أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهر العامري - يحرمون الغزو الثقافي ولا يحرمون الغزو العسكري !















المزيد.....

يحرمون الغزو الثقافي ولا يحرمون الغزو العسكري !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2404 - 2008 / 9 / 14 - 06:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في زمن الأمريكي الذي يعيشه العراق والعراقيون صار الخطباء كثيرين ، والناطقون باسم الحكومة أو باسم تلك الكتلة أو ذاك الحزب أكثر منهم ، حتى عادت خطبة هذا الشخص تقال عن شطط دون تمعن بما يقول ، وتصريح ذاك الآخر ينطلق عن جهل ببواطن الأمور ، فحين يصرح الناطق باسم الحكومة في عراق اليوم يسارع الناطق باسم القوات الأمريكية المحتلة الى تكذيب مضمون تصريحه على الفور ، وحين يستشري الفساد ويسود النهب ، وتبدد ثروة فقراء العراق يخرج علينا أحد آيات الله محذرا لصوص المال بعاقبة وخيمة تنظرهم في الحياة الأخرى ، وذلك حين تتحول هذه الأموال المسروقة الى عقارب وأفاعي ساعة الحساب تنقض عليهم لدغا وعضا ، ولم أدر ِ أنا كيف تسنى لآية الله هذا أن يتعرف على نظرية تحويل المال المسروق هذا الى عقارب وأفاعي حين تطالع عيون لصوص المال أولئك وجهي منكر ونكير ساعة الحساب تلك ؟ من أين أتاه العلم بذلك ؟ فهل هو نبي مرسل ؟ حتى القرآن يقول على لسان النبي : ( إنما أنا بشر مثلكم ) أو ( إن هو إلا وحي يوحى ) !
سأل شيخ عشيرة ، أنا على معرفة به ، واحدا من قرّاء المنبر الحسيني كان يقرأ في دار ضيافته عن عقوبة الرجل الذي يمارس الجنس مع إناث الحمير بعد أن نما الى سمع الشيخ ذاك خبر عن بعض من الرجال يقومون بهذه الممارسة في المنطقة التي يسكن بها هو ، وعلى العادة رد قارئ المنبر ذاك حالا ، ومن دون تردد قائلا : سيُؤتى بصاحب الفعل هذا يوم القيامة موثوق اليدين والأرجل ثم يشد الى عمود أمام انثى الحمار تلك لتقوم بعضه مرات عديدة حتى تحول جسده الى قطع متناثرة ! وما كاد قارئ المنبر هذا يكمل كلامه حتى صرخ به الشيخ ذاك قائلا : لقد ضعنا - والله- موتا بأفواه الحمير !
ومرة كنا ، نحن طلاب كلية التربية ، ندرس سورة (عمّ ) في كتاب الكشاف للزمخشري وهو من خيرة كتب التفسير ، وكان الواحد منا يقرأ القطعة من شرحه لتلك السورة ليقوم أستاذنا القدير عبد الباقي الشواي بشرح وتفسير ما يغمض علينا منها ، وحين وصل أحدنا الى قراءة قطعة من ذلك الشرح تخص عقاب الكافرين وردت فيها رواية تقول ما معناه : إن أجساد الكافرين ستنزف قيحا وصديدا وغسلينا يوم القيامة في الوقت الذي يقوم به جمع من الحمير بلحس تلك الأجساد !
بعد أن فرغ زميلنا من قراءة هذه الفقرة سمعنا صوت تقيء أستاذنا وهو يفرغ كل ما في معدته من طعام ، واقفا بانحناء على جانب من المنصة التي كان يلقي محاضراته علينا منها ، وكأنه كان يستنكر على الزمخشري إيراده لهذه الفقرة في شرحه للآية تلك.
وعلى هذا الأساس ، ومن دون دراية وربما لغايات وأهداف مقصودة صارت تأتينا خطب وتصريحات من العراق تقف الناس منها موقف المستنكر ، وفي أحوال أخرى موقف المتسائل : هل أن هؤلاء المتفوهين يعوون ما يقولونه ؟ هل أنهم ينظرون الى كل الناس في العراق على أنهم سذج لا يمكنهم التفريق بين طالح الكلام وصالحه ؟ هل لهؤلاء المتحدثين غايات مبيتة يدعون لها ، ولكن من أبواب أخرى ، مستغفلين بها هذا الإنسان أو ذاك ممن سلم القياد لهم ودونما هداية ؟
أمس قرأت في الأخبار مقطعا من خطبة الجمعة التي ألقاها ممثل السستاني ، الشيخ مهدي الكربلائي ، عند ضريح الإمام الحسين عليه السلام من مدينة كربلاء ، وقد كان نص هذا المقطع هو الآتي : (( أكد ممثل السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة في الصحن الحسيني في مدينة كربلاء (110 كم جنوب غرب بغداد) حرمة مشاهدة المسلسلات الاجنبية المدبلجة باعتبارها غزوا ثقافيا غربيا .
واشار الى ان هناك الكثير من العوائل العراقية المنشدة لمشاهدة المسلسلات وخاصة المدبلجة منها .. وشدد على ان هذه المسلسلات هي جزء من وسائل الغزو الثقافي الكافر لنشر الهتك والتخلف في بلاد المسلمين . وقال ان حرمة هذه المشاهدة تتأتى من الخشية على دين الانسان المسلم وعقله وفكره وأخلاقه من تأثيرها . واوضح ان الإنسان الذي يقع من خلال مشاهدته لتلك المسلسلات تحت تأثير المنكرات فحينئذ تحرم عليه مشاهدتها . وحذر من خطورة الأفكار التي تنطوي عليها بعض المواد التلفزيونية على الأسر العراقية والتي تؤدي إلى هدم القيم الاجتماعية .
وقال إنه يوجد حكمان شرعيان يتعلقان بأمر مشاهدة مثل هذه المسلسلات هما :
1. إذا خشي الإنسان على عقله وعلى فكره وعلى دينه من هذه المسلسلات فانه يحرم مشاهدتها وأود أن انوه هنا بان آثار هذه المسلسلات ليست آنية بل هي تظهر مستقبلا.
2 .إذا كانت تضع الغير تحت تأثير هذه المنكرات من التحلل والتفسخ الأخلاقي والوقوع في ما يفسد العقيدة فإنه تحرم مشاهدة هذه المسلسلات. واعتبر ان بث هكذا مسلسلات هو" من جملة وسائل الغزو الثقافي الغربي الكافر لبلاد المسلمين والهدف من ذلك نشر تلك القيم والأعراف والتقاليد ونشر التهتك والتحلل في المجتمع الإسلامي من خلال هذه المسلسلات فينبغي أن يكون لدينا وعي والتفات إلى حقيقة الأهداف التي يراد من خلالها عرض هذه المسلسلات فهناك مسؤولية ملقاة على عاتقنا وخصوصا على عاتق رب الأسرة بان يحفظ ويحصن أسرته من التأثيرات الضارة لهذه المسلسلات، ومن جملة الأمور السيئة التي تحملها هذه المسلسلات أن تجعل من الخيانة الزوجية وإقامة العلاقات غير الشرعية أمرا محببا ومتعارفا وغير منكر وأيضا من جملة الآثار الضارة أن الكثير من الأخلاق والأعراف والقيم التي رفضها واستنكرها الإسلام تصورها هذه المسلسلات على أنها من الأمور المتعارف عليها والمقبولة لدى المجتمع بحيث يتقبله وهو لا يشعر به ))
المعروف تاريخيا أن الغزو العسكري يصاحبه حتما غزو ثقافي ، وقد شهدت البلدان الإسلامية ، والعربية منها على وجه الخصوص ، مثل هذا الغزو الثقافي حين وطأت جيوش المستعمرين الغربيين أرض تلك البلدان ، وهذا واضح لكل ذي لب وبصيرة ، وعلى هذا الأساس تدفقت الكتب والجرائد والصحف والأفلام السينمائية الغربية على أسواق بلدان العالم الإسلامي ، ولم تستطع حكومة أو حركة سياسية أو دينية من الوقوف بوجه هذا التلاقح الحضاري بغثه وسمينه حتى بعد أن رحل المستعمرون جيوشا من تلك البلدان ، ولكنها خلفت وراءها آلة الطباعة الحديثة مثلما خلفت الملهى ودار السينما التي عرضت أفلاما تفوق في مشاهدها المثيرة مشاهد المسلسل التركي ( نور) الذي استهوى الكثير من المشاهدين وعلى امتداد المساحة الجغرافية التي يتمدد عليها العرب أو أولئك الذين يجيدون الكلام العربي ، وكان من بين هؤلاء العرب عرب العراق الذين انشد الكثير منهم الى مشاهدة ذاك المسلسل المدبلج والذي كان يحدثهم بلغتهم بعد أن قامت شركة سورية بدبلجته الى العربية .
ورغم وقوف القلة ضد مشاهدة هذا المسلسل قياسا بالكثرة الكثيرة من المشاهدين العرب الذين حرصوا على مشاهدته سواء كانوا في البلدان العربية أو في القارات الخمس من المعمورة ، يظل أمر تلك المشاهدة أمرا شخصيا يتعلق بحرية المشاهد نفسه ، فالعرب والمسلمون سمعوا بتحريم الخمر منذ سنين طويلة خلت ، ولكن الكثيرين منهم لم ينتهوا عن شربها ، والغريب في الأمر هنا هو وقت صدور التحريم المذكور هنا ، فالمسلسلات والأفلام المدبلجة وغير المدبلجة ، والتي عدها التحريم على أنها غزو ثقافي كافر ، قد عرفها العرب والمسلمون منذ عقود خلت ، ولكننا لم نسمع بتحريم مثل هذا التحريم ، وإذا كانت الفتوى لا تصدر إلا بسؤال فليس من المعقول أن مسلما ما لم يسأل رجل دين عن رأيه في مسألة مثل هذه المسألة .
يبدو لي أن النجاح الساحق الذي حققه المسلسل التركي ( نور ) هو السبب الرئيس الذي وقف وراء ذاك التحريم سواء جاء هذا التحريم جوابا على سؤال رجل مسلم أو جاء من دون سؤال أحد ، وهو يندرج ، أي التحريم ، بالحرب الخفية التي ظلت نارا تحت الرماد طوال فترة الصراع والحروب التي دارت بين الدولة الصفوية الإيرانية وبين الدولة العثمانية التركية من أجل السيطرة على العراق . وإذا كان الأمر ليس كذلك فعلامَ لا يحرم مرجع مثل السستاني الغزو العسكري الأمريكي الغربي الكافر للعراق مثلما يحرم الغزو الثقافي الغربي الكافر له ، ذلك الغزو الذي حمله المسلسل التركي أو غيره من المسلسلات الغربية ؟ وإذا لم يكن هناك من العراقيين لم يسأله الرأي في احتلال العراق من قبل قوات غربية كافرة استوطنت على القرب من الأماكن المقدسة عند العراقيين ، فها أنا أسأله الرأي عن أمر هذه القوة الغربية الغاشمة التي أنزلت الدمار والهلاك بالعراق والعراقيين والى الحد الذي صار فيه النصف من العراقيين مهددا بمرض الكوليرا . هذا بعد أن غابت عنهم الكهرباء ، وانعدمت المياه الصالحة للشرب في بلد كان يسمى بلد السواد لعظيم زرعه ولوفرة مياهه المحمولة على ظهري نهرين خالدين هما دجلة والفرات ، هذا في وقت تغص به سجون العراق بالنساء وصغار السن من الصبية .
ليس من المعقول أبدا ، وليس من العدل والإنصاف قطعا أن يُحرم رجل دين غزوا ثقافيا غربيا كافرا ، ولا يُحرم غزوا عسكريا غربيا كافرا جاثما على أرض العراق الطاهرة ، وعلى صدور العراقيين ومنذ سنوات طويلة خلت !!



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين باع ملا صباح بقرته !
- متى يفهم العربي ما يقوله الأعجمي ! ؟
- النخيب ما بين عرب العراق وموالي أمريكا !
- ما يجمع أوسيتيا الجنوبية بكركوك الشمالية
- الأحزاب الكردية ترفع شعار البعث: من ليس معنا فهو ضدنا !
- الوزير ملا خضير يطلق النار على الطلاب
- مشاريع ذي قار
- احتجاج الموتى* !
- علموا أولادكم الخط والنط والشط !
- سطور عن أصوات نساء العراق العالية
- واقع التعليم في العراق والوزير ملا خضير
- ريكس الكلب الذي شمّ الحكومة*
- الإخفاق الأمريكي في مؤتمر الجوار العراقي بالكويت
- بعد أن وضعت صولة الخرفان أوزارها
- بوش وصولة الخرفان
- هبة فقراء العراق
- رحلة في السياسة والأدب (2)
- في الذكرى الخامسة للحرب على العراق : مجزرة ويأس
- رحلة في السياسة والأدب(1)
- من نوادر التراث (3)


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهر العامري - يحرمون الغزو الثقافي ولا يحرمون الغزو العسكري !