أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء مجبير - الفرار نحو الجسد














المزيد.....

الفرار نحو الجسد


فاطمة الزهراء مجبير

الحوار المتمدن-العدد: 2336 - 2008 / 7 / 8 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


من خلف الشقوق، وراء المرايا الفاخرة، على حافة الرصيف، فوق القمر حتى ، إنه ذلك البعث الجديد لأشلاء، لبقايا إنسانية لم تدهسها فقط قاطرات الزمن، بل عاثت بها رياح بيروس اللعينة..، إنهم هنا بقايا أجساد لم تعرف إلا أن تكون عارية و لم تجد لغة غير الفناء.

لغة ممسوخة ألفاظها ليست عقود العشرة ، و لا أبجديات مصنعة في قوالب نحوية ، إنما هي تستر مفضوح خلف العوز و الفاقة و الدهشة المفقوءة في عيون الأجنة الوليدة بدون جينات آدمية. لأنه ببساطة صنع فوق فراش الباغية.

إنه البغاء الذي اجتاح البيضاء و لم يكتف بتسويد خبائها بل انه رمى بها إلى حيرة الرمادي. ليصير الأخضر بها عبارة عن تأويل باهت و ممسوخ للصبايا و الشباب الذين تنهشهم الدولارات من جهة و الجنيهات الفاقدة للهوية المعتقدة بالعقيدة الإسلامية ، المؤمنة بمواسم الحج و التي الفت أن تداعبها أنامل عاثت بجدائل الصبية.

لكم منعوتة تلك الحواري الضيقات بهن، لكم جميلة تلك المليحات و هن يسقن بالجملة نحو السوق و لكن الشاري أعمى و البائع كذلك، من القواد المسئول عن هذا الفساد الحاصل... في التعليم، الاقتصاد، السياسة .. إلى أن نصل إلى ذلك الانهيار الإنساني المعهود بمدينتي التي نفت عن نفسها كل شيء سوى العهر.

و ما بالي أجالسها و هي تلفظ أنفاس مخمرة تحكي ملامحها عن لياليها أسنانها نصف مدكوكة خلف شفتيها تعبر عن هلاويسها ، تسب و تلعن الزمن بين معطي و آخذ في نفس الوقت.
و هو قائد الطاكسي إلى جانبها صيد جديد ، يلوح له في الأفق، و ذراعه التي تكدست ويلات الزمن عليها تتدحرج من خلفها و هي تستل أجزاءها الأنثوية الباقية من فنائها.
فمه المفتوح و هو يعبر عن بطولاته الملحمية و مآسيه فوق الجواد الذي نزغ عنه في صحراء اختارها لنفسه و سراب ابتدعه له القدر حتى يغوص فيه... كانت نظراته الموجهة إليها تزن كل قطعة منها ...

يا ترى كم يساوي هذا الشعر المتدلج خلف رأسها النابت بين كتفيها فصار بضع من قريشات فانية ، اقتربتُ منها لأجدها من عهود السلاطين الفاتحين رحمهم الرحمان و أدخلهم فسيح جناته.

و لم يتوانى هو ، فألقى النظرة الثانية إلى عينيها الشبه متهدلتين لتنفلت منهما نظرة شقاء حزين لا يحمل معه زاد الرحلة فتوقف أخيرا ليجد نفسه سجين الرصيف ، فبدت لي نقود ورقية من فئة العشرات أو العشرينات و... تدلت فلم تكن سوى بطاقات التحرير لسنة 56، فتذكرت الشوارع الكبيرة التي كُتبت على هاماتها أسماء رجال حملوا القضية فتحولت أسماؤهم إلى ميسيجات تحملها هواتف نقالة تبارك العام الجديد و هديته جسد مترامي على رصيف الهامات الشهام من رجال الوطن.

تدلت شهواته من رقبتها فصار الفولاذ أكثر فأكثر يصب و تنقع فيه صرخات المعتقلين بدرب مولاي الشريف و تازمامارت و الأماميون... أهذا جزاء من كانت له ذمة؟؟؟، فتراخى و أعاد أنفاسه القميئة لصدره ليستعيد من الشيطان الرجيم، الحمد لله أنني لم أكن مثلهم لفقدت قدرتي كرجل على ممارسة النظر الحقير إلى هذا الجسد الذي أمامي ، و زاد الصراخ على كتفيها و هي تتهدج لترمي غمزاتها الملمة بحِرف اللمز و ضرب الأزلام إلى حد الكفر بسوق النخاسة و تعلمنا أنها هي السيدة حينئذ بأمر الشهوة و أن الصراخ لم يكن إلا طيشا معهودا من رجال تبخروا أمام حُسنها و هي تتحول إلى فولاذ نقذي أمام عينيه .

نهديها... لكم جارت علينا عشتار حين منحتنا هبة الخصوبة، و الآن جعلت منه الناظر و ما المنظور إليه و هي تتحول إلى دولارات من آبار نفط كوت هذه النهود، كُويت فتجمدت إلى تحفة بالمزاد من يدفع أكثر، و نحن لا ننكر إبداع الخالق لها، فحتى سرطناتها وظفت بحملات اشهارية، الرحمة يا رب، كل بالمزاد سواء ما دام سُجل بلائحة الإغراء نهد...

جلست تقذف من بعيد بنظراته عرقه المتصبب من جسده و هي أصبحت أمامي الآن متصلبة، لا تعرف للحركة وجها بعدما حُول هذا الجسد بأكمله إلى فولاذ متناثر على أطرافها لا اقصد السُفلية فالرحلة انتهت عند سينما الريف و هي تحاول النزول، فنزغها بهمس سمج لا تدفعيننا لان نبحث عنك سيدتي ببرنامجنا الشهير مختفون فما تحملينه من أساور لا يهمني، و كل بقايا فنائك تجعل مني صانعا جيدا للفلوس أو النقود، خذي ما شئتِ و دعيني أعلق على ما تبقى منك نقودا حتى نجعل البيضاء رمادية بلون مياه المجاري الطافحة بشوارعها نخضب اكفها التي زرعت فيها كفنا لكل زائر لها، و لنقرع الكؤوس و نرحب بفتحنا الجديد على خارطة أجساد وجدت لتتحول إلى أجساد فولاذية .

اقرعوا الطبول هاهي العولمة حققت المراد فأصبح من الداخل سليكونا يحمل صورة العم سام، و خارجه تحقيق للوحدة العربية من الشرق الأوسط و الأراضي المقدسة حتى مدينتي الحبلى ببنات الليل و مخاضها الدائم في صنع دائم لصيغة البغاء الجديدة لنرفع الشعار دائما: لنتحدى للملل.



#فاطمة_الزهراء_مجبير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط آخر الرموز
- اللوذ من القبور إلى القبور
- قهوة مساء
- طفل لطخ وجه العالم بثرى شعره ورجل دفن بأضلعه امرأة...ليرحل
- البوح الصغير


المزيد.....




- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الزهراء مجبير - الفرار نحو الجسد