أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - مكابدات فعل الأمر في نصوص سلمان داود سلمان














المزيد.....

مكابدات فعل الأمر في نصوص سلمان داود سلمان


محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد


الحوار المتمدن-العدد: 2406 - 2008 / 9 / 16 - 03:42
المحور: الادب والفن
    


ماهي الأعمال التي تعاد قرائتها ؟ يتساءل جورد مونان والجواب حتما ً : هي تلك الأعمال التي تتوفر على
" فائض معنى لا ينضب " و " قوة إحتياطية " قادرة على الصمود أمام تقلبات الأذواق والوقائع ... الشاعر احمد حاذق العرفي / تونس

أعترف بأني أعدت قراءة نصوص " سلمان داؤد سلمان " لعــدد من المرات ، وأقر بأنني وجدت بعض الصعوبة في إسـتكناه غموض وإبهام توليفة مفردات منها ، لكن المحنة لم تكمن في ذلك بل في كيفية تجنب الإحسـاس المثير بعامل الزمن , وباللهيب المنبعث من الكلمة ومـن إنسـيابية المعاني التي حشــدها الشاعر بحيث أحالها الى ألغـام موقوتة تتشظى في نـواة الوقـت وبالأخص في ثنايا أفعــال الأمـر التي جاءت عصــارة إرادة الرفض لمعاناة وجوع الإنسـان , ونشـر غسـيل هذا العالم المرعب المصاب بفقر الـدم , وفضـح من يديـر ظهره للنبل عبر توترالعبارة وشحنها بعاطفة كبيرة وبالكثير من الإنفعال الذاتي والنفسي ...

وكمن يقفز بين الأشواك الملفعة بوهج الجمرة , متجها ً نحو السطوع الأحمر المنثال علــى
مفردات البيت الشعرى , يطّل سـلمان داؤد علـى الحياة وهو يرهق الذاكرة الشــعرية بدفق من
الأفعال في صور تكتض برهاوة , لتشـحن الضـمير بدفعـة كبيرة من النفاذية , سالكا ً الطريق
الشائك الوعر الى ينبوع الخلق , ومستخدما ً الضمير ( أنا) للتعريف بسلمان الإنسان ,والباحث
عن الذات ,والشاعر الذي يحصي أنفاسه بنفسه :

( أنا مشبوه كالغيم
كلما ترنو المظلات إلي
أهدد الحقول بالجفاف
مولع ٌ كسواي بإزالة النقاط من الشـذى
وكشراع يحبل بالريح
أتوحم بالجاليات ) (1) و
(أنا واحد لا يحصى
حارس عورة الممتلكات بأحلام " كثة "
أنا حاصل ضرب ( الشمعة × الهدنات ) (2)
و ( أنـا إبـن أصابـعي
والحشــد يعني الأباطيـل علــى
الإنبثاق ) (3) .

ومنه الى الآخر ، حيث الإنسان يجسـد إرادة الخالق في خلقه ، وحيث العقـل ينير الطريـق
بالقرارات الحاسمة ، تقفز الذات الى المجابهة ، لأنها مكمن القوة والفعل ولأنها تعويذة الخلاص عبر تلك الجملة ( الناقصة ) التي تطعن فـي صحة الفرضيات شـبه المؤكدة والقناعات البالية لهذا :

( فتوكل عليك إذن
وإستعن بأشباه الجملة على النظريات
فمن أجل الإطاحة بالأرانب
وهي تتلصص من ثغرة في رأسك
دجج رؤاك باء الثعلب وإهتف بالعفونة آمين ) (4).

هكذا الحال عندما يتفاقم الحدث في صيغة الأمر أيضا ً ليُنهي القصيدة ذاتها بفعل ٍ مضارع
حيث لا مناص من تحقيق الإستمرارية في رؤيا مشـتركة لبيئة الفعـل المبتدء بفعل الأمر فيقول

( فأصـمت لتفز
ولاتنس أن تســتحم كثيرا ً
فالإكثار من الجسارة
يجلب الإتساخ ) .

إنـه يدرك تماما ًأن النقاء يتناسـل من الثبات , وأن الركون الى التسليم بالرضوخ الى الضعف يعني في النهاية خسارة !!
وبذات الزخم يميل سـلمان داؤد في قصيدته الموسـومة بـ " خروف العلة " وليس حروف
العلة ، إلى إسـتخدام أفعال الأمـر( دع ، إحـذر، قـل ، إسترسـل ، دحرج ) في تداع متدرج ليمنح المتلقي فـن الإســـتلقاء تحت فيء الأماني المزوقــة وحماقة المتطلعين الـى مسـتقبل لا يأتي بالكثيرمن الرخاء دون أن يجشـم الإنسان نفسه عناء الرفض فيقول :

( دع أنفاسـك تنفض أختامها وإسترسل : ما حال الأيام لديك ؟ )
و( دع شؤونك في شأنها ودحرج القنفذ
نحو أفاعي النهايات ) و
(إحذرأن تغفر للمشمش حماقة المنتظرين
قل لهم أن ينصرفوا
فلا طاقة للسيد " لوط " على الكلام
أو الرجوع الى وظيفته القديمة !! ) .

لكن سلمان داؤد محمد كما أرادنا أن نعرفه , متدفقا ً كتيار الدم, هو الذي يشعل الحرائق
في تلك الجمر المتوهجة تحت رماد الكلمات لتتحقق على يديه الصدمة, فهو يدعو ـ للمزيد من المفارقة الآخاذة ـ إلى إطفاء النيران بنار أشد وأعتى :

( تنرجس ْ كيفما تشـاء
دحضْ ما توهج في كربلاء العجين
وإردمْ حفر الأفواه بجثمان الموعود
إشـجب رقصتي فـي
مدفن المعجـزة
وبـارك الرفعـة بعراء فضـفاض
إتلف المحبة بإزدراء شـجي
ودع الرضاب لإخماد الحرائق ... ) (5) .

إنه التفاعـل الحاد المستمر الذي يقيمه الشاعر بين الفترات اللاحقة للزمن , ليكون لفعل
الأمرالمكابد المحترق الأثرالنفسي كوقع الرمح ، وليبقى هناك ودائما ًما يعود إليه ويكتشفه في ضجيج القصيدة المكتـوم , إنه أسلوب خاص للتغلغل الى الدخيلة ، إنه فن النفاذ الى بقاع الظـلام في النفس لتحركـه من الداخل بإتجاه النضارة :

( إلبسي قناع الوقاية أزاء النشيد
فما كان ليعلو كل هذا السخام
لولا صباح يستبدل الشموس بالإرتباك) (6).

إنه الفعل يطـّل من بين فجواته وشـقوق الزمن ، ثم إنه الديناميـة والتأرجـح والعنـفوان
والبحث عن الخـلاص ، لكننا كما يأمرنا سـلمان داود محمد ـ شاعرنا المبدع ـ خيرٌ لنا أن
ندع الرضاب لإخماد الحرائق ، وتلك أمنية ( كما تعلمون ) غير قابلة للتحقق دوما ً !!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصائد : (1) إزدهارات المفعول به (2) هبوط (3) هديل مستعمل (4) ماراثون إنفرادي
(5) أنت بكسر العين (6) شروع في قتل النص .



#محمد_حسين_الداغستاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادة في زمن الوجع
- مالم يتناوله المحللون والخبراء.. العامل القوقازي في زيارة سا ...
- الفرار الى العشب
- مرايا الله
- خفق النبض
- النسور تنأى بأبصارها بعيدا !
- أسئلة عن الحب والحرية المسلوبة !!
- في الحب مرة ً أخرى !!
- ياصديقي
- حدود الحرية
- مؤسسات المجتمع المدني في العراق بين التحجيم والضرورة الحتمية
- تداعيات توق أضاع المسافات
- الغد المرتهن
- الديمقراطية النازفة في العراق
- إنتماؤنا القفقاسي وإملاءات المكان !


المزيد.....




- سميّة الألفي في أحدث ظهور لها من موقع تصوير فيلم -سفاح التجم ...
- عبد الله ولد محمدي يوقّع بأصيلة كتابه الجديد -رحلة الحج على ...
- الممثل التونسي محمد مراد يوثق عبر إنستغرام لحظة اختطافه على ...
- تأثير الدومينو في رواية -فْراري- للسورية ريم بزال
- عاطف حتاتة وفيلم الأبواب المغلقة
- جينيفر لوبيز وجوليا روبرتس وكيانو ريفز.. أبطال أفلام منتظرة ...
- قراءة في ليالٍ حبلى بالأرقام
- -الموارنة والشيعة في لبنان: التلاقي والتصادم-
- -حادث بسيط- لجعفر بناهي في صالات السينما الفرنسية
- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - مكابدات فعل الأمر في نصوص سلمان داود سلمان