أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حميد خنجي - جذور التوتر الحالي















المزيد.....

جذور التوتر الحالي


حميد خنجي

الحوار المتمدن-العدد: 2391 - 2008 / 9 / 1 - 08:26
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


جذور التوتر الروسي الأمريكي / الغربي الحالي

فتحت حرب القوقاز الأخيرة، وتداعياتها المتفاعلة ، مجالاً واسعاً لاستقطاب حاد قد يضاعف التوتر الدولي القائم، المفضي إلى نوع من أجواء الحرب الباردة - بصيغة أخرى- لا تشبه ما كانت عليه حينما كانت المنافسة على أشدّه بين نظامين اجتماعيين/ اقتصاديين مختلفين متناحرين هما ؛ التشكيلة الرأسمالية ( تكونت منذ 500 عام) السائدة في المركز الغربي وتخومها في الأطراف. والتشكيلة الاشتراكية ، التي سادت في شرق أوروبا وقسم كبير من آسيا وجيوب هنا وهناك ، لم تستمر أكثر من ثمانين عاما( كانت تسمى بصدام الأيدلوجيات). بينما التناقض الحالي ( يعرف بصدام مصالح) بين الشرق الروسي والغرب الأمريكي/الأوروبي له قوانينه الداخلية الخاصة ، تتحكم في استحقاقات مصلحية وتنافسية عديدة ، تستقر في نهاية المطاف على أحد نهجين في التعامل ؛ نهج عقلاني في مقارعة الواقع والتسليم بالمصالح القومية المشتركة للكل بحيث لا يجري تجاوز الخطوط الحمراء المتحكمة في مصلحة كل طرف . أو نهج حديّ أهوج لايرى ألا مصلحة نفسه ، بسبب تصوره أنه الأقوى، الأمر الذي يؤدي - بالطبع- إلى تأزم الوضع الدولي برمته!
والمفارقة التاريخية الغريبة هنا أن عصر التناقض التناحريّ ، اتسم بتوازنٍ دوليٍّ واضح ، رافدته حركة سلمية عالمية بالرغم من حروب الإنابة، التي جرت في دول عديدة من العالم الثالث. بينما ظلت القارة العجوز بمنأى عن الحروب والتوترات، منذ أن وضعت الحرب الكونية الثانية أوزارها في سنة 1945، حتى الوقت الحاضر.. لكن اليوم ، بسبب التنافس الجديد بين الشرق والغرب وعودة روسيا إلى ميدان اللآعبين الكبار ، عاد التوتر الدولي من جديد إلى قلب أوروبا ، من خلال مشكلة القوقاز الحالية ، وان كانت الأطراف المتنازعة تدين بالتشكيلة الاجتماعية/الاقتصادية الرأسمالية المعاصرة السائدة في عالم اليوم !
غير أن الحزم وسرعة اتخاذ القرار، الذين جسدتهما القيادة الروسية الحالية ، في تعاملها مع الوضع القوقازي الحالي قد أربك صناع القرار في الغرب .. ففي لمح البصر ، لم تتعدى يوماً واحداً من اتخاذ مجلسيّ الفدرالية والدوما الروسيين القرار التاريخي بالإجماع ؛ الاعتراف باستقلال أبخاريا وأوسيتيا الجنوبية . وقع الرئيس الروسي ميدفيديف، مرسوما بالاعتراف بهما ، مصدقاً على قرار النواب الروس، الأمر الذي كان يُنظر له بعين الشك حتى من قبل بعض المحللين الروس ، حيث اعتقد هؤلاء أن الرئيس الروسيّ لا يقدم على قرار حاد كهذا، أو انه سينتظر فترة قد تدوم أسابيع قبل اتخاذ قرار خطير بهذا الحجم!
فجوهر المشكلة – في اعتقادنا- يتلخص في أن القطب الأمريكي الأوحد ( بتأييد من مؤازريه الأوربيين) لايريد استمرار هيمنته الدولية المعهودة فحسب ، بل يبدو ملهوفاً وشرهاً لتجاوز حدود هذه الهيمنة ، الذي لا يسمح به الوضع الموضوعي على الأرض ( روسيا هي البلد الوحيد المتميّز بـالقوة الرافعة الضخمة المتأتية من وضع الجغرافية- السياسية (جيوبوليتيك) " الفريد ، المتجسد أساساً في العامل الموضوعي ، أي قوة "اليورو آسيا" الكامنة ! ) ، محاولا بالقوة تغيير عامل الجيوبوليتيك هذا لصالح عامل الجغرافية- الإستراتيجية (الجيواستراتيجي) ، أي السيطرة على المفاصل الإستراتيجية المحيطة بروسيا بهدف تضعيف هذا البلد القاريّ الضخم ، انطلاقا من "الثورات"المضادة/ الملونة/ المفتعلة والمفصّلة في دوائر الأطلسي والبنتاغون خصيصا لأنظمة "ديمقراطية" شكلية واستبدادية ، مستفيدة من العداءات التاريخية والمنغّصات الماضية بين روسيا والدول التي كانت تدور في فلكها !
لايبدو الهدف الأمريكي مستحيلا فحسب ، بل أن الحقائق على الأرض لا تزكّيه أبداً ، ليس بسب عدم منطقيته ، لكن لأن القطب الأقوى الأمريكي ليس بمقدوره- من جميع النواحي- القيام بذلك في ضوء ميزان القوى الدوليّ الحالي ، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من صعوبات بنيويّة داخلية وعداء خارجي مستفحل في المناطق القريبة من مركز الصراع الحالي ( الشرق الأوسط / العراق/أفغانستان/ إيران ..الخ)، حتى وان ظلت بضعة جيوب قريبة من بلدان متاخمة للحدود الروسية ( مثال النظام الجيورجي الحالي ) ُتزايِد في الوقت الحاضر على تلك المخططات الأمريكية !
لمتابعة فهم المشكل هذا، لابد من معرفة جذور المشكلة الروسية الجيورجية المزمنة ، تحديداً المتعلقة بإقليميّ أوسيتيا الجنوبية (أوسيتيا الشمالية تابعة للاتحاد الفدرالي الروسي ) وأبخازيا ، اللذين انسلخا الآن من جيورجيا ، بعد أن كانا لسنوات طويلة ضمن جيورجيا كجمهوريتين تتمتعان بحكم ذاتي ، وان كانتا على الدوام تتمردان على الهيمنة الجيورجية . لعل هذه الخلفية التاريخية بحاجة إلى طرح معمّق ، لكن من الممكن الإشارة إلى لمحة تاريخية لجيورجيا نفسها على أن نرجع مرة أخرى إلى أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية ، اللتين سبق وان خضعتا لاستفتاء عام على الاستقلال وحصلتا على تفويض شعبي اقترب من المائة في المائة ، ارتأت روسيا في حينه أن تؤخر اعترافها بهما .. غير أنها قد ردّت الآن الصّاع صاعَيْن على ما فعله الغرب حيال استقلال إقليم كوسوفو الصربية .
جيورجيا دولة شرقية قديمة وعريقة ، تنازعت عليها ممالك وإمبراطوريات أقوى منها في تاريخها المديد . ظلت لعقود وأحقاب طويلة ضمن الإمبراطورية الفارسية في فترات من العصر القديم والوسيط والحديث (وقعت بعض الوقت تحت السيطرة العثمانية)، استمرت حتى بدء القرن التاسع عشر، حينما ضمتها روسيا إلى إمبراطوريتها. وفي خضم الثورة الروسية ، انطلاقا من مبدأ حق تقرير المصير لجميع الشعوب ، أصبحت جيورجيا دولة مستقلة في العصر الحديث لفترة قصيرة جداً ( بين عامي 1918 و1921) . ثم ما لبث إلا صارت بعدها إحدى الجمهوريات الخمسة عشرة، ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي التي تأسست في سنة 1922. ولكنها شكلت على الدوام ، لأسباب عديدة كالإباء القومي والتاريخ العريق والموقع الجغرافي، نزيفاً تاريخياً لروسيا القيصرية أولاً وبعد ذلك للاتحاد السوفيتي، الأمر الذي حدا بأقوى رجالاتها ( يوسف ستالين) من اتخاذ مواقف حادة تجاه بلده الأصل ومسقط رأسه ، وإن قام في مستهل الثلاثينات من القرن الماضي ، لأسباب راجعة لضرورات التوازن الداخلي/القومي من إلحاق جمهوريتي الحكم الذاتيين ؛ "أبخاريا" و"اوسيتيا الجنوبية" للجمهورية الجيورجية، التي لم تستطع- الأخيرة هذه- أبدا من لجم المنحى الانفصاليّ لدى الأوليتين ، ليس في حينه ولا عند استقلال جيورجيا أو حتى في الوقت الحاضر . حاولت جيورجيا مرارا من إعادة الكرّة ، تلخصت أخيراً في استيلائها على ابخازيا بالقوة في مستهل هذه الألفية ولكن رُدّت على أعقابها من قبل الأبخازيين ، بمساعدة الروس.. وما هذه الحرب الأخيرة(بمساعدة الغرب) سوى محاولة مستميتة لإعادة الإقليمين المتمردين للحظيرة الجيورجية كبروفة ضرورية لدخول جيورجيا - ملحقاً بها المنطقتين الجيواستراتيجيتين الأهم ( أبخاريا وأوسيتيا الجنوبية)- النادي العسكري الغربي " حلف شمال الأطلسي" !



#حميد_خنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمسة أيام هزت العالم.. وستظل تداعياتها تترى !!
- طبيعة دور القوى السياسية في البحرين
- دور العمال والموظفين المأمول في الحراك السياسي في مملكة البح ...
- نصرٌ عمّاليٌّ تاريخيٌّ على شركة -بتلكو- العتيدة !!
- الصّفقة
- اشكالية الاغتراب المعاصر
- الاتفاقية الامريكية العراقية .. معضلة وشرّ لابد منه
- الى اين تسير عربة الوحدة الأوروبية ؟
- الصفعة الايرلندية
- أهداف و آفاق تيارات -الاسلام السياسي- المعاصرة
- ملاحظات اولية حول ظاهرة -الاسلام السياسي- المعاصرة
- في لبنانْ .. كلُّ حزبٍ بما لَدَيهم فَرِِحونْ !!
- كادت أن تفعلها -أسِيل-.. لكنها لُجِمَتْ ب-كعبِ أخِيل-
- عندما تَطْعِن - المقاومة- اللبنانية ظهرَها !!
- لبنان .. على صفيحٍ ساخن !
- مسيرة الأول من مايو/ أيار .. العابرة للطوائف الجامعة للشعب ا ...
- مؤتمر النقابات العمالية الأول في البحرين تدشين لانطلاقة جديد ...
- مقدمة عن تعثّر موجة التغيير ودَمَقْرطة الأنظمة العربية
- سِحرُ سَمرٍ قادمٌ من قلبِ الصحراء
- مرة أخرى.. المعضلة الإيرانية إلى أين؟


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حميد خنجي - جذور التوتر الحالي