أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حصاد العمر (5) لمحات من سيرة المناضل عبد الجبار علي(أبو هادي)















المزيد.....

حصاد العمر (5) لمحات من سيرة المناضل عبد الجبار علي(أبو هادي)


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 2366 - 2008 / 8 / 7 - 10:47
المحور: سيرة ذاتية
    


كان سفرنا إلى مصر في تشرين ألأول 1956 ،أي قبل العدوان الثلاثي على مصر الذي شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على أثر تأميم قناة السويس وإغلاقها بوجه الملاحة الدولية بسبعة أيام،وكان الحماس الثوري قد ألهب الجماهير العربية في كل مكان فخرجت المظاهرات الكبيرة في الكثير من الدول العربية والدول المحبة للسلام،تستنكر العدوان الغاشم،وقد وقفت الحكومات العربية المرتبطة بالدول الغربية موقف المتفرج الداعم لهذا الاعتداء ولكن الجماهير العربية ألهب حماسها هذا الاعتداء وبذلت ما تستطيع لاستنكاره وشجبه وسقط الكثير من الشهداء والجرحى ،وخصوصا في العراق الذي خرجت جماهيره رافضة ومستنكرة للاعتداء.
طالبنا نحن المشاركين في الدورة أشراكنا في منظمات المقاومة الشعبية التي كانت الحكومة المصرية قد أقرتها وسلحت الشعب المصري لمقاومة المعتدين، فحصلت الموافقة على أشراكنا في فصائل المقاومة وأخضعنا لدورة تدريبية على السلاح ،وأرسلوا ألينا الضباط المصريين الذين أشرفوا على تدريبنا لاستعمال بنادق السمنوف الروسية،وبعد انتهاء الدورة المكثفة أخضعنا لاختبار الرمي وحصلت على شهادة التخرج التي لا أزال أحتفظ بها حتى اليوم،وكنت الفائز الأول على الدورة التي شارك فيها ستون شخصا ينتمون للمركز الاستوائي من بينهم عشرون مصريا والآخرين من سوريا والعراق والسودان والأردن والسعودية وليبيا ،وكنت الطالب الوحيد الذي أرسل إلى مدينة بور سعيد للمشاركة الفعلية في المقاومة الشعبية،ولكن أدارة المركز لم توافق على ذلك فبقينا في مصر نشارك في المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية وعمليات الدعم للمقاتلين في الجبهة الأمامية.
رفيت في مصر سنتين دراسيتين لغاية الشهر الرابع سنة 1958 حيث عدنا إلى العراق عن طريق الجو الى سوريا،ومنها توجهنا الى بغداد بسيارات النقل البري نوع (نيرن) وبعد وصولي بغداد توجهت الى أهلي في المحاويل ثم الى قرية برنون فاستقبلوني بالفرح والزغاريد بعد هذه الغيبة الطويلة،وبعد انتهاء الأجازة المقررة التحقت بالدائرة ونسبت لعمل في دائرة جصان الواقعة على الحدود العراقية الإيرانية،وتبعد عن بدرة التي كان فيها مركز لأبعاد الشيوعيين والديمقراطيين،وكان هؤلاء يقومون بالتوقيع يوميا صباحا ومساء،ولديهم بيوت تقع في مدخل المدينة،وبعد ثلاثة أشهر جاءني الموظفين التابعين للدائرة التي أترأسها يبشرونني بحدوث ثورة الرابع عشر من تموز التي قادها الزعيم عبد الكريم قاسم.
كان فرحي لا يوصف بحدوث الثورة حيث تخلصنا من النظام الملكي الذي كان يحصي علينا أنفاسنا،وكنت قد جلبت معي صورة للزعيم جمال عبد الناصر خبأتها في مكان سري لأن جمال كان من الشخصيات المرفوضة في العهد الملكي المباد،وعندي صورة أخرى لنوري السعيد مجتمعا مع موشي ديان،ونزلت الى الناحية فوجدنا الجماهير تتهيأ للخروج بمظاهرة كان قد أعد لها الشيوعيون،ورفعنا صورة جمال عبد الناصر ،وأحرقنا صورة نوري السعيد وموشي ديان،وقمنا برسم صور تشبيهيه لعبد الإله ونوري السعيد وتقوم الجماهير بإحراقها بين هتافات الجماهير وأفراحهم،وكنا نجلب أوراق كبيرة نكتب عليها الشعارات أو أسم الوصي عبد الإله ونوري السعيد ونقوم بإحراقها،وقمنا بزيارة المسفرين والمبعدين لتهنئتهم بالثورة التي حررتهم من الأبعاد والنفي،وقمنا بتنظيم خفارات للامساك بالطريق العام بعد أن وردت ألينا معلومات حزبية بأن نوري السعيد قد هرب ولم يلقى القبض عليه ومن المحتمل أن يمر بالطريق للهروب الى إيران،وحدث أن شابا كرديا كان يقوم بالحراسة قد اعتدى على مدير الناحية،فتصور مدير الناحية أن تلك الأهانة كانت بتحريض مني وأني ورائها لأنه يعلم بانتمائي الى الحزب وأني من الشخصيات المؤيدة للثورة،فاتصل بمتصرف لواء الكوت(...العمري) يخبره بأني وراء الاعتداء الذي حصل ضده،وأن الموقف خطر قد ينذر بالانفجار بين لحظة وأخرى،وأن عبد الجبار علي وعبد الزهرة ألنجفي يقومون بتحريض الجماهير ضد السلطة،وكان مدير الناحية والمتصرف من أزلام العهد البائد وقد تضرروا من الثورة،وهم يحاولون الإساءة إليها بإبعاد العناصر الوطنية لينفذوا مخططاتهم الخبيثة،،فأرسل المتصرف ورائنا طالبا حضورنا الى مقر المتصرفية واستصحاب حقائبنا وأغراضنا معنا ،وعندما وصلنا المتصرفية أدخلنا على المتصرف الذي ألقى علينا محاضرة طويلة عريضة حاول من خلالها الظهور بمظهر الوطني الشريف وقال إذا لم تسافروا الى مديريتكم في بغداد سأخبر جماهير الفلاحين التي كانت متجمعة أمام المحافظة أنكم من أعداء الثورة وشتمتم الزعيم عبد الكريم قاسم وإذا علمت الجماهير بذلك سيمزقونكم أربا أربا،لأن الجماهير في تلك اللحظة مهووسة تركض خلف أي بارقة،وتعمل ما يوحي لها عقلها وخصوصا إذا قيل هذا خائن فسوف يقطع دون أن يستطيع أثبات براءته،والأحسن لكم أن تذهبوا الى بغداد وتعودون الى مديريتكم ولا ترجعون الى مدينة الكوت نهائيا،وكتب كتابا بذلك وأعطاه الى الشرطة التي قامت بتسفيرنا بالسيارات المتوجهة الى بغداد،حيث راجعت دائرتي وأخبرتهم بحقيقة الأمر ،إلا أن المؤسف أن أمور البلد تلك الأيام لا زالت بأيدي العناصر الرجعية المعادية للثورة والتي تعمل لإعادة النظام الملكي أو أي نظام آخر لا يعمل من أجل الجماهير ،ورغم الظاهر للعيان إن الحزب الشيوعي هو القوة الفاعلة في الساحة العراقية،إلا أن القوى الرجعية هي صاحبة القرار والأمر والنهي في الأمور الخاصة بالدولة وهذا ما أدى الى الكوارث التي سنتناولها بالتفصيل.
وقد قامت المديرية بتنسيبي الى مركز الإنعاش الريفي في المشاهدة،وفي الوحدة الاجتماعية في ألناظري،وداومت هناك وكان ارتباطي بالحزب وثيقا وأعمل في منظماته الجماهيرية ،وأكلف بالواجبات الحزبية رغم أن القوى الرجعية كان تأثيرها قويا في دوائر الدولة العليا،لذلك ما أن حدث انقلاب الشواف عام 1959 ،وقيام الجماهير بإفشال الانقلاب الذي خططت له الرجعية المحلية والضباط الذين يدعون القومية،بالتنسيق مع الجمهورية العربية المتحدة وبتوجيه من عبد الناصر ومشاركة فاعلة من المخابرات السورية، حتى بدأت الرجعية المحلية بالتحرك بعد أن لمسوا من زعيم البلاد تهاونا وضعفا،بالتخطيط لأبعاد العناصر الوطنية الشريفة تمهيدا للانقضاض على الثورة وإنهائها وفعلا صدر أمر بنقلي الى الموصل التي يعلم الجميع أنها المركز المهم للرجعيين،وكان هدفهم المضمر تعرضي للاغتيال في تلك المحافظة،وقد نسبت الى قرية الحمرة،التي تتكون من ثمانية بيوت كلهم أقارب ويهيمن عليها الإقطاعي إسماعيل عباوي الذي كان من ألد أعداء الثورة والمتآمرين عليها،وكانت هناك بنكلة من الألمنيوم اتخذت دائرة لنا وفيها منام للعزاب أيضا،وكانت هناك كرفانات للموظفين المتزوجين،فكنت أسكن في الدائرة التي أنا مديرها،وقمت بالعمل الجاد من أجل تأدية الواجبات المكلف بها وعملت حتى خارج الدوام ليكون عملنا سليما وقد عملت حديقة في الدائرة زرعت فيها الأشجار،وكان هناك بئر ارتوازي للدولة يقوم بتوزيع الماء للمركز وبيوت القرية،وقد جرت محاولتين لاغتيالي في مدينة الموصل ولكن لم تنجح أي من هاتين المحاولتين بسبب تضافر جهود الموظفين ووحدتهم، وكانت أول محاولات الاغتيال من قبل ملاك القرية نفسه الذي قام بأعداد الخطة وتنفيذها حيث افتعلوا شجارا بينهم وهم أهل وأقارب،وكان رصاصهم موجها بالدرجة الأولى الى دائرتنا وقد حدثت عدة ثقوب في الكرفانات الخاصة بالدائرة،والمحاولة الثانية عندما قمت أنا والحارس في ساعة متأخرة من الليل بإطفاء مولدة الكهرباء التي تولد الكهرباء للدائرة والقرية،حيث أطلقت علينا عدة أطلاقات نارية أصابت المكان الذي أقف فيه مباشرة ومرت من جانبي دون أن تصيبني مما جعلني أ نبطح على الأرض لتفادي الرصاص المنهمر وقد خال لهم أني قد أصبت فعادوا من حيث جاءوا الى أن انكشف الأمر في اليوم التالي.
وقد أعدت اتصالي بالحزب،وارتبطت بمنظمة ناحية الحمدانية وقرية كرمنليس المسيحية،وبت في القرية ليلتين في بيت أحد الرفاق،وكان تحركنا سريا في تلك الفترة بسبب استفحال أمر الرجعيين وتواطيء عبد الكريم قاسم معهم وسكوته عنهم ،بل أن نواياه المبيتة كانت تتجه لإنهاء النفوذ الجماهيري للحزب الشيوعي وهو ما سنتناوله في فرصة قادمة،وقد شاركت في اجتماعات وموسعات كثيرة هناك إلا أن نشاطي الجماهيري كان محدودا بسبب طبيعة المنطقة والظروف التي تمر بها وكوني غريب عنها يثير تحركي الانتباه،وكنت أستغل عملي في الدائرة في التغطية على تحركاتي لوجود مراقبة شديدة من الأمن والعناصر المعادية التي تكثر في الموصل.
وعندما وجدوا أن محاولاتهم باءت بالفشل قدموا شكوى ضدي وقع عليها الإقطاعي المذكور وأبناء عمومته وهي دعوى كيدية الهدف منها أبعادي عن المنطقة والتخلص مني فكانت التبليغات تأتي إلى دائرتي ولا أتبلغ بها تحت حجج وذرائع مختلفة منها تمتعي بالأجازة أو دخولي المستشفى أو تأخير التبليغ وكان الغرض من الشكوى أعاقة عملي ،أو محاسبتي بما يعطي لهم المجال لإقصائي من الوظيفة،وعندما لم تفلح محاولاتهم في إيذائي أو اغتيالي ،صدر الأمر بنقلي إلى لواء الكوت منطقة الدسيم عام 1961.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعرس اليتيمه غاب الكمر
- الكيل بمكيالين
- حصاد العمر(4) لمحات من سيرة المناضل عبد الجبار علي(أبو هادي)
- حصاد العمر(3)
- حصاد العمر..(2)
- من هو الأخطر ..البعث أم القاعدة (2)
- حصاد العمر..(1) لمحات من سيرة المناضل عبد الجبار علي(أبو هاد ...
- من هو الأخطر..البعث أم القاعدة (1)
- (لو كل يوم جلمة جا ختمنه القاموس)
- أكذب أكذب حتى يصدقك الناس/2
- إلى أين تمضي القافلة بالصحفيين العراقيين
- نفق سجن الحلة ملحمة الملاحم في مسيرة الشيوعيين العراقيين
- أكذب ..أكذب حتى يصدقك الناس
- وعند جهينة الخبر اليقين (حول مجزرة قصر الرحاب)
- مجزرة قصر الرحاب صورة للعراق عبر التاريخ(3)
- مجزرة قصر الرحاب صورة للعراق عبر التاريخ (2)
- مجزرة قصر الرحاب صورة للعراق عبر التاريخ(1)
- عيش يا...لمن يجيك الربيع
- الحاج سعود المشهد...المضيف والراية الشيوعية 1
- عائلة علي قنبر الشيوعية


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حصاد العمر (5) لمحات من سيرة المناضل عبد الجبار علي(أبو هادي)