أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - نقاط حول تجديد برنامج الحزب الشيوعي السوداني















المزيد.....


نقاط حول تجديد برنامج الحزب الشيوعي السوداني


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2309 - 2008 / 6 / 11 - 10:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


1 – البرنامج الوطني الديمقراطي
لاجدال ، أن برنامج الحزب الجديد لا ينفصل عن برامج الحزب السابقة ، بل أنه يستند على أفضل ما تبقي من القديم ، فالبرنامج يفقد جوانب قديمة ويكتسب جوانب جديدة مع المتغيرات المحلية ، فنحن لسنا بصدد برنامج جديد عدمي ليس له صلة بالماضي ، ولكن النفي هنا ديالكتيكي ، بمعنى أن الجديد يستند على أفضل ما في القديم القابل للاستمرارية والحياة .
لقد كانت تجربة السير في طريق التنمية الرأسمالية الغربية منذ احتلال السودان عام 1898 م، وبعد الاستقلال فاشلة وكان من نتائجها:
أ – تشويه وتدمير القطاع الزراعي الذي يعتبر المصدر الرئيسي للفائض الاقتصادي اللازم للتنمية والمصدر لتأمين الغذاء، وبالتالي تأمين قرارنا وسيادتنا الوطنية.
ب – استمرار وتعميق الفقر حتى وصل نسبة 95 % من السكان.
ج – تعميق التبعية للعالم الغربي ، ديون خارجية بلغت حوالي 26 مليار دولار .
د – إهدار الاستثمارات والموارد الوطنية في برامج التصنيع الفاشلة وفشل هذا الطريق يؤكد مشروعية برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وضرورة طريق جديد للنهضة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية ، وانتشال البلاد من التخلف .
2 – الجذور التاريخية للتخلف :
السمات الأساسية للتخلف الذي تعاني منه البلاد تتمثل في :
أ – في الجانب الدولي للتخلف الذي يشمل التبعية الاقتصادية للدول الرأسمالية الأجنبية وتصدير الفائض الاقتصادي للخارج .
ب – في الجانب الداخلي : الذي يتمثل في عدم الاستقرار والحروب والمجاعات والفقر وعدم تجانس المجتمع ( قطاع حديث وآخر تقليدي ) واقتصاد جامد ومفكك .
هذا التخلف ليس لعنة حلت بنا لافكاك منها ، ولكنه نتاج تطور تاريخي . ومعلوم أن السودان في العصور القديمة والوسطي شهد مولد حضارات ( كرمة ، نبتة ، مروي ، ممالك النوبة المسيحية ، الممالك الإسلامية : الفونج ، الفور ، تقلي ، .. الخ ) ، وكانت هذه الحضارات مزدهرة فيما يختص بالتطور الزراعي والصناعة الحرفية ، وكانت هذه الحضارات لاتقل شأنا عن الحضارات التي كانت معاصرة لها في بلدان الشرق والعالم الإسلامي وأوربا في العصر القديم والوسيط . ولكن من أين جاءت جذور التخلف ؟
لقد قطع الاحتلال التركي – المصري للسودان عام 1821 م التطور الطبيعي والباطني للمجتمع السوداني ، وبعد الاحتلال نشأت بنية اقتصادية – اجتماعية تابعة ومتوجهة خارجيا ، بمعني أن كل النشاط الاقتصادي والاجتماعي في تلك الفترة كان موظفا لخدمة أهداف دولة محمد على باشا في مصر ، وتم نهب وتدمير القوى المنتجة في السودان ( المادية والبشرية ) ، وكان ذلك جذرا أساسيا من جذور تخلف السودان الحديث . رغم ارتباط السودان بالعالم الخارجي وعرف المحاصيل النقدية مثل : القطن ، الصمغ ، والتعليم المدني الحديث والقضاء المدني ، .. الخ . وتم استنزاف ونهب موارد السودان ، وإرهاق الناس بالضرائب الباهظة حتى انفجرت الثورة المهدية . استمرت فترة المهدية لمدة 13 عاما كانت مشحونة بالحروب الداخلية والخارجية والمجاعات ، ولم تشهد هذه الفترة استقرارا حتى جاء الاحتلال البريطاني للسودان ( 1898 – 1956 ) ، وفي تلك الفترة عاد الاقتصاد السوداني للتوجه الخارجي أ أي أن الاقتصاد السوداني كان خاضعا لاحتياجات بريطانيا ومد مصانعها بالقطن الذي كان المحصول النقدي الرئيسي ويشكل 60 % من عائد الصادرات ، وتم تغليب وظيفة زراعة المحصول النقدي على وظيفة توفير الغذاء الأساسي في الزراعة ، هذا إضافة لسيطرة الشركات والبنوك البريطانية على معظم التجارة الخارجية ، وارتباط السودان بالنظام الرأسمالي العالمي ، وفي علاقات تبادل غير متكافئة ، هذا إضافة لتصدير الفائض الاقتصادي للخارج ، فعلى سبيل المثال في الفترة ( 1947 – 1950 ) كانت أرباح شركة السودان الزراعية أكثر من 9,5 مليون جنية إسترليني تم تحويلها إلى خارج البلاد ( تيم نبلوك : صراع السلطة والثروة في السودان ) . كما كانت الصناعة تشكل 9 % من إجمالي الناتج القومي ، واجهض المستعمر أي محاولات لقيام صناعة وطنية ، وتم تدمير صناعات النسيج والأحذية التي كانت موجودة خلال فترة المهدية ، بعد أن عزت الأقمشة والأحذية المستوردة السوق السوداني . وكان نمط التنمية الاستعماري الذي فرضه المستعمر يحمل كل سمات و مؤشرات التخلف التي تتلخص في الآتي : -
- 90 % من السكان كانوا يعيشون في القطاع التقليدي ( المعيشي ) .
- قطاع تقليدي يساهم ب56,6 % من إجمالي الناتج القومي .
- القطاع الزراعي يساهم ب61 % من تكوين الناتج المحلي .
- ضعف ميزانية التعليم والصحة، تتراوح بين ( 4 –6 % ).
- نسبة الأمية حسب إحصاء 55 / 1956، كانت 86,5 % .
- دخل الفرد كان حوالي 27 جنية مصري في العام.
- اقتصاد غير مترابط ومضعضع داخليا ومتوجه خارجيا .
- تنمية غير متوازنة بين أقاليم السودان .
وبعد الاستقلال استمر هذا الوضع وتم إعادة إنتاج التخلف واشتدت التبعية للعالم الخارجي أو التوجه الخارجي للاقتصاد السوداني : ديون ، عجز غذائي
( مجاعات )، تصنيع فاشل، وغير ذلك مما وضحناه في الحلقات السابقة.



3 – فشل الرأسمالية السودانية في قيادة النهضة الوطنية :
هناك عوامل ومؤثرات وعقبات وقفت في طريق تطور ونمو الرأسمالية السودانية والتي حالت دون أن تتمكن من قيادة النهضة الصناعية والزراعية ، رغم أن بذور نشأتها كانت مبكرة ومعاصرة للثورة الصناعية في أوربا ، فقد نشأت في خضم عمليات التراكم البدائي لرأس المال التجاري في سلطنة سنار ، ويمكن أن نلخص أهم الأسباب التي أدت إلى إجهاض دور الرأسمالية السودانية في قيادة النهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الآتي : -
- لم تستطع الرأسمالية التجارية أن تحقق نصرا حاسما في صراعها ضد الطبقة الإقطاعية في سلطنة سنار والتي كان على السلطان الذي كان يحتكر سلعتي الذهب والرقيق ، وبالتالي فشلت في الانفراد بقيادة الدولة ، كما فعلت الطبقة الرأسمالية في أوربا ، هذا فضلا عن توقف التطور الباطني الطبيعي لهذا الصراع بسبب تدخل عامل خارجي هو الاحتلال التركي للسودان .
- في فترة الحكم التركي أصبح الاقتصاد السوداني متوجها لخدمة أهداف دولة محمد على باشا في مصر والذي كان يهدف إلى تحقيق نهضة صناعية وزراعية في مصر واللحاق بركب البلدان الأوربية ، وبالتالي حال ذلك دون أن تلعب الرأسمالية السودانية دورها في النهضة .
- تميزت فترة المهدية بعدم الاستقرار والحروبات المتصلة والصراعات الداخلية والخارجية وإهمال القطاع الزراعي بسبب التهجير الواسع للمزارعين وأسرهم تلبية لنداء الجهاد مما أدى إلى تدهور الزراعة وانتشار المجاعات مثل مجاعة : سنة 1306 ه ، وبالتالي لم يكن الجو مساعدا لنمو وتطور الرأسمالية السودانية .
- في فترة الاستعمار البريطاني للسودان ( 1898 – 1956 ) تصدت الدولة لإنشاء المشاريع الزراعية والخدمية مثل مشاريع القطن ( الجزيرة ، القاش ، طوكر ، جبال النوبة ، .... الخ ) ، السكك الحديدية والطرق الداخلية ، خزان سنار ، ميناء بور تسودان ، ... الخ. كما غزت بريطانيا السودان بالسلع الرأسمالية المستوردة، مما حال دون نمو الرأسمالية السودانية وقيادتها للنهضة الصناعية والزراعية.
- بعد الاستقلال لم تلعب الرأسمالية الوطنية دورها في النهضة رغم التسهيلات التي كانت تقدم لها، فقد ظل القطاع العام هو المهيمن.
- بعد انقلاب مايو 1969 تم تحجيم الرأسمالية الوطنية التي بدأت تلج ميدان الإنتاج الصناعي والزراعي بقرارات التأميم والمصادرة العشوائية ، ومنذ العام 1978 ، وبعد التخفيضات المتوالية للجنية السوداني انهار الإنتاج الصناعي والزراعي وتزايد النشاط الطفيلي الذي دمر الاقتصاد السوداني بتهريب الفائض الاقتصادي للخارج .
- وبعد انقلاب 30 / يونيو / 1989 سادت الرأسمالية الطفيلية الإسلامية على حساب الفئات الرأسمالية الوطنية الأخرى، وتم تدمير الإنتاج الزراعي والصناعي على النحو الذي أوضحناه سابقا.
- وخلاصة القول، أن الرأسمالية السودانية فشلت في قيادة النهضة الصناعية والزراعية.
4 – الدولة السودانية:
بدأ الشكل الحديث للدولة السودانية في فترة الحكم التركي – المصري ( 1821 – 1885 ) ، الذي شهد مولد السودان الحديث بشكله الحالي تقريبا بعد ضم دار فور وسواكن وإقليم التاكا والمديريات الجنوبية الثلاثة ( الاستوائية ، بحر الغزال ، أعالي النيل ) .
وكان جهاز الدولة منذ تشكل وتخلق السودان الحديث جهازا للقمع ، وكان الإنسان السوداني خلال الحقب التاريخية المختلفة للسودان الحديث يصارع ضد القهر والظلم ومن أجل الحرية ويتجلي ذلك في الثورة المهدية ضد الحكم التركي ، وثورة الاستقلال ضد الحكم الإنجليزي ، وبعد الاستقلال كانت ثورة اكتو بر 1964 ضد ديكتاتورية الفريق عبود ، وانتفاضة مارس – إبريل 1985 ضد حكم الرئيس نميري ، ومقاومة الشعب السوداني لنظام الإنقاذ وضغط المجتمع الدولي حتى تم توقيع اتفاقات السلام في 9 / 1 / 2005 ، والتي تشكل خطوة هامة تحو التحول الديمقراطي .
بعد الاستقلال واجهت الدولة الوطنية السودانية التحديات الآتية : - عدم استقرار واستمرارية التجربة الديمقراطية من جراء الانقلابات العسكرية ، ودخل السودان في الحلقة المفرغة : ديمقراطية – ديكتاتورية – ديمقراطية - ... الخ ، وتأثر جهاز الدولة بتلك الانقلابات ، وفقدت الدولة أغلب كادرها المؤهل بسبب التطهير ، وانهارت الخدمة المدنية ، والفشل في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية المنوط بها إحداث النهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ، وتعزيز الديمقراطية والمؤسسات النيابية والدستورية ، رغم إمكانيات البلاد في القطاع الزراعي والحيواني ، وبعد اكتشاف البترول والمعادن لإحداث نهضة وطنية ديمقراطية عميقة تنتشل البلاد من الظلمات إلى النور ، وإلى آفاق التنمية والوحدة والسلام والتقدم الاجتماعي .
وبعد الإنقاذ رفعت الدولة يدها عن خدمات أساسية مثل التعليم والصحة الذين دخلا دائرة الاستثمار الخاص ، وأصبحت الدولة السودانية في مفترق الطرق ومهددة بالتمزق وتم التدخل الأجنبي ، فإما أن تصبح الدولة السودانية مدنية ديمقراطية تستوعب التنوع الديني والثقافي واللغوي والعرقي أو تتعرض للتشرذم ، كما فشلت تجربة الدولة الدينية في فترة قوانين سبتمبر 1983 ، وفترة الإنقاذ والتي أفرزت حكاما طغوا في البلاد واكثروا فيها الفساد ، استغلوا الدين في السياسة ، وقهروا الناس باسم الإسلام .
على أن الدولة المدنية الديمقراطية ليست وحدها هي الحل السحري والضمان لوحدة السودان ، فلا بد من استكمال ذلك بالتنمية المتوازنة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل أقاليم السودان وتوفير احتياجات المواطنين الأساسية في مستوى المعيشة اللائق والتعليم والصحة ، ..الخ.
5 – مفهوم التهميش والمناطق المهمشة :
التهميش هو نتاج تطور تاريخي ، ولكن تم تعميقه في فترة الحكم التركي وفترة الاستعمار البريطاني والذي خلق تنمية غير متوازنة وعزل المناطق المهمشة بإدخالها في قانون المناطق المقفولة ، وبعد الاستقلال لم تحل قضايا التهميش .
إن الانفجار النوعي الحالي في أطراف البلاد هو نتاج تراكم كمي من المظالم والقهر وإهمال تنمية تلك المناطق، والإحساس بضرورة الحكم الذاتي وتقرير المصير، وإحداث التنمية في ظروف تحول ديمقراطي تشارك فيه جماهير تلك المناطق، واقتسام السلطة والثروة.
على أن مفهوم التهميش اتسع بعد سياسة الإنقاذ التي شردت الآلاف من أعمالهم وانهارت المشاريع الصناعية والزراعية التي أدت إلى الهجرة داخل وخارج البلاد ، وتركزت السلطة والثروة في يد قلة ، وتعمق الفقر والإملاق في البلاد حتى صبح يشمل 95 % من سكان البلاد ، كما عمقت سياسة الإنقاذ الأحادية التهميش الثقافي واللغوي والديني والاثني ، مما أدى إلى انفجار الحركات المسلحة بشكل اكثر عنفا في الجنوب ، وفي دار فور والشرق ، حتى تم توقيع اتفاق السلام في نيفاشا في 9 / 1 / 2005 ، والذي أكد على ضرورة الاعتراف بالتنوع الثقافي والديني واللغوي والاثني .
كما أصبح مفهوم التهميش يشمل الاضطهاد الطبقي والقومي والاثني والديني واضطهاد المرأة كجنس ... الخ.
إن الصراع ضد التهميش يعني القضاء على كل الاستغلال والاضطهاد والاستبداد والتمييز الجنسي والاثني والديني واقامة ديمقراطية حقيقية بأبعادها الشاملة : الاقتصادية والسياسية والثقافية واحترام الإنسان بوصفه أكرم الكائنات .
6 – المرأة:
تعاظم دورها وثقلها في الحياة العامة وفي النشاط الإنتاجي ، وفي التعليم الجامعي ، وبالتالي لابد من التحقيق الفعلي للمساواة بين المرأة والرجل وتمثيلها حسب ثقلها ووزنها وكفاءتها في المؤسسات التشريعية والتنفيذية للدولة وفي الأحزاب السياسية والنقابات وحماية الأمومة والطفولة ومحو الأمية ، وتجاوز مناهج التعليم التي تكرّس اضطهاد المرأة والاهتمام بالمرأة في الريف والمرأة النازحة وقوانين الأحوال الشخصية التي تكرّس إنسانية المرأة ومساواتها مع الرجال .

7 – ضرورة النهضة الوطنية الديمقراطية :
كما أشرنا سابقا إلى أن التدهور الشامل الذي يعيشه السودان الآن في مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية نحتاج لمواجهته بنهضة وطنية ديمقراطية، يساعد في ذلك:
أ – على المستوى المحلى : بدأت تستيقظ دوائر واسعة لتجديد الحياة في بلادنا ، فما عادت النهضة الوطنية الديمقراطية تهم الشيوعيين وحدهم ، بل أصبحت تهم قطاعات واسعة من الشعب السوداني على مختلف توجهاتها السياسية والفكرية ، وبالتالي ، فإن هناك حاجة لحوار جاد مع مختلف التيارات السياسية والفكرية الباحثة عن حلول لمشاكل السودان ولمشاكل النهضة الوطنية الديمقراطية دون الوصاية أو الادعاء باحتكار الحقيقة المطلقة . كما أن هناك حاجة لحوار جاد مع مختلف التيارات السياسية والفكرية الباحثة عن حلول لمشاكل السودان ولمشاكل النهضة الوطنية الديمقراطية دون الوصاية أو الادعاء باحتكار الحقيقة المطلقة ، كما أن هناك حاجة إلى تحالف ديمقراطي عريض من أجل انتشال البلاد من التخلف الذي جعل السودان في أخر قائمة الدول الفقيرة .
ب – على المستوى العالمي : أصبحت الشعارات التي كان يرفعها الحزب الشيوعي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي جزءا من المواثيق الدولية مثل التنمية ، القضاء على الفقر ، إلغاء الديون على البلدان الفقيرة ، المساواة التامة بين المرأة والرجل ، الأجر المتساوي للعمل المتساوي ، حماية البيئة ، حماية الأمومة والطفولة ، الحكم الراشد ( الحكم الوطني الديمقراطي ) ، الديمقراطية ، اتساع مفهوم الديمقراطية كحقوق سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ، توفير الاحتياجات الأساسية للناس : التعليم ، العلاج ، المسكن ، الملبس ، . الخ ، حماية حقوق الأقليات وتقرير المصير ، .... الخ. هذا إضافة لنهوض الحركة الجماهيرية في العالم المناهضة للعولمة وضد نهب موارد الدول النامية وإلغاء الديون على الدول الفقيرة وحماية البيئة ، وضد التدخل العسكري في البلدان الأخرى ( العراق ، ... الخ ) وضد الإرهاب والأمراض الفتاكة مثل الإيدز ، ورفع مستويات المعيشة ، وعالم خال من الحروب وأسلحة الدمار الشامل وغير ذلك من الشعارات التي رفعتها الحركة الديمقراطية العالمية بمناسبة اجتماعات الدول الرأسمالية الصناعية الثمانية ( G8 ) في سياتل ، جنوة ، .الخ.
أي أن هناك عوامل مساعدة على المستوين المحلي والعالمي للنهضة والتنمية ، كما نأخذ في الاعتبار أن طرق التنمية متعددة ويتم فيها تفاعل ما بين الأصالة والمعاصرة ، ومن الخطأ تصور نظرية عامة للتنمية أو النهضة تصلح لكل زمان ومكان ، كما أنه لابد من الوضوح حول أسباب التخلف أو الانحطاط ودراسة التبعية في منشئها وجذورها وفي امتداداتها الراهنة ودلالاتها وفي جوانبها الفكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية ، وكما أوضحنا سابقا إن التخلف ليس قدرا لا فكاك منه ، وانما هو نتاج تطور تاريخي . كما أنه عندما نتحدث عن تنمية مستقلة لا يعني ذلك الانعزال عن العالم ، بل يعني ذلك التفاعل مع المعطيات العالمية أخذا وعطاءا .
على أن النهضة الوطنية الديمقراطية هي التعبير الأعم والخلاصة لكل الخطوات التي بدأت منذ فجر الحركة الوطنية الحديثة في بداية العشرينيات من القرن الماضي والتي استهدفت تحريك راكد الحياة في السودان ، والخروج من ظلام القرون الوسطي والبدائية والتخلف إلى أنوار التقدم والنهضة والعمران .
كما أنه في ظروف العولمة الحالية وانفجار ثورة العلم والمعلومات ، تواجهنا تحديات مثل : كيف ننجز النهضة الوطنية الديمقراطية في ظل الثورة العلمية التقنية التي تجتاح العالم الآن ؟ كيف نتوجه إلى الداخل وننجز التنمية المستقلة ؟ كيف نربط التقنية بالبيئة المحلية ؟ كيف نخلق نظام التعليم الفعّال الذي يواكب التقدم العالمي ويتمشي مع احتياجات تطورنا ؟ كيف يتم تفجير طاقات البلاد الكامنة وتحقيق النهضة الوطنية الديمقراطية ؟ وكيف تلحق بركاب العالم المتطور وفقا لاحتياجاتنا الداخلية وخصائص شعبنا الثقافية الحضارية ؟ وغير ذلك من المحاور التي يمكن أن تثير نقاشا مثمرا في هذا الجانب .
8 – الخصوصية:
كما أشرنا سابقا، إلى أن البرنامج يحدد بدقة وإيجاز ما يريد الحزب تحقيقه خلال فترة تاريخية محددة. ولكن قضية البرنامج هي عملية فكرية وتتطلب تعميق وتوسيع معرفتنا بالواقع بهدف التأثير فيه وتغييره ، ويتطلب البرنامج تجاوز الشعارات العامة ، ويتم توضيح وشرح تلك الشعارات الموجزة بدراسات عميقة في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للواقع السوداني ، نحتاج للرجوع للماضي بهدف فهم الحاضر بشكل أفضل ، وللانطلاق للمستقبل بثقة وثبات . وبالتالي نحتاج لأبحاث عميقة حول مختلف جوانب الواقع السوداني تشمل على سبيل المثال :
• تكوينات أو تشكيلات ما قبل الرأسمالية في السودان ( القديم والوسيط ) ، وما هي خصوصية وسمات تلك التشكيلات ؟ .
• خصوصية تشكيلات السودان الحديث .
هذه الدراسة تساعدنا في معرفة :
• تطور نظام ملكية الأرض في السودان .
• تطور القطاع الزراعي والرعوي.
• تطور التجارة والصناعة الحرفية .
• خصوصية وسمات نظام الرق والإقطاع في السودان.
• أنماط الملكية وخصوصية التفاوت الطبقي في السودان .
• تطور النظام السياسي والاجتماعي في السودان .
• خصوصية وسمات تطور الأديان في السودان.
• خصوصية تطور المرأة السودانية.
• الدولة السودانية: نشأتها وخصائصها.
• خصوصية تطور الثقافة السودانية..... الخ .
أن المعرفة التفصيلية بهذه الجوانب في تكوينات ما قبل الرأسمالية أو الماضي ، تساعدنا على فهم الحاضر بشكل أفضل ، وبالتالي استشراف المستقبل استنادا إلى أرضية صلبة ، أي من معرفة عميقة للواقع السوداني ، تتطور وتتجدد باستمرار .
وبالتالي، إن معرفة الخصوصية تعتبر هامة وضرورية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واستنباط النظام السياسي الديمقراطي الفعّال.
9 – القطاع الزراعي: المصدر الرئيسي للفائض الاقتصادي:
رغم اكتشاف وتصدير البترول والذهب ، يظل القطاع الزراعي في السودان المصدر الرئيسي للفائض الاقتصادي ، وتبقى الإمكانات والقدرات الكامنة التي تنتظر التفجير والتي يمكن تلخيصها في الآتي : -
تقدر الأراضي الصالحة للزراعة في السودان بنحو 120 مليون فدان، المستغل منها الآن 16 مليون فدان، أي حوالي 13 % من المساحة الكلية الصالحة للزراعة ( العرض الاقتصادي 78 / 1979 ). وإذا استطاع السودان استغلال أل 87 % من المساحة المتبقية الصالحة للزراعة ، فإن ذلك سوف يحل مشكلة الغذاء ويخلق الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية ، وهذا يحتاج إلى جهد ومبالغ ضخمة من النقد الأجنبي ، ويحتاج إلى تخصيص عائد معتبر من البترول ، ويحتاج إلى إقامة مشاريع الري التي تسهم في علاج النقص في المياه التي تعاني منها بعض الأراضي الزراعية ، كما تحتاج لطاقة بترولية وكهربائية وبنيات أساسية .. الخ . وفوق ذلك تحتاج إلى السلطة الوطنية الديمقراطية التي تقود تلك العملية بكفاءة وبخطة واقعية وممكنة التنفيذ .
كما توجد في السودان ثروة غابية وحيوانية وسمكية ، هذا إضافة لثروة البلاد من الحيوانات الوحشية والعائد الكبير الذي يمكن أن يأتي من قطاع السياحة .
وبالتالي، سيظل القطاع الزراعي في السودان هو المصدر الأساسي للفائض الاقتصادي اللازم للتنمية.






#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور الفكر الماركسي والاشتراكي في السودان
- كيف تناول مشروع التقرير السياسي العلاقة بين الكادر القديم وا ...
- المفهوم المادي للتاريخ:محاولة لتوسيع مدي المفهوم
- حول اسم الحزب
- اتفاقية نيفاشا ومستقبل الشراكة
- المتغيرات في الاوضاع المحلية والعالمية بعد المؤتمر الرابع لل ...
- الماركسية وقضايا المناطق المهمشة في السودان
- الاثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لنشأة وتطور سكك حديد ...
- حول قرار عبد الواحد بفتح مكتب لحركته داخل اسرائيل
- الرحلة من موسكو الي منسك
- حول تجربة مشاركة التجمع في السلطة التشريعية والتنفيذية
- وثيقة الحقوق في الدستور الانتقالي لعام 2005م: التناقض بين ال ...
- ملاحظات نقدية علي برامج الحركات الاقليمية والجهوية(3)
- ملاحظات نقدية علي برامج الحركات الاقليمية والجهوية(2)
- حول قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2004م
- ملاحظات نقدية علي برامج الحركات الاقليمية والجهوية(1)
- حول ابعاد اتفاق حزب الامة مع المؤتمر الوطني
- تاريخ أول انقسام في الحزب الشيوعي السوداني
- تاريخ الانقسام الثاني في الحزب الشيوعي السوداني: اغسطس 1964م
- وداعا زين العابدين صديق البشير


المزيد.....




- لحظة سرقة حانة في شيكاغو بأقل من دقيقة.. شاهد ما فعله اللصوص ...
- العديد منهم بحالة حرجة.. مقتل شخص ونقل 23 آخرين للمستشفى جرا ...
- 21 عاما على سقوط نظام صدام حسين: الفجوة بين الأحزاب الحاكمة ...
- الخارجية الألمانية تعلق على إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل: ي ...
- البحرية الروسية تدمر 5 زوارق مسيرة أوكرانية قرب سواحل القرم ...
- اجتياح رفح.. حسابات معقدة وتكاليف -باهظة الثمن-
- جولة الرئيس الصيني في أوروبا.. فرق تسد؟
- الدفاع الروسية: تحرير بلدتين جديدتين وتدمير طائرة و5 زوارق م ...
- ألمانيا تستدعي سفيرها لدى روسيا للتشاور بسبب -الهجوم السيبرا ...
- -مصر ترفض التعاون-.. الإعلام العبري يكشف عن خطة لترحيل عدد م ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - نقاط حول تجديد برنامج الحزب الشيوعي السوداني