أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نايف حواتمة - حواتمة في حوار ضمن برنامج -قلب الشارع-















المزيد.....



حواتمة في حوار ضمن برنامج -قلب الشارع-


نايف حواتمة

الحوار المتمدن-العدد: 2343 - 2008 / 7 / 15 - 10:14
المحور: مقابلات و حوارات
    


حاورته: فضائية نورمينا الأردنية ـ عمان
س1: نعيش في هذه الأيام الذكرى الستين للنكبة لاغتصاب فلسطين، تحدثت شخصيات عديدة عنها، وكتابات ومقالات وحوارات تلفزيونية عن النكسة وأسباب النكسة، ولكن السؤال القديم الحديث أننا لم نتحدث عن النكبة ولم نعطيها حقها كما تحدثنا عن النكسة، من المسؤول عن النكبة ... النكبة مسؤولية مَنْ ؟! ...
ستينية النكبة تؤشر على ستين عاماً، نكبة واحتلال، لجوء، صمود، ثم مرحلة لاحقة نكبة ومقاومة، نكبة وعودة، 40 عاماً في الثورة الفلسطينية المعاصرة من أجل طي صفحة النكبة. النضال يدور في يومنا في ستينية النكبة على ما كان باليد، على ما كان ممكناً عام 48، لكن القيادة الفلسطينية حينذاك وقيادات الأنظمة العربية الإقطاعية حينذاك؛ وبالتواطؤ من الكولونيالية البريطانية والمشروع الصهيوني، بدلاً من أن تمسك بما تبقى باليد من الأرض الفلسطينية وتفتح للشعب الفلسطيني حقه ببناء دولة فلسطينية مستقلة على هذه الأرض، وفي اليوم التالي لقيام هذه الدولة الفلسطينية، يبدأ صراع من نوع جديد يدفع باتجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية، وفقاً للحقوق التاريخية والحقوق المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية، بدلاً من ذلك تلك الأنظمة العربية الإقطاعية والقيادة الفلسطينية حالتذاك؛ وبالتواطؤ مرةً أخرى مع الكولونيالية البريطانية ومع دولة "إسرائيل" التي قامت عام 48 على 77% من أرض فلسطين التاريخية، بينما لم يكن بيد كل التجمع اليهودي على أرض فلسطين أكثر من 5% من الأرض التي قامت عليها إسرائيل، هذا التواطؤ تم وفقاً لمعادلة حملها المشروع الصهيوني منذ البداية، تقول هذه المعادلة: "فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"، ولذلك تم تطبيق لهذه المعادلة عام 48، وقامت إسرائيل على 77% من الأرض، وما تبقى من الأرض الفلسطينية، تم إلحاقه وضمه بالدول العربية المجاورة.
الشعب الفلسطيني في ذلك الوقت؛ منه من بقي داخل حدود الهدنة (48)، ومنه من تشرد في البلدان العربية، وأيضاً المشروع الصهيوني "فلسطين كانت بالماضي والآن إسرائيل"، وما تبقى له علاقة بالأنظمة العربية والشعب الفلسطيني كان بالماضي والآن هو عرب "إسرائيل" وعرب البلدان العربية، إذاً من المسؤول عن عملية النكبة، المسؤولية الأساسية تقع على التخلف التاريخي الفلسطيني والعربي لقرون عديدة متواصلة، هذا التخلف لم يكن يعمل بلغة علمية وعملية ومدروسة وملموسة، مقابل المشروع الصهيوني الأوروبي الطابع، أي يقوم على العلم والتخطيط والمعرفة والمراحل، والمتحالف مع الدول الاستعمارية. ولذلك أمكن لهذا المشروع أن يقوم على العلم والتخطيط والتحالفات الواسعة الإقليمية والدولية، بينما التخلف التاريخي فلسطينياً وعربياً وبدون تحالفات جدية، وفقط الرهان على "الحليفة" كما كان يسمونها في ذلك الوقت (بريطانيا)، ولذلك وقعت النكبة هذه هي المسؤولية، المسؤولية بالدرجة الأساسية على التخلف التاريخي في البلاد العربية بما فيها فلسطين، والوجه الآخر بالمسؤولية هي على المشروع الصهيوني المتحالف مع الكولونيالية البريطانية تطبيقاً لوعد بلفور وتداعياته، والأنظمة العربية الإقطاعية المتواطئة مع الكولونيالية البريطانية والمشروع الصهيوني، ولكن مرة أخرى الأساس هو التخلف التاريخي. وهكذا ضاعت فرصة تاريخية في ذلك الزمن كان من الممكن أن تقام الدولة الفلسطينية على 23% من الأرض التي بقيت باليد وعاصمتها القدس العربية المحتلة، وفي اليوم التالي لقيامها يبدأ النضال والصراع من أجل حلول لعودة اللاجئين وللأرض الفلسطينية، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية، ولكن هذا ضاع وضاعت الفرصة التاريخية ونسيتنا الدول العربية ودول العالم بما فيها الأمم المتحدة، قفزت عن قراراتها الأممية (181 لعام 47)، وبقي هذا النسيان كاملاً بين عام 48 إلى عام 74، عندما بادرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لطرح البرنامج السياسي الجديد لمنظمة التحرير والثورة وللشعب الفلسطيني وانتزعنا بالإجماع هذا البرنامج السياسي الجديد في حزيران/ يونيو 1974، والذي يقوم في هذه المرحلة على ضرورات العمل والنضال بكل الوسائل الممكنة والتي باليد، ومنها الوسائل السياسية ووسائل المقاومة للوصول إلى حلول سياسية تؤدي إلى ما كان ممكناً عام 48؛ أي إلى دولة فلسطينية على حدود 4 حزيران/ يونيو 1967 عاصمتها القدس العربية المحتلة حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره بنفسه وعلى أرضه وعودة اللاجئين وفقاً للقرار الأممي 194.
لاحظ أن بعد 60 عاماً النضال يدور من أجل إنجاز ما كان ممكناً ما كان باليد عام 48، لكنه تسرب من بين أصابع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بفعل طبيعة القيادة الفلسطينية المتخلفة حين ذاك، والقيادة العربية الحاكمة الإقطاعية المتخلفة أيضاً حين ذاك، وما جرى من عملية تواطؤ بين هذا التخلف وأشكاله، وبين المشروع الصهيوني والكولونيالية البريطانية.
مداخلات ...
س2: هناك دول إقطاعية واستعمارية أضاعت فلسطين، وهل هي الفصائل هي التي ضيعت فلسطين ؟
أقول بلغة واضحة أن العدو عدو، وأن الكولونيالية البريطانية الانتدابية على فلسطين وأراضي عربية أخرى منها الأردن، العراق، الخليج، والكولونيالية الفرنسية الانتدابية على سوريا، لبنان، والشمال العربي الإفريقي، هذه قوى الاستعمارية، والمشروع الصهيوني هو مشروع استعماري إحلالي وإجلائي، إحلالي يحل محل الشعب الفلسطيني، وإجلائي لإجلاء الشعب الفلسطيني عن أرضه، وبالتالي جبهة الأعداء هم أعداء، هؤلاء الأعداء خصصوا لمحاولة استنساخ نفس التجارب التي قاموا بها بالأمريكيتين.
قبل 500 سنة هؤلاء الأعداء حاولوا إقامة أوطان بديلة عن أوطان الشعوب، تكرر هذا في القرن العشرين، في النصف الأول من القرن العشرين، واستمرت بعضها حتى أواخر القرن العشرين، وجرت محاولات فرنسا في الجزائر على سبيل المثال على يد الكولونيالية الفرنسية والمستوطنين الفرنسيين، جرت محاولات في روديسيا الذي أسمها الآن زيمبابوي من أجل تحويلها إلى منطقة بريطانية، كما جرى تحويل استراليا بالماضي، نيوزيلندا بالماضي إلى مؤسسات بريطانية، وجرت محاولات لتحويل جنوب إفريقيا إلى بلد البيض على مدار 300 سنة، لكن كل تلك المحاولات دحرت ولماذا دُحرت ؟ علينا أن نجيب على ذلك، وإلا يكون عند ذاك ما يخطط الاستعماريين وما يخطط الأعداء قادرين على تنفيذه، وكأن الأمور قدراً مقدراً على الجميع. هذه هي خطط الأعداء، خطط الأعداء عندما تقابل بخطط مقابلة تستطيع فعل فعلها على الأرض وفي الميدان، وبلغة علمية ومعرفية ومرحلية، مرحلة بعد مرحلة لا يمكن عند ذاك خطط الأعداء أن تمر ولم تمر بالجزائر. فيتنام، جنوب إفريقيا، بينما عندنا في فلسطين كان الاستثناء، وبالتالي الجريمة الكبرى العصرية في القرن العشرين، هي كانت الجريمة التي وقعت في فلسطين، هذا لم يكن ممكناً أن يقع لولا التخلف التاريخي عندنا بالقيادات الفلسطينية، وفي ذلك الوقت القيادات الفلسطينية كل من تقدم عليها خطوة إلى الأمام، كان نصيبه الاغتيال والقتل، في الحالة (نقابيين، حركات عمالية، حركات سياسية، حركات وطنية)، وعندما ثار الشعب الفلسطيني، وهنا أكرر الأمور ليست قدراً عام 36 ـ 37 إلى العام 39 اضطرت بريطانيا أن تنحني، فألغت مشروع قرار التقسيم، مشروع "مستر بيل 37"، ووضعت مقابله بديلاً عنه، الكتاب الأبيض مشروع جديد دولة فلسطينية على كامل فلسطين الانتدابية من بحرها إلى نهرها خلال عشرة سنوات، يقيم فيها وعليها اثنيتين، إثنية يهودية وإثنية فلسطينية ـ عربية.
س3: تحدثت وقلت عن التخلف التاريخي حينذاك والقيادات الفلسطينية ... هل القيادة الفلسطينية الآن تعيش حالة وعي، وهل تعلمت من دروس الماضي ؟ وإذا كان الجواب نعم فلماذا لا نرى أي نتائج على أرض الواقع ؟! ...
بالتأكيد الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة الحديثة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ما بعد نكبة عام 48، حركة تطورت وطورت كثيراً، والتطور في إطار التعددية، والتعددية على مناحي ومحاور فكرية وسياسية، أيضاً متعددة يجمعنا القاسم المشترك، أي البرنامج الوطني المشترك الذي نتوصل له فيما بيننا، لكن درجة التطور في صفوف حركة التحرر الوطني الفلسطينية والثورة الفلسطينية المعاصرة متفاوتة، ومحكومة بقانون التباين ودرجة التطور بالنضج، ولذلك دائماً نهضنا بالأوضاع الفلسطينية رداً على هزيمة حزيران/ يونيو 1967، ومن أجل محو آثارها على قاعدة تجمع بين الحقوق العربية بعودة الأراضي العربية المحتلة عام 1967، إلى الدول والأقطار العربية وحقوق الشعب الفلسطيني؛ أي بتعبير آخر الجمع بين القرارين 242، 338، التي تعالج العلاقات العربية ـ الإسرائيلية الصهيونية، الأراضي العربية مقابل حدود آمنة معترف بها كما ينص هذين القرارين، والذي قبلت به جميع الدول العربية، ولكن هذين القرارين كانا يتناسيا تماماً الشعب الفلسطيني وأي من حقوقه الوطنية. الثورة الفلسطينية المعاصرة نهضت على أساس القواسم المشتركة، البرنامج المشترك، بالنضال من أجل إعادة بناء الكيانية الوطنية الفلسطينية والصيغة الحقوقية والسياسية المحلية والعربية والدولية، والاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وهذا ما تم إنجازه فعلاً، وهو إنجاز تاريخي يصعب جداً تجاوزه.
وهنا أود أن أقول؛ جمعنا بين ما هو حقوق عربية بموجب القرارين 242، 338، والحقوق الوطنية الفلسطينية التي بدأت تصدر بها قرارات عن الأمم المتحدة، وقرارات عن القمم الإقليمية القارية (إفريقية، آسيوية، لاتينية ... الخ)، ولكن بالوقت نفسه هذه الدرجة من التطور المتفاوت والنضج المتفاوت فيما بيننا، تم كسر القاسم المشترك أكثر من مرة وليس مرة، وعلى يد قوة معينة مساندة (فتح) بشكل أساسي في العواصم العربية. الكثير من العواصم العربية وأقصد بالتحديد؛ الارتداد جرى على القواسم المشتركة من قبل جناح في الأخوة في فتح، وبرئاسة الأخ ياسر عرفات رحمه الله، في ذلك السياق وحتى يومنا هذا ما زالت المشكلة قائمة، وبالتالي تضافر النضج المتفاوت مع التدخلات العربية كما يقع الآن؛ وعلى سبيل المثال منذ العام 2000 بشكل صراخ، من المحاور الإقليمية العربية في لبنان، أوصلت هذه الصراعات المحاور الإقليمية العربية الحالة اللبنانية إلى حالة من فقدان الوزن، كتل هائلة كبرى في لبنان لا تستطيع أن تتخذ قراراً بحل الأزمة الداخلية اللبنانية، وترك هذا يتصادم 8 سنوات كاملة من عام 2000، الآن عندما وقع ما وقع باجتياح حزب الله لبيروت الغربية السنيّة، والصراع في جبل لبنان. ويثير هذا إشكالية أيضاً (سنية، شيعية، درزية). الآن وجدت الدول العربية أن اللهيب سينفتح على حرب أهلية شاملة في لبنان، لن تقف عند حدود لبنان، بل ستصل إلى النهوض من جديد بالحرب الأهلية بالعراق، وإلى تداعيات خطيرة وكبيرة جداً بدول الخليج العربية وإيران، حيث هناك مشكلات مذهبية. وعليه سارعت المحاور العربية وإيران إلى عقد مؤتمر الحوار اللبناني الشامل في الدوحة وحل الأزمة الداخلية اللبنانية باتفاق الدوحة.
على ضوء هذا؛ أقول مرة أخرى هذا الوضع الفلسطيني المتفاوت بدرجة التطور الذي يعرض العملية الوطنية الفلسطينية إلى انقسامات وارتدادات، حميناه بإطار البرنامج الموحّد برنامج القواسم المشترك وخاصة منذ عام 1974، ولكن جناح في هذه الحركة الوطنية بدعم وإسناد من العديد من العواصم العربية كسر ذلك، ومثالاًَ الذهاب إلى مؤتمر مدريد بشروط شامير وبشروط أمريكية، ولم يذهب بشروط فلسطينية التي وضعناها في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988، وكررتها عام 1990 قبل 30 يوماً فقط من عقد مؤتمر مدريد. لذلك هذا التطور المتفاوت لدرجة النضج والوعي السياسي، الوعي المبني على فهم خاطئ لموازين القوى المحلية الفلسطينية ـ الإسرائيلية، والعربية ـ العربية، والعربية ـ الإسرائيلية، وموازين القوى العربية ـ الدولية، والدولية ـ الدولية، هذا التطور المتفاوت يدفع بفريق فلسطيني آخر أن يكسر أكثر من مرة القواسم المشتركة، كما وقع باتفاق المحاصصة الانقسامي 8 فبراير في مكة والحرب الأهلية في قطاع غزة والهيمنة الاحتكارية بالقوة المسلحة على قطاع غزة.
الآن مثالاً من ستينية النكبة؛ نحن أمام انقسام جديد، هذا الانقسام الجديد يرشح الوضع الفلسطيني إلى إما أو إما، إما أن نتجاوز الانقسام ونعيد بناء الوحدة الوطنية ضمن برنامج سياسي موحد قائم على القواسم المشتركة، ممثلاً بإعلانات القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني، لينهض من جديد بالوضع الفلسطيني موحَداً وموحِداً لكل طاقات الشعب الفلسطيني، ومبادرة الإجماع العربي ممثلاً بالمبادرة اليمنية في قمة دمشق العربية، وإما أن يبقى الانقسام وهذا يعني مرة أخرى تدهورات وتراجعات وتنازلات وكوارث في الانقسام، فلا نصر بالانقسام، فالنصر ممكن بالوحدة الوطنية على قاعدة علمية وعملية ملموسة كما أشرت، بما أنجزنا بعد الانقسام وثيقة إعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني وقعنا عليها جميعاً في غزة، ولكن ارتداد الأخوة في فتح وحماس عن برامج الوحدة الوطنية نحو المصالح الخاصة الضيقة الأنانية الفتحاوية والحمساوية، أدى إلى الارتداد عن وثائق القواسم المشتركة والبحث عن اتفاقات المحاصصة ثنائية احتكارية إلغائية وإقصائية، لدور الشعب والمجتمع المدني، ولكل الفصائل والقوى التي بنت الثورة الفلسطينية المعاصرة، وأنجزت ما أنجزت لشعبنا وللأمة العربية ولكل أحرار العالم، وكانت النتيجة 7 جولات من الاقتتال بين فتح وحماس لتعزيز مواقع هذا الفريق أو ذاك، من أجل تقاسم السلطة والنفوذ دون أي مشروع سياسي، والذي أدى إلى اتفاق 8 شباط في مكة، اتفاق محاصصة للنفوذ والسلطة بين فتح وحماس، الذي يقوم على قاعدة سياسية تحت سقف اتفاقات أوسلو الجزئية والهابطة عن برنامج الوفاق الوطني، عبر كتاب التكليف والرد على كتاب التكليف هذا أذيع في حينه، كتاب التكليف يقول بالتالي من محمود عباس إلى إسماعيل هنية عليه أن يلتزم باتفاقات رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية المحلية والعربية والدولية، وثانياً تفويض رئيس السلطة الفلسطينية بكل العملية التفاوضية السياسية مع "إسرائيل"، ورد إسماعيل هنية أن حكومته التي ستلتزم بهذا، وعندما جاؤوا إلى طاولة ليتقاسموا السلطة والنفوذ اختلفوا وانفتح جحيم الحرب الأهلية، وكانت نتيجة لهذا كله؛ استيلاء حماس على قطاع غزة بالقوة المسلحة وحتى يومنا الانقسام يتعمق أكثر فأكثر وكما السلطة الفلسطينية تغوص بالبحث عن حلول جزئية ومجزوءة للشؤون الأمنية، كذلك الحال لدى حماس تغوص بالبحث عن حلول جزئية ومجزوءة للشؤون الأمنية التي تتخذ الآن في يومنا عنوان التهدئة بمفاوضات غير مباشرة مع حكومة "إسرائيل"، لذلك أقول من جديد الحركة الفلسطينية بعد عام 1967 أكثر تطوراً بكثير، ولا مجال للمقارنة بالحالة الفلسطينية والحالة العربية حتى عام 48 حتى عام 52، فالنصر لا يمكن أن يكون إلا بإعادة بناء الوحدة الوطنية على القواسم المشتركة فالانقسام يؤدي إلى مزيد من الهزائم والتراجعات.
مرة أخرى في سياق كل عمليات الصراع العربي والفلسطيني ـ الإسرائيلي، لماذا المشروع الصهيوني حقق خطوات إلى أمام، والمشروع العربي القومي حقق خطوات إلى الخلف، ولماذا في الحالة الفلسطينية تقدماً إلى الأمام، ثم وقعت عندنا الانقسامات لاحقاً أقصد في الثورة الفلسطينية المعاصرة بينما إسرائيل تنجز خطوات أكثر فأكثر باتجاه مزيداً من مشروعها، ففي عام 1948 مجموع الجيوش العربية التي زج بها بالقتال 25 ألف، فالجيوش الإسرائيلية التي زج بها 60 ألف، والجيوش الإسرائيلية تعمل وفق خطة بتجاوز قرار التقسيم لما هو أبعد، وإذا أمكن كل فلسطين الانتدابية، بينما الجيوش العربية وجيش الإنقاذ وجيش الجهاد المقدس حاربت بطاقات متواضعة ومتخلفة، ولكن كان من الممكن الاستعاضة عن هذا بالإصرار على الصمود في المواقع، التي وصلت لها الجيوش العربية وثانياً ما تبقى من الأرض كان من الممكن والواجب بناء دولة فلسطين المستقلة عاصمتها القدس في حينه؛ ولكن التخلف حسم حسمه؛ وأنتج حلولاً أخرى تنسجم مع معادلة المشروع الصهيوني (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) بدلاً من إقامة دولة فلسطينية، وبعد إقامة الدولة الفلسطينية يعود ويبدأ النضال من جديد من أجل الحلول العادلة والسليمة للقضية الفلسطينية، وهذا لم يقع بفعل أوضاعنا الداخلية حالتذاك. وفي هذا السياق أيضاً علينا أن نلاحظ جيداً أن العملية عسكرياً أخذت مجرى مختلف عما كان عام 1948، وفي حرب تشرين/ أكتوبر 1973 زجت الدول العربية وخاصة أقطار الطوق العربية على ما يزيد 750 ألف جندي على جبهات القتال، وكانت أمامها فرصة ذهبية استثنائية جداً راجع كتاب "المشير الجمصي" الذي أرخ لحرب تشرين، فالجيوش العربية كان أمامها فرصة أول 72 ساعة، عبرت قناة السويس، ووصلت إلى طبريا في الجولان، وبدلاً من أن تكمل مباشرة للوصول إلى الممرات في سيناء مما يؤدي إلى انهيار في الجيش الإسرائيلي، وما يترتب على ذلك من تداعيات بتصفية أثار العدوان حتى حدود 4 حزيران/ يونيو 1967، توقف الجيش المصري بعمق 10 إلى 15 كم بعد عبور قناة السويس، بكلفة متواضعة لا تفيض عن 300 جندي وضابط، وهنا نشب الصراع بين القيادة العسكرية والسادات، فالسادات كانت خطته أن يتوقف عند هذا العمق فقط، بينما القيادة العسكرية وفي المقدمة الجمصي الذي كان هو مسؤول هيئة القوات المسلحة المصرية دفع باتجاه بأنه علينا مواصلة القتال قبل أن تستدعي "إسرائيل" الاحتياطي، الذي كان على جبهات القتال الإسرائيلية 120 ألف، وخلال 72 ساعة جيشت إسرائيل 600 ألف، حاربت على جبهات القتال بـ 800 ألف جندي، في هذه الحالة كان من الممكن خلال 72 ساعة أن تصل القوات المصرية إلى الممرات وما بعد الممرات، وأن تتخندق وتتثبت القوات السورية بما وصلت له، قصدت أن أقول مرة أخرى أن المشكلة بالقرار السياسي فالقرار السياسي كان خاطئاً، والذي نفذ على جبهات القتال هو القرار السياسي وهنا المشكلة.
والنقطة الأخرى حول المرحلي والإستراتيجي، مرة أخرى المرحلي مرحلي، التسويات التي ستقع وقد لا تقع في هذه الحالة، وهنا أمامنا أمثلة عديدة جداً من بلدان العالم الثالث (آسيا، إفريقيا، أمريكا اللاتينة)، الفيتناميين انتصروا على الكولونيالية الفرنسية عام 1954، ومع ذلك وقعوا اتفاق يقوم على فصل الشمال عن الجنوب وبقي الجنوب مستعمرة فرنسية، ثم أصبح مستعمرة أمريكية، هذا المرحلي لم يلغِ المشروع الفيتنامي القومي الوطني بضرورة إعادة فيتنام موحدة لاحقاً.
قصدت أن أقول؛ يجب أن ننظر إلى الأمور بروح عملية ملموسة واقعية مرحلة بعد مرحلة،ـ كما فعل العدو الصهيوني على حد تعبير بن غورديون: "أخذنا البلاد دونماً بعد دونم، وشجرة بعد شجرة"، لكن "إسرائيل" نفسها عام 1947 وافقت على قرار التقسيم، الدول العربية لم توافق على قرار التقسيم، ومع ذلك هذا البرنامج المرحلي لم تقف عنده "إسرائيل"، كسرته ... تجاوزته عندما أُتيح لها إمكانية تجاوزه.
س4: اتفاقات أوسلو وتداعياتها كان يمكن أن تكون مؤقتة وفاتحة لحلول شاملة ؟! ...
هذا الكلام بالضرورات يحتاج للفحص والتدقيق؛ بداية إلى ثلاث نقاط أقول النقطة الأولى اتفاقات أوسلو ليس لها علاقة إطلاقاً بالبرنامج المرحلي، البرنامج الوطني المرحلي يقول بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وثانياً دولة فلسطينية مستقلة بحدود 4 حزيران/ يونيو 1967 عاصمتها القدس العربية المحتلة، وثالثاً عودة اللاجئين إلى ديارهم بموجب القرار الأممي 194، فضلاً عن الحق التاريخي، ما جرى في أوسلو شيء آخر لا علاقة له بالبرنامج المرحلي، وهنا خلط كبير يقع من الضروري أن نتنبه له جيداً، في هذا الميدان لي خمسة كتب عن اتفاقات أوسلو صدرت عن دار الجليل/ عمان ("حواتمة يتحدث ..."، "أوسلو والسلام الآخر المتوازن"، "أبعد من أوسلو ... فلسطين إلى أين ؟!"، "الانتفاضة ـ الصراع العربي الإسرائيلي إلى أين ؟!"، "الانتفاضة ـ الاستعصاء ـ فلسطين إلى أين ؟!") لا جامع أبداً بين اتفاقات أوسلو وتداعياتها وبين البرنامج الوطني المرحلي، اتفاقات أوسلو هابطة جداً، لا صلة لها، لا جسر يمكن أن يقام بينها وبين البرنامج الوطني المرحلي هذا أولاً، وثانياً غياب الوحدة الوطنية الفلسطينية في الذهاب إلى مدريد ثم بمفاوضات واشنطن وبعدها مفاوضات أوسلو أدى بالضرورة إلى ضعف الموقف الفلسطيني، لأن الفريق الذي دخل تلك المفاوضات دخلها على شروط أخرى لا علاقة لها بقرارات الشرعية الدولية، شروط تقول تمثيل الفريق الفلسطيني بشخصيات من الضفة والقطاع، ولا شراكة لأي من القدس، ولا لأي شراكة من أقطار اللجوء والشتات، ولا شراكة لأي عضو في منظمة التحرير الفلسطينية في وفد المفاوضات، وهذا ما حصل فعلاً وكانت نتيجة كل هذه التراجعات، ولذلك قلت لا نصر مع الانقسام، فالنصر يتطلب الوحدة الوطنية هذا في النقطة الأولى. والنقطة الثانية فيما يختص بمنظمة التحرير الفلسطينية؛ منظمة التحرير بفعل الذهاب إلى تلك المفاوضات بموجب شروط شامير وانحياز الإدارة الأمريكية لها أدى إلى الانقسام في الصف الفلسطيني بين الذين يناضلون من أجل حماية البرنامج الوطني المرحلي، وبين الذين تراجعوا عن المشروع الوطني المرحلي الذين ذهبوا إلى تلك المفاوضات، لذا وقع الانقسام السياسي في منظمة التحرير انقساماً كاملاً، ولا زال هذا الانقسام قائماً حتى يومنا، لذا ندعو إلى إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الائتلافية على أساس برنامج القواسم المشتركة، البرنامج الوطني المرحلي الذي يتمثل الآن ببرنامج الإجماع الوطني "إعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني"، والمبادرات التي تقدمت بها الجبهة الديمقراطية، ثم المشتركة بين الديمقراطية والشعبية، ثم الثلاثية بين الجبهتين والجهاد الإسلامي، والآن 12/4/2008 تم التوقيع على مبادرة موحدة، شملت جميع الفصائل الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة ما عدا فتح وحماس، لأن كل منهما ما زال يتطلع ويجنح للارتداد نحو اتفاق محاصصة جديدة مكة 2، بتعبير آخر هذا يعني إدامة الانقسام بدلاً من العودة إلى الحوار الوطني الشامل لإعادة بناء الوحدة الوطنية، وإعادة بناء كل مؤسسات السلطة على أساس قوانين ديمقراطية انتخابية تقوم على أساس التمثيل النسبي الكامل، هذا نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، كما نصت عليه ثلاث دورات للمجلس المركزي لـ م. ت. ف. بعد هيمنة حماس بالقوة المسلحة على قطاع غزة، ونصت أيضاً على إعادة بناء م. ت. ف. بموجب قانون التمثيل النسبي الكامل، واعتبار الأراضي المحتلة دائرة انتخابية واحدة، وأقطار اللجوء والشتات دائرة انتخابية واحدة يضع المجلس الوطني الجديد الموحَّد والموحِّد للشعب الفلسطيني، البرنامج السياسي الموحد للشعب الفلسطيني وينتخب لجنة تنفيذية جديدة تنتخب رئيسها، وهكذا نعيد بناء كل مؤسسات السلطة الفلسطينية والمجتمع المدني (اتحادات، نقابات ...)، ومنظمة التحرير على قاعدة قوانين التمثيل النسبي الكامل الديمقراطية التوحيدية.
النقطة الثالثة: الحقوق الوطنية الفلسطينية بعد عام 48 نسيت ولم يعرها أحد اهتماماً، لا بالدول العربية ولا العالم ولا مؤسسات الأمم المتحدة حتى عام 74، ولكن يوجد قضية واحدة باقية وجدت حية هي قضية اللاجئين الفلسطينيين، ولم يقع مع أي لاجئين آخرين في أي بلد من بلدان العالم الثالث. نشكر الأمم المتحدة والأونروا التي حافظت على الكيانية الشخصية اللاجئة بدلاً من تبديدها ودمجها، كما وقع مع كثير من اللاجئين والشعوب بالعالم.
س5: لماذا التحية للأمم المتحدة وقراراتها حبراً على ورق ؟
الأمم المتحدة لم أحييها بالمطلق، أحييها على القرار الخاص باللاجئين الفلسطينيين وحقهم بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، والتعويض عما خسروه وفقاً للقرار الأممي 194، لذلك هذا القرار حمى قضية اللاجئين من الإنمحاء عربياً ودولياً ومن الاندماج عربياً ودولياً، وحمى المخيمات لتبقى كتلة اجتماعية تعبر عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين بموجب تشكيل الأونروا، وهذا القرار خاص باللاجئين الفلسطينيين ولم يتخذ مثله بالنسبة لأي لاجئين نتيجة حروب وقعت في آسيا، إفريقيا، أمريكا اللاتينية.
ثانياً: السياسة التي ترفض كل شيء أو لا شيء، سياسة عدمية من نتائجها نكبة 48، ومن نتائجها التداعيات الواقعة في كثير من الأوضاع الفلسطينية والعربية، وبالتالي السياسة العدمية هي السياسة التي تقول لا لقرارات الشرعية الدولية، وهي تنصف حقوق الشعب الفلسطيني، فتتسلح بالشرعية الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والحقوق العربية، التي تقول لا لمبادرة السلام العربية التي تدعو إلى حلول سياسية، تقوم على قرارات الشرعية الدولية، لا للمشروع الوطني الفلسطيني الموحد، ونعم للانقسام والمشاريع المتعددة التي تذهب بطاقاتنا جملةً وتفصيلاً، هذه سياسة عدمية، هذه لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والكوارث ... علينا أن نمسك بما لنا.
انتزعنا بنضال 40 عاماً في الثورة المعاصرة، و60 عاماً من النكبة قرارات الشرعية الدولية، قرارات القمم العربية ومبادرة السلام العربية والمشروع الوطني الموحد، وإلا لمزيد من الكوارث، والدليل على ذلك أنه في ظل هذا الانقسام مثال كتاب التكليف من محمود عباس إلى إسماعيل هنية، ورد إسماعيل هنية على كتاب التكليف الكتابية، كلاهما هابطين حتى عن اتفاقات أوسلو، لأن الكتابين يفوضان محمود عباس باعتباره رئيس السلطة بكل عملية المفاوضات، بينما المفاوضات يجب أن تكون تحت إدارة مرجعية وطنية عليا موحدة من جميع الذين وقعوا على قرارات إعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني، وكذلك الحال تقول بأن حكومة هنية ستحترم اتفاقات والتزامات رئاسة م. ت. ف، نحن نقول هذا وبما له انهار ولم يمر بل يجب أن يخضع للوثائق الوحدوية الوطنية، إعلان القاهرة، وثيقة الوفاق الوطني، ووقف سياسات الصراع على النفوذ والسلطة، وإلغاء الانقسام، وأن يقوم على مرجعية عليا، من كل الذين وقعوا على هذه الوثائق الوحدوية حتى ننهض بأوضاعنا بقبضة متحدة في وجه أطماع التوسعية الإسرائيلية الصهيونية.
س6: الأرض والشعب تحت الاحتلال فلماذا الانقسام، لماذا لا يتم تطبيق قرارات وبرامج الإجماع الوطني ؟
فتح وحماس هم الذين ارتدا وتراجعا عن البرنامج المشترك الذين وقعنا عليه جميعاً في 26 حزيران/ يونيو 2006، برنامج الوفاق الوطني، وبالتالي هذا التراجع شكل انقلاباً سياسياًَ من فتح وحماس على برنامج الوفاق الوطني، وأدى إلى سلسلة من جولات الاقتتال التي انتهت إلى هيمنة حماس على قطاع غزة بالقوة المسلحة.
مرة أخرى علينا أن نعالج الأمور بروح عملية ملموسة، بروح تستوعب وتفهم جيداً موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية، حتى لا نجد أنفسنا أمام كوارث جديدة، ومن هنا عندما يقال عن قرارات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية في كل العالم الخاصة بحقوق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير والدولة المستقلة بحدود 4 حزيران/ يونيو 1967 عاصمتها القدس العربية المحتلة، المستوطنات كلها غير شرعية وغير قانونية، قرار ضم القدس غير شرعي وغير قانوني، القرارات الخاصة باللاجئين 194 وما بعدها والقرار الخاص بعودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم، كل هذه القرارات حصيلة لنضالنا في المقاومة ومنظمة التحرير أربعين عاماً، حصيلة لنضال الشعب الفلسطيني، لكنه أعاد الكيانية الوطنية والفلسطينية، وأعاد له الإقرار بالحقوق الوطنية، باللغة التي يقدمها القانون الدولي، الحقوق القانونية والسياسية، ولكن لماذا لم تتجسد هذه القرارات على الأرض ؟ هذا له علاقة بالأوضاع العربية والفلسطينية، وليس له علاقة بالحالة العالمية. في حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 مباشرة، ذهبت إلى موسكو واجتمعت بالقيادة السوفييتية وقلت لهم أنتم مرة أخرى خذلتمونا نحن العرب، لم تعطونا السلاح الذي يضمن لنا النصر ... أجابوا فوراً: نحن قدمنا إلى الجيوش العربية وخاصة الجيوش المصرية والسورية والعراقية ما يمكنها أن تصل إلى تل أبيب ثلاث مرات مَنْ منعها عن ذلك ؟! ... الذي منعها شيئان: القرار السياسي خاطئ، والأداء العسكري فيه ثغرات إستراتيجية، وهذا صحيح، إذاً لا شيء من القرارات الدولية مجرد حبر على ورق، هذا فعله الفيتناميين والجزائريين وجنوب إفريقيا، فعله دعاة التحرر الوطني والحرية والاستقلال وتقرير المصير في العالم، وعلينا أن نسأل أنفسنا لماذا هذا لم يتحقق بفعل الأوضاع العربية بفعل التفكك العربي، بفعل تفكك جبهة السلاح في حرب تشرين أول/ أكتوبر، وعودة السادات إلى حل الثنائي بينه وبين إسرائيل بفعل فك التحالف الذي كان قد قام بين السلاح وبين السياسة والنفط في حرب أكتوبر 1973، لذا علينا أن نرى الأمر كما هو، وأن نستمد الحقيقة من الوقائع ولا نستمد الحقيقة من إسقاطات ذهنية ذاتية بعيدة عن عالم الواقع وبعيدة عن عالم الوقائع ...
ثانياً: القرارين 242، 338؛ نحن في الثورة الفلسطينية منذ العام 1967 إلى عام 1991، كنا نرفض هذه القرارات ونؤكد على رفضها، لماذا ؟ لأنها لا تعني شيئاً للقضية الفلسطينية، 242 خاصة بالصراع العربي الإسرائيلي، أراضي عربية مقابل حدود آمنة معترف بها لإسرائيل، لا شيء للشعب الفلسطيني، وذلك الذي تبنته الدول العربية، نحن ناضلنا من أجل حقوق شعبنا الوطنية حقه بتقرير المصير ودولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، حق العودة، هذا الذي ناضلنا من أجله، وصدرت به قرارات عن القمم العربية والإفريقية والآسيوية ... الخ، وقرارات أوروبية عن الاتحاد الأوروبي وقرارات عن مؤسسات الأمم المتحدة وحتى الإدارة الأمريكية تعترف بهذه القرارات، لأنها صوتت مع هذه القرارات ولكن بدون إعادة النظر بالحالة الفلسطينية نحو وحدة فلسطينية حقيقية تقوم على برنامج القواسم المشتركة، وليس برنامج الجبهة الديمقراطية ولا فتح ولا حماس ولا الشعبية، بل برنامج القواسم المشتركة، برنامج الإجماع الوطني (إعلان القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني)، وتصحيح الأوضاع العربية تقوم على التضامن العربي بتشكيل هيئة من الملوك والرؤساء لجعل مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية موضع التفعيل، ويضعونها على الطاولة أمام الأمريكان والكتل الدولية الأخرى، المصالح مقابل المصالح، المصالح الكبرى الأمريكية في البلاد العربية مقابل المصلحة المشتركة العربية، بحل قضايا الصراع العربي والفلسطيني ـ الإسرائيلي، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
هذا لا يقع؛ فبوش في زيارته الأخيرة لـ "إسرائيل" يخاطب الكنيست الإسرائيلي بالعمر المديد لإسرائيل، ويهنئها على أنه سيمر 120 عاماً لتأسيسها وعمراً مديداً، ولم يذكر كلمة واحدة عن الحقوق الفلسطينية والعربية بل لم يذهب إلى رام الله، استهتر بكل الفلسطينيين وكل العرب، لأن الفلسطينيين بحالة انقسام، والعرب بحالة تفكك. هذا الذي على كل القوى والشخصيات السياسية أن تبحثه وإلا النتيجة مرة أخرى كتاب التكليف والرد على كتاب التكليف، وبحالة الانقسام، وكل هذ ا أدنى من قرارات الشرعية الدولية ألف ألف مرة، ولا زالت حتى الآن حبراً على ورق، والسؤال لماذا هي حبر على ورق كتاب التكليف ؟ لأن أغلبية القوى الفلسطينية قالت لا، لأن أغلبية الشعب والقوى قالوا بالعودة إلى وثيقة الوفاق الوطني.

س7: هل فتح وحماس هم الأغلبية ؟
الأغلبية إذا حددت الأغلبية بالنتائج البرلمانية بالضفة وقطاع غزة فقط نعم هم الأغلبية، ولكن 62% من الشعب الفلسطيني لم ينتخب أحداً للمجلس التشريعي، ولذا فالنتائج لا تمثل الأغلبية الوطنية في صف الشعب الفلسطيني.
س8: حتى على المستوى الشعبي ؟
لا؛ أعطيك الأرقام الفعلية التي جرت بالانتخابات، فالانتخابات مجموع ما جاءت به حماس من الأصوات المقترعة 41%، 59% اقترعت على القوائم الأخرى، لكن لأن نظام الانتخابات لا ديمقراطي وانقسامي يقوم على المحافظة والأغلبية (أغلبية الصوت الواحد) للمحافظة، أي إذا جاءت قائمة بـ 15 ألف صوت، وأنتم حصلتم على 3 أصوات زيادة تأخذ كل نواب المحافظة، والذي حصل أقل منه بثلاث أصوات يبقى بره؛ بالتالي 41% أخذوا بمقابلها 59 % من أعضاء المجلس التشريعي. الذين حصلوا على 59% من الأصوات أخذوا 41% من المقاعد، لأنهم تقدموا بقوائم متعددة ونظام الانتخابات الخاطئ اللاديمقراطي. وثانياً من بين 41%، 23% انتخبوا انتخاب احتجاجي لحماس على فساد فتح، وبالتالي الأغلبية البرلمانية (خذ البرلمانات العربية، أي من البرلمانات العربية تمثل أغلبية الشعب في أي بلد من البلدان العربية)، وهذا ليس موجوداً؛ لأن الأنظمة الانتخابية تحجب النسب الديمقراطية، هذه الأنظمة الانتخابية الجدية هي المعمول بها في البلدان الديمقراطية المتطورة، التي تقوم على التمثيل النسبي الكامل، وعليه؛ الانتخابات واحدة من العناصر في 40 عاماً في الثورة، الحضور على الأرض والميدان، وبعداد الشهداء والأسرى، وأعداد الثكلى والجرحى، والبيوت المهدمة ... هذا كله. التحالفات هذه كلها هي العوامل التي تؤشر إلى الأغلبية، وليس الذي يشير على الأغلبية الانتخابية بقوانين انتخابية انقسامية لا وحدوية ولا ديمقراطية.



#نايف_حواتمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حواتمة في حوار مع وكالة الأنباء الروسية نوفوستي
- حواتمة في حوار ستينية النكبة حاضراً ومستقبلاً
- نايف حواتمة: عدنا نناضل من أجل ما كان ممكناً قبل 60 عاماً ! ...
- ستون عاماً ... والنكبة والمقاومة مستمرة
- حواتمة: مشروع حماس تفاوضي عن طريق طرف ثالث،
- حواتمة: خارطة إسرائيلية (جديدة) يسيطر الاحتلال على 32% من مس ...
- حواتمة: الإسرائيليون يسعون لنقل المشكلة الفلسطينية إلى الدول ...
- حواتمة: الوضع الفلسطيني أمام خياري اعادة الوحدة الوطنية أو ا ...
- كرنفال -اسرائيل- الأسود .. والخروج الفلسطيني من النكبة
- حواتمة يحذر من تدخل محاور إقليمية ودولية
- الذكرى الستون للنكبة..محطة نضالية لتقريب ساعة النصر
- حواتمة في لقاء مع وكالة الأنباء الألمانية
- ستينية النكبة من جديد
- ستينية النكبة
- الانقسام يفتح المجال أمام الهيمنة الأميركية والتوسع الإسرائي ...
- حواتمة: إسرائيل تتعاون مع الأمريكيين لنقل الحرب إلى الخليج
- حواتمة في حوار شامل ...
- شعب وجيش مصر ... شريك في قضية فلسطين
- حواتمة في احتفال طلبة الجامعات بيوم الأرض بالقاهرة
- حواتمة: لا يوجد موقف عربي موحد تجاه القضية الفلسطينية


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نايف حواتمة - حواتمة في حوار ضمن برنامج -قلب الشارع-