أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كريم بياني - الانسان هو أبخس الاشياء ثمنا في العراق















المزيد.....

الانسان هو أبخس الاشياء ثمنا في العراق


كريم بياني

الحوار المتمدن-العدد: 1474 - 2006 / 2 / 27 - 09:52
المحور: حقوق الانسان
    


كثيرة هي المرات التي حاولت فيها الكتابة عما تم تسريبه سابقلا ولاحقا من صور سجن ابو غريب لكن بشاعتها كانت تربكني، ليس لانني جديد العهد بمشاهدة مثل هذه الصور، لآن من عاش في العراق خلال العقود الاربعة الماضية لابد ان يكون قد أدمن التعاطي مع صور اكثر منها بشاعة وقسوة، لكني الذي اربكني هو كيفية قيام من يدعي الثقافة والتحضر والمدنية وحقوق الانسان بممارسة كل هذه الكمية من القسر والقهر والاهانة بحق من يفترض ان يكون انسانا على اقل تقدير، ولان الذين كانوا يمارسون هذه الفضاعات سابقا وفي نفس هذا المكان كانوا مجموعة من المجرمين والسراق واللصوص والمرضى اغتصبوا كل شيء في العراق، لكن الذين يمارسونها اليوم اتوا لتحرير العراق ونشر الحرية فيه، ربما كان هذا ايضا سببا اخر من اسباب الارتباك الذي نوهت به.
اعود الى الصور التي دخلت بيوتنا دون استأذان واحتلت حجرات نومنا فخدشت حياء وكرامة الانسان فينا، كسرت في داخلنا معاني كثيرة، صور لانعرف اصحابها وما اقترفوا، لكن الذي نعرف انهم بشر وصفة الانسان هي التي ترسم محصلة انتمائهم لنا.
ربما كانوا صداميين من مجرمي جيش القدس او الحرس الوطني والخاص او فدائيي صدام او أزلام الامن والمخابرات، هؤلاء الذين لم يتركو معصية ولا موبقة الا وارتكبوها بحق الانسان على أرض العراق، وخارج ارض العراق، ولم يسلم من شرهم وجبروتهم حيوان ولا جماد.
ربما كانوا زرقاويين وغيرهم من الجماعات التكفيرية المسلحة التي استدرجتها امريكا الى العراق بغية تصفية الحسابات تحت شعار حرب وقائية لينأؤا بأمريكا وشعبها عن خطر (الارهاب) متخذة ارض العراق وبدون وجه حق مسرحا لهذه التصفية ومن الابرياء وقودا لها.
ربما كانوا من المجرمين العتاة واصحاب السوابق المحكومون بتهم جنائية والذين اطلق الطاغية سراحهم قبيل السقوط كي ينزلوا الى شوارع المدن ليعيثوا فيها فسادا، مستغلين الانفلات الامني والفساد المستشري في جميع مرافق (الدولة) التي فقد القانون فيها هيبته.
ربما هم اعضاء في شبكات المافيا والخطف التي تتجار بالبشر، تقتل وتسرق وتهتك الاعراض مقابل المال الذي يأتي من شبكات ارهابية منظمة خارج العراق او الذي يغذي شبكات ارهابية واجرامية داخلية ومصدره بطبيعة الحال صاحب المصلحة الكبرى في بقاء الوضع العام في المنطقة في حالة توتر امني وغليان سياسي ودفعه يوما بعد يوم نحو الاسوء.
ربما هم اعضاء في عصابات التهريب، سواء كان تهريب المخدارت ام الاسلحة والاموال او القطع الاثرية المسروقة من متاحف العراق بالتواطؤ مع المحتل او تهريب موارد العراق، ويقف خلف عملية التهريب هذه بطبيعة الحال تجار الحروب المتنفذين اليوم في الكثير من مرافق الدولة والذين تلاحق بعضهم تهم الفساد الاداري والمالي من مفوضية (النزاهة).
ربما كانوا منتسبي الاجهزة الامنية والمخابراتية والحزبية والطائفية الذين يقومون ليل نهار بأنتهاك حرمة البيوت والاماكن المقدسة والجامعات بحجة البحث عن ارهابيين والذين يقودون الناس الى سجون سرية او يتركوهم جثثا في الشوارع وفي قاع الانهر، من بينهم علماء الدين واساتذة الجامعات والعلماء والاطباء والمفكرين، ثم يتحدثون عن مقابر صدام الجماعية، ويفوتهم ان الفرق بينهم وبين صدام هي في هذه الجزئية فهم الان لايستخدمون المقابر الجماعية الا نادرا وذلك لسوء سمعتها بل يتركون الجثث هكذا في العراء وبنفس مواصفات جثث المقابر معصوبة الاعين ومقيدة الايدي، اي انهم لا يتورعون حتى من اخفاء جريمتهم وبذلك فاقوا صدام عنجهية ووحشية.
ربما هم ابرياء وكسبة وباعة متجولين ممن بدأت ارصفة المدن تعج بهم؛ ساقهم حظهم العاثر لان يكونوا متواجدين وبمحض الصدفة او بتقدير الهي في مسرح جريمة ما، وما اكثرها في شوارع مدننا، ليصبح من لم تطاله شظية مفخخة او طلقة طائشة وعشوائية اسير سجن مظلم يحلم بالشمس بعد ان كان حلمه لقمة خبز يحملها نهاية يوم مضني الى أطفاله المحرومين من كل ما يمت الى الطفولة بصلة.
ربما هم رهائن ابرياء تم القاء القبض عليهم ليس لان قوات الاحتلال لا تستطيع القبض على ذويهم او اقربائهم المتهمين او ربما المجرمين، بل لانها لاتريد ان تفعل ذلك، وتتركهم طلقاء يمارسون الشر تحت سمعها وبصرها، وما لجوئها الى اتخاذ الرهائن الا استفزازا وتهييجا لهم كي يتمادوا اكثر في عملية القتل والتنكيل.
وربما هم من ابناء الشعب العراقي الذين يقامون الاحتلال بعيدا عن كل الامتدات الخارجية متفادين سلوك الاجرام والارهاب الذي تمارسة العصابات الصدامية والزرقاوية والتكفيرية وبقية شبكات القتل، وهؤلاء منقسمون بين من يقاوم بالطرق السلمية الاحتجاجية عن طريق المظاهرات والمسيرات والاعلام والتوعية والانشطة المدنية، وقسم اختار العمل المسلح الذي يستهدف فقط كيان الاحتلال وامداداته نائين بأنفسهم عن الحاق الاذى بالمواطنين الابرياء.
كل هؤلاء مجتمعين وغيرهم ممن لا تستطيع حالة الـ (ربما) ان تلم بجوانب المشهد المؤلم الذي يختزل صورة العراق، هم جزء من صورة حدسية، افتراضية ومتخيلة، نحن لانعرفهم ولم يتسن لنا الاطلاع على الجرائم والتهم التي اعتتقلوا بسببها.
لكن الصورة الحقيقية التي رأيناها والتي احدثت في النفس صدمة وفي الوجدان شرخا، هذه الهمجية والوحشية والبشاعة ازاء انسانية منكسرة، متخاذلة ومستسلمة، ومن يمارس هذه البشاعة والوحشية هم صناع الحضارة الجديدة وحاملوا مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة والآتون من خلف آلاف الاميال كي يجعلوا من العراق نموذجا للديمقراطية ومثالا لمجتمع مدني يحتذى به. ولكي يمعنوا في اهانتنا و جرح مشاعرنا الانسانية تكرموا علينا بهذه الصور التي لولا ديمقراطيتهم وحرية التعبير في بلدانهم لما تهيأ لنا الاطلاع على هذه الممارسات الهمجية بحق الانسان، وهذه هي احدى الجوانب الاخرى والمؤلمة من الصورة، ويتبارى الوزراء والمسؤولون العراقيون ابتداء من وزيرة حقوق الانسان وانتهاء بوزير الدفاع لتخفيف وقع نشر هذه الصور على مشاعر الناس مؤكدين على انها صورة قديمة تارة وان الفاعلين قد تمت محاسبتهم ومحاكمتهم في حينها تارة اخرى، كأني بهم قد تبرعوا مجانا بالدفاع عن ممارسة المحتل الوحشية.
علي الكيمياوي كان يجادل اعضاء الوفد الكردي المفاوض بداية التسعينات على انهم يبالغون في رقم ضحايا الانفال والقصف الكيمياوي، فالرقم ليس 180 الفا ولكن 100 الف، تأملوا هذا الصلف الاجرامي، طبعا في زمن علي الكيمياوي لم يكن للبيوت ولا للجوامع ولا لدور العبادة حرمة. وبالامس خرج علينا وزير الدفاع العراقي متوترا ومنفعلا ومتلعثما في مؤتمره الصحفي المشترك مع وزير الداخلية ليقول ان الاعلام يبالغ في رقم الضحايا الذين سقطوا عقب احداث العمل الاجرامي الذي طال قبة مرقدي الامامين علي الهادى والحسن العسكري في سامراء وقال ان الرقم ليس 180 بل انه 119 واكد ماذكره سابقا ومرارا ان البيوت والمساجد التي تأوي الارهابيين لاحرمة لها. لنؤجل النقاش حول مفهوم الارهاب لانني على يقين ان سيادة الوزير لايريد وغير مسموح له ان يتعاطى مع تعريف آخر للارهاب غير الذي يرد اليه في اضبارة الاوامر اليومية من المفتش العام، ولكن الذي لا يستطيع سيادة الوزير ان يقنع الاخرين به هو اخذه الاطفال والنساء والشيوخ بجريرة (ارهابي مفترض)، ليس لان صدام كان يفعل بالضبط ما يفعله هو اليوم ولكن من خلات مسميات اخرى مثل (العملاء والمخربين والغوغاء) ولكن لان قناعة الناس ومعتقدهم وتعاليمهم الدينية سواء اكانوا مسلمين ام غيرهم اضافة الى جميع القوانين والاعراف ترفض أن يزر وازرة وزر اخرى. ولانهم على يقين بأن هذا الاسلوب لايمكن ان يقطع دابر العنف والارهاب كونه اسلوب همجي لايمارس الا في شريعة الغاب، حيث لا عدالة ولاقانون ولا مساواة. أن الاستخفاف بأرواح الناس والاستهانة بكرامة البشر اصبحت ثقافة يتوارثها من يتعاقب على تسلم حكم العراق ويعلنونها على الملأ دون اي شعور بالخجل او تأنيب الضمير سواء أكان هذا الوريث علي الكيمياوي او سعدون الدليمي ام باقر جبر صولاغ!!.



#كريم_بياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابراهيم الجعفري: ليس في حياتي ان اتنازل للآخرين
- عمارة يعقوبيان... نحن في زمن المسخ، القرود وحدها هي التي ترق ...
- الفلم الكردي (أوان النرجس) يشارك في الدورة ال 56 لمهرجان برل ...
- الرسوم الكاريكاتورية..بين حرية التعبير والحرية المسؤولة المت ...


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كريم بياني - الانسان هو أبخس الاشياء ثمنا في العراق