أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - هل سيكتشف العلم الحديث سر الكون؟















المزيد.....

هل سيكتشف العلم الحديث سر الكون؟


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 2409 - 2008 / 9 / 19 - 10:16
المحور: الطب , والعلوم
    


د. جواد بشارة / باريس
في خضم التنافس القائم بين الدول المتقدمة لتحقيق الانجازات العلمية والتفاخر بتحقيق السبق العلمي الأهم في تاريخ البشرية، بادرت أوروبا قبل نحو عشرين عاماً ببناء أضخم صرح علمي على الحدود الفرنسية السويسرية يعرف بمجمع سيرن CERN للبحوث النووية (الفضائية والكونية والفيزيائية) وخاصة فيزياء الجزيئات اللامتناهية في الصغر وتم تشييد مصادم الجسيمات أو مسرع الجزيئات العملاق الذي بدأ العمل رسمياً في 10 أيلول 2008 ويعرف باسم LHC وهو مختصر لمصادم الهدرون الكبير Large Hadron Collider ويعتبر أكبر وأضخم آلة علمية صنعت لحد الآن.

ففي بداية سنوات الستينات أعلن البروفيسور البريطاني الشاب آنذاك بيتر هيغزPeter Higgs أستاذ فيزياء الجسيمات في جامعة إيديمبورغ فرضية بوجود جسيمات غير مرئية أسماها البوزونات والتي حملت إسمه علمياً وعرفت ببوزونات هيغز وسماها بعض زملائه تندراً بجسيمات الله نظراً لاستحالة العثور عليها أو إثبات وجودها مختبرياً في ذلك الوقت. ومهمة تلك الجسيمات أو الجزيئات أنها تفسر لماذا تحتوي كافة الجزئيات المكونة للمادة كتلة خاصة بها . وبقيت الفرضية لمدة تزيد على الأربعة عقود على الورق فقط حيث لم يستطع أي مسرع لجسيمات أو مصادم للجزئيات إثبات وجودها عملياً إلى يوم الناس هذا. وهذا ما حدا بالهيئات العلمية الأوروبية قبل عقدين من الزمن إلى بناء أو صنع هذا الجهاز من قبل المنظمة الأوروبية للبحوث النووية الذي من شأنه أن يتيح لنا إمكانية العثور على تلك الجزئيات ورؤيتها بعد الطفرة العلمية الهائلة التي تحققت في مجال الحاسوب والكومبيوترات العملاقة التي تقوم بمليارات العمليات الحسابية في جزء من الثانية. وفي نفس الوقت بمقدور هذا الجهاز أن يشرح لنا كيف يعمل الكون ويمضي في مساره . ركز العلماء على أهمية فيزياء الجسيمات ومعرفة لماذا تحتوي كل جسيمة أو جزيئة مهما كبرت أو صغرت على كتلة . وقد تتمخض هذه التجربة العلمية عن اكتشاف أسرار أخرى للمادة المرئية ونوع آخر من الجسيمات المركبة وليس الأحادية التكوين وستكون عند ذاك ثورة حقيقية في عالم الرياضيات والفيزياء الكوانتية أو فيزياء الكم. ومن شأن هذه التجربة أن تتيح للعلماء أن يثبتوا نظرية التناظر القصوى Supersymétrie والتي تقول أن لكل جزيئة في الكون ، حتى لو كانت لامتناهية في الصغر، مقابل أو نظير لها في الشكل لكنه أثقل. وترنو هذه النظرية إلى توحيد كافة القوى الجوهرية الموجودة في الكون والتي تتحكم بوجوده وطريقة عمله . وقد باشر علماء الكونيات ، حتى قبل ظهور نتائج هذه التجربة ، بافتراض صحة وجود بوزونات هيغز ويستخدمونها في أبحاثهم لكنهم يصطدمون بغموض ماهية المادة السوداء والطاقة الداكنة التي تشكل نسبة 96 % من الكون والتي لايعرف عنها الإنسان الشيء الكثير بل يجهلها تماماً . والحال أن اكتشاف الجسيمات المتناظرة هندسياً في الكون سوف يدفع إلى الأمام البحث العلمي في هذا المجال وقد يقودنا ذلك إلى اكتشافات أخرى غير متوقعة واقتحام مجاهل لغز الوجود. فكلما فتحنا باباً في العلم يفتح لنا مليون باب جانبي ويخلق لنا المتاهة الكونية التي نعيش فيها مما يخلق مايشبه الأزمة التي يستحيل حلها في إطار المستوى الذي وصلت إليه البنى النظرية والنظريات القائمة حالياً في مجال الفيزياء الكونية أو الكوزمولوجي والمشكلة تكمن في الشرخ القائم بين النظريات وإمكانية التأكد من صحتها والتدقيق فيها تجريبياً ومختبرياً .

عكف على تحقيق هذه المهمة الجبارة ما يزيد على العشرة آلاف عالم من مختلف الاختصاصات وبميزانية وصلت إلى 6 مليار يورو وضعت تحت تصرفهم من أجل إطلاق تخصص علمي مايزال في المهد هو فيزياء الجسيمات اللامتناهية في الصغر. ففيما عدا ديناميك فيزياء النوتريونات la dynamique physique des neutrinos، تعتبر فيزياء الجزئيات بمثابة سباق المائة متر بالنسبة للعلم فهي تجذب الأضواء وتستقطب الاهتمامات والمنافسة الشديدة لكن تقدمها بطيء على صعيد الانجازات والتطبيقات العملية. الفيزياء الجوهرية la physique fondamentale ، التي انتعشت في النصف الأول من القرن العشرين، طرحت من الأسئلة النظرية أكثر مما قدمت من الإجابات الناجعة والمقنعة والمثبتة مختبرياً حتى أن هناك هوة عميقة صارت تفصل بين الحقلين النظري والمختبري لايمكن جسرها . فلم يتمكن العلماء سوى التعرف على 5% فقط من المادة في الكون ولابد من العثور على المفتاح السحري المتمثل ببوزونات هيغز وإلا سينهار الصرح العلمي للفيزياء المعاصرة . فقبل اقتحام المجهول للبحث عن النسبة المجهولة للمكون الكوني وهي 95% تقريباً، ينبغي أولاً السيطرة التامة والكاملة على الخمسة بالمائة المتكشفة حالياً وشرحها وتفسيرها .

النموذج المتعارف عليه للكون نظرياً في الوقت الحاضر يلخص الكون بإثني عشر نوعاً من الجزئيات الليبتونات والكواركات Les leptons et les quarks ، والقوى الأربعة الجوهرية التي تسير الكون وهي الكهربائية ـ المغناطيسية éléctromagnétique الالكترومغناطيسية الضعيفة ، وقوة الثقالة أو الجاذبية gravitationnelle والقوة النووية الكبرى. فالكواركات هي المكون الأساسي الأصغر المكتشف لحد الآن للمادة وإن القوى الأربعة المشار إليها تتفاعل وتعمل من خلال أو عبر جسيمات المادة . وقد حظيت هذه النظرية بالقبول الواسع من قبل المجتمع العلمي وثقة الفيزيائيين لأنها تضمنت فرضيات تم التحقق من صحتها في المختبرات والمسرعات أو مصادمات الجزئيات الأقل تقدماً الموجود قبل مسرع أو مصادم LHC. فحقل هيغز وبوزوناته مايزالان في المجال النظري حالياً، وبفضل فرضية هيغز تمكن العلماء من تفسير ظاهرة الجاذبية أو الثقالة في سنوات الستينات ولكن لم يعرفوا لماذا تحتوي بعض الجسيمات على كتلة masse والبعض الآخر يفتقد لها كالفوتونات photons بيد أن إثبات ذلك يستدعي العثور على البوزونات المفترضة حيث أن فيزياء الجسيمات علم تجريبي تحت المراقبة والنظرية فيه تبقى نظرية ، وإن العثور على تلك البوزونات ليس سوى خطوة أو مرحلة ضرورية لابد منها للوثوب إلى ميادين أكثر طموحاً وتعقيداً، فنظرية النموذج القياسي théorie du modèle standard صحيحة وصالحة للاستعمال في نطاق مقياس الطاقة المحصور بين GeV 500 وGeV 1000 أو واحد Tev وفيما يتعدى ذلك تصبح النظرية ناقصة وغير كاملة. وهناك ثلاث أو أربع نظريات منافسة لها لتحل محلها من المؤمل أن يسمح جهاز LHC بالكشف عن الأكثر صواباً من بينها. ومن المؤمل أيضاً أن يساعدنا في اقتحام مجاهل الطاقة الداكنة أو السوداء التي تشكل ثلثي الكون ويفترض أنها مسؤولة عن إتساع الكون . يتنافس علماء الفيزياء بمخيلتهم الغنية على تقديم النماذج والفرضيات للربط بين النموذج القياسي والنموذج الآينشتيني المستند إلى النظرية النسبية العامة، والذي يصف الكون بمقياس الطاقة الهائلة وعلى نطاق لامحدود. ويتبارى بعض العلماء اليوم بتقديم تصورات مختلفة عن الأكوان المتوازية وليس الكون الواحد وهي نظرية اقترحها العالم السوفياتي زاخاروف وتبين فيما بعد أنها ليست من بنات أفكاره بل أرسلت له سراً جاهزة ومكتوبة من جهة غير معلومة بتوقيع الأوميين Les Ummittes ،ويعرفون أنفسهم بأنهم كائنات من الفضاء يشبهون البشر تماماً قدموا من كوكب بعيد متطورون أكثر منا وحضارتهم أقدم من حضاراتنا بخمسة وعشرون ألف سنة، وسربوا لنا بعض الفتات من تقدمهم التكنولوجي عبر أسلوب الرسائل المجهولة المصدر، والتي تصل إلى العلماء في الأرض. ويبقى كل شيء ما يزال في طي المجهول ، ولكن لايجب أن نيأس من التوصل إلى الحقيقة يوما ما وما علينا سوى الاستمرار بالبحث بذكاء وصبر. وقد ساهمت مثل هذه التجارب التي لاتعني أبحاثها شيئاً للانسان العادي، بتحقيق اكتشافات علمية وعملية خدمت الإنسانية كالانترنيت والهاتف الجوال والكومبيوتر الشخصي المكتبي والمحمول وكانت كلفة هذا الجهاز قد تجاوزت 3،9 مليار يورو وسوف يساعد في تقدم البحوث الطبية والمجهرية وتخصص العلاج الهادروني hadronthérapie الذي يمكن أن يقهر الكثير من الأورام السرطانية بقصفها ببروتونات أو إيونات الكاربون . وسيستمر في غبر أسوار المادة الملموسة والمادة المضادة والمادة السوداء والطاقة الملموسة والطاقة الداكنة التي قد تكون وراء سر تكون النجوم والمجرات . وبذلك سوف تنافس أوروبا بهذا الإنجاز العلمي القيادة الأمريكية للبحوث العلمية والتكنولوجيا الثقيلة والمتطورة جداً والحساسة منها بالذات. ومع مرور الوقت سوف يعتاد الناس على سماع وترديد مصطلحات ومفاهيم هي الآن بمثابة الطلاسم من قبيل الميونات والغليونات والليبتونات والبورتونات والبوزونات والالكترونات Les : muons, gluons, leptons, protons, bozons,électrons, مثلما هي مفاهيم ومصطلحات مثل صواريخ وطائرات ومركبات فضائية وسيارات وانترنيت وكومبيوترات وفيديوهات وتلفزيونات وسينمات الخ التي تبدو كطلاسم بالنسبة لأناس يعيشون في القرون الوسطى أو قبائل الآمازون البدائية بينما هي عادية ومألوفة بالنسبة لنا اليوم.



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلماء يجربون عملية تشبه الانفجار الكبير الذي أدى إلى نشأة ...
- عندما خلق الإنسان الآلهة
- العراق بلد يمشي وهو نائم
- عندما تكون الأيديولوجية الدينية مطية السياسة
- جدلية العقاب والثواب بين العلمانيين والإسلامويين
- ذكراك تبقى أبداً طيبة
- تحت أنظار لله : الدين والحريات الفردية ونظام الدولة في الإسل ...
- هل سيقبل العراقيون حقائق الأمر الواقع يوماً ما ؟
- الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي وتحدياتها
- العراق : ماذا لو انفجرت كركوك؟
- العراق يقضمه الفساد اختفاء 23 مليار دولار
- توجهات الدبلوماسية الفرنسية الجديدة
- العراق والولايات المتحدة الأمريكية بانتظار مرحلة مابعد بوش
- ما بعد مرحلة الاستقطاب الدولي يأتي عصر اللاقطبية من العالم ا ...
- صراع المفاهيم : قصة الصراع بين العلم والدين
- المادة المفقودة في الكون
- حصيلة عام من رئاسة ساركوزي لفرنسا من 6 آيار 2007 إلى 6 آيار ...
- لو كنت وزيراً للكهرباء
- اليد الخفية
- الكون الغامض: ماقبل ومابعد نقطة الصفر


المزيد.....




- تعرض اليوم..الآن تابع الحلقة 156 مسلسل قيامة عثمان .. تردد ق ...
- تقارير: أدوية شائعة لفقدان الوزن -تفاجئ- الرجال بالعجز الجنس ...
- صور من الفضاء.. هذا ما فعلته إيران في قاعدة أصفهان بعد ضربها ...
- إجراء أول اختبار لدواء -ثوري- يتصدى لعدة أنواع من السرطان
- أسهم أوروبا ترتفع بدفعة من نتائج قوية لشركات التكنولوجيا
- الصحة العالمية لـ-سكاي نيوز عربية-: غزة أصبحت لا تصلح للحياة ...
- غوغل ومايكروسوفت تبدأن جني ثمار الاستثمار بالذكاء الاصطناعي ...
- العثور على محيط حيوي -سري- تحت الصحراء الأكثر جفافا في العال ...
- جامعة العلوم السياسية بباريس توقف الدروس بعد تصاعد احتجاجات ...
- كيف تثبِّت الإصدار التجريبي لنظام أندرويد 15 على هواتف بيكسل ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - هل سيكتشف العلم الحديث سر الكون؟