس المرصد الفلكي الإسلامي الشيخ " محسن آل عصفور " فانه بعد أن يغلق كليا باب الاجتهاد في هذا الأمر "المطلق" يدعو "السيد محمد حسين فضل الله " إلى مناظرة علنية مفتوحة عبر صحيفة الوسط بكل شفافية وحياد في هذا الأمر الذي اعتبره من الثوابت الأبدية ! ومن الجدير بالذكر في هذا الأمر الخلافيّ أن "المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث" قد أكد أن العيد سيكون يوم الأربعاء



دخل أستاذنا البحريني الأكثر حضورا " وهيب الناصر " المقتدر في مجاله الفيزيائيّ والفلكيّ في سجالات علمية وفقهية ونقاشات دقيقة تجاوزت الإعلام المقروء والمسموع والمرئيّ إلى ندوة شاملة ، أسهب فيها في إعادة طرح رؤيته الفلكية الدقيقة ، منطلقا أساسا من التقويم الهجريّ الصحيح (كما يراه) مناشدا المراجع الفقهية السعودية لنقل وقائع تلقى الشهادات ونشر أسماء الشهود على الملأ . متحديا من استحالة رؤية شهر شوال بالعين المجردة... ومؤكدا بنبرة العالم الواثق من أن العيد سيكون يوم الأربعاء ! ومن ها لابد أن نتصور مقدار خيبة أمله عندما أعلنت المملكة العربية السعودية ثبوتية رؤية الهلال وإعلان عيد الفطر يوم الثلاثاء، الأمر الذي لابد من فرض احتمالين لا ثالث لهما ؛ إما أن الشهود في السعودية وغيرها من الدول الإسلامية قد تراءت لهم رؤية الهلال أو أن الحسابات العلمية الدقيقة للأستاذ " وهيب الناصر" غير صحيحة !



و كما يلاحظ القارئ الكريم عبر متابعته للسجال الجاري من أن الإشكالية متأتية من أن "الجهتين" لا يتحدثان لغتين مختلفتين فحسب ، بل ينطلقان من نهجين متباينين في التفكير والتحليل. ومن هنا فان إثبات كل طرف لترجيح وجهة نظره ستكون نتائجها غير مقنعة بسبب عدم منهجية فروضه في الأساس. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا.. هل من المعقول أن يستمر المسلمون على هذه الحال في تشتتهم الفقهيّ والسياسيّ إلى درجة تبدو وكأن لكرتنا الأرضية ثلاثة أو أربعة توابع من أقمار ؟! والنتيجة انه لا يوجد سبيل آخر للتحديث الفقهيّ والتقدم الاجتماعيّ للمسلمين إلا بمغادرة حدود النصِّ، وهو النهج الذي تمثل إرهاصاته المدرسة العصرية للفقيه" فضل الله" خير تمثيل. لذلك لا غرو أن نجد هذه الكثرة من منتقديه، القادمين ليس فقط من جبهة رجال الدين وفقهائه المحافظين على المتراس المقدس ، بل أيضا من جهة الأكاديميين المدنيين ، النصّيين / الشكلانيّين الذين لا يمكنهم أن يتسموا بجرأة الباحث المجرد من كل انحياز مسبق عدا الصدق العلميّ .

( المراجع التي احتوت على آراء الأساتذة والفقهاء أعلاه: الأعداد 2212 /2213 /2214 من صحيفة "الوسط" البحرينية والعدد 954 من الصحيفة البحرينية "الوقت" )



#حميد_خنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكرانيا في مفترق الطرق
- روسيا والعرب بعد حرب القوقاز الأخيرة
- جذور التوتر الحالي
- خمسة أيام هزت العالم.. وستظل تداعياتها تترى !!
- طبيعة دور القوى السياسية في البحرين
- دور العمال والموظفين المأمول في الحراك السياسي في مملكة البح ...
- نصرٌ عمّاليٌّ تاريخيٌّ على شركة -بتلكو- العتيدة !!
- الصّفقة
- اشكالية الاغتراب المعاصر
- الاتفاقية الامريكية العراقية .. معضلة وشرّ لابد منه
- الى اين تسير عربة الوحدة الأوروبية ؟
- الصفعة الايرلندية
- أهداف و آفاق تيارات -الاسلام السياسي- المعاصرة
- ملاحظات اولية حول ظاهرة -الاسلام السياسي- المعاصرة
- في لبنانْ .. كلُّ حزبٍ بما لَدَيهم فَرِِحونْ !!
- كادت أن تفعلها -أسِيل-.. لكنها لُجِمَتْ ب-كعبِ أخِيل-
- عندما تَطْعِن - المقاومة- اللبنانية ظهرَها !!
- لبنان .. على صفيحٍ ساخن !
- مسيرة الأول من مايو/ أيار .. العابرة للطوائف الجامعة للشعب ا ...
- مؤتمر النقابات العمالية الأول في البحرين تدشين لانطلاقة جديد ...


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد خنجي - مفارقةٌ بين مُعَمّمٍ عصريٍّ ومدنيٍّ نصِّيٍّ