|
حقيقة الصراع حول فدرالية كردستان
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 2412 - 2008 / 9 / 22 - 09:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يوحي المشهد السياسي العراقي منذ شهور عدة باحتدام الجدل بأصوات عالية بين ممثلي مختلف المكونات الوطنية ايذانا بدنو أمد انتزاع الاستحقاقات في ظل الاقتراب الزمني من التوقيع على الاتفاقية الاستراتيجية العراقية – الأمريكية الخاضعة للأخذ والرد منذ شهور واصدار قانون المحافظات والانتخابات البلدية والادارية الذي يشكل موضوع كركوك والمناطق الكردستانية المقتطعة لأسباب قومية المختلف عليه والمادة الدستورية 140 عنوانه الرئيسي اضافة الى قانون النفط والغاز والاجتهادات المتناقضة بخصوص المفاضلة بين صلاحيات المركز واقليم كردستان حول السياسة الدفاعية والمالية والتنموية والعقود التجارية والعلاقات الخارجية وتنمية وتعزيز الثقافة القومية والخطط الأمنية في مواجهة الارهاب . رغم التعتيم الشديد من جانب مراكز القوى الخفية والعلنية في الأجهزة الحكومية المسيطرة على مقاليد الحكم والمستأثرة بالقرار بصورة غير دستورية الى درجة الاقتراب من نهج دكتاتورية اللون الواحد وكذلك من جانب شركائها الجدد من كتل حزبية وبرلمانية شديدة التعصب والحذر من الكرد مازالت تنهج سلوك النظام المقبور وآيديولوجية حزب البعث الشوفينية المعادية للقوميات العراقية غير العربية التي كانت سائدة لعقود نقول رغم كل محاولات اللف والدوران والتستر وراء شعارات الوطنية ووحدة التراب والقانون والسيادة التي باتت مفضلة لديها هذه الأيام فانها فشلت في حجب هدفها الأساسي والوحيد وهو النيل من ارادة شعب كردستان ومستحقاته الدستورية والقانونية والتراجع عن تعهداتها الموثقة منذ أن كان قسما منها في المعارضة وغالبتها ممثلة في مجلس الحكم وكلها في مجلس النواب الحالي . ان اصطفاف القوى والكتل والمجموعات العربية العراقية حديثا والذي يجمع بين الموالين لأيران وسوريا وتركيا بصورة أساسية واتخاذها موقفا متقاربا حول كل ما يتعلق الأمر بكردستان ليس بأمر طارىء أو مفاجىء بل هو تعبير واضح عن ارادة اقليمية معادية للعملية السياسية الجارية منذ سقوط الدكتاتورية ومناقضة للعراق الفدرالي الجديد وتجسيد لسياسات أجنبية ضد ارادة وطنية جامعة نحو التقدم والاستقرار والسلم الأهلي تماما ومن حيث المبدأ كما يحصل في لبنان من جانب – قوى – الممانعة بزعامة حزب الله . نحن ندرك أن أطراف هذا الاصطفاف جمعتها ظروف طارئة لاتربطها استراتيجية واحدة وقد يعتقد مهندسوه أن نهش الحقوق الكردية والنيل من فدرالية كردستان هما نقطة التلاقي والجذب بغض النظر عن الدوافع والأهداف والمرامي لأن الجميع يفتقر على الأقل في المرحلة الراهنة لأسباب عقائدية ومصلحية ذاتية الى نظرة مؤمنة بوجود شعب كردستان وحقه في تقرير مصيره بحرية ضمن اطار العراق التعددي الحديث وهذا هو بيت القصيد دون زيادة أو نقصان وهذا ما يستتبع تصدير الخلاف – أو زرعه - الى درجة التضاد بشأن مفهوم الفدرالية وتفسيرها تماما كما حصل لاتفاقية آذار للحكم الذاتي لكردستان عام 1970 عندما أعاد نظام البعث النظر فيها وتقزيمها لتظهر على شكل قانون مبتور عام 1974 ايذانا بردة فاشية وحرب شعواء على شعب كردستان بدعم واسناد الجارة الشاهنشاهية المقبورة متجاهلين أن فدرالية ناشئة في بداية القرن الحادي والعشرين لشعب يكافح من أجل الحرية والبقاء على قيد الحياة منذ أكثر من قرن وفي أجواء ديموقراطية على أنقاض أعتى دكتاتورية فاشية وفي مناخ دولي يجد مكانة لحق الشعوب وحقوق الانسان ويتشكل فيه نظام عالمي جديد يراعي الحرية والعدل ستكون فدرالية من نوع جديد بصلاحياتها واسسها الدستورية والقانونية تنسجم مع حقائق العصر ومستجدات القرن التي أفرزت كيانات متحررة لشعوب وقوميات كادت أن تبقى في طي النسيان في أوروبا وآسيا وافريقيا وشهدت تفسيرا جديدا لمفهوم السيادة واختراقا – لقدسية – الحدود الاستعمارية القديمة منها والمعاصرة تجتمع فيها كل المنجزات البشرية وأفضل ما قدمته تجارب الشعوب لاترضخ لمشيئة دكتاتور أو مزاج شوفيني أرعن بل تعكس ارادة شعب كردستان بكل قومياتها من كرد وتركمان وكلدان وآشور وعرب وتحظى برعايتها وصيانتها والحفاظ عليها بالغالي والرخيص . يحذر البعض من ذوي النوايا المغرضة وعلى ضوء الاصطفاف الكيدي الجديد " بظهور الصراع العرقي بعد الطائفي أي عربي – كردي " والواقع التاريخي والراهن يفند ما يرمون اليه فلم تكن الحقوق الكردية في يوم من الأيام على النقيض من مصالح الشعوب الأخرى من عربية وتركية وايرانية بل رديفا لحقوقها أيضا وتحقيقها ضمان لمستقبلها وكانت القضية الكردية ومازالت فوق الاعتبارات الدينية والمذهبية لأن شعب كردستان يعيش تعددية في هذا المجال وقضيته قومية بكل المقاييس ومن مصلحة الكرد وكل العراق أن تكون فدرالية كردستان مقابل فدرالية عربية ومركز اتحادي على أساس تعاقد دستوري وهذا ينفي صفة الصراع العرقي بين الكرد والعرب ويقطع الطريق على فدراليات الأديان والطوائف والمذاهب وينقذ العراق من الانقسامات المؤدية الى الانتماءات الخارجية ويعزز مشاعر بناء الوطن العراقي الموحد السيد المستقل كبلد لجميع مكوناته وقومياته . ان المنطق الذي يدعو ويصر على ضرورة « أن تكون الحكومة المركزية أقوى من الفيديراليات، لا أن تكون الفيديراليات ( المقصود فدرالية كردستان ) أقوى من الحكومة المركزية» يعوذه الدقة والوضوح من ناحية تعريف معنى القوة هل بالعسكر والسلاح أم بالاقتصاد والتنمية أم بالميزانية والمال أم بالأمن والاستقرار أم بسيادة القضاء والقانون أم بالمساواة بين القوميات في الحقوق والواجبات أم بمدى تطبيق معايير حقوق الانسان أم بماذا ؟ أوليس – وأمام هذا المنطق الحذر الشكاك في كل ما هو قائم في كردستان – قوات حرس الحدود الكردستانية جزء من القوى العسكرية العراقية ؟ أو ليست قوات الشرطة والأمن في المعابر الحدودية وفي مطاري اربيل والسليمانية جزء من القوى الأمنية العراقية ؟ ليس أمام كل من الحكومة المركزية وحكومة الاقليم الكردستاني الا الحوار في ظل الدستور العراقي وبمعزل عن المواقف المسبقة وبالالتزام بالمسؤوليات السياسية والأخلاقية والقانونية وعلى الطرف الحكومي المركزي التخلي الطوعي عن – روايته – القديمة البالية الراحلة مع الدكتاتورية للقضية الكردية وتفسيراته التي مضى عليها الزمن لجوهر الفدرالية وعليه أن يعي أنه المسؤول عن أي فشل حيث يتحكم بكل الخيارات ويشغل الموقع الأقوى في المعادلة الراهنة .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قضايا الخلاف في المعارضة السورية وسبل الحل
-
نظام الأسد ولعبة السباق مع الزمن
-
ماذا يعني - الأشغال الشاقة المؤبدة - لخدام
-
وجهة نظر حول بعض المهام العاجلة
-
هل من مفاجآت في - الوقت الضائع - الأمريكي ؟
-
الحرية للناشط السياسي مشعل التمو
-
أزمة كركوك .. أبعاد وآفاق
-
في الذكرى الثالثة والأربعين لكونفرانس الخامس من آب ... قراءة
...
-
في الذكرى الثالثة والأربعين لكونفرانس الخامس من آب - قراءة ن
...
-
محاولة في فهم قلق وليد جنبلاط
-
عندما تهب - أربيل - لنجدة - بغداد -
-
العدالة تلاحق رموز - الجينوسايد - في عصرنا
-
قراءات في الكرد والعرب والمعارضة ( 2 - 2 )
-
قراءات في الكرد والعرب والمعارضة ( 1 - 2 )
-
قراءة كردستانية . ... للاتفاقية الأمريكية - العراقية
-
ظاهرة الغلاء في كردستان
-
- وديعة رابين - ووداعة الأسد !
-
على ماذا يتفاوض - المتهمون - ؟
-
حوار مع صلاح بدر الدين
-
وقفة تأمل أمام الحدث اللبناني
المزيد.....
-
-الموت أحلى من العسل-.. متظاهرة إيرانية في طهران توجه رسالة
...
-
ماذا حدث بين سفيري إسرائيل وإيران بمجلس الأمن؟
-
مقتل 70 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على قطاع غزة، واشتباكات في
...
-
بين الغضب واللامبالاة: كيف تنظر الشعوب العربية إلى إيران في
...
-
قصف صاروخي إيراني يشعل حرائق ويتسبب بأضرار في بئر السبع
-
حرب إسرائيلية إيرانية.. هل تتدخل أميركا؟
-
الملاكم ناوروتسكي.. لماذا تخشى أوروبا الرئيس البولندي الجديد
...
-
محادثات إيرانية أوروبية بجنيف وعراقجي: لا حوار مع واشنطن
-
5 مدمرات أميركية في المنطقة لحماية إسرائيل و-نيميتز- تصل خلا
...
-
ما هي القاذفة الأمريكية الشبح -بي-2- التي تعول عليها إسرائيل
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|