أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صلاح بدرالدين - دروس من - جنوب افريقيا -















المزيد.....

دروس من - جنوب افريقيا -


صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2422 - 2008 / 10 / 2 - 08:16
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


دشن التجاوب الفوري لرئيس دولة جنوب افريقيا بالاستقالة من منصبه بناء على قرار حزب المؤتمر الوطني الافريقي الحاكم قبل انتهاء المدة الرئاسية بعام سابقة تكاد تكون فريدة من نوعها في أنظمة بلدان التحرر الوطني في آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية بسلاستها وهدوئها وبساطتها حيث عودتنا الأنظمة– العالم ثالثية – وبالخصوص التي يقودها الحزب الواحد على الانقلابات العسكرية وتمرد قطاعات الجيش والميليشيات أو المناطق القبلية والمذهبية لنصرة هذا الرئيس أو ذاك الزعيم في حال نشوب الخلاف وخرق القانون من جانب مسؤول ما في الدولة دون الرجوع الى المؤسسات الشرعية وقرار القيادة الجماعية فقد استقال الرئيس السابق السيد – تامو ميبيكي – الذي تولى السلطة خلفا للزعيم الاسطوري – نيلسون مانديلا – عام 1999 وخلفه بعد يوم واحد وحسب الدستور رئيس بالوكالة من قيادة الحزب يقوم بتشكيل الحكومة ويقود البلاد حتى موعد الانتخابات العامة للسلطة الاشتراعية الجديدة ومن ثم انتخاب رئيس جديد للبلاد والأمر الأهم الملفت للنظر أن كل ذلك حصل في أعقاب توصل المحكمة العليا في البلاد الى استنتاج ( لاحظ استنتاج ) مفاده أنه تدخل بقضية تهم الفساد التي كانت موجهة الى خصمه ومنافسه زعيم الحزب – جاكوب زوما – الذي هزمه في انتخابات زعامة الحزب أي أن التهمة الموجهة تدور حول احتمال التدخل السياسي في القضاء وبالرغم من – حماوة – المنافسة الا أن الرفاق – القادة تعاملوا مع الحدث بروح أخلاقية عالية حيث أشاد زعيم الحزب – زولا – بموقف رفيق دربه الرئيس المقال ودوره الرائد في تقدم البلاد الاقتصادي وانفتاحها العالمي وتعزيز مكانتها . جمهورية جنوب افريقيا دولة كبيرة وأكثر تطورا بين جميع الدول الافريقية تحوي أكبر عدد من السكان ذوي الأصول الأوروبية في أفريقيا ، وأكبر تجمع سكاني هندي خارج آسيا، وأكبر مجتمع ملّون (ذوي البشرة السوداء) في أفريقيا، مما يجعلها من أكثر الدول تنوعا في السكان متعددي القوميات في القارة الأفريقية. النزاع العرقي والعنصري بين الأقلية البيضاء والأكثرية السوداء شغل حيزا كبيرا من تاريخ البلاد وسياساته، وبدأ الحزب الوطني بإدخال سياسة الفصل العنصري بعد الفوز بالإنتخابات العامة لعام 1948؛ وكذلك كان ذات الحزب هو الذي بدأ تفكيك هذه السياسة عام 1990 بعد صراع طويل مع الأغلبية السوداء ومجموعات مناهضة للعنصرية من البيض والهنود وهي من الدول الأفريقية القليلة التي لم تشهد إنقلابا على الحكم ، والإنتخابات الحرة والنزيهة يتم تنظيمها منذ 1994 ، مما يجعل البلاد قوّة مؤثرة في المنطقة وواحدة من أكثر الديمقراطيات إستقرارا في القارة الأفريقيّة وهي كانت في السابق من أسوأ أمثلة التفرقة العنصرية البغيضة، حيث حكم أربعة ملايين من العناصر البيضاء ، حوالي 29 مليون من غير البيض ، هذا الأتحاد الذي فقد وحدته قبل ان يولد ، وأصبح جنة الأقلية ، وجحيم الأغلبية ، وقلعة التفرقة العنصرية ، فقد سلكت الأقلية البيضاء سياسة عزل الأغلبية غير البيضاء في مناطق تتسم بالفقر والجدب ، وبحسب احصائيات أجريت عام 2001 فأن 80 % من السكان مسيحيون، 1.5 % مسلمون، 1.2 % هندوس، 0.2 % يهود، 0.3 % ديانات محلية، بينما يشكل اللادينيون 15%.
واصل حزب المؤتمر الوطني ذو التوجه اليساري كفاحه العادل بمختلف الوسائل والسبل لعقود طويله ودفع الثمن غاليا من الأرواح وقدم الآلاف من السجناء والمعتقلين وكان على رأسهم زعيمه – مانديلا – الذي قضى أطول فترة في تاريخ السجن السياسي وتحول رمزا للنضال الوطني التحرري في سائر أرجاء المعمورة وقد ضرب في حياته السياسية أمثلة بارزة في المواقف المبدئية ومنها امتناعه عن السفر الى تركيا لاستلام جائزة عالمية مخصصة له احتجاجا على موقفف نظامها الشوفيني من شعب كردستان تركيا وبالأخير تكلل نضال شعب جنوب افريقيا بالنصر بقيادة حزب المؤتمر الذي ارتبط باسم زعيمه وشكل ذلك الانتصار التاريخي نجاحا لحركات التحرر الوطني لكافة الشعوب العاملة من اجل الحرية والاستقلال وتقرير المصير حيث تجسدت في مسيرة ذلك الحزب الظافرة معاني عدة أولها اتحاد مختلف الطبقات الاجتماعية وغالبية التيارات السياسية التي لها مصلحة في ازالة نظام الفصل العنصري وتحقيق الديموقراطية والتقدم وثانيها تفضيل اسلوب النضال السلمي والتظاهر والاضرابات والعصيان المدني رغم بطش النظام السابق وقسوة أجهزته القمعية وثالثها مد الجسور مع مختلف قطاعات الرأي العام العالمي بما فيها الغربية ومنذ تحرير البلاد من النظام العنصري وضع الحزب الحاكم برنامجه الجديد في مرحلة استلام السلطة على قاعدة التسامح والمصالحة الوطنية وحظر ردود الفعل الانتقامية ضد المواطنين البيض وتطبيع الأوضاع بليونة وحسب القانون والالتزام الكامل بالمبادىء الديموقراطية ونتائج الانتخابات والمضي في درب التنمية والبناء والتقدم الاجتماعي هذا على الصعيد الداخلي أما اقليميا فقد استخدمت دولة جنوب افريقيا كل رصيدها في سبيل تهدئة الأوضاع والتوسط بين المتنازعين ووقف الحروب وتحقيق السلام في القارة السوداء وكانت تلاقي الاحترام والتقدير من لدن مختلف الفرقاء ولم تبق بقعة توتر في افريقيا الا وكان لجنوب افريقيا سهم فيها نحواطفاء الحريق وتحقيق المصالحات وقبل حدوث الأزمة الرئاسية الأخيرة كان مقررا انتقال الرئيس المقال الى السودان للتوسط في مسألة – دارفور – ومهما آلت اليه الأوضاع بالمستقبل ومهما انعكست النتائج على مستقبل الحزب الحاكم فان ماحصل جدير بالاهتمام والمتابعة والاستفادة من دروسه من جانب قوى التحرر والتقدم في منطقتنا .
ليس بخاف أن معظم بلدان – العالم الثالث – مر بمرحلتين في تطوره السياسي قادتهما حركات التحرر الوطني في الأولى تصدرتها القوى الاجتماعية التقليدية السائدة من زعامات قبلية وروحية وتيارات بورجوازية مدينية متنورة نجحت في انتزاع الاستقلال الوطني بسبل مختلفة وحلت محل الأجنبي دون التمكن وخلال عقود من انجاز مهام التحرر الوطني في تحقيق الديموقراطية والتنمية والتقدم الاجتماعي ثم تلتها المرحلة الثانية التي تصدرتها شرائح من البورجوازية الصغيرة المتمثلة في كتل من الضباط العسكريين ومنظمات قومية راديكالية رافعة شعارات لاحصر لها تدور حول التقدم ومعاداة الرجعية والامبريالية والصهيونية وتحرير فلسطين والوحدة العربية والاشتراكية العربية الرشيدة والاصلاح الزراعي والتأميم ولكنها لم تفشل في تحقيق كل شعاراتها فحسب بل أوصلت البلدان والشعوب الى الهاوية ودمرت الاقتصاد الوطني وضربت الوحدة الوطنية في الصميم وأثارت النعرات العنصرية والطائفية والدينية ومزقت النسيج الوطني وأشعلت الحروب والمواجهات وتورطت في حروب الابادة ضد الآخر القومي حسب نزعات فاشية عنصرية ونهبت أموال الشعب وأضاعت السيادة والأرض والكرامة الى درجة باتت فيها قضايا التحرر الوطني وأدواتها المحركة من قوى وأحزاب ومنظمات موضع الشك ومصدر القلق حتى من جانب أصحابها , لذلك من حق شعوب التحرر الوطني في كل مكان ان تفاخر بمثال جنوب افريقيا النموذجي وسلوك حزب المؤتمر الديموقراطي السليم كونه المعبر التاريخي والوريث العصري لحركة تحرير جنوب افريقيا بعد اخفاق غالبية فصائل وأحزاب حركات التحرر سابقا في ادارة نظمها الجمهورية بعد استلام السلطة في الطريق الديموقراطي وجنوحها نحو دكتاتورية الحزب الواحد والدين الواحد والطائفة الواحدة والقومية الواحدة والعائلة الواحدة والرأي الواحد اما في ممارسة القمع والارهاب والتقتيل وتفتيت الوحدة الوطنية وضرب الاقتصاد والتحكم بكافة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية كما في حالتي – العراق وسوريا – أوفي تجارب فاشلة مشابهة وبأشكال متنوعة أخرى وبدرجات من التفاوت كما حصل في مصر وليبيا واليمن الجنوبي والجزائر وتونس .
لقد تمت اقالة الرئيس – مبيكي – ليس عقابا على فساد مالي أو أخلاقي أو جريمة قتل بل بسبب – استنتاج – المحكمة لاحتمالات التدخل من بعيد في شؤون القضاء وهذا أمر له دلالاته العميقة تتعلق أولا وآخرا بأهمية استقلال السلطة القضائية في بناء دولة المؤسسات والعدل والمساواة وتداول السلطة سلما وحسب ارادة الأغلبية والرقابة وردع المخالفات واحقاق الحق ورد المظالم وتحقيق الأمن والأمان للشعب بكل طبقاته وفئاته وأفراده وفي حماية أموال الشعب والدخل القومي وتعزيز ثقافة احترام الانسان الآخر حتى لو كان مخالفا في الرأي والانتماء وترسيخ قيم الشجاعة وعدم الخوف في المجتمع وهذا هوالسبيل لتحقيق الخلاص في جميع البلدان وهذا ما تحتاج اليها شعوبنا كشرط للتقدم .



#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حشود الشمال - وقاعدة - طرطوس -
- حقيقة الصراع حول فدرالية كردستان
- قضايا الخلاف في المعارضة السورية وسبل الحل
- نظام الأسد ولعبة السباق مع الزمن
- ماذا يعني - الأشغال الشاقة المؤبدة - لخدام
- وجهة نظر حول بعض المهام العاجلة
- هل من مفاجآت في - الوقت الضائع - الأمريكي ؟
- الحرية للناشط السياسي مشعل التمو
- أزمة كركوك .. أبعاد وآفاق
- في الذكرى الثالثة والأربعين لكونفرانس الخامس من آب ... قراءة ...
- في الذكرى الثالثة والأربعين لكونفرانس الخامس من آب - قراءة ن ...
- محاولة في فهم قلق وليد جنبلاط
- عندما تهب - أربيل - لنجدة - بغداد -
- العدالة تلاحق رموز - الجينوسايد - في عصرنا
- قراءات في الكرد والعرب والمعارضة ( 2 - 2 )
- قراءات في الكرد والعرب والمعارضة ( 1 - 2 )
- قراءة كردستانية . ... للاتفاقية الأمريكية - العراقية
- ظاهرة الغلاء في كردستان
- - وديعة رابين - ووداعة الأسد !
- على ماذا يتفاوض - المتهمون - ؟


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - صلاح بدرالدين - دروس من - جنوب افريقيا -