أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كريم عبد - مخاطر عودة الملكية إلى العراق !!















المزيد.....

مخاطر عودة الملكية إلى العراق !!


كريم عبد

الحوار المتمدن-العدد: 742 - 2004 / 2 / 12 - 06:46
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 يعيش العراق الآن أزمة مركبة، ناتجة عن وجود الاحتلال، وهو داء ودواء، من جهة، وانهيار الدولة مع انهيار نظام الطاغية من جهة أخرى.
العراق إذن بحاجة إلى حلول، وحلول من النوع المركب أيضاً. أي إعادة بناء الدولة من خلال نظام ديمقراطي جمهوري يعتمد على ثقافة حقوقية تنجز مشروع العدالة في توزيع السلطة والثروة على العراقيين دون تمييز. وإذا كانت السياسة الخارجية هي انعكاس للسياسة الداخلية، يصبح من باب الضرورة والوجوب أن يكون هذا النظام الجمهوري الديمقراطي حاضنة لسياسة دبلوماسية عادلة، أي تلتزم القوانين والأعراف الدولية في علاقاتها مع دول الجوار خصوصاً، لتنقّي الأجواء من الشوائب، وهي ليست قليلة، التي خلفتها حروب صدام ضد إيران والكويت، وكي تكون صمام أمان لاستقرار الأوضاع الداخلية بعيداً عن أية محاور معلنة أو مخفية، قد تؤثر على حيادية والتزام الدولة العراقية بالأمن الإقليمي.
الذين يتحدثون عن مشروع عودة الملكية إلى العراق، ينسون أو يتناسون بأن هذا المشروع ينطوي على مشاكل وليست حلولاً، مشاكل نحن العراقيين في غنى عنها بعد أن أغرقنا ( البطل القومي ) بما نحن فيه من أزمات. لماذا ؟! لأن أي متابع ومطلع على التاريخ القريب يعرف بأن الحديث عن عودة الملكية يعني حديثاً عن عودة المحور الأردني – العراقي خاصة بعد أن تمت مبايعة الشريف علي بن الحسين كممثل وحيد للعائلة الهاشمية في العراق من قبل المعنيين في الأردن كما تقول الأخبار المنشورة والمتداولة منذ أيام. وعودة هذا المحور أو مجرد ذكراه، يعني تحريك هواجس القلق لدى الكويت وإيران اللتان هما بأمس الحاجة لما هو عكس ذلك بعد الجروح والأحزان والخسائر التي تركتها حروب الطاغية، في حين إن طمأنة الكويت وإيران من قبل النظام الجديد يفترض أن تكون من أول الأولويات، ليس من أجل الدولتين فقط، وهذا حقهما المشروع، ولكن أيضاً من أجل استقرار الوضع الداخلي في العراق ذاته.
إن العراقيين ورغم صعوبة ظروفهم الحالية، عليهم أن يكونوا دقيقين لا في تقدير الأمور فقط بل وأيضاً في النظر لحيثياتها وخلفياتها، ومن هنا يأتي أول اعتراض على مشروع عودة الملكية، لأن تهيئة الأوضاع لأخطاء مستقبلية في السياسة الخارجية ستنعكس بدورها سلبياً على السياسة الداخلية. ونحن نتحدث هنا عن مبادىء لأن السياسة علم وليست وجهات نظر اعتباطية أو ذرائعية.
الاعتراض الثاني : أن طرح مشروع عودة الملكية من خلال استفتاء عام، يعني استهلاك مزيد من الوقت والجهود في قضية ستثير مزيداً من الخلافات على حساب مجتمع منهك هو في الواقع بحاجة للكثير من الوقت والجهود ليحسم استحقاقات كثيرة مطروحة عليه، كقضية الانتخابات والفدرالية والديون وإعادة الإعمار وتعويضات المتضررين من حروب وإرهاب النظام السابق، ناهيك عن إعادة تأسيس الدولة وإنجاز الدستور الدائم وعودة دورة المال والاقتصاد وسوق العمل ... الخ. 
علماً بأن هذا الاستفتاء مكتوب على نتيجته الفشل سلفاً. لماذا ؟! لأن الحقائق التاريخية المتعلقة بسلبيات الحقبة الملكية واضحة ومعروفة ولا يمكن تبريرها أو تغطيتها.    
فما يطرحه أنصار عودة الملكية من تبريرات، هي في الحقيقة غير واقعية إطلاقاً. فهم يقولون أن النظام الجمهوري فشل، والنظام الجمهوري هو سبب الانشقاق داخل المجتمع العراقي، لأن النظام الجمهوري لا يملك مركز ثقل دستورياً يضبط إيقاع وتوازن مراكز القوى السياسية، والملك هو الذي يمثل مركز الثقل المطلوب في النظام الملكي كحَكم بين الأطراف المختلفة. وهذا هو تبريرهم الأساسي !! أي أننا أمام عملية تضليل جديدة منذ البداية. عملية تضليل يراد منها إعادة المجتمع العراقي إلى حالة القطيع برعاية ملك يتحكم بالعراقيين عبر دستوره هو ومن وراء الكواليس أيضاً. وهذا لن يتم إلا من خلال إرادة وتدخل قوى خارجية، إقليمية ودولية تستند على جماعات محلية،  لها مصلحة في عودة الملكية، بالضبط كما حدث في المرة الأولى عام 1921 أي أن الملكية طارئة على تاريخ العراق المعاصر ومفروضة من الخارج، إنها مصلحة القوى الخارجية وليست مصلحة الشعب العراقي. وهذا المشروع في الواقع هو قيد التداول بصفته سيناريو ضمن عدة سيناريوهات مجهزة لإحباط مشروع النظام الديمقراطي ودولة القانون الدستورية في ظل جمهورية حقيقية يصبح فيها الشعب العراقي مَلكاً على نفسه وبلاده ومقدراته.
ورداً على مبررات الملكيين نستطيع القول : أن الصفة الدستورية للدولة لا تقترن بالملكية فقط، بل بوسع النظام الجمهوري أن يكون دستورياً وهو أرحب لناحية المشاركة السياسية من النظام الملكي، لذلك فإن أكثر أنظمة العالم جمهورية وليست ملكية. وعلى صعيد العراق : أن مشروع النظام الجمهوري، أي جمهورية ديمقراطية ذات دستور دائم، لم يُنجز بعد سقوط الملكية أساساً. ولم يعش العراقيون يوماً واحداً تحت ظل نظام جمهوري دستوري منذ 1958، فوجود الضباط، وبغض النظر عن نواياهم الوطنية، كان احتلالاً للدولة، أي كان خطأً حقوقياً وسياسياً لذلك استمرت الاضطرابات وتحولت الانقلابات والانقلابات المضادة إلى ثقافة سياسية هي بمثابة كارثة وطنية دفعنا جميعاً ثمنها الباهظ، بمن في ذلك ( الضباط الأحرار ) أنفسهم الذين كانوا من بين ضحايا ذلك الخطأ. والحقيقة أن أهم الضحايا التي تركت وما تزال، أثراً سلبياً حاسماً على الحياة العراقية، هي الثقافة الديمقراطية، فغياب الثقافة الديمقراطية حال دون التطور الطبيعي للمجتمع العراقي، وحول الحوار الوطني بين العراقيين إلى حوار دبابات، وحلت ثقافة الرشاشات والبوكسات محل ثقافة العقل والمنطق. ومن هنا بزغ نجم صدام حسين، من ثقافة الشوارع والأشقياء. وكل هذا ليس له علاقة بالنظام الجمهوري الدستوري الذي بقينا نطمح إلى تأسيسه ولم نحققه لحد الآن. وعلينا أن نعمل على تحقيقه من أجل حاضر ومستقبل العراق وكي لا تذهب تضحيات الشعب العراقي الجسيمة هدراً. إن عودة الملكية هي إعادة لعجلات التاريخ إلى الوراء وعودة إلى أسباب المأساة وتكرارها كي يبقى العراق نهباً للقوى الخارجية، والأشخاص الذين يريدون إعادة التمثيلية من جديدة ما هم إلا أدوات فيها يحركهم المخرج وقت الحاجة ومن وراء الستار . والمخرج ذكي بما فيه الكفاية، فهو يعرف بأن المجتمعات التي تعيش دوامة الحروب الخارجية والداخلية تبقى لبعض الوقت في حالة ( غيبوبة ) عن الوعي لذلك يسهل تمرير ما يُراد تمريره عليها، أو أن المحاولة سيكون لها بعض المريدين بحكم توفر عدد من الانتهازيين الجاهزين للتصفيق في كل زفة. ولأن الشرفاء الذين دفعوا ثـمن الحروب والمؤامرات والمقابر الجماعية كثيراً ما يبقون صامتين ( كالأيتام في مأدبة اللئام ) !! 
لكل ذلك وجدنا من يخفي الحقيقة عن كل ما جرى في الحقبة الملكية البائدة، بل ويقلب الحقائق على رأسها !! فالحقبة الملكية ضيعت على العراقيين فرصة تاريخية لتأسيس نظام ديمقراطي ونهضة اجتماعية كانت الكثير من مقوماتها متوفرة، لكن ما حدث هو أن الشعب العراقي ظل مشغولاً بالأمراض المعدية والمستوطنة والجهل والأمية، وإذا عدنا للوقائع نجد أن جميع السلبيات التي جاءت بها أنظمة ما بعد 1958 كان قد تم تأسيسها خلال الحقبة الملكية، بدء بالنفي وإسقاط الجنسية والاعتقالات الكيفية والاعدامات وتعليق الجثث، والتمييز بين العراقيين واضطهاد الشعب الكردي والاقليات القومية والدينية وتزوير الانتخابات، بل أن المرحوم فيصل الأول هو من أسس وكرس نزعة الهيمنة العسكرية في الدولة العراقية، حيث عمل منذ البداية على تطبيق قاعدته وطموحه في ( تزيـيد قوة الجيش عدداً بحيث يصبح قادراً على إخماد أي قيام مسلح ينشب في آن واحد على الأقل في منطقتين متباعدتين ) وفق تعبيره، لذلك أعطى الأولوية لبناء الجيش، وجعل مهمته الأساسية أمنية داخلية، أي قمعية وهذا ما قام به الجيش العراقي في الجنوب والشمال، إذ خُصصت له ربع واردات العراق آنذاك !! ما أدى إلى إهمال وتـهميش الاهتمام بالجوانب الأخرى، كالتعليم والصحة ناهيك عن بناء مقومات التصنيع والنهوض الزراعي وما يسمى عادة بمشروع التنمية، الأمر الذي أثار احتجاجات جدية، سياسياً واجتماعياً، على ترجيح الأولويات الأمنية على حساب الضرورات الوطنية والبنية المدنية للدولة، وليس اعتباطاً أن يتم تأسيس ( مجلس الأعمار ) بعد مرور ما يقارب الثلاثة عقود على تأسيس الجيش !! وهو ( مجلس أعمار ) لم يكن يمتلك آليات تنفيذية يُعتد بـها على صعيد البلاد  بحكم افتقاره للكادر والإمكانيات المادية المرصودة للمشاريع المفترضة !!
وبسبب كل ذلك وغيره من تراكمات الحقبة الملكية، وكنتيجة تم تكريس ثقافة الانقلابات والشعارات الثورية عند المعارضة على حساب الثقافة المدنية الديمقراطية، ولذلك حدث ما حدث في 14 تموز 1958 من مأساة وبلبلة وانشقاقات ما نزال ندفع ثمنها لحد الآن. وإذا كانت الظروف الآن أصعب بما لا يقاس مع ما كانت عليه في عشرينيات القرن الماضي، فهل هناك من له مصلحة في إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ؟! وهل هناك من له مصلحة في توريط الشعب العراقي بالعائلة الهاشمية ثانية ؟! في حين أن الفرصة متاحة تماماً، ورغم الصعوبات القائمة، لتأسيس دولة القانون الدستورية في ظل جمهورية جديدة ونظام ديمقراطي قادر على استيعاب كافة تيارات واتجاهات المجتمع العراقي ودفعها في اتجاه المستقبل وعلى طريق التطور الأكيد. العراق بحاجة إلى حلول وليس إلى مشاكل جديدة.



#كريم_عبد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخي منذر مصري لماذا تقوّلني ما لم أقل ؟!
- مجتمع الارتزاق الثقافي العربي !!
- يعيش العراق .. يعيش العراق - قصائد
- رسالة إلى منذر مصري : هل بوسعك أن تعود معنا إلى العراق ؟!
- من اجل أن لا يتحول رفض القرار 137 إلى هجوم على مجلس الحكم !!
- جمال عبد الناصر بصفته ظاهرة ثقافية مصدَّرة من الماضي !!
- الديمقراطية بصفتها مقولة مـملّة
- أزمة الثقافة السياسية ومشروع تكوين الأمة العراقية
- تـحتَ مطرٍ خفيف
- المرأة في أروقة الدولة العربية !!
- المضطرب يُنتج أفكاراً مضطربة عن نفسه وعن الآخرين
- طبيعة السلطة وتأثيرات النسق الثقافي – الاجتماعي
- في تحولات الثقافة الإنسانية : العودة إلى الغابة !
- العالم موضوع فرجة والإنسان كائن متفرج !!
- الضحية تشتاق إلى جلادها، حمزة الحسن نموذجاً
- ثلاثُ مراثٍ لرياض إبراهيم
- قصيدة حب
- القناع المقدس والعنف الرسمي !!
- إلى موفق محايدين : شيوعيو ( مجلس الحكم ) أنبل بالتأكيد من قو ...
- الموتُ رمحُُ طويلُُ ُ تكسَّـر في قلوبنا !! - من أجل شريف الر ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كريم عبد - مخاطر عودة الملكية إلى العراق !!