مجرد جرة قلم!!

بيتر صموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 2389 - 2008 / 8 / 30 - 02:29
المحور: المجتمع المدني
    

أصابتنى دهشة عندما علمت رئيس الوزراء أصدر قرار منذ أيام قليلة بأن يتم العمل بالتوقيت الشتوى إبتداء من الخميس الموافق 28/8 بدلاً من الخميس الأخير من شهر سبتمبر كما هو معروف و معتاد عليه كل عام ، وجاء هذا القرار بمناسبة توقع حلول شهر رمضان أول شهر سبتمبر كما ذكرت جريدة الاهرام ، والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هو ما علاقة شهر رمضان بتقديم التوقيت أو تأخيره – وشهر رمضان هو شهر يصوم فيه المسلمون جميعاً مدة طويلة من الوقت كل يوم لمدة شهرويحاول أن يمتنع فيه الانسان عن فعل المعاصى والذنوب – إذاً ما علاقة شهر رمضان بتعديل التوقيت ؟ ، لأن شهر رمضان شهر صوم وليس صوم عن الأكل و الشرب فقط إنما صوم عن فعل الذنوب و المعاصى و فيه يحب الانسان أن يقضى أطول وقت فى الصوم لكى يتقرب الأنسان من ربه داعياً أن ُتغفر ذنوبه وأن يبدأ صفحة جديدة فى حياته ؛ إذاً لماذا تعديل التوقيت الأن بمناسبة شهر رمضان ؟؟!! ،
ولكن الذى زاد دهشتى أكثروأكثر هو لماذا لم يثار حول هذا القرار أى نوع من أنواع الجدل والنقاش فى المجمتع و فى الفضائيات مثل ما يحدث مع الكثير من القرارات التى تصدرها الحكومة سواء كانت هذه القرارت مهمة أو غير ذات أهمية ، فنرى و نسمع الكثير من وسائل الأعلام تتحدث فى الكثيرمن القضايا "ع الفاضى وع المليان" ، و لكن مع صدور هذا القرار لم يتكلم أحد و لم ُيعقب أحد و الأخطرلم يفكرأحداً ، وهو القرار الذى غير توقيت مصر الذى إعتاد عليه المصريون منذ السبعينات و لقد تعود المصريون فيه على أن يقضوا الأشهر من أول مايو إلى نهاية سبتمبر بالعمل بالتوقيت الصيفى الذى يزيد من طول النهارو يجعل اليوم بخيره كما يقول الناس فى مصر، و لم يلتفت أحداً إلى القرار أو يحاول أحداً أن يبحث عن مدى فاعليته وتأثيره على الشعب المصرى و حتى لم يحاول أحد أن يعمل إستطلاع رأى ليعرف هل يوافق المصريين على هذا القرار أم لا ؟ لم يفعل أحد أى شىء ، لم يكلف أى أحد نفسه لكى يهتم بالموضوع .
والأخطر من هذا كله هو أنه بجرة قلم ُيصدر المسئولون قراراً كهذا بسرعة شديدة دون أن يفكروا فى مدى تأثيره على الناس ومدى تقبل الشعب المصرى كله له - وهو القرار الغير مهم فى رأيى – و يتغافل أولئك المسئولون أيضاً وينسوا ويطنشوا عن إصدار قرارت مهمة وخطيرة جداً يجب أن يصدروها ( بجرة قلم أيضاً مثل جرة قلم تغيير التوقيت ) وهذة القرارت المهمة التى يجب أن يصدروها ؛ تتعلق بمصلحة المصريين وتتعلق أيضاً بهمومهم و مشاكلهم وإحتياجتهم وما يعانون منه كل يوم ،
فمثلاً لم نسمع أن رئيس الوزراء أصدر قرار سريع للطلبة البهائيين الذين رفضت المدارس قبولهم لأن فى خانة الديانة لبطاقة والديهم مكتوب "شرطه" بدل من مسلم أو مسيحى و هو الامر الذى أثار غضب و ذعر أولياء الأمور البهائيين المصريين خوفاً على مستقبل أولادهم وقضوا أوقاتاً كثيرة فى صراع وفى نزاع مع وزارة التربية والتعليم لكى يأخذوا حقوقهم مع أنهم ليسوا هم المسئولين عن إصدار هذه "الشرطه" بل القضاء الذى أصدر هذا القرار ؛ وفى هذا كله لم يلتفت رئيس الوزراء إلى غضب وتعب أولياء الأمور ولم يحاول أن ينهى الالام هؤلاء الناس بجرة قلم مثل ما فعل مؤخراً فى موضوع تغيير التوقيت ،
و أيضاً فى قضية دير أبو فانا والصراع الكبير الذى دار بين الدير والحكومة والعرب على الأراضى المملوكة للدير والمتنازع عليها بين الدير والعرب ؛ لم نسمع عن أى قرار سريع من رئيس الوزراء ينهى به حاله الإحتقان الموجودة لدى الأقباط وكان القرار سوف لا يكلفه سوى جرة قلم أخرى يقول بها أنه تم تخصيص الأرض للدير و العرب و إعطاء كل صاحب حق حقه بدلاً من الدخول فى عقد لجان للصلح وعقد لجان للتحكيم ( وكأننا فى مبارة ) و عمل " أعدة عرب " زى ما بيقولوا ويكبر الموضوع ويأخذ أكثر من حقه و يتعب ويغضب فيه الاقباط المصريين و العرب المصريين ويأخذو الكثير من الوقت والجهد حتى يتم حل الموضوع ،
وليست هذة هى كل القرارت التى كانت تحتاج التدخل السريع من رئيس الوزراء فهناك الكثير من القرارات التى كانت ومازالت تحتاج التدخل الفورى ولم يحدث فيها أى شىء و تركها المسئولون إلى الإعلام والمجتمع لكى ما " يحلوها بينهم وبين بعض" و يتعب فيها الكثير من جموع المصريين ويغضب الكثير ويخزن الكثر أيضاً ؛
فهل جرة القلم سهلة و بسيطة جداً فى موضوع تغيير التوقيت - و هو الموضوع المهم جداً للمصريين و المؤثرعلى طريقة حياتهم والغير مهم والغير مبررفى هذا التوقيت أى قبل شهر صوم رمضان- ، وهل جرة القلم هذة صعبة ومرهقة وتحتاج الكثير من الوقت لإتخاذ القرار المناسب وهى (أى جرة القلم ) سوف تنهى الكثير من مشاكل المصريين و تحسم الكثير من الجدل و النقاش المثار فى المجتمع ، فهى مجرد جرة قلم تنهى الكثير من مشاكلنا ولكن من يستطيع أن يجرها !!.

#بيتر_صموئيل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات