أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - المنصور جعفر - إنقلاب الدقائق الأخيرة في موسم الهجرة إلى اليمين















المزيد.....


إنقلاب الدقائق الأخيرة في موسم الهجرة إلى اليمين


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 2272 - 2008 / 5 / 5 - 11:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


هذا مقال لطيف دقيق يتناول بعض تغيرات فهوم بعض الإصطلاحات السياسية وأخذها من الوضوح والسعة إلى اللبس والإبهام محاولاً إيضاح بعض الإتجاهات التي تأخذها هذه التغيرات وتناقضها مع إتجاه حركة الطبيعة الإجتماعية والتاريخ.

في بسملة لهذا المقال لابد من الإشارة إلى تعدد أصحاب وفهوم مفردات الشطر الأخير من عنوانه وهو "موسم الهجرة" فأصله للأدب السوداني (العالمي) الطيب صالح في روايته الأشهر "موسم الهجرة إلى الشمال"، وهي في نظري البسيط أدب إناسة (آنثبرولوجي) لهسهات الروح الشرقية بنفس وبذائقة وبخلجات وجدان أفريقية في هلامات أوربا تو ما بعد الإستعمار. على إن أطيب ما كان من تخديم لعمود هذا العنوان (= موسم الهجرة) فبالذي كاله المرحوم الأستاذ الخاتم عدلان إبان نضاله الطلابي معنوناً به منشوراً شهيراً سماه "موسم الهجرة إلى اليسار" ناهض به -حسب نظري إليه- إما سعة الفكر الإشتراكي العلمي لتشكله مع مقتضيات البرجوازية الصغيرة في السودان، أو سعة الشكل السوداني التقدمي لهذا الفكر في تلك اللحظات التاريخية، واصماً التقدميين من البرجوازية الصغيرة والتكنوقراط الذين أيدوا النظام الجديد بمعنى متصل بالتهافت والتسلق ودخول بنو أمية في الإسلام. وقد كان ذلك منه بشجاعة وبطولة في أجيج أو معمان (ثورة) 25 مايو 1969 وإجراءاتها العسكرية والخلاف فالإنقسام الأشهر الذي نشأ بسببها في صفوف الوطنيين والتقدميين والشيوعيين بين ما أسميه "الإتجاه السياسي" المرتبط بأهمية السيطرة على جهاز الدولة لتطوير إمكانات المجتمع، و"الإتجاه الإجتماعي" المرتبط بتطوير النضال الجماهيري -المستقل عن الدولة- لبلوغ مرحلة الثورة، مع تقديري المتواضع لوجود خطأ رئيس مشترك في كل إتجاه منهما.

وذلك الإنقسام الواسع بين التقدميين والثوريين -الذي شهدته جميع الحركات الثورية في العالم منذ حوالى سنة 1500 وحتى الآن، كانت له في حالته السودانية الحديثة جذور في طبيعة النظر الطبقي للأمور الآجلة والآموراللاحقة إزاء تلك الثورة الوليدة التي قام بها بقوة تنظيم الضباط الأحرار بقيادة طلائعه الرئيسة الثلاث "القومية العربية"، و"الشيوعية"، و"الوطنية والتقدمية" وقد حملت تلك الثورة الخديج أو المؤودة أوصافاً ‘صطلاحية تراوحت بين "التقدمية" و"الإشتراكية" قبل أن تتمخض حالة تلك الثورة - الدولة عن تحولات يمينية تبلورت بالتدريج من الحالة التي سارت فيها تلك الثورة -كما غيرها من ثورات ذاك الزمان - فصماً بين تنمية الخدمات وتنمية الإنتاج، وكذلك بالفصل البنيوي الذي أسس لهذا الفصم بين ضرورات تقدم علاقات الإنتاج وضرورات تقدم قواه.

ولم يكن ذاك الفصم تآمراً أو أخطاء شخص بل ككل نضالات مابعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي (فبراير 1956) كانت العقلية السائدة في الحياة الثورية هي إن تطوير قوى الإنتاج يأتي أولاً لمواجهة النقص والتخلف ثم يتبعه لاحقاً التغيير والتقدم في علاقات الإنتاج وغير ذلك من أمور كانت حينها تعد غلوا وزيادة عن المطلوب وسابقة لأوآن ضرورتها!! بينما كانت تلك الأمور في حقيقتها من ضرورات الوحدة الطبيعية بين مضمون المادة وطبيعة تشكلها وشكلها، وطبيعة تخديمها في المجتمع، ولكن مع الغلو في التمسك ((خطأ تغيير علاقات الإنتاج بقرار فوقي)) ولو كانت تلك القرارات قرارات ثورية!! سبق السيف، وماتت الثورة بالتدريج بالإفلاس الذي قادها إليه الأسلوب الإقتصادي المفصوم إياه وما تبعه من توجه رأسمالي موارب ثم صريح ومن ضغوط مالية وقروض خليجية وديون وضغوط وإغراءات دولية - إمبريالية إستخبارية وعسكرية وإقتصادية وسياسية وإعلامية وديبلوماسية سحقت حتى رماد تلك (الثورة) وجعلت الدولة اليمينية فالإسلامية التي نشأت منها تسلم ممتلكات البلاد والإرادة الإجتماعية لشعب السودان إلى سلطان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنوك الإسلامية في واحدة من المقدمات المحلية الكبرى في السودان للتحول الدولي من حالة "الحرب الباردة" إلى "حالة العولمة" قبل أن تدخل هذه العولمة فور نشؤها مرحلة "الأزمة العالمية" المشهودة حاضراً لتلاحق الخسارات والتضخمات والكسادات والإفتقارات منذ إنهيارات الثمانينيات والتسعينيات إلى الثمان سنوات التي حضرتنا من العقد الأول للقرن الواحد والعشرين بكل ما فيها من توترات وتظاهرات وإضرابات ومواجهات وحروب وكوارث ومجاعات.

ولكن في ضعف المنظرين والملتحقين بالثورة-الدولة عن قيادة مسارها، وبقاء تأثيرهم محدوداً على هامش مركزها السياسي العام وتقويته الأطراف ذات الإرتباطات الرجعية الخليجية والأمريكية وإقصاء مايمكنه من العناصر التقدمية بحجج مختلفة، تبين فشل السياسات الجزئية في إبقاء محرك (الثورة) نشطاً فاعلاً مستداما بعد أكلت الثورة آباءها، ومع فشل السياسات الجزئية صحت بعض إفتراضات أستاذ اليسار السابق قبل أن يتحول هونفسه بتأثير التناقضات الداخلية في الحزب والدولية في السودان والعالمية بعد تسمم وإحتضار ووفاة الإتحاد السوفييتي إلى حالة مختلفة عن موقفه الأصيل من الحلول الجزئية يمكن عدها مغايرة للحزب و(بديلة) له ، وإلى حد ما (ضد) وحينذاك رأى بعض صحبه بشكل موضوعي محترم لنضاله وعطائه وصموده إن هذه الحالة الإبتعادية التي سار فيها صاحب "موسم الهجرة إلى اليسار" حالة سلبية سموها "موسم الهجرة إلى اليمين"، والتي كانت حسب رأيي لها- نقداً رفاقياً إتسم بطبيعة نقد الشخص الصبور للشخص العجول أو نقد الشخص الراسخ للشخص القلق، حيث سجلت تلك الإنتقادات الموضوعية السلبية والديماغوجية التي تسم حالة التهافت على إدانة حياة الأحزاب الشيوعية والتبروء منها ومن قوانين الفلسفة والإقتصاد والتاريخ دون صبر على درس وتقويم ومعالجة عللها وموازنة إختلالاتها، وضبط إصلاحاتها، وتأجيج وتشبيب حركة قواها.

وبتجاوز الشبه العام بين الموسمين ودرس بعض مقومات الإختلاف التاريخي الطبقي لتكون مضمون "موسم الهجرة إلى اليسار" عن تكون مضمون "موسم الهجرة إلى اليمين" وهو إسم كتاب قيم للدكتورصدقي كبلو تواترت في خاطري مجموعة من المفارقات المتصلة بالأمور الفكرية –الإجتماعية تناولت بعضها بأشكال متنوعة وأشكال مختلفة بعض أعمال (التجديد) في الحزب الشيوعي السوداني وغلبة الإتجاه الإصلاحي التفكيكي الإنتقادي الليبرالي فيه على الإتجاه الثوري التجميعي البنائي الشيوعي.بصورة تهدد في الوقت الحاضر وجود الحزب نفسه كحزب شيوعي، حيث تفككت عرى نظره وتفكيره، وتباعدت جهوده، عن بعضها وعن تسنم هدفه الرئيس لإشاعة موارد ووسائل الإنتاج وخيراته، دون تملك إنفرادي بها، الحجة الأساس لهذا التيار هي دعوى الإشتراكيين القدامى ً بأن العدالة الإجتماعية والشيوعية يمكن أن تحقق بتؤدة وتبلور طويل بوسائل إصلاحية وليبرالية، تنتظر نمو القوى المنتجة وإتحادها ثم نشاطها ولكأنما لا عدو طبقي في المجتمع يفتت هذه الإصلاحات ويتلف حتى السمات التقدمية اليسيرة في الليبراليات المحكومة في أصل نقودها وتعاملات مجتمعاتها وكسبها المنافع بديكتاتورية نظام التملك المفرد لموارد العيش والحياة الإجتماعية وإستبداد وإستغلال التحالف العضوي بين رأس المال المحلي والعالمي!؟

وهي جملةً مفارقات شتى تناولت إنتقاد أجزاء مهمة في موضوعات "المادة"، و"الموضوعية"، و"العقلانية"، و"الفلسفة"، و"التاريخ"، و"القوانين العامة للطبيعة والطبيعة الإجتماعية والتاريخ"، ومقومات "العلمية"، وموضوعية "النزعة الإجتماعية"، وطبيعة "الآيديولوجيا العلمية" بخلط بشع مع إصطلاحات الأدلوجة والميثودولوجيا، كذلك تناولت الإنتقادات مفردات وكليات "الوجود الطبقي" ، و"القوى الإجتماعية"، و"التطور"، و"القيمة"، و"المصالح"، و"الصراع الطبقي"، ومفهومات "التغيير"، و"الحزب" و"القيادة" و"الثورة"، و"الدولة"، و"النقابة" وبعض قليل من فهوم "الإقتصاد السياسي"، و"التنمية"، و"الأمن"، و"التعاون الدولي". أما فهوم مثل "الليبرالية" و"الديمقراطية" فقد تم تناولها كأشكال إجتماعية سياسية موجبة بديلة منتظرة للشيوعية (المنهارة) أو كمقدمـة لها دون أبه أو إعتبار موضوعي لديكتاتورية رأس المال التي تتلف بنيوياً كل محاسن ما يسمى الأنظمة الرأسمالية المسماة الليبرالية والديمقراطية تستغل وتستلب وتشيء الإنسان وتهدر وتدمر قواعد ومرتكزات حريته وكرامته على الأقل في ثلاثة أرباع العالم حسب العنوان الشهيرلأندرية جندر فرانك في كتابه: "العالم الثالث ¾ العالم"، ودون إعتبار لفشل الليبرالية والديمقراطية البرجوازية في عشرات البلاد ولعدد كثير من المرات في تحقيق تحسن مستدام في أسس وأشكال الحياة الإجتماعية، بل ودون نظر إلى تدهور الحياة الإقتصادية والإجتماعية والإدارية والسياسية والثقافية في روسيا وجمهوريات شرق ووسط أوربا بعد حوالى 20 سنة من تحولها إلى دول ليبرالية ونهاية الحكم الإشتراكي فيها.

ولكن مع كل هذا الخلل واللبس فإن الهجوم الليبرالي النزعة داخل الحزب متصل بقوة مكينة على كل العناصر والعلاقات الفكرية الناظمة لتركيبة التفكير والنشاط الشيوعي إضافة إلى نشاطه (الدقيق) الوئيد ضد كثير من أصول التظيم والإدارة في الأحزاب الشيوعية التي لاتخل بهيمنة أقطابه على حركة وإتجاه التجديد، وإن كانت دعاويهم ضعيفة في معلوماتها أو في منطق وأشكال إستقراءها وإستنباطها للأمور الموضوعية من خام الحوادث والأعمال والظواهر. ومن كل ذلك قد يكون المئآل الأخير هو تفجير أو حل الحزب الشيوعي من داخله في ضربة كبرى لقضية الثورة الإشتراكية العلمية في السودان والقارة الأفريقية والمنطقة العربية أو حتى إيصاله إلى حدود الإنقسام والشلل كما هي بعض بوادر الأمور الظاهرة الآن، لولا كثير من الجهود والنضالات الفردية والجماعية التي تمثل حالة إستثناء في وضع حزبي عام يتسم بـ البعد في تصريحاته وأعماله عن التفاعل الخلاق والدافع مع قضايا السودان في الريف المهمش!!؟ كذلك يتسم موقف حزبنا بالتناقض في المستوى العمالي بين الإتجاه الثوري إلى "رفض نقابة المنشأة" التي تضم العامل والوزير والإتجاه الليبرالي الداعي إلى فتح إصطلاح الطبقة العاملة ليشمل كل المشتغلين بأجر جامعاً مصالح العامل والوزير!!؟، وكذلك في المستوى السياسي يتسم موقف حزبنا بـالتناحر بين رفض القوانين التحكمية في الإنتخابات وإجراءها جزئية في ناحية والإرتكاز إلى نفس القوانين ونفس الجزئية في تقدير عام بمشاركة الحزب في الإنتخابات كيفما كانت في ناحية ضعيفة ضد للناحية الأولى!!؟.
وفي الوقت الحاضر فإن المنتظمات الجماهيرية النسائية والشبابية وكل التحالفات الديمقراطية مع الحزب أضحت في وحشة ظروف المعيشة والقهر والقمع تنظيمات ضعيفة تتفتت كوادرها وأعمالها بطبيعة غياب بنية االوحدات التعاونية والشراكات والأنشطة الإقتصادية عن مالية الحزب، ولهذا الضعف والغياب المتصل فإن نشاط تلك الهيئات بقى متواضعاً بالنسبة إلى العدد الكثير من الأعضاء فيها الذين تأخذهم تيارات الحياة من الحزب أكثر مما يأخذهم تيار الحزب من جنبات الحياة وإلى ذلك فهناك تفاقم الخلافات بين الإتجاهات (الفنية) والتكنوقراطية لأداء الأعمال في ظروف قانونية وإجتماعية وحزبية ملتبسة، والإتجاهات الإجتماعية السياسية التي تمسك بعظم المسألة (بطريقتها) وقد بقيت مجالاً لإجتهادات ذات طابع حزبي ضعيف بدعوى إستقلالية أعمالها مما إنتهى في بعض مهم من الحالات إلى خلافات أوخم .

وفي الجانب االثقافي والإعلامي فإن التفاوت الطبيعي بين أرآء الأفراد والهيئات إنحدر لحالة تفكك وإنتظار مجهول للخلاص منه بقرارات مؤتمر مسلوب من أي بنية نظرية شيوعية متماسكة لإجراء أعماله، في وقت تآكلت فيه قضايا السيادة الوطنية والديمقراطية الشعبية داخل الحزب لسبب من الطبيعة العشوائية لتنظيم طرح الأراء المتنوعة وإختلافها في مناقشة كلامية إلتبست فيها الفهوم والحقائق التاريخية وعناصر فلسفتها بالفهوم والدعاوى الأسمية وعناصر فلسفتها، حتى إحتاج وجود النهار إلى دليل وبلغت تنوعاتها مرحلة الخلاف على المسآئل الأساس الضرورة لحياة أي جماعة أو حزب نأهيك عن فاعلية الحزب الشيوعي السوداني في يحموم التفتيت الليبرالي المتواصل للسودان لمادة وعناصر التفكير والتماسك والنشاط الشيوعي التي أضحت مجالاً لتفكيكات متوالية تلعب فيها بعض مؤسسات الحزب (الموقوتة) دور التجميع الكمي والإختصار العددي والتحرير (النهائي) دون دور الدرس والإستخلاص المنظوم من القاعدة إلى المركز إلى القاعدة والعكس في دورة مستمرة منظومة تسجل خطوطها العامة في كل دورة حياة حزبية دون تفتيت لأسس وجود وتماسك ونشاط الحزب بدعوى لزوم تحويله من حزب شيوعي للتغيير الإجتماعي الطبقي المنظوم إلى حزب جماهيري.. في ظروف رأسمالية!!؟
أما غير ذلك من أمور الثقافة والفن والإبداع فأكثرها جهود أفراد جمعوا مع رهافة الذوق والوجدان حدة وجماليات النضال، داعمين نشاطهم بصلات أليكترونية وشخصية تحتاج تنظيمات متنوعة متناسقة أكثر توقفت قيادة حزبنا عن طرح خطوطها في زحمة القضايا المصيرية والسياسية، وقد كانت أولى بالإسترشاد بحدس الأدباء والفنانين والإسترشاد بمعارف العلماء الكثر في حزبنا (ما شاء الله) ولكن القيادة الحزبية مسؤولة أمام التاريخ والمؤتمر القادم عن التعديلات الليبرالية التي تمت في نهج الدراسات الأساسية في الحزب، ولكن حتى ذاك الحين فإن تفارق الفلسفة المادية والفلسفة التاريخية ذات المنطق الجدلي عن تعديلات الفلسفة الأسمية التي أدخلت على نهج تلك الدراسات أضحت جريمة في وضح النهار ضد تناسق الفكر والإرادة والعمل وهو التناسق والإتساق الضروري لإدراك ووعي ونشاط أي جماعة بصورة فعالة خلاقة مجددة وشابة منفتحة على التحديات النظرية والعملية بتفكير ونشاط متماسك يتقد حيوية بجدلية التماسك والمرونة وفق شروط طبقية عامة وشروط تأهيل فردي ذات سمات طبقية متناسقة.

نظرة عابرة في بعض التفكيكات:

1- تفكيك الماركسية اللينينية بجذعها العمالي والقومي الثوري إلى مجرد ماركسية ونهضة وطنية ثم ديمقراطية هي في أحسن الفروض مجرد تغطية لنهج التجريب والتخبط وتكرار مقيت لسيرورات الإشتراكية الديمقراطية التي تفصل بين ترقية قوى الإنتاج وتغيير علاقات الإنتاج، وبين قضية التقدم الإجتماعي- الإقتصادي والتقدم السياسي من نظام التملك الإنفرادي للمنافع العامة بكل مافيه من تكالب على ضرورات العيش ومن نقص فيها إلى نظام إشتراكي علمي متناسق في توزيع وإشاعة الوسائل والتنظيمات العامة للإنتاج !!؟

2- تفكيك الليبرالية إلى حالتين حالة حريات سياسية يتم الإحتفاء بها وحالة إقتصاد رأسمالي يسكت تماماً عن طابعه الإستغلالي والتهميشي المنتج بمفارقاته للتخلف المحلي والدولي والتوترات والنزاعات على الموارد والهوية دعك عن تصديره المتوالي والمتفاقم لحالات تضخم والإنكماش إلى القوى المستضعفة المستغلة منها والمهمشة!!؟

3- تفكيك العلاقة بين التنمية وتغيير علاقات الإنتاج وكذا فصل التخطيط الشامل المطلوب لإحداث تنمية متوازنة عن إجراءات التأميم والمصادرة الضرورة لتنظيم الإقتصاد الوطني وإستقلاله نسبيةً عن علاقات الإستغلال والتهميش والإستنزاف الدولية!

4- المفاضلة الزيف لديكتاتورية البرجوازية على ديكتاتورية البرليتاريا بتقديم الأولى موئلاً للحرية والثانية كموئل للطغيان. بإغماض معنى مفردة ديكتاتورية وهي أصلاً تعني سلطة حكم ، وإغماض معنى مفردة بروليتاريا التي تعني الشعب الكادح، وتقديم الديكتاتورية الأولى كقرينة بالرخاء الأوربي الأمريكي دون إظهار الحقيقة الإستعمارية القديمة والحديثة لهذا الرخاء ودون إيضاح البؤس والشقاء الذي أنتجته ديكتاتورية البرجوازية في أشكالها المدنية والعسكرية في ثلاثة أرباع دول العالم!!؟

5- تفكيك مهام التغيير الإشتراكي عن مهام التغيير الديمقراطية بوضع الثانية (الليبرالية) كمقدمة للأولى تسبقها وتؤسس لها بينما وحدة قضايا التنمية ومعالجة أزمة التوزيع الرأسمالي الموارد والسلطات وتركيزه لهما تتطلب دمج مهام التغييرين!!؟ كذلك إغفال أي إعتبار للدور التقدمي للحكم الشعبي المحلي وسيطرة أهل المناطق المختلفة على الموارد والتصاريف العامة في مناطقهم وتصاعد هذا الدور إلى في ظروف التباين الثقافي والتاريخي إلى حالة من الإتحاد المنظوم بين جمهوريات مستقلة وافرة الكرامة والحرية!!؟

6- تفكيك مهام التنمية الإقليمية عن مهمة التنمية الوطنية بشكل عام يهمش الأولى ويحكمها فعلياً بمساعدات مركزية بينما يحتكر المركز الإداري السياسي -غير الشعبي غالباً- عملية تصريف الموارد القومية!!؟

7- تفكيك التنظيم الإشتراعي العام عن أي تمثيل مستقل مباشر للنقابات، و للقوى العسكرية، والقوى الجماهيرية والمدنية!!؟

8- تفكيك الدور السياسي القيادي للحزب الشيوعي والطبقة العاملة الصناعية في قيادة تحول المجتمع الرعوي الزراعي المتخلف إلى مجتمع زراعي صناعي إشتراكي علمي متقدم بشكل متوازن منسق، وتحقيق هذا التفكيك بدغم الفئات البرجوازية الصغيرة في إصطلاح الطبقة العاملة الذي يضحى كنقابة المنشأة. وبذا يضحى الحزب تجمعاً لنقابات منشئات وكتل فضفاضة طبقياً تضمها توافقات أخرى.

9- تفكيك وحدة العمل الشيوعي الوطنية بكل إلزامياتها عن وحدة العمل الشيوعي الأممي التي تبقى مفتوحة للرغبة (الوطنية)

10- تفكيك الموقف المبدئي للحزب جهة بعض القضايا العامة ( كقضية توزيع مقاسط السلطة والثروة) إلى مواقف آيدولوجية ومواقف عملية (تسمى مواقف"واقعية" أي نسبة إلى مفردة واقع التي تحيرت في أصلها ومعناها الأولي؟؟) ثم تفكيك الموقف العملي إلى ثلاثة آجال طويل ومتوسط وقصير ومن ثم تُبدل بذلك كل المنظومة الشيوعية بحلول (واقعية) وهي في أصلها وفصلها مجرد إصلاحات جزئية تقوم بها المبادرات الإجتماعية والجمعيات والأحزاب الأخرى وليست من المهمات الأصيلة الحزب الشيوعي في بلد تعاني مجتمعاته من تركز وتوسع الإستغلال والتهميش الطبقي والإقليمي.


إنقلاب الدقائق الأخيرة في موسم الهجرة إلى اليمين:

النقاط العشرة الآنفة هي المعالم الأساسية على طريق الهجرة من الشيوعية إلى اليمين، فليس بعد الشيوعية في الطبيعة إلا اليمين وهي نقاط تمت دوزنتها بذكاء وحرفية عالية تذكر بتحذيرين للشهيد العظيم عبد الخالق محجوب الزعيم التاريخي للحزب الشيوعي السوداني:

• التحذير الأول كان من الأساليب الحديثة القائمة على أعمال المخابرات في ضرب وتفتيت الأحزاب الشيوعية وهو تحذير لا أدري كيفية صونه في الحزب الشيوعي السوداني وهو خال من أي جهاز منظوم للرصد والتأمين اللهم إلا الإيمان الفردي بعدالة قضية الشيوعية كعلم نظري-تطبيقي لتنظيم وحرية البروليتاريا من كل أسس الإستغلال والتهميش والميز الطبقي والعنصري وأهمها نظام التملك الإنفرادي والإختصاص الشخصي والأجنبي بوسائل عيش وحياة الناس (= المشاريع الزراعية الكبرى ومصانع الضرورات العامة ومؤسسات الخدمات العامة التعليم والصحة والإتصالات...إلخ).
• التحذير الثاني كان عن مغبات السير في طريق التطور الرأسمالي، وهو الطريق الذي ينتج ويزيد التفاوتات الطبقية والإقليمية ويكرس أربع الشر: الفقر والجهل والمرض والتخلف وينتج بها ومعها الديكتاتوريات البرجوازية المدنية والعسكرية أيما كان إسمها ويزيد بالحركة العامة للرساميل المحلية والدولية الفوارق الإجتماعية-الثقافية والإقتصادية-السياسية بين الناس لدرجة الإتخام والجوع، ودرجة الحس بالتفوق والحس بالدونية، وتفاقم العنصرية والتدخلات الأجنبية.


موسم الهجرة إلى أية جهة إقتصادية سياسية لن ينتهي بأي مؤتمر، خاصة إذا ما كانت معركة الدقائق الأخيرة لإعداد التقارير وضبط هياكلها وإصطلاحاتها ووضع الليبرالي منها ضمن السياق الثوري أو ضع الثوري منها ضمن السياق الليبرالي، وسياق توزيع الزمن والموضوعات والفرص بين مواضيع المركز والمناطق، ومعادلة أو موازنة أو طرح أو تجميع أو ضرب أو قسمة أراء المناطق وأراء الأفراد، وأولية نقاشات الوضع السياسي أو التنظيمي، وفي كل مسارات شتى، وكيفية الموائمة بين قصر الزمن وموضوعية الخطابة والمناقشة والتعليق وحقوق التعبير ونوعية توزيع الفرص، وكذلك موازنة طبيعة الإجتماعات الخاصة والعامة، ومن ثم طبيعة الصياغة والتحضير لختام أعمال المؤتمر ثم تلخيص أعماله بحصافة وفن وأدب وإجازة وبلاغة سياسية تناسب طبيعة الحزب وأهدافه العامة وتاريخه والوضع الطبقي والوطني العام والعالمي في يحموم الفقر والثراء الفاحش والتفتت العام في السودان وظروف تضعضع الإدارة البريطانية ومغادرة الإدارة الجمهورية الأمريكية وتمزق هيلامانهما الإمبريالي في أفغانستان والعراق ، وجملة فإن المؤتمر القادم إما أن يضع الحزب في المسار التنظيمي العلمي المعروف للأحزاب الشيوعية والنضال التقدمي الشامل الذي يجمع مهمشي المدن ومهمشي الريف لأجل سودان إشتراكي موحد ضد السودان الإسلامي الممزق والمستغل والمهمش، أو أن يتواصل حال التفتيت الهادئي للحزب والوطن وهدر الجهود والتضحيات الطويلة المضنية لمناضليه وسفه الدماء والنفوس والحريات الذكية لشهدائه وأبراره العظماء في مشروعات إصلاح جزئي للوطن سرعان ما تأكلها مصالح البرجوازية الصغيرة والكبيرة في المساء.

ختمت مسودة هذا المقال في أول مايو سنة 2008 وجاء موافقاً في تهذيبه لزيارة الأستاذ محمد إبراهيم نُقُد السكرتير السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني إلى بريطانيا متفقداً أحوال ووجهات نظر جموع السودانيين فيها فكانت مناسبة المقال لشمس مايو ولنجم زيارة الرفيق.



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النتيجة العامة لتحولات العناصر الأربعة الرئيسة في الوضع العا ...
- الفساد في الأرض والسماء: الأوضاع الطبقية لتدميرالبيئة
- !!!!!!!!!
- 42 مسألة إنتقادية لمشروع التقرير السياسي
- جورج حبش
- نجوم
- الحفارين وأهل الطبقات
- الحوار المسلح (2)
- يا حفيد رسول الله (ص) لا تدعو إلى حرية الإستثمار!
- وقائع موت مُعلن للإنسان
- نقاط صغيرة في تجديد العملية الثورية
- الأزمة الإمبريالية في جذورها وفي محاولات حلها
- كيف تعزز السوق الحرة ضرورة ديكتاتورية البروليتاريا لحياة الن ...
- نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب
- بعض مفارقات حقوق الشعوب وحق الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها
- ثلاثة أخطاء قاتلة
- تخلف الأحزاب عن طبيعة الصراع الوطني يفاقم العنصرية والإستعما ...
- حُمرة أنغام الخريف
- نقاط في تاريخ الماسونية... من السودان وإليه
- عن أزمة النظام الرأسمالي ودولته السودانية في الجنوب


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - المنصور جعفر - إنقلاب الدقائق الأخيرة في موسم الهجرة إلى اليمين