أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حميد الحريزي - قيم لاتموت














المزيد.....

قيم لاتموت


حميد الحريزي
اديب

(Hameed Alhorazy)


الحوار المتمدن-العدد: 2290 - 2008 / 5 / 23 - 10:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وانأ احمل حقيبتي وجرائدي ماشيا في حر الظهيرة توقفت الى جانبي سيارة من الموديل الحديث ،فتملكني الحذر والخوف فقد تكون محاولة اغتيال او اختطاف وهو المتداول في الشارع العراقي خصوصا للصحفيين في الوقت الحاضر ولكن ماذا يسعني ان افعل ؟؟
هل أشهر بوجههم مدفعي ألقلمي الذي لاسلاح لي غيره ام أطلق ساقي للريح فرارا لأنجو بجلدي ولكن هل ساقي أسرع من الطلقات الرشاشة التي ستمزق جسدي شر تمزيق ام اصرخ بأعلى صوتي طالبا النجدة والتي تبدو لاجدوى منها والشارع شبه فارغ من المارة وان يكن هناك احد فلا أظنه سينجدني في ظل هيمنة حالة اللامبالاة للناس تجاه بعضهم البعض؟؟؟!!!
فتح الباب الأمامي للسيارة وتكلم معي شابا من خلف مقود السيارة قائلا:-
عمي تفضل أوصلك بطريقي!!!!
ولكن.. تزاحمت وتلاكمت حروف الكلمات على لساني وقد فوجئت بالطلب.
ان مظهر الشاب وجسمه النحيل وطريقة حديثه وأسلوب طلبه أدخلت بعض الطمانينة الى نفسي.
ثم ماذا ان يحصل مني ان اختطفني فانا لا املك مالا لامنقولا ولاغيرمنقول سوى نقال نوع(صرصور)وحقيبة متهرئة تضم عددا من المقالات المتعبة ، فلا ضرع يحلب ولا مال يسلب!!!
تعوذت الشيطان وقرأت سورة ياسين ثم صعدت للسيارة!!!
-عمي انته منين تعرفني ،هل أنت صديق لأحد أبنائي او أنا صديقا لوالدك او أنت من أقاربي او احد تلامذتي...او...او؟؟؟
لاوالله عمي لاهاي ولاذيج ولكني رايتك متعبا وسائرا باتجاه رجوعي لداري فقررت ان أوصلك معي الى اقرب مكان من دارك وهذا ما أفعله دائما في مثل هذه الحالات!!!
شكرا عمو والله لقد أفرحتني كثيرا لالانك وفرت علي أجرة التاكسي ولكن لأنني تصورت ن هذه القيم قد انقرضت وغابت من قاموس التعامل اليومي بين الناس فلم يصادفني مثل هذا الأمر الا مرة واحدة قبل اكثر من عشرة سنوات؟!!!
غادرت السيارة شاكرا الشاب وأنا فرحا جدا لان الدنيا لازالت بخير،تأملت هذا الامر مسترجعا هذه الظاهرة في ذاكرتي وكيف كانت ثم اختفت من مخزون القيم للمواطن العراقي.
فقد كان هذا الأمر في الخمسينات والستينات والنصف الأول من السبعينات من القرن المنصرم صار مألوفا وشائعا بين الناس من أصحاب السيارات الخصوصي وهم عادة من أصحاب الثروة والجاه من كبار الملاكين او شيوخ العشائر والتجار او كبار الموظفين فحينما يصادفه أحدا على قارعة الطريق غالبا مايتوقف بجانبه ويسأله عن وجهته فان كان بنفس توجهه وخط سيره يدعوه للصعود في سيارته لإيصاله الى لمكان الذي يريده دون أية مقابل مادي طبعا وقد كن من المعيب والجارح للكرامة تصل الى مستوى الاهانة ان يقدم المال لصاحب السيارة كأجرة.
ولكن شيئا فشيئا بدت هذه الظاهرة تضمحل حتى اختفت تماما في عهدنا الراهن فلا يتلقى المرء غير غبار إطارات سيارات حديثي النعمة حتى ون توسله مضطر او جار او ابن محلة؟؟
فلماذا حدث مثل هذا التغير في القيم؟؟؟
لقد كانت البداية مع سيطرت البعث ألصدامي على السلطة في العراق وقيامه بحملة مطاردة لمعارضيه من الأحزاب الأخرى وخصوصا حزب الدعوة والحزب الشيوعي العراقي من بعده.
فقد حصل ان استجابة سائق السيارة لنجدة من يقف على قارعة الطريق قد تؤدي به للسجن او الإعدام فقد يكون الراكب من أعضاء احد الأحزاب المعارضة المتابع والمطارد من قبل السلطات الأمنية. هذا أولا
وثانيا بعد ان اخذ ((القائد)) يوزع مكارمه من السيارات الحديثة على أعوانه وأزلامه وعلى العسكريين ورجال الامن والمخابرات بدون استحقاق او فعل يستحق التكريم عدى الطاعة العمياء للقائد وفي ظل جوع وحرمان اغلب أبناء الشعب مما افرز هذا السلوك ردود فعل عكسية بررت لنفسها أفعال استلاب ومصادرة هذه السيارات من مالكيها حيث اعتبر ت ملكية غير شرعية مسروقة من أموال الشعب ضمن ((وهب الأمير مالا يملك الى من لايستحق))وقد عممت هذه القناعة على عموم أصحاب السيارات فتعرض الكثير نهم للقتل والضرب الاهانة والابتزاز،وقد كان هؤلاء اللصوص وقراصنة البر يتذرعون بأسباب إنسانية او حيل مصطنعة كالمرض لإيقاع أصحاب السيارات في فخاخهم والمواطن العراقي يروي الكثير من هذه الحوادث والممارسات خصوصا في ظل الفوضى وانعدام الامن وقد مورست بأساليب وحيل بالغة الغرابة.
هذا مما دفع أصحاب السيارات لحذر والتوجس وعدم إركاب ممن يشكون في نواياه وتصرفه وحتى مظهره بل اقتصر الأمر على اقرب الأصدقاء وبعض الأقارب والجيران الموثقين.
الأمر الثالث والمعاصر حاليا هو تنفيذ عمليات اختطاف الأشخاص رجالا ونساءا وأطفالا عن طريق استغفالهم وجرهم للصعود لسيارة القاتل والخاطف المجرم باعتبارها سيارة أجرة او سيارة فاعل خير.؟؟
وخصوصا بعد انهيار الدكتاتورية ولحين التاريخ مما جعل الشخص يتحرز كثيرا قبل ان يصعد في أية سيارة داخل المدينة او خارجها.
ومن الأسباب الأخرى شيوع ظاهرة تحول سيارات الخصوصي للعمل كسيارات أجرة خصوصا بعد ان تم توزيع إعداد كبيرة من السيارات على ضباط ومراتب وجنود الجيش العراقي السابق الذي كان بعضهم لايملك حتى ثمن مليء خزانها بالبنزين رغم رخصه انذاك بسبب قلة وهزاله الراتب وانعكاس إجراءات الحصار الاقتصادي الذي دفع الكثير من الضباط وضباط الصف والجنود وبعض الموظفين النزهاء الى العمل بسياراتهم كسيارات أجرة وهم كسواق تاكسي بعد الدوام الرسمي.
كل هذه العوامل مجتمعة أدت الى اختفاء ظاهرة ((تفضل أوصلك بطريقي)) واختلاط سواق الخصوصي مع سواق الأجرة والتاكسي.
نأمل ان يتمكن ذوي الشأن من إعادة بناء الشخصية العراقية وبعث القيم الايجابية النبيلة المخزونة في لاوعيه باجتثاث أسباب ضمور او موت مثل هذه القيم كالنخوة والضيافة والتكافل والتضامن بين أبناء الشعب.
ان ماحصل من تصرف نبيل معي وخصوصا من قبل شاب في مقتبل العمر إنما يدعو للتفاؤل بمستقبل أفضل.



#حميد_الحريزي (هاشتاغ)       Hameed_Alhorazy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعاهدات غير المتكافئة بين تجارب الماضي وممارسات الحاضر*
- من حكايا((بطران الشبعان وهلكان العريان)
- مشروع الرسالة الخامسة من ((بطران الهلكان)) الى((هلكان العريا ...
- لازال جدار برلين قائما؟؟!!
- الرسالة الرابعة من ((بطران الشبعان))الى((هلكان العريان))
- رسالة( بطران الشبعان) الثالثة
- عصا الشيخ
- من((بطران الشبعان))الى((عريان الهلكان))*-الرسالة الاولى و ال ...
- كش وزير؟؟!!!
- كش وزير!!!
- هل يمكن اغتيال القلم ؟؟
- فاعل خير
- هتافي عصر العولمة!!!
- (الحرامية) في المدينة والريف
- قراءة في كتاب (البترول العراقي والتحرر الوطني) – للأستاذ الم ...
- قوائم بدل اتصالات ام قوائم إتاوات؟؟؟!!
- ( أخلاق المهنة في مهب الريح )
- لنصحح عيوبنا حتى لايفخخها الإرهابيون
- لنصحح عيوبنا حتى لايفخخها الإرهابيون!!!
- الغي.. ذا.....والكر.. هباء؟؟!!


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حميد الحريزي - قيم لاتموت