أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب غلاب - ضاع في عيون ساحرة














المزيد.....

ضاع في عيون ساحرة


نجيب غلاب

الحوار المتمدن-العدد: 2380 - 2008 / 8 / 21 - 11:32
المحور: الادب والفن
    


هناك في بيروت المطحونة بالحلم المتشظي بين تقاليد العمامة المظلمة وحداثة الانفتاح المتخم بالنبيذ والصبايا قال لي بعينين حسراوتين على التو من رؤيتها وهي تتجول وفتاتين في شارع الحمراء الطرب بجسد أوروبا: -"هي كما هي لم تتغير، شوك مغروس في متاهات الأمنية-"!!
ثم أردف بآهات مكبوتة وزفير رغبة متناثر أثقلها بنظرات تائهة باتجاه حوريات صحراء بني تغلب:
ـ -"أن صديقتي القديمة غزال أخاذة بعينين مبحرتين في زاخرا من جحيم الأنثى اللذيذ..، شفتيها تتفجران انهار خمر، تزيدك ظمئا وحسرة كلما حرمت من رشفها-".
جميل مساء غزال.. ملبسها ممتلئ بإثارة غربية .. مطعم بحياء أنثى عربية .. مثيرة لرغبة تستحوذ بقوة على كل من رائها .. تلهب في التائهين مشاعر اللذة الطافحة بالجنس.. وفي وهلة طارئ يفقد المرء ما تبقى له من صواب ويردي الجسد المتعطش برواسي لهفة أثقلته بما لم يعد يحتمل.
شعرها المتناثر في أثير صاخب بترانيم جار القمر وتمتمات المارة، لم يقل شأنا عن لوحة موناليزا عربية أشبعت شارع الحمراء المتفرع من وسط بيروت بدهشة العابر والجالسين مع نسكافه المساء الشامي المطعم بنكهة أوروبية تسيطر عليه إلى حد كبير.
هنا عيون الحالمين تكره الضوء، تبحث عن انفجار في ومضات السعادة النهائية.. عن جسد يبحث عن صراخ متولد من بكاء وجعٍ.
يحدثني وكأنه يحدث نفسه، ووجهه يمخر عنان الفراغ.. وأنا أنظر نحوها لأكتشف سر انبهاره ووجعه وأنتظر كلماته لأكتشف سر العقاب المرسوم في قسمات وجهه.
بهدوء قلق خاطبني:
يا صديقي التقيت بها في مرقص اسباني بجزيرة غارقة في وسط بحر هادئ، يراقب فساد الحياة السفلي ومياهه تتراقص تداعب أطراف الجزيرة تبحث عن نهديها بلا كلل أو ملل، ينتظر البحر يوما من أيام تسونامي ليطحن الجزيرة بشوقه الشبق.. قد لا يأتي هذا اليوم لكنه يلملم أحلامه بالأمل.. مذهول من هول تقيؤ الحداثة، شاطئه محطة استراحة ليالي الجزيرة الماجنة.. بحر متألم يعشق قريبة مستحيلة.. وينتظر آت قد لا يأتي.
شاطئ العرايا في الجزيرة يذكرك بالبعث الذي حدثك عنه الشيخ من منبره .. من أسرتهم خرجوا فرحين يبحثون عن دفئ الشمس، يغتسلون بماء البحر ليتطهروا من صخب الليل وجنونه...
يا صديقي في تلك الليلة في مكان مكتظ بموسيقى صاخبة، ضجيج يصم الأذان وأضواء مشتتة في الأرجاء تشعرك انك في مكان للسحرة والمشعوذين .. حداثة تفيض جنون من كل جانب.
كانت ثملة تتفجر من عينيها رغبة الشرق الغامضة.. تتلذذ وهي تدخن بشراهة عربيدة مبتدئة .. كانت تتكئ على أريكة تتقدمها ساقيها المكشوفتين إلى ما يعلوا الركبة بكثير .. الأضواء المتناثرة في ظلمة المكان كستهما بالغرابة والجمال.
عقدين ونصف ووجه طفولي يبعث فيك ظن أنك ستخدعها بسهولة.. جلست بجوارها بعد ان دعاني صديقهن الأثير الثري.. استقبلتني بابتسامة مخمورة يغشاها غنج فطري يسلبك بقايا إيمانك.. فجرت القهر والكبت.. وحينها كان الحرمان العدو اللدود الذي يجب ذبحه.
تناولت معها ما أفقدني ذاكرتي وغبت في حس وحشي..صرت عبد اللحظة.
لم أنتبه ان الاصدقاء قد انسحبوا من الطاولة إلى حلبة المرقص كنت غارق في عينيها باذلا كل جهدي لسماع كلماتها الناعمة، غبت وإياها في حديث مهووس بالموضة والأغاني والموفي.. وفجأة كان صوت قوي بجوار أذني يهمس بخبث:
ـ -" أنت تعتدي على بنات الصحراء-" كان صوت صديقي الودود السحسح ثم أخذني بيدي وسحبني بقوة باتجاه مخرج المرقص.
في الشارع كان الفراغ يملئ الأرجاء والأضواء الخارجية خافته باستثناء مصابيح قوية منبعثة من سيارة قادمة، كادت تدهسني وأنا غارق في تفكيري أتطلع على باب المرقص أنتظر خروجها، ظهرت وحدها بدت لي كملاك تائه وضحكاتها تتراقص وعينيها تبحر نحوي بسحر من فرح ، فجعلت أتطلع في وجهها بشراهة نهمة لمضاجعة مجنونة..
دعاني صديقي للركوب وهو يضحك فرحا بحالي المشوش في غياهب كهوف أنثى من خداع... جلستْ بجواري كانت جمرة من حنان الانتحار واجتاحتني وسوسة الاحتضان .. رميت نفسي بهدوء على فخذها بلا وعي وقتها بلغ الغياب في عقلي منتهاه كان الوعي في نار الماء بلا حدود. أحسست بالدفء والرغبة في البكاء.. غفوت وفقدت نفسي في حدائق حالمة، كانت يدها تداعب راسي وضحكاتها تتراقص في خلايا مخي كأنغام فوضوية... طعمها أجمل ما يمكن ان يتذوقه العقل في لحظة شوق ...
نسيت كل شيء وربما نمت أو فقدت الوعي .. وفجأة وجدت نفسي في طابق مرتفع، رأيت المدينة أمامي مضاءة كأنها شامة من نور مغروسة في وجنتيها..
لم أتمالك نفسي في غرفة خافتة بالظلام ووجهها يغني بابتسامات ثملة برعشة من خمر الجنس..
وقفت كشاعر جاهلي غوي ينطق بلغة الحداثة المعوجة في تقاليد العرب.. قلت فيها ما لو ذكرته لما وجدت توبة أهل الأرض تكفيني من شدة خطيئته.
قيل لي أني وقعت مغمي عليّ وأنا أُلقي هرطقيات مخيفة.. كان عقلي راقد في خلايا الوهم يبحث عن أنفاسها .. صحوت من نومي كالميت ورأسي ثقيل كجبل فيه طنين الدنيا.. عضتني أصابع الندم على تهوري، وضياعها مني في غياهب الحقد الطبقي، فقري لم يغويها بجسدي...
كان يسرد قصته وكأنه يقرا من كتاب، ثم تطلع إليّ بصمت خانع، وفي قسمات وجهه حقد غبي لا يفقه تناقضات العدالة في ارض ضائعة في سماء من غيب..
كراهية تملئ بحار الحب صمت من حروف القهر.
ذهبت بي الأيام وصديقي غائب عني في دنيا أنثى أخرى هي من جنون مومس تلفها ثياب الشرف.
صديقته القديمة في ذاكرتي طيف من جمال وحسرة على ضياع صديق....




#نجيب_غلاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلاموية بين تخريب السياسة وتشويه الدين
- جسد الغياب
- رسالة لكل حر متمرد على ثقافة الموت
- اليمن ... تحالف هيئة الفضيلة وصراع المصالح المتناقضة
- الصراع في بنية الإيديولوجية الخمينية
- لبنان .. الطائفية وصراع المصالح
- ديني الوطن ... لكم دينكم ولي دين
- الوعي القبلي في مواجهة المجتمع المدني
- المثقف ودوره في إحداث التغيير
- الدولة الوطنية وتناقض الأمركة مع العولمة
- حُمى الجنس
- الدين والسياسية .. المشكلة .. الحل
- الاسلام السياسي وتناقضات الفكر والسلوك مع ديمقراطية
- انثى من جنون
- الاصوليه وخطرها على السلم الاجتماعي
- ثقافة جديدة من أجل مجتمع حُر: الوعي التقليدي في مواجهة العصر
- إشكالية السياسة في الايديولوجيات الأصولية
- إشكاليات التحول الديمقراطي في اليمن


المزيد.....




- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب غلاب - ضاع في عيون ساحرة