أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن ظافرغريب - الأديب سولجنتسين يدخل الجنة !















المزيد.....

الأديب سولجنتسين يدخل الجنة !


محسن ظافرغريب

الحوار المتمدن-العدد: 2365 - 2008 / 8 / 6 - 11:57
المحور: الادب والفن
    


في فجر 3 آب 2008م بالتوقيت المحلي، بعد إصابته بسكتة دماغية، في منزله القروي الرابض على إحدى ضفاف نهر"موسكوفا" شمال غربي العاصمة الروسية"موسكو"، توفي الأديب والروائي الروسي الحائز على جائزة نوبل للأدب عام 1970م(منع من السفر لحضور حفل نوبل)
، "ألكسندر سولجنتسين"، رحل في عامه التسعين كما يشتهي ليدخل الجنة!، ولم يكن سولجنستين يظهر علنا إلا نادرا، وكان التلفزيون يعرض صوره أثناء إستقبال ضيوفه في منزله على كرسي متحرك.

زج في المعتقل لمدة 8 سنوات في مقتبل شبابه وكان جندياً على الجبهة الألمانية في الحرب العالمية الثانية، وبعد عقدين من زمن الغربة سنة 1994م، أي بعد نصف عقد من نهاية العصر السوفيتي، عاد الى منزله هذا. قال نجله"ستيفان" لوكالة أنباء(ايتار تاس) الروسية أن والده توفي نتيجة أزمة قلبية في الساعة 19,45 بتوقيت غرينتش.

أفشى"سولجنتسين" مع الرئيس السوفيتي"خروتشوف" الجرائم الستالينية في معسكرات قمع"يوسف ستالين"، وعبودية العمل الشاق الإجباري المنهك للجسد لمعاقبة المنشقين والمشكوك بولائهم. كانت مؤلفاته مخطوطات و محفوظات في الذاكرة، يخشى عواقب نشرها. هجائية كتابه الصادر على رأس القرن«روسيا نحو الهاوية» شملت«البيريسترويكا» ورائدها الرئيس السوفيتي"غورباتشوف" الذي إرتمى وخلفه"يلتسين" سريعا في أحضان الغرب والحلف الأطلسي والحرب ضدّ الصرب. كتابه«قرنان معاً» الذي صدر في 2002م تناول تاريخ اليهود وجعله في صف اللاسامية العام 2006 نُشرت في موسكو أعماله الكاملة للمرة الأولى. وفي السبعينات ترجمت روايتاه «جناح السرطان» و «أرخبيل الفولاغ» الى العربية وقبل عامين روايته «يوم في حياة ايفان دينسوفيتش».
وصدور باكورته روايته الأولى"يوم من حياة إيفان دينيسوفتش" عام 1962م، وتلقفتها دور النشر الغربية، فترجمت لللغات الأجنبية. كان خروتشوف شخصيا بحاجة لحلفاء لمقارعة فلول الستالينية. وشكل سولجينيتسين تمردا على نهج الواقعية الاشتراكية الإجباري/ لم تختتم بنهاية تبعث على التفاؤل تمردا انتهى بسقوط خروتشوف خريف 1964م، وتحول الى حملة رسمية ضده، وتحركت أصابع أخطبوط المخابرات"KGB" لملاحقته ومصادرة مخطوطاته والتضييق على نشر أدبه فأودع السجن في شتاء 1974 م، وصدر قرار بسحب الجنسية السوفييتية عنه وترحيله إلى الخارج. قال في مقابلة تلفزية إن شعورا استحوذ عليه منذ شبابه المبكر بوجود مهمة ملقاة على عاتقه لكتابة تاريخ ثورة أكتوبر البلشفية الذي"زيف ولفق ولم يجر الكشف عن حقائقه " وفي منفاه جمع سولجينيتسين أرشيفا ضخما ونادرا من المذكرات والوثائق وشهادات أفراد شاركوا في الأحداث التي مهدت لانهيار الإمبراطورية الروسية عام 1917م. واتخذ من تاريخ عائلته ومواطن إقامتها مادة لقصصه التاريخية" آب 1914م" و" آذار 1918م" ومن ثم روايته الملحمية "العجلة الحمراء". ذهب سولجينيتسين في تلك الأعمال الى أن ثورة أكتوبر لم تكن خيارا جماهيريا أو تاريخيا لروسيا، لقد دبرها الغرباء والدخلاء وأصبح الشعب الروسي ضحيتها الرئيسية، مدللا على ذلك بما يسميه عمليات الإبادة الجماعية التي تعرض لها الروس. وفي كتابه "لينين في زيوريخ" يشير إلى أن الثورة البلشفية كانت مؤامرة حاكتها ألمانيا بالتحالف مع المهاجر حينذاك فلاديمير لينين. لحرف مسار التاريخ الروسي وقطعه عن تطوره الطبيعي، فروسيا محافظة، لا تهضم الفكر الليبرالي المتطرف، روسيا الفلاحية المعافاة روحيا، روسيا الارثذوكس. فالصحوة الروحية أهم دائما من التقدم الصناعي. . وصفه الرئيس السوفيتي الشيوعي الأخير "غورباتشوف"، بأنه عرف مصيرا فريدا، مشيدا بالتزامه"مثل العدالة".
عبر سولجنستين عن تاييده لحكم"بوتين" الذي تولى الرئاسة بين عامي 2000 - 2008م ثم عين رئيسا للحكومة وكان مؤيدا لروسيا قوية معتزة بنفسها، رغم كونه ضابطا سابقا في جهاز الإستخبارات السوفيتي(KGB).
وكتب في نيسان "بوتين ورث بلدا منهوبا جاثما على ركبتيه غالبية سكانه يشعرون بالاحباط وغارقون في البؤس بدأ باعادة بنائه شيئا فشيئا، وببطء. لم تظهر جهوده او يتم تقديرها على الفور".
وقال عنه رئيس حكومة الإتحاد الروسي"بوتين" في 2007م عندما زاره لتسليمه جائزة الدولة أنه رجل"كرس حياته للوطن. الملايين في العالم يربطون بين إسم وأعمال الكسندر سولجنستين ومصير روسيا". وأضاف بوتين"كما قالها بنفسه:"روسيا هي نحن. نحن لحمها ودمها، نحن شعبها". ونعاه "بوتين"، ووصف رحيله بالخسارة الكبيرة لروسيا ونحن فخورون به كمواطن وسنتذكره كشخصية قوية شجاعة وجليلة"، مشيدا بالتزامه بـ"بمثل الحرية والعدالة والإنسانية". وذكرت وكالة الأنباء الروسية(انترفاكس) أن سولجنتسين لم يشاهد في العلن منذ شهور، ويعتقد أنه كان يعاني من مرض خطير منذ . وقد نقلت إذاعة"إيخو موسكفي" عن أرملته ناتاليا: إنه عمل كعادته طيلة أمس وفي المساء شعر بأنه ليس على ما يرام. لقد كان يأمل في أن يموت في الصيف وها هو ذا يموت في الصيف!. لقد كان يأمل في أن يموت في المنزل وها هو ذا يموت في المنزل!!. لقد عاش ألكسندر سولجنتسين حياة صعبة لكنها كانت سعيدة".
ولد"سولجينتسين" في 11 كانون الأول عام 1918م في"القوقاز"، درس الرياضيات واعتنق المثل الثورية للعصر السوفيتي، وحارب بشجاعة ضد النازي الغازي بلاده سنة 1941م، خلافا للأديب التابع اللاحق. بيد أن في سنة 1945م انتقد في رسالة لأحد أصدقائه كفاءة ستالين العسكرية، فحكم عليه بمعسكر اعتقال جعلته معارضاً!. أفرج عنه قبل بضعة أسابيع من وفاة ستالين سنة 1953م نفي سولجنتسين إبان العصر السوفيتي الى آسيا الوسطى حيث بدأ الكتابة، وعرف بوصفه الناطق بلسان حياة معسكرات الإعتقال السوفيتية في كتاباته. ثم عاد إلى الجزء الأوروبي من بلاده الشاسعة ليصبح مدرسا في"ريازان" على بعد 200كم من العاصمة موسكو.

ورواية"جناح السرطان" طرح فيها انساقا مختلفة للواقع الروسي من خلال مستشفى لمعالجة المرض الخبيث، أبطالها الأطباء والمرضى من لحم ودم لكنهم رموز لحالات اجتماعية تتوزع بين الخير والشر. وفي الوقت نفسه أعد للطبع قصته الطويلة "الطبقة الأولى" التي استعار عنوانها من ملحمة الكوميديا الإلهية، للشاعر الإيطالي دانتي "1265 - 1321م". والطبقة الأولى جحيم الفلاسفة والشعراء الوثنيين تقديرا لهم. وجحيم سولجينيتسين معسكرات العمل والمعتقلات/ معهد سري للأبحاث الفيزيائية حجزت السلطات فيه جمهرة من العلماء، لينهوا محكومياتهم بين جدرانه، ويواصلوا اكتشافاتهم. وتضج الرواية بالمناقشات عن الأدب والفلسفة، والتاريخ لاستشراف الحاضر، عن الناس في ظل الستالينية، رجال ونساء وعن موظفي خدمات السجن.

وقال حينها"في آخر أيامي، آمل أن تشكل المادة التاريخية التي جمعتها جزء من وعي وذاكرة مواطني". و"تجربتنا الوطنية المريرة ستساعدنا، في حال تعرضنا لظروف اجتماعية مضطربة، في تفادي التعرض لاخفاقات مؤلمة".
من أشهر أعماله، "يوم في حياة ايفان دينيسوفيتش"، تدور أحداثها في أحد معسكرات العمل النائية في شمال كازاخستان وتصور حياة إيفان دينيسوفيتش، الفلاح شبه الأمي المفعم بشعور الكرامة وخبرة الحياة، الذي وجد نفسه دون ذنب في معسكر العمل الإجباري بعد فراره من الأسر الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، فعاود الالتحاق بفرقته لمواصلة الدفاع عن وطنه، ولسذاجته أبلغ الحقيقة عن واقعة أسره، ولم يلفقها بحكاية كما فعل آخرون، فدارت حوله شبهات، بأن تكون المخابرات الألمانية قد جندته لصالحها في مهام تجسسيه، فتم اعتقاله على هذا الأساس، وحكم عليه بالأشغال الشاقة لعشر سنوات، لم يستبعد أن تمتد بصورة تعسفية حتى نهاية العمر. يوم واحد على غرار آلاف الأيام من حياة إيفان ومئات المعتقلين الآخرين الذين ساقتهم المصادفة التعسة إلى: النهوض قبيل انبلاج الفجر لمواصلة أعمال البناء، وشق الأرض والحجر الصلد في ظروف الشتاء القارس، الخضوع للسلطة المطلقة التي يمارسها الحرس، الإحصاء المتكرر لقطيع البشر الذين تحولوا إلى مجرد أرقام، الانتظار بذل في طابور أمام نافذة المطعم لتسلم ما يسد الرمق، هاجس الخوف من تفتيشات السلطات الأمنية المباغتة، تبادل الأحاديث قبيل النوم لبث شجون الروح واستعادة صور الحياة البعيدة. يمر هذا العالم الشاحب عبر عدسة إيفان الذي أضفى الكاتب عليه شيئا من شخصيته و"الدائرة الأولى" وأرخ في عشرة أجزاء«العجلة الحمراء»، لتاريخ روسيا القيصرية والبلشفية. جمع وثائق عمله" أرخبيل الغولاغ" من معايشاته الشخصية وشهادات المعتقلين واستمر في كتابته عشر سنوات وتهريبها سرا لتنشر في الغرب، ومع صدور"أرخبيل الغولاغ". فجاء ملحمة بكائية بالحزن والنقمة على شرور المعتقلات، وتخلل كل ذلك تأملات فلسفية تفسر العنف. الأرخبيل جزيرة معزولة فيها قوانينها الخاصة الموروثة، العرف السائد فيها قانون الغاب في القرن 20م. أحدثت الأرخبيل هزة عميقة في الضمير الأوربي، وعلى ضوئها أجرى العديد من مفكري ومثقفي اليسار مراجعة شاملة لمواقفهم الأيديولوجية وأعلن بعضهم القطيعة مع الفكر الاشتراكي - الماركسي واشتدت على أثرها حملات النقد القاسية. أسس سولجينيتسين في الأرخبيل لجنس أدبي: الرواية - الوثائقية. الذي كتبه عام 1973م وضف فيه سنوات ستالين الرهيب ، معتمداً على آلاف التفاصيل الفردية. أدى صدور هذا الكتاب لحرمانه من جنسيته السوفيتية وطرده عام 1974م، فعاش في ألمانيا وسويسرا ثم في الولايات المتحدة. عاد الى روسيا إثر إنتهاء العصر السوفيتي، ووجه سولجنتسين، الرجل الذي جعل موسكو ترتعد يوما، نقدا شديدا لمجتمع الغرب الإستهلاكي ونقدا لاذعا لروسيا داعيا للعودة للقيم الأخلاقية التقليدية. اتهم سولجنستين في 2006 حلف شمال الاطلسي بالسعي الى فرض "حصار كامل على روسيا وتجريدها من سيادتها" من خلال "تعزيز آلته العسكرية شرقي الإتحاد الأوربي".
كما حاز"سولجنتسين" عام 2007م الماضي على أعلى وسام منحته روسيا"جائزة الدولة الروسية" بعد تردد منه لقبوله، عن أعماله الإنسانية. وصفه رئيس"الأكاديمية الروسية" للعلوم"يوري أوسيبوف" لدى إعلانه عن الجائزة بأنه"مؤلف الأعمال، التي لا يمكن التفكير في تاريخ القرن 20م بدونها".



#محسن_ظافرغريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسبوع المصالحة الثقافية العراقية !
- هل,أتاك, حديث ATTAC ؟!
- طائر الراين، غريد !
- حجب الحقيقة العنيدة
- مهرجان إيران بعنوان ديوان
- بابل في أمستل !
- طائر غريب
- في مولد فرانس كافكا Frans Kafka *
- الثقافة في عام؛ بابل عاصمة الثقافة العراقية
- البستاني، قرن وربع القرن من الزمن
- الموت يغيب بطل البطالة الطويلة قصيري
- بمناسبة اليوم العالمي للاجئين
- نص الإتفاقية الأمنية طويلة الأمد المزمع عقدها بين العراق وال ...
- مذكرة تفاهم أقل من إتفاقية !
- إتفاقية أقل من معاهدة !
- الإنتخابات تيار الإصلاح الوطني
- العراق قمر صناعي مداري !
- أحزاب أطفال الأنابيب !
- كذبة 28 نيسان
- التائه والتوّاب والبعثي المرتد


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن ظافرغريب - الأديب سولجنتسين يدخل الجنة !