أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم بياني - إبراهيم اليوسف.. شجرة الكينا وفؤوس القبيلة*














المزيد.....

إبراهيم اليوسف.. شجرة الكينا وفؤوس القبيلة*


كريم بياني

الحوار المتمدن-العدد: 2357 - 2008 / 7 / 29 - 05:58
المحور: الادب والفن
    


كان يبادر مسرعا الى تلقف واحتضان قطع ومساحات الارض وقراها التي كانت تنهبها عجلات سيارته، مصراً على تقديم هويتها الحقيقية مستذكرا الاسماء التاريخية للشواهد والشخوص والمعالم، راسماً بأشارات من أصابعه القابضة على السيجارة التي كانت تجتاحني بدخانها الى حدود وهمية وتلال وقلاع كانت في زمن غابر مرتعا لمعاني الفروسية والكبرياء، لازالت الاغاني الشجية تتناقل احداثها وتفاصيلها التي تثير في الجسد رعشة الاباء وتغرس في النفس حزنا عميقا.
واسترسل ابو بديع في عملية انكاء الجراح تاركا إياها تنزف؛ وهو يقلني بسيارته من قامشلوك الى حيث اعبر إلى الضفة الاخرى من الوطن. أذهلتني قدرته العجيبة على التذكر في سرد الاسماء والمواقع والاحداث؛ كأني به يريد أن يختزل التاريخ في ساعتين غير آبهٍ بشكوك القبيلة ويطوي الجغرافيا في غفلة من فؤوس الغرباء مودعة إياها راحة يديه المتشققتين لهذا الآتي من صقيع الغربة بحثا عن دفء الاحضان.
كان يتحدث بحب عن زمن غائب جميل.. وثمة دائما كرسي ثالث للغائب الجميل. ترى هل كان ابو بديع يعرف بحدسه الفطري أنني اخبأ تحت ابطي فؤوساً حادة وأغصانا متقطعة من شجرة الكينا، فأراد أن يهيأني نفسيا للدخول في هذه الجدلية الاليمة بين الفؤوس وأذرعها المصنوعة من جذوع الشجر؟..
هذه الجدلية كانت تسكنني وأنا اتنقل بين سطور قصص الفؤوس وشجرة الكينا التي حمّلني أديبنا الجميل إبراهيم اليوسف ـ تعودت أن اتخذ من بيته الكريم إحدى محطات الراحة في رحلة شوقي الى الاحضان الدافئة ـ مهمة ايصالها الى دار سبيريز للنشر في دهوك. وأعترف أن هتين القصتين أثارتا اهتمامي وسلبتا الضوء والبريق من القصص الاخرى.
يحلو لنا دوما اجترار الذكريات والحديث عن زمن الحب الغابر.. في هذه القصص ايضا كان الحاضر دوما هو ذلك الغائب الجميل؛ الذي كنا نتبادل معه الشغف والكتب وضحك الطفولة الضائعة. في ركن منسي نوقد الشموع وننتظر مختلسين النظرات بين الفينة والاخرى الى الباب لعل الداخل الجديد يكون هو، ويأتينا صوت فيروز ليضفي على الانتظار بهاءً.. يأتي ليحمل دوما تباشير تصدع جدار الألم. يأتي كي يحفزنا على خلع رداء الحداد عن قامة الروح..
لكن الثمن سيكون باهضا يا فيروز.. الثمن هو أن نقدم البراءة من زمرة دمنا وأحلامنا وأن نتجنب أية إشارة لنكأ الجراح كي لا نعيد الحياة لشكوك القبيلة ولا نمنح الدم لنبض فؤوسها.
لكن هذا لن يكون، سوف تثور شجرة الكينا على تقاليد أجدادها وتأبى أن تمنح ولو ذراعاً واحدا لقبيلة الفؤوس.. وسيبقى الكرسي الثالث ابداً في شوق ونحن معه الى ذلك الغائب الجميل.

*بهذه الاسطر قدمت مجموعة (شجرة الكينا) القصصية لصديقي إبراهيم اليوسف والذي كلفني في 23/12/2002مهمة ايصالها الى دار نشر (سبيريز) مبديا رغبته في أن اقدم لها، وفعلا قمت بالمهمتين الايصال والتقديم، وتمت اضافتها بحضوري الى بداية المجموعة الجاهزة للنشر.
لكن الكتاب صدر بتقديم زميل آخر. حسب ما عرفت؛ أن كلماتي كانت غارقة في الذاتية والخصوصية، على حد قول مدير دار النشر وهو صديق عزيز ايضا. لا أدري ماذا يكون الادب إن لم يكن تعبيرا عن الذات والرأي الشخصي إزاء تفاصيل الواقع والحياة؟
لست مستاء مما حصل، لكن الامر كان يقتضي التنويه، كتقليد متبع، لكن يبدو أن الكثير من التقاليد المتبعة لازالت غائبة عن تجربتنا الثقافية؛ هي بحاجة الى اعادة نظر وترسيخ، وهذا الامر يدلل اننا لازلنا في ممارسة الظاهرة الثقافية مفتقدين وبشدة الى الذائقة والصدق الفنيين فضلا عن الجرأة.
اسوق هذه الكلمات بمناسبة اطلاعي على نسخة من شجرة الكينا، واحتفاءً ـ متأخراًـ بصدورها أسجل هنا تلك المقدمة التي سبق وأن اطلع صديقي اليوسف عليها.. مجددا له ألاشتياق والمحبة.




#كريم_بياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الراحل عوني كرومي وتجربته الاولى مع المسرح الكردي
- في ألذكرى الأولى لرحيل عوني كرومي: ألموت أحتجاجا على أغتيال ...
- المستشارون الجحوش لم نرَهم في قفص الاتهام، فهل نراهم شهودَ م ...
- العلم.. واليشماغ الكردي .. و.. الله اكبر
- رسالة مفتوحة الى السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان
- التوافق.. هذا ألبنيان ألمقيم على الثلج
- يوم السقوط... احتلال مدينة محتلة
- الذي يلعب دور البارزاني ينبغي ان لايكون ممثلا
- الانسان هو أبخس الاشياء ثمنا في العراق
- ابراهيم الجعفري: ليس في حياتي ان اتنازل للآخرين
- عمارة يعقوبيان... نحن في زمن المسخ، القرود وحدها هي التي ترق ...
- الفلم الكردي (أوان النرجس) يشارك في الدورة ال 56 لمهرجان برل ...
- الرسوم الكاريكاتورية..بين حرية التعبير والحرية المسؤولة المت ...


المزيد.....




- مايكل دوغلاس يزور مستوطنة إسرائيلية ويصف المتضامنين الأمريكي ...
- بتهمة -الفعل الفاضح-.. إحالة سائق -أوبر- بواقعة التحرش بفنان ...
- عز وفهمي وإمام نجوم الشباك في موسم أفلام عيد الأضحى 2024
- فرويد ولندن.. أتاها نجماً هارباً فجعلته أسطورة خالدة
- الروسي بيفول يهزم الليبي مالك الزناد بالضربة الفنية القاضية ...
- وزير الثقافة اللبناني يزور منزل الشهيد عبد اللهيان
- إدارة أعمال الفنان جورج وسوف تكشف عن حالته الصحيه بعد أنباء ...
- كيم كي دوك... المخرج السينمائي الكوري الذي رحل مبكراً
- موت يعقوب ح 163… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة على قنا ...
- الإعلان 2 حصري ح 163.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 على ATV ...


المزيد.....

- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم بياني - إبراهيم اليوسف.. شجرة الكينا وفؤوس القبيلة*