أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - محدقاً في الفراغ














المزيد.....

محدقاً في الفراغ


كريم الثوري

الحوار المتمدن-العدد: 2322 - 2008 / 6 / 24 - 07:56
المحور: الادب والفن
    


بالأمس القريب كنت قد خطفت حالي بعدما طويت لي الأرض . الذنوب عظيمة ، ولربّ إحداها كانت في مصلحة السماء ، نافعة . استجاب لي الرب كما في الأساطير القديمة فكنت هناك …
وكالنسيم العابر انتهى رحالي بعتبة الدار ، وكأن الزمان البارحة ، قعدت على عجيزتي كما قبل أربعة عقود حينما كنت أحبو فتلزمني الوالدة ألآ أغادر العتبة والعصا لمن عصا .
سال لعابي حتى التراب فقد اشتقت الى لسعته التي إستقرت يوماً في الذاكرة ولم تغادرها لحد الآن .
كنت بحاجة لتأكيد ما وأنا إبن أربعين أرخيت لساني فلسعتني كهرباء الأرض ، تحركت ذؤابات معينة أخرجت مضموماتها وحللته في الحال ، ارسلت واردهُ الى سلطان الدماغ الذي سرعان ما طابق هذا مع ما كان قبل أربعين وكتب :
المكونات على حالها ، خالي من السرقات;
حمدت الله ، الملح قباله بيتي لم يدنس أو يلوث أو يسرق وما زال فيه فائض كما في البترول .
وكذلك العتبة على حالها رغم تقلب التضاريس ، فرحتُ بثابت العتبة ، هربت خمس أصابعي فارتطمت وكررت بلوح التراث الذائب على نخيل الباب ، تمرد جزء من الخشب الصوان وفاءً ، لامس قلبي فسرت قشعريرة هزت جسدي أحد أصابعي إنفلت من قبضتي وعاد دون أن أراه .فتح أحدهم جدار الباب وشبهة مشترك النوم واليقظة عالقة في سمرته المعجونة باللامبالاة .
عرفني عن حاله كما في المكالمات الهاتفية للمؤسسات التجارية ولم أنطق ببنت شفة ، قال : أنا أبن هنا ماذا تريد ؟
- انا … فار الدم المحترق في المناطق العلوية ودائرة القلب ، صعد الى رأسي دفعة واحدة ، رحت استرجع التاريخ باصابعي ورأسي حتى انتزع الشعر من طاسة الرأس ، استعرت حرائق اطفأتها بضربات متتالية بكفيً كما كنت افعل دائماً.
- أين اهل هذه الدار ؟ قلت
- من انت ؟
- بقيتكم من هناك …
- انت إذن من غادر خلسة دون جواز سفر ؟
أجبت بذات لغته :
- وعدت دون تأشيرة دخول .
- ولدي العزيز …
- أبي الضائع …
لم ألاحظ في عينيه انحباس الدمع ، تلجلجه قبل الميول . أيقنت بأنه لم يجلس بعتبة الدار ولم يأكل التراب زمناً حتى اشتد عوده .
كان من بقية أهل هنا ، سألته عن الأهل ، احوالهم المودة فيما بينهم قبل سؤالي عن العيش واقتسام الأرزاق وتصاريف الحياة بعد حين من الدهر .
لكنه أجاب :
الأعمال ليست بالنيات ، وبالنيات المبيتة ، هي حسبة آخر الزمان .
بكيت في الهواء الطلق دون نشيج أو دموع أو مناديل تجفيف .
قلت مستدرجاً عاطفته :
أتذكر بني ، لقد كنت صغيرا حين حلّ الطوفان ، لم أقدر يومذاك على الثبات فاستعنت بقارب نجاة ممزق صيرت قميصي شراعاً ودليلاً وعلماً لدولة الحلم التي ولدت بعملية قيصرية قبل فقه اللغة والى الآن تقضم ابناءها بدواعي اكمال العدة ، حينها قلت للرياح خذي مداك فانا عبد آثم يريد الثورة والإبقاء على حياته ، اشفقت السماء فوهبتني كل ما اريد دون رياء او قتال قذفتني كزبد البحر جادة الشرق حيث الثورة والحياة والحلم الذي تحقق أكلت وشربت وبكيت وفرح يغمرني كلما عاينت عاشوراء بطبولها ونياقها وسيوف فرسانها تدخل الحرم الشريف وتخرج منه ودموع الكبت يزفره السواد ، سنة بعد أخرى والمشهد الكربلائي وطبول الحرب ونزيف الدمع حتى لحقتني الرطوبة وتعفنت وجفت منابع الدمع .
مللت عاشوراء بنياق وطبول ودموع ، والمشهد الكربلائي لا تليق به الأرض يمشي عليها بذنوب اهل البكاء الطويل واللطم على الخدود …
أتذكر بني …. حتى غلب النعاس عليه جزعاً
اين اهل الدار ؟
ظل النخلة ، عريشة العنب ، شجرة الزيتون ، الكلب الوفي مبتور الذيل ، القطة المشاكسة ، الفأر الذي لم نستطع يوماً الإيقاع به وقد نفدت كل الحيل ،الشمس … ، ترويقة العاشرة صباحاً ( تعتومة ) العصرية بالشاي وكعك العباس ، جمع الأقارب ، مستودع الطعام الذي عاث به النمل الأحمر ، الشيخ … ، الحاجة … ، .. ، …………
استفاق من الكابوس ، تطلع حولي وعيناه باردتان لا يدري ما يفعل.
استشاط دمه البارد فاتقد وقد أغمضت عيناه تأفف بوجهي وروحه فاحت بالشر وكأنني لست أباه العائد بعد طول انتظار .
- لمَ تجهد حالك عبثا ، خرجت بطراً وعدت أشراً إتركنا وحالنا راضين بنصف غباوتنا ونصف قناعتنا ، أربعين سنة وانت كما انت لم يتغير منك شئ ؟ انت تؤرقني في وقت تعلمت فيه المصالحة ، فلا معارك جانبية او رئيسية ، لقمة العيش وكفى ، حديثك ما عاد يطرب احداً ، ولا يهزني ، ابق بعيداً أرجوك ، إذهب الآن فقط عرفت وتيقنت كما كنت ارجو ، ان الصرح الذي شيدناه لك بعدما غادرت كان لحظة انفعال ذهب مع النخلة وعريشة الزيتون لقد سقطت كما اضرحة الخاملين واندثرت تحت اقدام الملائكة والشياطين سواء اغرب عني ….
اغرب .. اغ – ر – ب -……..
بسرعة البرق استدركت حالي فعملت خطيئة أعظم من ذي قبل تفاعل معها الملك الموكل بطيِّ الأرض فطويت ثانيةً .
عدت ادراجي وتسأل ما عاد يقتلني كما اول المشهد ، يشبه كل محطات الأنفعال التي إستمديت منها كل قراراتي وتطلعاتي وافكاري مهزلة أخرى .
- ( علبه نسيان فارغة لا تحمل أي خطر )
قررت احراق مكتبتي العاشرة ، ففي كل محطة جديدة أفني عمري ومالي لاقتناء خلاصة العقل البشري ، وفي كل مرة انتهي الى ذات النتيجة للخلاص من أزمة حقيقية ، تدمير مصدر الوجع . واستبدالها بأخرى بعد زوال الصدمة …
…….. لحظة انفعال أخرى ، حرائق مستعرة ، محطات جديدة والعمر يجري ، والتجاعيد تتكسر تجاعيد اضافية حتى أبدوِ آخر العمر خارطة لوجع سرمدي ، والدكتاتور على تأرجحه لم يتغير قيد أنملة
وكأنه نهاية – بداية المكتبة الجديدة في مشوار العمر المهزلة .



#كريم_الثوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برد اجنبي
- فئران العراق
- لقد غادرني العراق
- اعترافات من طرف واحد
- المشاعيون......( الى هادي العلوي .... الغائب الحاضر )
- مدارات صوفية


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم الثوري - محدقاً في الفراغ