إسرائيل تتحصن داخل الاتحاد الأوروبي.. ماذا يفعل العرب؟!

محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 2312 - 2008 / 6 / 14 - 10:06
المحور: القضية الفلسطينية
    

بعد أن قطعنا الأمل في الحكومات العربية كمؤسسات لها أهداف قومية ودفناها منذ عقود، هاهي الجامعة العربية تلفض أنفاسها الأخيرة وتثبت كل يوم عدم جدواها كمؤسسة تعنى بتنظيم العلاقات بين الدول العربية مع بعضها البعض وبينها كمؤسسة إقليمية وبين مؤسسات مماثلة لها في المحيط المجاور والبعيد..

على الصعيد العربي العربي، المسألة لا تحتاج الى براهين، إذ أن الحالة العربية الراهنة التي لا يمكن وصفها إلا بأنها في أسوأ مراحلها ، تؤكد أن هذه المؤسسة العربية قد تجاوزها الزمن ولابد للشعوب العربية أن تفكر في إعادة بناء مؤسسة تجمعهم وتفعلهم من جديد بصيغة تواكب تطورات العصر..

على صعيد التعامل الإقليمي وهذا هو موضوع المقال أرى أن الجامعة العربية التي فشلت في إدارة العلاقات العربية العربية ، تسجل اليوم فشلا جديدا في إدارة علاقاتها مع المؤسسات الإقليمية المماثلة، وما نتابعه منذ أيام عن مساعي إسرائيلية للحصول على صفة العضوية شبه الرسمية في الاتحاد الأوروبي وإشراكها في وضع السياسات الخارجية والأمنية للاتحاد، والذي لم يقابله أي تحرك أو ضغوط عربية؛ إن على مستوى الحكومات -باستثناء السلطة الفلسطينية التي هي المعنية مباشرة بالموضوع- ، وإن على مستوى الجامعة العربية التي يفترض أنها متابعة دقيقة لكل تحركات الكيان الصهيوني السياسية الدولية وحريصة على محاصرتها وكشف ألاعيب هذا الكيان وجرائمه، ووضع دول العالم ومؤسساته الإقليمية في صورة ما يجري على الأرض الفلسطينية من جرائم تدينها كل القوانين والأعراف الدولية، وتطالبها بالامتثال للقوانين والاعراف الدولية في تعاملها مع هذا الكيان الإجرامي، والنظر الى هذا الجانب المظلم من صورة هذا الكيان قبل التفكير في قبوله عضوا في الأسرة الأوروبية..

إننا نقدر الأسباب التي تربك الجامعة العربية وتجعلها مشلولة عن اداء مهامها ، والتي ترجع كلها لواقع الحكومات العربية المأساوي والتي لا ترى في هذه المؤسسة إلا جهاز لإقامة مراسم لقاءات الحكام العرب الاحتفالية والتي لا تحمل أية مضامين سياسية، ولكن هذا الواقع رغم مرارته ودوره في شل حركة هذه المؤسسة العربية، كان يفترض به أن يدفع مكتب الجامعة العربية في بروكسل وأمينها العام السيد عمرو موسى الى استعمال كل الامكانات المتوفرة لهم لعرقلة جهود إسرائيل في التسرب الى الاتحاد الاوروبي وتبصير الاتحاد بخطورة الإقدام على مثل هذه الخطوة لما تحمله من معان عدوانية تجاه العرب وتجاه الفلسطينيين بالتحديد، وما تشكله من خرق للقانون الدولي الذي لو فعل فانه سيضع هذا الكيان الغاصب في قفص الاتهام ويدينه بكل الجرائم التي يرتكبها كل يوم ضد الفلسطينيين منذ ستين عاما حتى اليوم..

إن التبعات الخطير لقبول اسرائيل كعضو شبه رسمي في الاتحاد الاوروبي واشراكها في صنع السياسات الاقتصادية والامنية للاتحاد يعد نكسة جديدة وخطيرة للعرب تفوق مخاطرها وآثارها النكسات العربية السابقة أمام هذا الكيان، فبحصول اسرائيل على العضوية في الاتحاد الاوروبي ، يكون العرب قد خسروا ميدانا مجاورا وقوة شبه محايدة في الصراع الى الابد، وتكون اسرائيل قد اكملت تحصين نفسها بأقوى الدروع المهيمنة على العالم اليوم (امريكا والاتحاد الاوروبي) ، كما أن العرب الذين لهم ارتباطات كثيرة ومتنوعة مع هذا الاتحاد سيجدون انفسهم مرتهنين لقرارات تل الربيع التي سيكون لها بقتضى هذه العضوية حق الاعتراض على أي تعاون او تعامل يتم بين العرب والاوروبيين، وستكون الجالية العربية الكبيرة في اوروبا والارصدة والاستثمارات الضخمة كلها في خطر وخاضعة لرأي الدولة العبرية التي لا اعتقد أن هناك من الساسة العرب من يشكك في نواياها التدميرية للعرب..

إن ما يمتلكه العرب اليوم من امكانات متنوعة وأوراق متعددة للضغط على اوروبا لو تم تفعيلها وإدارتها إدارة قومية حقيقية ما كان الاتحاد الاوروبي ليقبل حتى مجرد طرح فكرة الطلب الاسرائيلي للنقاش، فمصالح اوروبا الاقتصادية والسياسية والامنية مع العرب لا يمكن مقارنتها بمصالحه مع الكيان العبري الذي لا يمثل بالنسبة لأوروبا سوى مؤسسة ابتزاز وعقدة ذنب مفتعلة ما كان يجب عليه التعامل معها بهذا الخضوع والخوف ..

إن االأوراق العربية المؤثرة في اوروبا لو تم استثمارها فإنها كفيلة بأن تحول الطلب الإسرائيلي الموجه الى مفوضية الاتحاد الأوروبي الى مفرمة المستندات التي لا قيمة لها، وهذا موقف لا نتوقعه من الحكومات العربية على الاقل في الوقت الراهن، وهو ما يدعوا الجامعة العربية الى التحرك للقيام بما يمكنها لتذكير الأوربيين بهذه الحقائق وتحذيرهم من العواقب التي ستنجم عن قبولهم لكيان مجرم كعضو بمؤسستهم.

#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل