أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ميسون البياتي - كشمير.. والرهان على 11 / 9















المزيد.....



كشمير.. والرهان على 11 / 9


ميسون البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 2396 - 2008 / 9 / 6 - 04:14
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


مصائب قوم عند قوم فوائد . ولهذا فعندما أعلنت الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب , وجعلت المسلمين في طليعة الإرهابيين وطليعة من تستهدفهم حول العالم , ظن ( الهنود الهندوسيين ) وضمن رؤية تعبق برائحة الكاري والتوابل والفلفل , أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تخلت ( أخيرا ) عن دعم عدوهم التقليدي ( الهنود المسلمين ) الذين إنفصلوا عنهم بما يعرف اليوم بإسم الباكستان , ولهذا فإن الهندوس يحلمون اليوم بالصيد في مياه عكرة , يكون من نتيجتها أن ( تجير ) الولايات المتحدة الأمريكية حروب كشمير لمصلحتهم وضد مصلحة الباكستان , تلك الحروب التي بدأت منذ عام 1947 ولم تنته حتى اليوم .
تقع كشمير في أقصى شمال غرب شبه القارة الهندية وتشغل موقعا ستراتيجيا بين الهند وباكستان , الصين تحدها من الشمال , والباكستان من الشمال والغرب أما من الجنوب فتحدها الهند .
تبلغ مساحة كشمير 218,780 كيلو متر مربع وتتكون أرضها من مجموعة سلاسل جبلية عالية تنبع منها المصادر العليا لنهر السند , وطبيعة البلاد تمتاز بالمناظر الجبلية الرائعة .
وهي مقسمة سياسيا الى قسمين , الثلث الغربي منها يخضع لإدارة باكستان , والقسم الباقي أعلنت الهند ضمه إليها , بينما تسيطر الصين على منطقتين حدوديتين منها .
كشمير ولاية يشكل المسلمون فيها الأغلبية وتصل نسبتهم الى 75% , ولكن بسبب إستيلاء الهند على النصيب الأكبر من أرض الولاية فقد أصبح المسلمون يعاملون فيها كما لو أنهم أقلية .
يبلغ عدد سكان الولاية 7,7 مليون نسمة حسب إحصاء عام 1991 يتوزعون على النحو التالي : 4,3 مليون في الجزء الهندي , أما في الجزء الخاضع الى باكستان فإن تعدادهم يبلغ 3,4 نسمة . ومن مجموع سكانها العام يبلغ عدد المسلمين 5,7 مليون نسمة , يعيش معهم 200 ألف هندوسي وبعض الأفراد من ديانات أخرى .
تدعى عاصمة الجزء الهندي من كشمير ( سرينغار) , أما عاصمة الجزء الباكستاني فتدعى ( جلجت ) .
لكي نتعرف على حقيقة مشكلة كشمير ينبغي أن نفهم أولا كيف إنفصلت الباكستان عن الهند , من هو أول رئيس باكستاني , وكيف إندلعت الحرب الهندية الباكستانية , ولماذا تتجدد بين الحين والآخر .
إعتبرت بريطانيا الهند ( درة ) ا لتاج البريطاني , وذلك لما تتمتع به أرضها من خيرات من أهمها خامة الفحم التي كانت تشغل مكائن بريطانيا الصناعية , بالإضافة الى الطاقة البشرية الهائلة الموجودة فيها .
على سبيل المثال فإن بريطانيا جندت مليون جندي هندي خلال الحرب العالمية الأولى لكن جميع هذا المليون هو ليس أكثر من 0,1% من القيمة الكلية للسكان . ولهذا كانت بريطانيا حريصة على المحافظة على الهند بقوة .
عندما نجحت الثورة الأمريكية في تحرير الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة البريطانية فإن بريطانيا خافت أن يتكرر في الهند ما وقع في الولايات المتحدة , ولذلك ومن أجل إحكام قبضتها على هذا البلد وحسب القاعدة البريطانية المعروفة للجميع بسياسة ( فرق تسد) عمدت الى إشعال فتنة مسيطر عليها بين الهندوس وهم أغلبية 83% والمسلمين وهم أقلية 11% .
ورغم أن المسلمين كانوا أقلية في هذا البلد إلا أن تعدادهم يزيد على 100 مليون نسمة وهي أكبر كتلة إسلامية تعيش في بلد واحد في كل العالم .
أثناء الحرب العالمية الأولى كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تصنع السلاح وتبيعه بالدفع الآجل الى دول الحلفاء مما أدى الى خراب إقتصادها وما يعرف بالكساد الكبير , لذلك سعت الى الحصول على موارد إقتصادية جديدة دفعتها للتطلع الى مزاحمة البريطانيين على البلد الواسع الإمكانات وهو الهند , كما أن الولايات المتحدة قاتلت بضراوة كل من الإسبان والبرتغاليين واليابانيين للحصول على مستعمراتهم في الباسفيك .
حين وصل الأمريكان الى الهند , إستعملوا ضد بريطانيا نفس سلاحها الذي تستخدمه ضد الهنود وهو سياسة ( فرق تسد ) وبينما كانت بريطانيا تدعم الهندوس بإعتبارهم أغلبية ضد المسلمين الأقلية , دخل الأمريكان على الخط بتقديم الدعم الى المسلمين وتشجيعهم تشجيعا كبيرا على طلب الإنفصال عن الهند فوصلت الأزمة الى أقصاها , لأن الهندوس يرفضون أي فكرة للتقسيم ويعتبرون الهند كلا واحدا لا يتجزأ .
وبعد أن كانت الفتنة مسيطر عليها , إندلعت الآن الى خارج حدود السيطرة , ولم يكن هناك بد من تقسيم البلد بحجة الصراع الديني الى ثلاث دول هي : الهند وباكستان وبنغلاديش . وفي الوقت الذي بقيت فيه الهند محمية بريطانية , وقع رئيس وزرائها نهرو معاهدة مع الولايات المتحدة أيضا , إلا أن الدور الأمريكي واضح في كل من باكستان وبنغلاديش أكثر من الدور البريطاني فيهما , ويمنح الولايات المتحدة الأمريكية قدرة على النفاذ من خلالهما الى كل دول المنطقة في الشرقين الأقصى والأدنى .
إذا كان دور الباكستان واضحا منذ السبعينات حتى اليوم في سياسة المنطقة بسبب قربها من أفغانستان وإيران وإطلالها على الجزيرة العربية مباشرة من خلال بحر العرب , فإن دور بنغلاديش كمركز للوجود الأمريكي سيتضح أكثر فيما لو تهدد الوجود الأمريكي في أرخبيل المحيط الهادي الذي تنتشر فيه آلاف الجزرممتدة من جنوب شرق آسيا وحتى قارة أستراليا .
أول رئيس للباكستان هو محمد علي جناح الذي سنتكلم عن حياته بالتفصيل .. لكي يتضح لنا من آلية وصوله الى الحكم أن عملية فصل الباكستان عن الهند لم تكن حاجة ملحة لأهل هذا البلد , وإنما ( رغبة ) دفعوا إليها دفعا بسبب مصالح بريطانيا والولايات المتحدة لتقاسم السيطرة على هذا البلد المترامي الأطراف .
ولد محمد علي جناح يوم 25 ديسمبر 1876 في مدينة كراجي الواقعة على بحر العرب , وقد كانت كراجي وقتها مدينة هندية لكنها في يومنا الحالي تعود للباكستان .
كان جناح أكبر سبعة أخوة والدهم هو ( جناح بهاي بونجا ) أما والدتهم فتدعى ( ميذيباي ) , ورغم كونهم مسلمين إلا إن الأولاد إلتحقوا بمدارس مسيحية قرب بيتهم .
كان جناح الأب يعمل مصرفيا في مصرف مرتبط بشركة الهند الشرقية البريطانية . وعن هذا الطريق تمكن الوالد من إرسال ولده محمد علي الى بريطانيا ليدرس فيها إدارة الأعمال .
تاريخ المسلمين في الهند معقد الى حد كبير , فالإسلام , كان قد وصل الى الهند بواسطة طريق الحرير البحري في القرن الثامن , ثم جاءت جيوش المسلمين الى المنطقة بعد ذلك بمئات السنين , لذلك فمسلموا الهند لهم لغات مختلفة , وأماكن تواجد مختلفة , وأعراق مختلفة .
بحلول عام 1192 أسس المسلمون إمارة صغيرة في الهند لكن إتساع قوتهم جاء عند تأسيس إمبراطورية المغول التي سيطرت على مساحات شاسعة مما يعرف اليوم بالهند وباكستان وبنغلاديش وإستمرت السيطرة حتى النصف الثاني من القرن السادس عشر .
وصل التجار الأوربيون الى المنطقة في القرن 16 للتجارة مع الإمبراطورية المغولية , وإستمرت الصادرات والواردات بين الطرفين فترة طويلة , وحين ضعفت قوة المغول قامت بريطانيا بمحاربة كل من المغول وبقية الأوربيين لتفرض سيطرتها الكاملة ببطء على تجارة ومقدرات الهند وكان الإعلان الرسمي عن أن بريطانيا صارت تحكم الهند قد وقع عام 1757 . ثم واصل البريطانيون فرض سيطرتهم على شبه القارة خلال القرن التالي .
حين ثار الجنود الهنود تحت القيادة البريطانية بما يعرف ب ( التمرد الهندي عام 1857 ) سحق البريطانيون المتمردين وفرضوا مزيدا من القيود على المسلمين .
حين ضعف وضع المسلمين فإن الهندوس سيطروا على كل المواقع التي أقصى البريطانيون المسلمين عنها .
الآن صار عمر محمد على جناح 16 سنة , بواسطة الشركة التي يعمل بها والده قدم للحصول على منحة دراسية في لندن لدراسة إدارة الأعمال , فتمكن من الحصول عليها , لكن والدته أصرت أن لاتسمح له بالذهاب إلا إذا تزوج أولا , ولهذا فإن جناح تزوج من فتاة عمرها 14 سنة أختارها له والداه وغادر الى لندن عام 1893 ولم يكن متوقعا أن زوجته الصغيرة ستموت قبل عودته من لندن .
كتب في مذكراته يصف تلك الفترة (( كنت شابا وحيدا , بعيد عن أهلي ..... وإتساع الحياة في لندن ثقيل جدا على معنوياتي , لكني تعودت على هذه الحياة وبدأت أحبها كثيرا )) .
نعم .. تعود جناح أن يعيش كبريطاني في كل شيء , حتى إسمه صار يكتبه بطريقة بريطانية ( م . ع . جناح ) . كان طويلا ونحيفا بوجه وسيم ويرتدي بدلات أنيقة التصميم .
بعد أشهر قليلة توقف عن دراسة إدارة الأعمال وتحول الى القانون , وظل طول حياته يحمل تقديرا خاصا للقانون والدستورية .
في لندن كان جناح معروفا بصوته العذب الإلقاء وحبه لشكسبير , ذات يوم أخذه مجموعة من الأصدقاء الى المسرح حيث قرأ بعضا من كتابات شكسبير لمدير المسرح الذي أعجب بأدائه وقدم له عرض عمل معه . وربما كان جناح سيعيش في لندن كممثل ويحوز المزيد من النجاح , لكنه تبع رغبة والده وعاد الى الهند عام 1896 .
عاد الى كراجي كمحامي شاب متأنق , يتحدث الإنكليزية , وواحد من أبناء الطبقات العليا الهنود المثقفين المتماشين تماما مع الحكم البريطاني , ثم إنتقل الى مدينة بومبي وإفتتح فيها مكتبا للمحاماة , لكن وضع العمل كان صعبا على محامي مبتديء مثله , الى أن جاءته فرصة من القدر بتعرفه على جنرال بريطاني عرض عليه العمل في المكتب القانوني للحكومة البريطانية , وكان بذلك أول هندي يعمل في هذا المكان . ثم رقي الى قاضي , لكنه إستقال لأنه رغب ممارسة المحاماة من مكتبه الخاص .
إنهيار قوة المسلمين في الهند البريطانية خصوصا في سنوات ما بعد ( التمرد الهندي 1857 ) وبسبب التكتيكات الصغيرة المحكمة للسياسة البريطانية جعلت الكثير من قادة الجماعات الإسلامية يتصورون أن خطر الهندوس على المسلمين هو أكبر من خطر البريطانيين عليهم , لكن مسلمي الهند ورغم عددهم الهائل إلا أنهم جماعة غير منظمة , فهم لا يتشاركون في لغة واحدة , أو تاريخ واحد , أو خلفية طبقية , ويمارسون مهنا مختلفة , وأنماط حياتية مختلفة , الشيء الوحيد المشترك بينهم .. أنهم مسلمون , ولهذا فإن قادتهم حين حاولوا توحيدهم وإستقلالهم , لم يجدوا غير الدين عنصرا لتوحيدهم .
محمد علي جناح كان مقتنعا بأن على هندوس الهند ومسلميها العمل سوية ضد سياسة ( فرق تسد ) التي تعمل بها بريطانيا ضد المجموعتين معا .
عام 1906 إجتمع عدد قليل من مسلمي الهند للحديث عن الطموح الوطني للمسلمين الهنود ثم أعلنوا أن المسلمين (( جماعة مميزة لها تطلعات خاصة بها لا تشارك بها أي جماعة أخرى )) وكان هذا الإعلان هو البذرة التي أوجدت ( إتحاد عموم مسلمي الهند ) كحزب سياسي إسلامي .
في البداية كان جناح أكثر إرتياحا الى حزب المؤتمر الهندي ( الهندوسي ) الذي تأسس عام 1885 بواسطة أفراد من الطبقة العليا الهنود وبعض البريطانيين المتعاطفين معهم من أجل إشراك جميع الهنود في الشأن الهندي , وهو حزب سياسي لا يملك قوة كبيرة لأن بريطانيا تدير كل شيء من خلال مجالس مقاطعات , تنتسب اليها أعداد قليلة من الهنود كمستشارين . لكنه في السنوات التالية أخذ ينمي قناعات تتعارض مع الهندوس , لذلك إنضم الى ( إتحاد عموم مسلمي الهند ) عام 1913 , ورغم ذلك أكد : (( أن ولائي للإتحاد المسلم , ولتطلعات المسلمين , لن تعني بأي شكل من الأشكال عدم ولائي لقضية إستقلال كل الهند )) , وقد كان محمد علي جناح شخصية متفردة في إنتماءاتها السياسية , فبالإضافة الى إنتمائه الى إتحاد عموم مسلمي الهند فقد كان عضوا في حزب المؤتمر الهندي ( الهندوسي ) , وعضوا في مجالس المقاطعات .
عام 1915 تم إنتخابه رئيسا لإتحاد عموم مسلمي الهند , حينها دعا حزب المؤتمر الهندي الى قبول إتفاقية توحد كلمة الهندوس والمسلمين حول قضية إستقلال الهند وتنظم العلاقة بين الطائفتين ودعيت ( معاهدة لاكناو) .
أثناء الحرب العالمية الأولى وضعت بريطانيا قوانين جديدة للهنود تحدد حقهم في الكلام , وإستخدامهم الصحافة , وأقرت سجن كل من يتعارض مع بريطانيا .
أما بعد الحرب فقد عاملت الهنود بوحشية , وكان أكثر تطرفها صدمة ووحشية هو المجزرة التي أمر بها جنرال بريطاني بإطلاق النار على ما يزيد على ألف هندي كانوا يتوافدون على إجتماع سلمي . محمد علي جناح رأى أن الأكثر وحشية من كل هذا العمل هو رفض الحكومة البريطانية معاقبة هذا الجنرال .
وللإمعان في إهانة الهنود إستمرت الحكومة البريطانية بمنعهم من حرية الكلام والصحافة , عندها قال محمد علي جناح في إجتماع المجالس الإقليمية (( لايوجد شبيه أو سابقة في تاريخ القانون وفي أي بلد متحضر فرضت قوانين مثل هذه )) .
عام 1940 أعلنه محمد علي جناح عام تحول , فقد تحولت به تسمية ( إتحاد عموم مسلمي الهند ) الى ( حزب المؤتمر الهندي الإسلامي ) .
حين حلت الحرب العالمية الثانية أعلنت بريطانيا دخول الهند الحرب ضد ألمانيا دون إستشارة الهنود فأعلن غاندي حملة ( غادروا الهند ) سنة 1942 , فرد البريطانيون بإعتقاله وإعتقال نهرو والكثير من القيادات الحزبية والسياسية معه , عندها صار المجال مفتوحا لمحمد علي جناح لتنظيم المسلمين ضمن الجناح المسلم من حزب المؤتمر الهندي , والعمل من أجل الحصول لهم على مكسب الإنفصال عندما تنتهي الحرب .
يوم 14 آب عام 1947 تم إعلان تقسيم الهند الى : الهند , باكستان الشرقية وتعرف اليوم بإسم بنغلاديش , وباكستان الغربية وتعرف اليوم بإسم باكستان . وطار محمد علي جناح الى كراجي ليشغل من هناك وظيفة ( الحاكم العام للباكستان الشرقية والغربية ) , لكنه سرعان ما مات يوم 11 سبتمبر 1948 بسبب المرض .
باكستان الغربية أخذت تمارس نوعاً من الهيمنة والتسلط على باكستان الشرقية , صحيح أنه يجمع بينهما الإسلام ، ولكن تفرق بينهما مصالح القوى الخارجية المحيطة بهم .
لذلك لاحظ مسلموالباكستان الشرقية ( تدعمهم الهند ) أن باكستان الشرقية مفصولة عن باكستان الغربية بحدود هندية طويلة جداً . يضاف إلى ذلك أن لغتهم القومية هي البنغالية ، في حين أن لغة الباكستان الغربية هي الأوردو .
لكن باكستان الغربية بعد الإستقلال تجاهلت هذه المعطيات وحاولت فرض لغة الأوردو على باكستان الشرقية أيضاً . وقد سبب ذلك تذمراً كبيراً في صفوف سكان الشرقية . وشعروا بأن لغتهم القومية محتقرة ومهمشة ، ولذلك طالبوا بأن تعتبر لغتهم البنغالية لغة رسمية ثانية بالإضافة إلى الأوردو .
سلطات باكستان الغربية رفضت هذا الطلب ، وعندئذ تشكلت منذ عام 1948 حركة شرقية تهدف إلى الدفاع عن اللغة والثقافة البنغالية وترفض تهميشها من قبل سلطات باكستان الغربية .
في عام 1952 تظاهر طلاب ( جامعة دكا ) وطالبوا البرلمان بالدفاع عن لغتهم واعتمادها لغة رسمية ثانية للبلاد . لكن السلطات الباكستانية الغربية فتحت عليهم النار بدلاً من أن تحاورهم أو تستجيب لطلباتهم . موت الطلبة وضع المسلمين البنغال بمواجهة المسلمين الباكستان .
قام السكان البنغال في اليوم التالي بتنظيم إضراب عام إحتجاجا على موت أبنائهم , وكان رد قوات الأمن عليهم فورياً ومباشراً ... فتحت عليهم النار أيضاً وسقط عدد من القتلى .
ثم أرسلت الحكومة الباكستانية الغربية جيشا لقمع سكان الشرقية بطريقة وحشية .
بسبب تضرر الحكومة الهندية من النزاع ( الهندي - الباكستاني ) , حول قضية كشمير , تدخلت القوات الهندية في النزاع الباكستاني / البنغالي , وألحقت هزيمة منكرة بالقوات الباكستانية بمساعدة السكان البنغال أنفسهم . فأضطرت السلطات الباكستانية الغربية إلى سحب قواتها المندحرة واعترفت مرغمة باستقلال باكستان الشرقية تحت اسم : بنغلاديش .
تشكلت دولة جديدة لا يستهان بها . عدد سكانها بحدود 130 مليون نسمة . وحسب إحصائيات عام 2006 يبلغ ما يزيد على 147 مليون نسمة . ولكن مساحتها لا تتجاوز 144 ألف كيلومتر مربع ، وهي مساحة صغيرة قياسا بعدد السكان الكبير , حيث تعتبر بنغلاديش سابع أكبر بلد في العالم من حيث الكثافة السكانية .
تتوزع على حدود الهند مع بنغلاديش والباكستان 500 إمارة صغيرة يحكمها أمراء أو ( مهراجا ) تم تخييرهم بين الإنضمام الى الهند أو إحدى الدولتين الأخريين . كشمير إمارة مسلمة لكن حاكمها هندوسي , لذلك حين أعلن الحاكم إنضمامه الى الهند نادى الشعب بالإنضمام الى باكستان , وكانت تلك هي الشرارة الأولى التي قدحت في الحروب الهندية الباكستانية .

الحرب الأولى 1947/ 1948
إندلعت حرب كشميرالأولى عام 1947/1948 بين الهند وباكستان , إذ رغبت كل من الدولتين ببسط سيطرتها على كشمير المنطقة الإستراتيجية المهمة ، وإنتهت الحرب بتقسيم كشمير بينهما بما يعرف اليوم بولاية ( جامو وكشمير ) الخاضعة للسيادة الهندية و( آزاد كشمير ) أي : كشمير الحرة , التابعة لباكستان .
أصدر البرلمان البريطاني قانون تقسيم الهند ومنح الإمارات والولايات الحق في الإنضمام إما إلى الهند أو إلى باكستان ، فإنضمت معظم الولايات إلا ثلاثا كان من بينها ولاية جامو وكشمير إذ أن حاكمها المهراجا هاري سينغ أراد ضمها الى الهند . فبدأت الحرب بتصعيد سياسي ومناوشات عسكرية محدودة , تبعه إجتياح عسكري شامل من جيوش الدولتين .
دفع ذلك الكشميريين المسلمين في مقاطعة ( بونش ) الواقعة في الجزء الأوسط الغربي للقيام بثورة مسلحة ساعدتهم عليها باكستان ، فأعلن الثوار إقامة أول حكومة لـ ( آزاد كشمير ) أو كشمير الحرة . فرد الهندوس المدعومون من قبل حكومة الولاية بمذابح جماعية ضد مسلمي الولاية مما أدى إلى قتل حوالي 200 ألف مسلم وفرار الكثير منهم إلى منطقة ( آزاد كشمير ) . يوم 23 تشرين الأول دخل رجال مسلحون من قبائل الباتان في شمال غرب باكستان إلى كشمير للدفاع عن المسلمين الذين يتعرضون للاضطهاد الهندوسي .
يوم 27 تشرين الأول , أمرت الهند قواتها النظامية بالتدخل المباشر في هذا النزاع . فرد الحاكم العام لباكستان محمد علي جناح على التدخل الهندي بإصدار أوامره إلى الجنرال ( جراسي ) القائد البريطاني المؤقت للقوات الباكستانية لإرسال قوات باكستانية إلى كشمير .
في تشرين الثاني 1947 , إجتمع الحاكم العام للهند ( اللورد ماونتباتن ) بعد أن إعتذر رئيس الوزراء الهندي ( نهرو) عن الإجتماع بحجة مرض ألم به , مع محمد علي جناح , في أول مباحثات هندية باكستانية بشأن كشمير، وقدم جناح في هذا الإجتماع إقتراحات تدعو إلى وقف إطلاق النار وسحب القوات الهندية ورجال القبائل الباكستانيين في وقت واحد من أراضي ولاية جامو وكشمير على أن تتولى الهند وباكستان إدارة الولاية ويجرى إستفتاء تحت إشراف البلدين المباشر .
رفضت الهند مقترحات محمد علي جناح ، وإستمر القتال بين الطرفين طوال شتاء وربيع عام 1948. وفي أواخر آذار 1948 إشتركت القوات النظامية الباكستانية في القتال .
كانون الثاني 1948 , إحتجت الهند رسميا لدى الأمم المتحدة على ما أسمته ب ( الإعتداء الباكستاني على أراض إنضمت إلى الهند قانونيا ) وذلك بالإحالة إلى المادتين 34 و35 من الفقرة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة / الحل السلمي للمنازعات .
مايس 1948 , تمكنت القوات الباكستانية من تحقيق بعض الإنتصارات العسكرية , ودافعت عن قطاع ( مظفر آباد ) مما أضطر القوات الهندية التريث , فأصبح القتال متقطعا بفعل النشاط الدبلوماسي لكلا الدولتين في الأمم المتحدة . ثم توقف إطلاق النار بين الدولتين بعد وساطة من الأمم المتحدة ، وأصبح وقف إطلاق النار نافذ المفعول في كانون الثاني 1949 ، وتقسمت كشمير إلى جزأين : الأول خاضع للسيادة الهندية ويسمى ( جامو وكشمير ) ، والثاني باكستاني ويسمى ( آزاد كشمير ) . هدأت الأوضاع نسبيا على الحدود لكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة . فبعد سنوات عاد التوتر وتصاعدت وتيرة الأحداث لتفضي إلى الحرب الثانية عام 1965.
الحرب الثانية 1965
توتر الموقف بين البلدين بصورة خطيرة عامي 1963/1964 بعد اضطرابات طائفية بين المسلمين والهندوس في كشمير ، وصلت الأزمة إلى حافة الحرب في كانون الأول 1964 حين أعلنت الهند إغلاق باب المفاوضات السياسية وإلغاء الوضع الخاص بكشمير كمنطقة متنازع عليها , مما أشعل الحرب عام 1965.
إشتعلت الحرب الثانية بين الهند وباكستان في كانون الثاني 1965 بالنزاع على منطقة ( ران كوتش ) التي تعني في اللغة الهندية : أرض المستنقعات ، التي ليس لها أهمية إستراتيجية أو اقتصادية . ثم تكررت المناوشات العسكرية في مناطق أخرى فأشعلت حربا شاملة .
في نيسان 1965 إنتقل الهجوم الهندي من منطقة ران كوتش إلى المواقع الباكستانية في أقصى الشمال الغربي لكشمير ، ثم تكرر بعد ثلاثة أيام لكن القوات الباكستانية تمكنت من صد الهجومين ثم إنتقلت من دور الدفاع إلى الهجوم ، فأغارت على بلدة ( سردار بوست ) بجوار قلعة ( كنجاركوت ) ونجحت في الاستيلاء على المواقع الهندية بها ، مما أجبرها على التراجع إلى الخلف تاركة بعض عتادها . ثم وسعت هجماتها على المواقع الهندية وبخاصة بين بلدة ( شدبت ) وبلدة ( بياربت ) مستخدمة بعض (( الأسلحة والدبابات الأميركية )) للمرة الأولى . حاولت الهند إستعادة هذه الأماكن من باكستان لكنها لم تستطع . فحشدت قواتها في البنجاب ودعمتها بالمدرعات وإتخذت أوضاعا هجومية ، فسارعت باكستان بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن .
بحلول حزيران 1965 نجحت وساطة دولية قام بها رئيس وزراء بريطانيا هارولد ولسن لتخفيف التوتر ثم التوصل إلى إتفاق وقف إطلاق النار في ( ران كوتش ) وانسحاب الحشود العسكرية من البنجاب والعودة إلى حالة ما قبل الحرب .
في آب 1965 عاد التوتر من جديد إلى حدود البلدين ، فعبر متسللون باكستانيون مسلحون بأسلحة خفيفة وقنابل يدوية وعبوات ناسفة خط وقف القتال داخل كشمير وحاولوا الاستيلاء على السلطة في سرينغار عاصمة ولاية جامو وكشمير التابعة للهند وتكوين مجلس ثوري يطلب المساعدة المباشرة من باكستان ليكون ذلك ذريعة دخول القوات الباكستانية النظامية إلى الولاية ، لكن الخطة فشلت . ولذلك ففي أيلول 1965 شنت باكستان هجوما قويا إستخدمت فيه المدرعات الأمريكية في منطقة ( شامب ) جنوب غرب كشمير ، ونجحت في دفع القوات الهندية إلى الخلف ، وإستولت على مدينة ( أخانور ) التي تقع حوالي 20 ميلا داخل الأراضي الهندية .
أما في أيلول 1965 فقد أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا دعا فيه الهند وباكستان إلى وقف الحرب فورا وإحترام وقف إطلاق النار , وانسحاب جميع المسلحين الى أماكنهم , والتعاون مع المراقبين العسكريين للأمم المتحدة في الهند وباكستان للإشراف على مراقبة وقف إطلاق النار . لكن الهند لم تحترم القرار وسارعت الى شن هجوم واسع النطاق على الجبهة الغربية بأكملها وبخاصة في منطقة البنجاب ومدينتي لاهور وسيالكوت . فشلت مهمة السكرتير العام للأمم المتحدة الرامية إلى وقف الحرب بين البلدين ولم يتوصل الى حل .
عند إحتدام الأزمة وجهت (( الصين الشيوعية )) التي تمتلك هي أيضا أجزاء محتلة من كشمير , إنذارا شديدا إلى الهند وهددتها بأن الصين ستشترك فعليا في الحرب إذا لم تستجب الهند الى نداءات المجتمع الدولي بوقف الحرب ، لكن (( الولايات المتحدة )) عارضت هذا الإنذار وقالت : (( لايمكن للصين أن تهاجم الهند دون أن تتعرض للردع الأميركي )) على إعتبار أن الهند كانت قد وقعت مع الولايات الأمريكية غداة إستقلالها معاهدة حماية وتبادل مصالح . وعاد مجلس الأمن وأصدر قرارا جديدا ينص على وقف إطلاق النار وانسحاب الجيشين إلى ما قبل الخامس من آب 1965 فقبلت كلا من الهند وباكستان القرار . ثم عقدت بين البلدين مباحثات سلام تمت برعاية الإتحاد السوفياتي في أوزبكستان العاصمة ( طاشقند ) كانون الثاني 1966 وأسفرت عن التوقيع على ( إتفاقية طاشقند ) .
أبرزت حرب كشمير الثانية عدة حقائق منها : أن تصعيد القتال في كشمير يمكن أن يستدرج الدولتين إلى حرب شاملة ، وأن قوة التهديد الصيني في المنطقة ليست مهمة بسبب إقتواء كل دول المنطقة بالقوة الأمريكية التي لن تسمح لبكين بالاشتراك في هذا النزاع , الذي هو واجهة للتعبير فقط عن خلافات ( أمريكية _ بريطانية ) رغم كل مظاهر التنسيق والتآلف بينهما . كما أن توقف القتال بعد إتفاقية طاشقند لم يمنع الحرب من أن تتفجر بينهما للمرة الثالثة .
الحرب الثالثة 1971
حسب الموضة الأمريكية التي شاعت منتصف القرن الماضي في تسمية الحروب , حرب الأيام الستة بين العرب وإسرائيل 1967, أو حرب الأيام الأربعة بين العرب والفرس 1979 , فإن الحرب بين الهند والباكستان قد منحت تسمية (( حرب الإسبوعين )) .
من نتائج حرب الإسبوعين أنها أدت الى فصل باكستان الشرقية عن باكستان الغربية وكما يلي : بدأت الحرب بتصعيد سياسي صحبته عمليات عسكرية محدودة على الحدود إستمرت ثمانية أشهر قبل أن يقع الهجوم الشامل .
في تشرين الثاني 1971 أعلن الرئيس الباكستاني يحيى خان حالة الطوارئ بسبب الحرب . أما في كانون الأول فقد قطعت الهند بمساعدة ( الموكيتي باهييني ) وتعني : فدائيو بنغلاديش , خطوط السكك الحديدية بين العاصمة البنغالية ( دكا ) والموانيء الرئيسية ( خولنا و شيتا كونغ ) على خليج البنغال و( كوميلا ) قرب الحدود الشرقية .
شنت القوات الهندية الجوية ضربات مركزة إستهدفت مطارات وطائرات باكستان في كانون الأول 1971 ، وواصلت القصف حتى دمرت معظم الطائرات الباكستانية وفرضت سيطرتها الجوية في سماء باكستان الشرقية .
أغرقت مجموعة قتال بحرية هندية في كانون الأول 1971ا , المدمرتين الباكستانيتين ( خيبر ) و ( شاه جيهان ) كما أصابت سفينتين , في معركة بحرية على بعد 20 ميلا من كراتشي ، ثم أغرقت غواصة باكستانية وعلى متنها 80 شخص من البحاره في خليج البنغال , ثم ضربت بلدة ( جيسور ) تمهيدا لإنتقال حكومة البنغال إليها من منفاها في مدينة ( كلكتا ) الهندية ، وإستطاعت القوات الهندية أسر السفينتين الباكستانيتين ( مينيلوف) و( مينيليدي) .
أمرالجنرال نيازي / قائد قوات باكستان الشرقية ( الذي ينفذ أوامر باكستان الغربية ) , قواته بالانسحاب الإستراتيجي العام . وحاول مجلس الأمن الدولي في اليوم نفسه وللمرة الثانية خلال 24 ساعة إصدار قرار يدعو الهند وباكستان إلى وقف إطلاق النار وانسحاب القوات المسلحة لكل منهما من أراضي الطرف الآخر ، لكن الإتحاد السوفييتي ( نكاية ) بمجلس الأمن الدولي , بسبب رفض المجلس بقرار سابق ( إتخذه تحت التوصية الأمريكية ) , حال دون تدخل الإتحاد السوفيتي في كشمير , لذلك إستعمل السوفييت حق النقض ( الفيتو) .
أحيل الوضع إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فأصدرت قرارا بعد 24 ساعة يفرض على الهند وباكستان وقف إطلاق النار فورا وسحب القوات العسكرية من الأراضي التي احتلتها كل منهما . ولكن القرار ظل دون تنفيذ , وتواصلت الحرب الهندية الباكستانية الى أعلى مداها .
قوات ( باكستان الغربية ) تحت قيادة الجنرال نيازي , إنسحبت وإتخذت مواقعها حول داكا , فبادرتها القوات الجوية الهندية بقصف شديد أدى إلى إستسلام ألفي جندي وضابط ( باكستاني غربي ) .
عند كانون الأول 1971 وصلت طلائع (((( الأسطول السابع الأميركي )))) إلى خليج البنغال تتقدمها حاملة الطائرات الذرية (( إنتر برايز)) قادمة عبر (( مضيق ملقا )) سعيا لوضع حد للصراع ( الأمريكي _ البريطاني ) الذي ( يستعمل ) الهنود الخام السذج , هندوس ومسلمين , لقتل بعضهم في هذه الحرب بالإنابة ( بروكسي ) ، ولكن بعد فوات الأوان . فبدعم بريطاني أعلنت رئيسة وزراء الهند ( إنديرا غاندي) إبنة جواهرلال نهرو المدنف بعشقه الأفلاطوني ل ( الليدي أدفينا ماونتباتن ) زوجة الحاكم العام البريطاني على الهند : أن ( دكا ) مدينة حرة في وطن حر .
يوم 16 كانون الأول 1971 وقع قائد القوات الباكستانية الجنرال نيازي وثائق الإستسلام في دكا وتسلمها منه قائد القوات الهندية الجنرال أورورا . إنتهت الحرب بعد أن فقدت باكستان جزأها الشرقي ولم يستطع الرئيس يحيى خان مواجهة الغضب الشعبي العام , فقدم إستقالته ليخلفه الزعيم الباكستاني ذو الفقار علي بوتو . كبدت الحرب الثالثة باكستان خسائر فادحة كان أهمها إنفصال شطرها الشرقي عنها , كدولة جديدة عرفت بإسم ( جمهورية بنغلاديش ) , إنتصر البريطانيون في حرب ال ( بروكسي ) هذه المرة على الأمريكان .
ظل الصراع الأمريكي البريطاني مقنعا بقناع ( صراع باكستاني هندي ) حتى إندلعت إنتفاضة مسلحة في كشمير إثر التزييف المفضوح لإنتخابات عام 1987 والتلاعب بنتائجها على نطاق واسع , مما أفشل آمال ( الجبهة الإسلامية المتحدة ) التي كانت تتمتع بشعبية كبيرة , وكان من نتيجة ذلك التزوير أن فقد المسلمون ثقتهم تماما بالهند وبديمقراطيتها ( لا كأكبر ولا حتى كأصغر ديموقراطية في العالم , كما تدعي بريطانيا عن الهند ) ، وأدركوا أن لا سبيل إلى تغيير الحكومة بالوسائل ( الديمقراطية ) . حين إحتجوا على التزوير في الإنتخابات , جرى إعتقالهم فقرروا في اجتماع داخل سجن سرينغار في أبريل/ نيسان 1987 إنتهاج سبيل الكفاح المسلح الذي يدعمه الأمريكان بشدة . وأصبح كثير من هؤلاء , زعماء حركات إنفصالية مسلحة وعلى رأسهم ( سيد صلاح الدين ) زعيم حزب المجاهدين ورئيس مجلس الجهاد المتحد . ونشطت منظمات كثيرة العدد .. لا ندري من يدعمها أو من يسلحها في وادي كشمير الذي لا يتجاوزعدد سكانه عدة ملايين من البشر , وتلك ظاهرة عجيبة على شعب كبير , جوعان , أعزل .. إلا إذا كان يتسلم دعمه من الخارج .
بعد عدة محاولات لكسر الجليد بين الهند والباكستان خلال التسعينيات , تغيرت الحكومة في الهند بصورة جذرية فجاء إلى الحكم في أوائل عام 1998 حزب الشعب الهندي ( بهارتيا جاناتا ) الهندوسي المعروف بتطرفه وتعصبه وموقفه المتشدد من قضية باكستان , وكان هذا الحزب قد أعلن في برنامجه الإنتخابي أنه يريد تحويل الهند إلى قوة نووية .
على هذا الأساس أجري التفجير النووي الهندي في مايس 1998 وتبعه التفجير النووي الباكستاني المضاد , ثم أخذت العلاقات تتدهور بين البلدين إلى أن جمعت بينهما العزلة والمشكلات الاقتصادية التي يعاني منها البلدان معا , مع وجود الضغط الدولي على كليهما لحل المشكلات بينهما لدرء مخاطر حرب نووية تدمر العالم معهما .
تسألني من أين حصل كلا البلدين على الطاقة النووية ؟؟ بالتأكيد من القوتين العظميين اللتين تحكمان وتتحكمان بالبلد منذ عقود طويلة , سلحت المواطنين به لتستعمله لأغراض المواجهة الشخصية بين القوتين نفسيهما .
عقدت المباحثات على مستوى وكيلي وزارتي الخارجية بين البلدين في أواخر عام 1998 وأدت إلى عدد من الإنجازات , على رأسها إعادة خط الأوتوبيس بين البلدين , وإعادة تشغيل الخط التليفوني الساخن بين رئاستي الوزارة بالبلدين . هذه الإتصالات دفعت برئيس وزراء الهند ( أتال بيهاري فاجبايي ) إلى أن يقوم بزيارة باكستان على متن أول رحلة للأوتوبيس ، الذي سمي بـ ( نداء الحدود) في 20 شباط 1999 .
تم التوقيع في اليوم التالي على ( إعلان لاهور) بين رئيسي الوزراء ( فاجبايي ) و ( نواز شريف ) , وإتفق الطرفان على تسوية كل القضايا العالقة بين الهند وباكستان , بما فيها قضية كشمير .
سرعان ما تفاجأت الهند بمتسللين باكستانيين يحتلون قمم جبال كارغيل في الجزء الهندي من كشمير في تموز 1999 . إعتبرت الهند ذلك : طعنة في الظهر , ومعارضة صريحة لخط المصالحه الذي كان البلدان ينويانه منذ إعلان لاهور .
تعطلت كل الخطوات والإتصالات مرة أخرى نظرا لما وصفته الهند ب (( خدعة باكستانية , أوصلت أوتوبيس لاهور إلى قمم جبال كارغيل )) .
عندما هدأ غضب الهند من واقعة كارغيل ، وبعد شهور طويلة من الرفض القاطع لأي حوار مع باكستان , خصوصا بعد الإنقلاب العسكري الذي وقع فيها , وافقت الهند على ( قمة أكرا ) مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف في تموز 2001 .
عقدت إجتماعات ( قمة أكرا ) في أجواء مطمنة , إلا أن الرئيس برويز مشرف إلتقى برؤساء الصحف الهندية وقال بصراحة تامة : (( لن يكون هناك أي تقدم فى المباحثات ما لم تقبلوا أن نزاع كشمير هو القضية الرئيسية بين البلدين )) لذلك لم يصدر بيان ختامي عن القمة .
طغت أزمة أفغانستان بعد هجمات نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبرعلى احداث العالم , وأصرت أميركا على محاربة ما تسميه (( الإرهاب بكل صوره وفى كل مكان في العالم )) . تحاول الهند توظيف الأزمة لصالحها , بوضع باكستان في قفص الاتهام , بترديد مستمر (( إن باكستان شريكة مع نظام طالبان في الإرهاب وبالتالي يجب محاربة باكستان أيضا )) لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكترث لكل تلك الشعارات , مفضلة العلاقة مع حليفها الباكستاني المسلم الذي يزيد عمر علاقتها معه على قرن من الزمان . فزاد ذلك من حنق الهند التي ترى أن الميل الأميركي نحو باكستان يتواصل على حساب العلاقات الممتازة التي تمكنت الهند من تكوينها مع الولايات المتحدة منذ مجيء حكومة فاجبايي وأن هذا الميل سينعكس على الموقف الأميركي من صراع الهند والباكستان حول قضية كشمير . تعزز هذا الاستنتاج بأنباء تقول إن هناك إتفاقا سريا بين باكستان وأميركا على حل القضية الكشميرية لصالح الباكستان , مكافأة من الولايات المتحدة الأمريكية للباكستان لكل الدور الذي قامت به لخدمة المصالح الأمريكية في المنطقة منذ تأسيسها في منتصف القرن الماضي , وحتى نهاية الحرب الأمريكية على الإرهاب القادم من أفغانستان .
واصلت الهند كل المحاولات للمشاركة في التحالف الغربي , وخرجت عن المتعارف عليه , في إعلان إستعدادها لإعطاء أميركا كل التسهيلات العسكرية الممكنة , إلا أن واشنطن فضلت عليها باكستان نظرا لعوامل جغرافية ودينية ، فباكستان ملاصقة لأفغانستان من جهة , وكونها بلدا مسلما , فهي تساعد واشنطن على محاربة أفغانستان المسلمة بافضل مما تفعل الهند الهندوسية , إضافة الى أن الهند وبسبب علاقاتها الوطيدة مع إسرائيل , أصبحت موضع شك في نظر كثير من الدول العربية والإسلامية الحليفة مع الولايات المتحدة الأمريكية .
لكن دلهي اتخذت بالفعل قرار دخول الحرب ضد باكستان . وغالبية أعضاء حزب الشعب الهندي ( بهارتيا جاناتا ) الهندوسي المتعصب الذي يقود التحالف الحاكم على مستوى الحكومة المركزية حاليا يفضلون خيار الحرب . وتقول معلومات مؤكدة إن الحكومة الهندية تخطط لحرب ( محدودة ) ستأخذ شكل هجوم بري وجوي على قواعد المسلحين الكشميريين في ( كشمير الحرة ) التي تسميها الهند ( كشمير المحتلة من قبل باكستان ) ولكن عواقب ذلك لا يمكن التكهن بها , ماذا سيكون موقف الولايات المتحدة الأمريكية ؟ وهل ستلجأ باكستان إلى إستخدام القنبلة النووية لو واجهت هزيمة محققة ؟
أجرى خبراء البنتاغون في وزارة الدفاع الأميركية تجارب حربية وهمية خمس مرات لمعرفة كيف ستكون الحرب القادمة بين الهند وباكستان ووصلوا فى كل مرة ، حسب نشرة جينز للدفاع ، إلى وقوع حرب نووية , يتضارب فيها الهنود والباكستانيون , ولن يسلم من أذاها كل العالم ... وبضمنه البريطانيون والأمريكيون أنفسهم . فهل تستحق كشمير كل هذا ؟ أم أن الحرب بسببها ستكون غطاءا للقتال من أجل مبررات أخرى لا يحبذ الكلام عنها ؟



#ميسون_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجل قانون .. مجرم
- حانة الأقدار
- فضيحة بثلاثة ترليون دولار
- جنكيزخان طاغية القرن الثالث عشر
- آيات سلمان رشدي الشيطانية
- متاعب مهنة مذيعة تلفزيونية
- وليم وردزورث . عزلة القمة بين الغيوم
- بريماكوف بلياتشو من مسرح البولشوي
- الخصوصية الحضارية في عصر العولمة
- التناص الأمريكي في إسقاط شاه ايران وصدام العراق
- برهان المفتي والموت الفجائي
- تباٍّ للمستحيل
- أخلاقيات النشر على الأنترنيت
- المطر الأسود
- رفع علم الإنسانية
- أنا كملكة على العراق
- الدكتورة ميسون البياتي : أطالب بإعادة إسمي المسروق
- أثر العصبة على الدولة عند إبن خلدون
- إنشطار يوغسلافيا سبع دول في عشر سنوات
- مهزلة العلم في زمن الديمقراطية


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ميسون البياتي - كشمير.. والرهان على 11 / 9