|
لبنان .. على صفيحٍ ساخن !
حميد خنجي
الحوار المتمدن-العدد: 2281 - 2008 / 5 / 14 - 11:11
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لدى الكثيرين من العرب وغير العرب شَغفٌ خاصٌّ تجاه لبنان أرضا وشعبا ، ليس بسبب كونه الديمقراطية العربية اليتيمة فحسب، بل لأنه الأرض التي تجسّد حلمهم الضائع واليوتوبيا المفقودة وتعوضهم عما ينقصهم في أوطانهم من أمور عديدة تعتبر من أساسيات المجتمع المدني الحديث المأمول ، لعل على رأسها ؛ دولة المؤسسات وآلية تداول السلطة والثقافة المجلوبة من التزاوج الأثني والديني والتاريخي وعراقة هذا الشعب الصغير الذي استطاع رغم الصعاب والتركيبة الطائفية المعقّدة لديمقراطيته والكابحة لتقدمه ، أن يؤسس مجتمعا أهم مكوناته ؛ الاعتراف بالآخر والتعددية السياسية والثقافية والتنوع الفريد لحياة دستورية عصرية وان شُرعنت بصورة محاصصة دينية وطائفية فرضها الاستعمار الفرنسي! لكل ما قيل فان لبنان يسحر الكثيرين، بمن فيهم كاتب هذه السطور، المبتلى بحب لبنان. في كل مرة يتأرجح فيها المسار اللبناني ، انتشي بعبق التاريخ الفينيقي العريق .. تتراقص أمامي وفي ذهني أفكار كثيرة وجمل سحرية، يمتلكني الحماس للكتابة عن الشأن اللبناني .. على أن القلق الشديد على لبنان والتخوف من أصدقاء لي من الطرفين المتخاصمين يجعلني أتردد في كل مرة، بل يبعدني عن الخوض في هذا الملف المعقد والمركب. وقد كدت أن اكرر العادة نفسها هذا الأسبوع أيضا وأنا بصدد إعداد مقالي الأسبوعي ، لولا تفاعل الأحداث السريعة والمخيفة في الأيام الأخيرة منبئة بتطورات لا تحمد عقباها، الأمر الذي أحفزني أن أدلي بدلوي في المسالة اللبنانية العصيّة على المقارعة، على أن يكون اختياري متسما بحيادية موضوعية واختصار يتلخص في عرض الحالة اللبنانية فحسب غير مستبقا للأحداث الحبلى، آملا العودة لتفتيت وتشريح المعضلة اللبنانية في فرصة أخرى!
ما أن قررت الحكومة اللبنانية أخيرا، بعد أن ضاقت ذرعا من لغة قوى المعارضة المجلوبة من فن الكر والفر، رفع الغطاء السياسي عن قوى المعارضة وبالأخص حزب الله وتفجير موضوع شبكة الهواتف وكاميرات المراقبة والرصد التجسسيين ، التي أطلقت عليها "الشبكة الأخطبوطية" إلا ووُلج لبنان في دوامة عويصة لايمكن الخروج منها إلا بعملية قيصرية! فالقوى المتنافسة والمتخاصمة، دخلت الآن في مواجهة مباشرة لكسر العظم ، التي لابد أنها ستسفر عن شيء ما حاسم ومهول ، قد يؤدي إلى وضع غير مسبوق في خطورته! والأمر الجدير بالملاحظة أن فرقاء القوى السياسية اللبنانية المشتركة في خصومة الاستقطاب الحالي تختلف في تركيبتها ورؤاها عن استقطابات الحرب الأهلية في سبعينات القرن الماضي .. وقد يكون من المفيد ذكرها للقارئ الكريم حتى يتسنى له الحكم بنفسه على مجريات الأمور
أولا .. أهم أحزاب وقوى ما يطلق عليهم بـ " الموالاة"، عنوانها الأساس كلمة "الدولة":
"كتلة المستقبل"، تيار ليبرالي علماني معتدل، جديد نسبيا على الساحة السياسية، يدعى انه يعبر عن مصالح طائفة المسلمين السنة، وان كان يجسد مصالح البرجوازية السنية، كون الدستور اللبناني يلزم مواطن لبناني سني لرئاسة الحكومة. أسسه رئيس الحكومة الأسبق الشهيد رفيق حريري ويرأسه الآن ابنه سعد الحريري
"الحزب التقدمي الاشتراكي" ، حزب ديمقراطي اشتراكي علماني توجهه السياسي ؛ يسار الوسط ، مفتوح لكل اللبنانيين وان كان يعبر عن مصالح طائفة الدروز، أسسه الشخصية الوطنية الكبيرة الشهيد كمال جنبلاط ويرأسه الآن ابنه وليد جنبلاط
"حزب القوات اللبنانية" ، ليبرالي مسيحي / موارنة، يمثل يمين الوسط ، أسسه زعيمه الحالي؛ د.سمير جعجع
"حزب الكتائب" ، ليبرالي يميني تقليدي مسيحي / موارنة زعيمه التاريخي بيير الجميّل ويرأسه الآن ابنه أمين الجميّل
"حزب الوطنيين الأحرار "، حزب البرجوازية اليمينية للمسيحيين الموارنة زعيمه التاريخي كميل شمعون ويرأسه الآن ابنه دوري شمعون
"اليسار الديمقراطي" ، حزب اشتراكي ديمقراطي منشق عن الحزب الشيوعي الأم، يتزعمه النائب الحالي الياس عطا الله (شيوعي سابق) ومن زعمائه؛ الكادر الشيوعي القديم نديم عبد الصمد ، الذي غير جلده السابق سالكا سكة " السوسيال ديموقراط "
"الحزب الشيوعي / لجنة الإنقاذ"، يتكون هذا الحزب الناشئ مؤخرا، من كوادر قيادية وقاعدية منشقة عن الحزب الأم بعد أن فُصلوا عنه بالجملة بعد المؤتمر التاسع والأخير للحزب الشيوعي اللبناني، وان كان المفصولين يدعون أحقيتهم بتراث الخط الفكري والتاريخي لحزبهم الأساس. يرأس هذه المجموعة الجديدة الكادر القيادي القديم غسان الرفاعي ، الذي تربى على يد فهد (مؤسس الحزب الشيوعي العراقي) في يفاعته الأولى في العراق، ومجموعة من الكوادر الفكرية المجربة والمخضرمة. يؤيد خطهم السياسي المفكر اللبناني المشهور والمشهود كريم مروة
ثانيا .. أهم أحزاب وقوى من يطلقون على أنفسهم بـ " المعارضة"، عنوانها الأساس كلمة "المقاومة":
"حزب الله" ، حزب ديني شيعي تقليدي . قاعدته الشعبية الأساس ؛ فقراء الجنوب اللبناني، ذو منحى إقطاعي يؤمن بأسلوب حكم "ولاية الفقيه". أسسه السيد الشهيد عباس الموسوي بمساعدة الحكومة الإيرانية. خاض ببسالة منقطع النظير حرب مقاومة ضد العدوان الإسرائيلي في سنتي 2000 و2006 بقيادة زعيمه الحالي السيد حسن نصر الله ، الأمر الذي مكنه من لعب دور دولة داخل دولة ، وزاد طموحه الآن في منافسة الدولة الرسمية بأسلحته الموهوبة من إيران وميليشياته المسلحة بالإضافة إلى استحواذه على شأن الحرب والسلم ! يملك فضائية خاصة
"حركة أمل"، تيار شبه عصري / ديني شيعي أقدم، انبثق من حركة المحرومين الشيعية. أسسه "الغائب" السيد موسى الصدر يرأسه الآن رئيس مجلس النواب ( البرلمان) اللبناني نبيه بري ، يملك فضائية خاصة
"تيار الوطني الحر" ، حزب براجماتي ليبرالي مسيحي/ ماروني يرأسه الجنرال المتقاعد والطموح ميشيل عون
"تيار المردة" ، حزب ليبرالي مسيحي/ ماروني أسسه سليمان فرنجية ويرأسه حاليا حفيده سليمان فرنجية
"الحزب الشيوعي اللبناني" ، زعيمه التاريخي الشهيد فرج الله الحلو ( اغتاله النظام السوري الأسبق في الخمسينات ) ، أمينه العام الحالي د. خالد حدادة
هذه باختصار خريطة القوى الرئيسة الفاعلة في الساحة اللبنانية، المتسمة بفترة حرجة من " ازدواجية الدولة"، طالت أكثر من اللزوم ولا يمكن بالطبع أن تستمر إلى مالا نهاية. قد تحسمها المواجهة الأخيرة الحالية، على ضوء حرب بالإنابة، باردة مسعرة- تسخن أحيانا- دارت وتدور رحاها على أرض لبنان منذ بعض الوقت وقودها الناس والحجارة! أتون حرب بين مشروعين مضادين في شرق المتوسط؛ الأمريكي/الغربي والإيراني/السوري.. أي صراع بين مشروع رأسمالي/ ليبرالي (نيوليبراليزم) . أهدافه ؛ تحرير الاقتصاد التام وفتح الأسواق ضمن منظومة إقليمية (بما فيها إسرائيل) أمام الشركات العابرة للقارات وتحويل دول المنطقة إلى تخوم رأسمالية عصرية مؤسساتية "تابعة" للمراكز المتقدمة . ومشروع آخر؛ "وطني/ قومي/ إقطاعي/ ديني" شعاراته البارزة ؛ مقاومة الخطط "الامبريالية/الغربية والصهيونية" ، "تحرير" فلسطين و"القضاء" على إسرائيل وإنشاء الثيوقراطية المستحدثة (الدولة الدينية الحديثة) على نمط حماس في غزة اوالنمط الإيراني! و مما يزيد الطين بلة أن الطرفين، الخصمين اللدودين يتسمان بالحدية ولا يتركان مجالا للتنازل، يتجسد ذلك في التراشق اليومي بالكلمات وغيرها من المصطلحات الشاملة لمفردات؛ كالفاقدة للشرعية والخيانة والعمالة للخارج الغربي اوالنظام الإيراني المنبثقة ، على مدار الساعة ، من خلال قنوات الفضائيات اللبنانية.
#حميد_خنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسيرة الأول من مايو/ أيار .. العابرة للطوائف الجامعة للشعب ا
...
-
مؤتمر النقابات العمالية الأول في البحرين تدشين لانطلاقة جديد
...
-
مقدمة عن تعثّر موجة التغيير ودَمَقْرطة الأنظمة العربية
-
سِحرُ سَمرٍ قادمٌ من قلبِ الصحراء
-
مرة أخرى.. المعضلة الإيرانية إلى أين؟
-
إيران إلى أين.. من خلال انتخابات البرلمان؟
-
المكر والمغامرة وجهان لعملة واحدة !!
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|