أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد حسين الداغستاني - مؤسسات المجتمع المدني في العراق بين التحجيم والضرورة الحتمية















المزيد.....

مؤسسات المجتمع المدني في العراق بين التحجيم والضرورة الحتمية


محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد


الحوار المتمدن-العدد: 2319 - 2008 / 6 / 21 - 08:04
المحور: المجتمع المدني
    


وفي سياق توضيح مفهوم المجتمع المدني ، فإنه يعني تلك الشبكة الواسعة من التنظيمات والمؤسسات الطوعية غير الحكومية التي تقدم خدماتها المتخصصة الى الأفراد في المجتمع ، وتعمل على حماية مصالحهم ، والدفاع عن حقوقهم الأساسية في مختلف المجالات ، وتشيع بينهم قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ... وتتولى في الوقت ذاته تحجيم سيطرة الدولة العمياء على مقدرات الإنسان والمجتمع دون الإلتفات الى مصالحه المشروعة ، وتتثمل أساساً بالتشكيلات الإجتماعية الطوعية الحرة غير الخاضعة لسلطة الدولة كإتحادات ومنظمات الشباب والمرأة والعمال والفلاحين والنقابات المهنية والخيرية والدينية والجمعيات المتخصصة في تقديم الخدمات العامة والخاصة برعاية الأمومة والطفولة ورعاية قطاعات المجتمع المختلفة وجمعيات الضغط بمختلف أشكالها والنواد والدور الثقافية ومؤسسات النشر والإعلام ، والتي تقف على قدم المساواة ، وتستمد قدرتها على التأثير والفعل الميداني المباشر من التشريعات القانونية الحديثة التي تمنحها الصفة الشرعية والدعم المادي والمعنوي الرسمي الضامن لتطورها ونموها وزيادة تأثيرها الإجتماعي .

الإمتداد التأريخي لمفهوم المجتمع المدني

والى وقت قريب لم يكن مفهوم " المجتمع المدني" متداولاً في العراق أو في غيره من البلدان العربية في المنطقة على عكس المجتمعات الغربية الحديثة التي كانت قد وفرّت لقوى المجتمع المدني فيها الغطاء التشريعي ، والبيئة الضرورية للنمو والتطور في مسعى لتحقيق التوازن بين حقوق الأفراد على الدولــــةوحقوق الدولة على الأفراد أيضاً.
وقبل أكثر من مئتي عام أي في القرن الثامن عشــــــر الميلادي أكــــد جان جاك روسو (1712 ـ 1778 م) على " أن السيادة لا يمكن أن تكون موضوع تفويض بل يمكن إنتقالها .. وأنه لا يمكن أن يتنازل الشعب عن السيادة والحكم " أي أن الشعب يجب أن يبقى مصدراً للسلطات وبذلك فإنه هيأ الأرضية المناسبة لطرح مفاهيم المشاركة والديمقراطية والحوار والرأي الآخر ، وتحديد الصلاحيات المركزية المطلقة للدولة وإشاعة الحريات والحقوق الأساسية للفرد .
ولكن مع مرور الزمن تجلّت آراء متباينة وإجتهادات مختلفة حول مفهوم المجتمع المدني وذلك بفعل إتساع المدارك وزيادة الخبرة والتطبيقات الواقعية للنظريات المطروحة ، فلحق التطور هذا المفهوم الذي كان يعني أصلاً مجتمعاً منظماً تنظيماً سياسياً يضم المجتمع والدولة معاً وفق نظرية التعاقد اٌلإجتماعي ، الى كونه وسيطاً يوازن العلاقة بين الفرد والدولة حسب طرح المفكر الفرنسي مونتسيكو ، ليأتي فيما بعد كارل ماركس وينسف هذا المفهوم برمته وليؤكد بأن المجتمع المدني ليس سوى مفهوم برجوازي !
وبالعودة الى مفهوم المجتمع المدني في العراق فإننا نجد أنه لم يتداول في أدبياتنا إلاّ نادراً ، إلاّ أن قوى المجتمع المدني كانت قائمة وناشطة ولها تأريخ في حركات التحرر في المجتمع العراقي والمجتمع العربي عموماً (1) .
وعلى مدى سنوات طويلة فقد كانت السلطات المتعاقبة على الحكم في العراق ثقافــــةالسلطات المتعاقبة تغفل دور الأفــراد في المشــــاركة ، حريصة على خلق واجهات مجتمعية على شكل إتحادات نسائية و فلاحية و شبابية وطلابية أو جمعيات ونقابات مهنية وقطاعية وخدمية مختلفة كانت بمجملها إمتداداً لأجهزة الدولة وتحت التوجيه المركزي المباشر للقوة السياسية المهيمنة على السلطة التي " كانت تقوم بإحتكار مصادر القوة في المجتمع مما دفع ذلك الى ولادةالمجتمعية ، فأصبح الأفراد في هذه التشكيلات جزءاً من ثقافة السلطة .. (2) هذه التشكيلات في مثل هذه النظم الشمولية هي هيكلية ضعيفة ، مشتتة حيث تبتلع الدولة المجتمع ويبتلع الحزب الأيديولوجي الأوحد الدولة ، ويصبح الفرد أعزلاً في مواجهة الدولة والحزب ، فينكفئ على نفسه أو على أسرته الصغيرة أو على عشيرته يحتمي بدفئها في مواجهة الكيانات الباردة الضخمة لكل من الحزب والدولة (3) .
معوقات عمل مؤسسات المجتمع المدني

ورغم أن منظمات المجتمع المدني التي يراد منها خلق التوازن بين سلطة الدولة وحقوق المجتمع ، وإمتلاك القدرة الفاعلة للتعبير عن إرادة الإنسان في التغيير ، والإعلان عن الرأي بشجاعة ، في مجتمع تسوده الحرية والمساواة والديمقراطية ، ونبذ الخوف والطائفية والإستبداد والمركزية المطلقة ، إلاّ أنها تجابه في الوقت نفسه جملة من الإعتراضات من قبل قوى سياسية ترفض منطق المشاركة ، وتعمل بكل الوســائل للهيمنة على مقدرات الأوطــــانوفق نظريتها وعقيدتها الفكرية والسياسية الى جانب العديد من التيارات الدينية ومنها الإسلامية التي " ترفض الديمقراطية كنظام أو آلية للحكم" أو التي ترى في منظمات المجتمع الحديث وفق الصيغة المطروحة " تعبير عن الثقافة الغربية وبالتالي فهي ضمن إطار الصراع الثقافي بين الغرب والإسلام ليست سوى وجهاً من أوجه الغزو الثقافي " الى جانب موقف هذه المنظمات من الدور الإجتماعي والسياسي للمرأة والتي " لا تزال التيارات الإسلامية تريد تحجير المرأة وحصرها في إطار البيت .." (4) .
وعلى الضد من هذا الإتجاه فإن الكثير من الباحثين الإسلاميين يجدون أن هذا الطرح لا يتواءم مع نظرة الإسلام الفعلية الى فكرة أو المفاهيم التي تبلور عمل مؤسسات المجتمع المدني ، منطلقين من حديث الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " أي أن الناس شركاء في المسؤولية ، وهذه الشراكة لا تتم سوى بإتاحة القنوات الضرورية أمامهم للتعبير عن آرائهم وممارسة تلك المسؤولية فضلاً عن نظرتنا بلغة العصر الى مؤسسات المجتمع المدني المختلفة بأنها ليست سوى شكل من أشكال الشورى في الإسلام والذي كان يوفر لغير الحكام فرصة الإسهام في صنع القرار .
تحفظات على مؤسسات المجتمع المدني

وبالتسليم الى حقيقة وجود الإصــــرارالواضحعلى إناطــــة دور لمؤسســـاتالمجتمع المدني في عالم اليوم لضمان ذيوع وإنتشار المفاهيم الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان وسيادة القانون في المجتمع فإن هذه المؤسسات تلقى الكثير من العنت والتجاهل والمصاعب والمعوقات التي تعيقها عن أداء دورها المنشود والطموح ، ومن أبرزها :
1. المشكلات المالية الناجمة عن عدم وجود دعم واضح من الدولة لمؤسسات المجتمع المدني أو توفر مصادر تمويل ثابتة لها .
2. ربط الأحزاب والكتل السياسية الوطنية والمنظمات والمؤسسات الأجنبية الكبيرة موضوع دعم مؤسسات المجتمع المدني بمدى قدرتها وفاعليتها على تنفيذ وتطبيق الخطط والبرامج والأفكار المسبقة التي تمليها عليها للعمل بموجبها أي تجعل من مؤسسات المجتمع المدني ( مطية) لتحقيق أغراضها وأهدافها ومنها تلك التي قد تكون أحياناً مشبوهة وغير واضحة المقاصد أو موجهة ضد مصالح المجتمع الأساسية .
3. ضعف مستويات الأداء للملاكات القيادية أو الإدارية أو التظيمية أو التخطيطية لمؤسسات المجتمع المدني نتيجة حداثة التجربة في العراق وعدم تمرس هذه الملاكات في مجالات العمل والنهوض بهذه المؤسسات وتطوير فعالياتها الإجتماعية والميدانية .
4. محاولات التحجيم والتهميش التي تتعرض لها مؤسسات المجتمع المدني وخاصة من لدن الدولة وإعاقة فرص إسهامها الفعلي والإيجابي على صعيد التأثير والعمل بالضد من القناعات الرسمية الحكومية .
5. ضعف الحس الديمقراطي لدى المجتمع ومحدودية المشاركة الشعبية الطوعية في برامج وفعاليات مؤسسات المجتمع المدني بسبب التراكم السلبي لدى قطاعات واسعة من الجمهور الناجمة عن سنوات السيطرة الشمولية والثقافة الأحادية والممارسات الإضطهادية والتعسفية التي مارستها هذه السلطات ضد الرواد والناشطين البارزين في مجال الدعوة الى العدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان ... عبر عشرات السنين .
6. إحجام الأفراد الميسورين أو الشركات الوطنية أو المؤسسات الإجتماعية والماليــــــةالكبيرة عن دعم مؤسسات المجتمع المدني بسبب ضعف الوعي بأهميتها ودورها وربما بسبب عدم الثقة بقدرة هــذه ا لمؤسسات على التغيير والإنجاز الإجتماعي في مجال تخصصاتها فضلاً عن تحفظات البعض على نزاهتها في التصرف السليم بالأموال للصالح العام .
إن هذه المعوقات وغيرها قد تعرقل مسيرة نمو وتطور مؤسسات المجتمع المدني بشكلٍ أو بآخر وربما لمديات زمنية غير منظورة ، لكنها لن تفلح قطعاً في ثنيها عن مواصلة طريقها نحو الهدف ، بعد أن تهيأت لها المناخات والبيئة الملائمة للفعل والتأثير ، ذلك لأن منطق الأشياء ومنهج التفكير في القرن الحادي عشر يفرض على المجتمع الحديث والمتطلع الى الغد الأفضل أن يتآلف مع مظاهر الزمن الحضارية والإنسانية وفي المقدمة منها وجود مؤسسات قوية وحرّة ومستقلة وديمقراطية في المجتمع للدفاع عن الإنسان وحماية منجزاته الحياتية ، وصيانة كرامته والإرتقاء بأدائه الى المستوى الإنساني الطموح .

الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. فوزية العطية ـ أستاذة علم الإجتماع في جامعــــــة بغداد/ مقالتها ( الجـــــــذور التأريخية لمنظمات المجتمع المدني) بحوث المؤتمر الوطني الأول لمؤسســــات المجتمع المدني / بغداد عام 2004 .
(2) م.م لمى مضرالإمارة ـ بيت الحكمة ـ بغــداد / مقالتها ( دور مؤسسات المجتمع المدني في تعزيز الوحدة الوطنيـــــــــة ) مجلــة السؤال ـ العدد الثالث آذار 2005 بغداد .
(3) أ . د . إحسان محمد الحسن ـ أستاذ علم الإجتماع ـ جامعـــــــة بغـــداد مقالته ( مشكلات منظمات المجتمع المدني وكيفيـــة مواجهتها) بحوث المؤتمر الوطني الأول لمؤسســـــــــــات المجتمع المدني / مصدر سابق .
(4) د. خليل مخيف لفتة ـ مركز الدراســــات الدوليـــة بجامعــة بغـداد مقالته ( الرؤيــة الإسـلامية للمجتمع المدني ) مجلة السـؤال مصدر سابق .



#محمد_حسين_الداغستاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات توق أضاع المسافات
- الغد المرتهن
- الديمقراطية النازفة في العراق
- إنتماؤنا القفقاسي وإملاءات المكان !


المزيد.....




- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد حسين الداغستاني - مؤسسات المجتمع المدني في العراق بين التحجيم والضرورة الحتمية