أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - المنصور جعفر - النتيجة العامة لتحولات العناصر الأربعة الرئيسة في الوضع العالمي















المزيد.....



النتيجة العامة لتحولات العناصر الأربعة الرئيسة في الوضع العالمي


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 2261 - 2008 / 4 / 24 - 09:33
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إسهام في تمهيدالجزءالدولي لمشروع تقرير سياسي جديد:

في ظروف الوحدة النسبية للقضايا الطبقية والوطنية ضد التنظيم الرأسمالي العالمي للموارد يمكن ملاحظة إن قضية الحياة والمعيشة في بلاد العالم وتوزع مواردها وأدواتها وجهودها وثمراتها لم تزل تمثل لب حركة الوجود البشري وتشكيلاته المتنوعة والمختلفة النظم والطبقات.مما كان -ولم يزل- مجالاً تاريخياً لعدد هائل من التوافقات والصراعات التي رسمت المراحل الأساسية للتطور الإجتماعي للبشر منذ مراحل البداوة والحضارة إلى مراحل الإستعباد والإقطاع والرأسمالية ثم مرحلة التبلور الإشتراكي والشيوعي التي يعيشها العالم منذ ظهور التناقضات الكبرى بين قوى وعلاقات ونظم الإنتاج الرأسمالية في المستويات الطبقية والقومية والوطنية والجغرافية الثقافية والسياسية في القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين . ومنذ إعلان البيان الشيوعي يرفض الشيوعيون بوضوح كلي في العموم وفي جانب كثير من التفاصيل الجزء الأساس من الديمقراطية الليبرالية المتصل بحرية التملك الفردي للموارد الإجتماعية لمعيشة الناس وإنتاجهم لضرورات حياتهم، مناضلين لإشاعة تملك موارد الحياة في المجتمع بأشكال متنوعة للتملك الإجتماعي في هذه الشيوعية بعضها للأفراد مستقلين وبعضها تعاونية وأخرى متعلقة بالدولة. وهي أشكال تتفق جميعها على إشتراك الناس في تأصيلها وتفعيلها في حياتهم لا كثروة إكتناز بل لسد حاجاتهم الضرورة وحريتهم من النقص والفقر إلى هذه الضرورات وسلامتهم وكرامتهم من التكالب عليها وتقدمهم بشكل متناسق من الفقر والتكالب إلى مستوى مادي- ثقافي أرقى في عدده وفي نوعه لتقدم حاجات وقدرات الوجود البشرى. وفي سياق رفض الشيوعيين التملك الفردي لموارد معيشة وحياة المجتمع وتمسك الطواغيت الإقطاعية والرأسمالية بالنظام الإستغلالي ظهرت أربعة ظواهر دولية مهمة هي الإتجاه العالمي للتقدم الإشتراكي، وزيادة تأثير الحركة النقابية والجماهيرية في دول المراكز الإمبريالية، ونشاط حركات التحرر الوطني في عالم المستعمرات القديم، وتفاقم الأزمة الإمبريالية، وقد مرت هذه بتطورات مختلفة منذ الستينيات يمكن إيضاحها في الآتي:


1- الثورة الإشتراكية العلمية الأولى في العالم والتاريخ:

تبلورت الثورة الإشتراكية في مناطق صدام طبقي وثقافي تليد وقديم بين القوى الطبقية والقومية في روسيا تداخلت فيه بشكل دقيق العوامل الإقتصادية-السياسية للتشكيلات الطبقية والقومية وصور القهر والحرية وتواشجت مع عوامل ثقافية ودينية إسلامية ومسيحية ويهودية لقوميات ذاك المجال وصراعاتها الباطنية والإجتماعية، وتم ذلك التواشج بكل جدلياته في أشكال دقيقة جداً أثرت كثيراً في تاريخ وفي طبيعة تشكيل الحزب الثوري بمراحله الثلاث: حزب العمال الإشتراكي الديمقراطي الروسي في مرحلة الإقطاع ثم حزب العمال الإشتراكي الديمقراطي الثوري في بداية المرحلة الرأسمالية، ثم مرحلة الحزب البلشفي - الشيوعي بأطواره المختلفة، مثلما أثرت العوامل الطبقية والثقافية القومية والدينية في طبيعة تكوين ونمو وشباب ثم تسمم الإتحاد الإشتراكي للجمهوريات السوفييتية بعهوده المختلفة: عهد بداية الثورة والحرب (1917- 1922) ثم عهد [بداية] الخطة الإقتصادية الجديدة NEP( 1922- 1927) ثم العهود الإستالينية الثلاثة وهي: عهد البناء والنهضة (1930- 1940) وعهد الدفاع والنصر (1941-1945) وعهد إعادة البناء والتعمير وتقديم المساعدات الأممية (1945-1955) ثم عهود التجديد ما بعد المؤتمر العشرين التي إتصلت ببداية إنفصام طبقي وسياسي وقومي في قوى وعلاقات الإنتاج كحالة تسمم داخلي في علاقات القيمة- العمل في مجتمع إشتراكي نتيجة إتباع سياسة إدارية في الإنتاج ودخل المنتجين وسياسة نقودية في الإستهلاك زاد إنفصامها وتفاقمها بأثر عمليات الحصار والحروب الباردة والساخنة والتمزق (1956-1992).

بعد إنهاء الإتحاد السوفييتي فشلت التحولات الليبرالية في روسيا وعموم شرق إوربا في ضمان الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والقومية للمواطنين وإنحدر مستوى المعيشة بصورة رهيبة وتبددت حقوق التعبير والتنظيم تحت وطأة السيطرة المالية والعسكرية لقوى السوق والإمبريالية ومفاقمتها الصراعات البيروقراطية والعنصرية والتجارية الأفقية والرأسية في تلك المجتمعات بواسطة إطلاقها حرية تملك الموارد بدلاً لحال الإنسجام النسبي والتقدم العام التي عاشتها في ظل الملكية العامة الإشتراكية، بعد تاريخ طويل من الحروب والنزاعات الإقطاعية والتخلف العام .ولكن بينما غربت شمس الإشتراكية العلمية في شرق أوربا بدأت شمس الإشتراكية في الشروق بدول ومجتمعات أخرى كالصين وكوريا وفيتنام وكمبوديا والهند ونبيبال وكوبا وكثير من دول أمريكا الجنوبية التي بدأت في الظهور على المسرح العالمي كدول ذات إتجاهات إشتراكية فعلة في تنمية مجتمعاتها دون إستغلال خارجي وحروب .



2- الحركات النقابية والتقدمية الجماهيرية في أوربا وأمريكا ضد الفاشية والإستعمار ولأجل السلام:

بداية من أواخر القرن التاسع عشر تبلورت في أوربا الإمبريالية ثم في أمريكا القرن العشرين حركات نقابية وجماهيرية قوية نتيجة تطور الجدل بين العناصر التقدمية وعناصر طوائف وإتحادات العمل القديمة وهو الجدل الذي قامت قوى الإشتراكية الديمقراطية والإشتراكية العلمية بحسمه لصالح التكوينات النقابية والتنظيمات المدينية الحديثة. ورغم حملات القمع الدموي والإستخباري ضد القوى التقدمية بعد الحرب العالمية الثانية في أكثر بلاد أوربا الغربية وأمريكا فقد نجحت الحركة النقابية الحديثة في الإسهام الفعال في تكوين تنظيمات جماهيرية ذات أبعاد إجتماعية وسياسية متنوعة شملت أهدافها تعزيز الدفاع عن حقوق العاملين، وتقنين حقوق التعبير وحقوق التنظيم، ومناهضة الإستعمار، ومناهضة الفاشية وكل صور التسلط، بل والدفاع عن حقوق المرأة وتقديم قضايا الشباب، والسلام العالمي مع الإشتراكية، وإلغاء الديون الإمبريالية، وقضايا حقوق الإنسان، وصون البيئة، ومناهضة العنصرية، ومحاربة الفساد، وكذلك (حماية) المهاجرين وحماية الشعوب الأصلية، وقد تطور وإرتقى نشاط هذه الحركات -في جانب منه- إلى حركة جماهيرية "ضد العولمة" وإلى حركة أخرى "ضد الرأسمالية" والى إقامة "المنتديات الإجتماعية العالمية" وحركة ضد الحرب الإمبريالية على العراق وأفغانستان إضافة إلى عدد كبير من المنظمات (الخيرية)! وتتمثل أكبر إنتصارات هذه الحركات القليلة العدد الواسعة النفوذ في نجاح مناهضتها للإستعمار القديم، وإسهامها في ضعضعة نظم التفرقة العنصرية الصريحة في بلاد جنوب أفريقيا، وفي كشفها وتنبيهها لمخاز تجارة النفط والسلاح، والفساد الدولي، وغسل الأموال ودورها في تشكيل وفي تبديد المعونات الأوربية.

وقد كان الجمهور الأساسي لهذه الحركات ولم يزل من الصفوف السياسية المتقدمة للمجتمع ذات الإرتباط الوثيق بأحزابه الشيوعية وبأحزابه الإشتراكية الديمقراطية ومنظماته المدنية التقدمية، وكانت نضالاتها في النصف الثاني للقرن العشرين في مجتمعات أوربا أكثر عدداً وأعلى صوتاً في ظل المناخ الدولي وفي ظل الضمانات الإجتماعية – السياسية للمعيشة وهي الضمانات التي تمثل أثر الإصلاحات الإشتراكية في دول مركز النظام الرأسمالي، وإن كانت ظروف تمويل الحياة في أوربا ولم تزل إلى الآن تختلف عن ظروف تمويل الحياة في الدول الإشتراكية السابقة والحالية حيث إن دول المركز الإمبريالي تمول حياة مجتمعاتها ورفاهها بإقتصادات الإستعمار بنوعيه القديم والحديث.

ورغم فاعليتها في النضال ضد الإستعمار والعنصرية عبر هذه الظروف فقد كانت مواقف الحركة النقابية والجماهيرية في مراكز العالم الرأسمالي متناقضة بين التيارات الإشتراكية الديمقراطية التي تدافع عن حرية التملك الفردي لموارد معيشة الناس والتيارات الإشتراكية العلمية أو الشيوعية التي ترى ضرورة إلغاء الشكل الفردي لتملك موارد الحياة الإجتماعية، وقد تمدد هذا الإختلاف العظيم إلى موضوعات السياسة الدولية بما فيها قضايا "الأمن والتعاون الأوربي" و"إتفاقات الحد من الأسلحة" وعدد من إتجاهات التعامل مع قضايا التنمية في أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا، وقد (إنتهت) الجولة الأولى من الصراع في الناحية الأوربية - الأمريكية بإنتصار قوى المعونات والديون والإستثمار والتعاون الإستراتيجي التي تؤدي أدواراً مهمة في سياسة وعملية الإستعمار الحديث والتركيز الإمبريالي لحركة تداول الموارد، اما في ناحية الدول والمناطق المهمشة في العالم الرأسمالي فقد تفجرت كثير من الصراعات بفعل سياسات المعونات والإستثمارات وتناقضات (التنمية) الرأسمالية المتفاوتة وما تفرضه وما تنتجه من تركيز للموارد وتهميش عدد كبير من السكان والمناطق والبلدان.

وبعد رفع أسعار النفط في السبيعينيات وإفلاس الدول المتحررة حديثاً في الثمانينيات، خُدمت ظروف المجاعة في أفريقيا لتحجيم وحجب وتغطية نضالات الحركات النقابية والقومية والجماهيرية في غرب أوربا، وستر حملات القمع البيروقراطي والعسكري لها التي سبقت تنفيذ سياسات حرية السوق حيث طرد عشرات ألاف العمال من مهنهم وأغلقت عشرات المناجم والمصانع وحدت الحقوق النقابية بل وعسف بوجود النقابات والعمل النقابي نفسه بشروط قاسية ، ثم بدأت الموجة العاتية من إجراءات الخصخصة العشواء والإطلاق المتزايد لحرية السوق والتقييد والتقليل المتوالي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية وتعقيد حقوق وحريات التنظيم والإعلام، والسفر والهجرة وصارت الحياة تحت رقابة الأجهزة الألكترونية وتواصل ضخ (الإعلام) الخبيث أقرب لأن تكون حياة في مزرعة الحيوان.

وقد إنتعشت في هذه الفترة منظمات حقوق الإنسان وأجهزة الإتحاد الأوربي كمعين أساسي للحركات النقابية والجماهيرية وقضاياها في العالم ككل وفي العالم الثالث خاصة، ورغم إن الحريات الدولية للقوى الإمبريالية في تركيز موارد العالم لمصلحتها الخاصة "العولمة" قد (خلقت) أرباح وفوائض مالية ضخمة فقد أدت نفس العولمة إلى تبدد كثير من هذه الأموال في مضاربات العملات والأسهم مرتين في الثمانينيات والتسعينيات وثلاثة مرات حتى ربيع العام الثامن من القرن الواحد والعشرين، إضافة إلى تبددها في مشروعات التسلح ونفقات الحروب الإمبريالية القديمة والجديدة ضد يوغوسلافيا والعراق وأفغانستان مما زاد وتائر أزمة المعيشة في الدول الإمبريالية وإرتفاع نسبي لسهم الطروح الإشتراكية (الفضفاضة) من جديد. ومنذ بداية الحرب على العراق في 2003 وتحول سياسة بلدان أمريكا الجنوبية إلى اليسار قويت حركة التضامن مع قضايا العالم الثالث وتزايد الإتجاه لتوسيعها وعقدت مؤتمرات في عدد من الدول الأوربية والأفريقية والآسيوية والأمريكية الجنوبية لهذا الغرض تحتاج جملةً إلى حضور شيوعي قوي وفعال لتنميتها.



3- حركات التحرر الوطني ومجريات تطور الدول المستقلة حديثاً:

مع بداية التبلورات القومية في العالم الحديث بفعل النشاط الراسمالي الداخلي وتحول حرياته إلى حالة إستعمارية دولية ظهرت حركات ودعوات متفرقة لمقاومة الإستعمار والضيم الأجنبي سجل التاريخ طليعيتها وبطولاتها وتضحياتها ولكن النشوءالحديث المنظم الاول لهذه الحركات بدأ من مناطق القوقاز بتأثير نشاط البلاشفة ضد أعمال شركات النفط في آسيا الوسطى وبتأثير الإختلافات العثمانية والروسية إلخ وقد إندغمت هذه الحركات في النضال الثوري والشيوعي لتحرير شعوب روسيا من حلف الإقطاع والرأسمالية الأجنبية والإستغلال والتهميش وظواهرهما الماثلة في زيادة معدلات الفقر والجهل والمرض، وبتفتح الثورة الإشتراكية في روسيا وظهور فاعلية الشيوعية في تحطيم النظم الإقطاعية وبناء مقومات مادية وثقافية عادلة ومنطقية للحياة الإجتماعية المتقدمة بدأت الأفكار الشيوعية والثورية في الإنتشار على ثلاثة مراحل:المرحلة الأولى في زمن لينين كانت تربط الإعتراف بمثل هذه الحركات بشروط قاسية من الصلابة الطبقية العمالية في النظرية والنشاط، كان من بعض أشهر معالمها إنتشار فهوم الإشتراكية العلمية في مناطق العالم الصين والهند والهند الصينية وأفريقيا والمكسيك وكذلك رفض قبول "الحزب الإشتراكي المصري" وكانت المرحلة الثانية مع تولي مفوض القوميات إستالين لأمور الحركة الشيوعية حيث فتح مجال الإلتحاق بالإتجاه الإشتراكي لكل الحركات المعادية للإستعمار ونشطت في تخوم الحرب العالمية الثانية حركة عالمية معادية للفاشية والإستعمار، وقد كانت بعض نشاطاتها في أفريقيا ماثلة في نضالات الجبهة المعادية للإستعمار وتفعيلها الكفاح المشترك في السودان ومصر ضد حلف الرجعية والإستعمار وفي تكوين الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو) وإسهامها الكبير في تكوين تنظيم الضباط الأحرار وتنظيم ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة جمال عبدالناصر.

وبعكس جانب من سياق التحرر الصيني مالت معظم الحركات التحرر إلى فصل مسالة الإستقلال الوطني ورفض الإستغلال الأجنبي عن قضية الصراع الطبقي والقضاء على جذور الإستغلال الداخلي والتميز العنصري الدقيق المرتبط به! ونتيجة هذا الفصل بين ضرورة إستقلال وتطوير قوى الإنتاج وضرورة تغيير علاقات الإنتاج تكونت المرحلة الثالثة من حركة التحرر الوطني في عموم العالم الثالث في سنوات الستينيات وأوائل السبعينيات وحققت نجاحات كبرى بنهاية أكثر حالات الإستعمار القديم و(تحول) الحكم في بلدانها إلى مسالة داخلية، ولو كان ذلك التحول مجرد تحول مظهري كما حذر أدب الجبهة المعادية للإستعمار. وإذ دفعت الإتجاهات الأكثر تقدمية في حركات التحرر الوطني قضايا الإستقلال والتطور الوطني في إتجاه لا رأسمالي في عمومه، تحت رايات الخصوصية الإشتراكية العريية والأفريقية والآسيوية ورفعت تلك الإتجاهات رايات العداء للإستعمار ورفض الإستغلال وتحقيق التنمية وتحقيق مجتمع الكفاية والعدل، ولكنه كان في جوهره إتجاه ليبرالي يسمح للأفراد بتملك موارد عيش وحياة الناس ويتيح حرية تسويق الموارد الإجتماعية، رغم بعض الضوابط ويقف في المستوى الدولي على نفس القواعد الإمبريالية لتكوين وإصدار العملات وإجراء عمليات التمويل والصرف والتجارة ، مما إنتهى بمعظم هذه الحركات إلى الإنقسام والتفتت، بل وتحول حال الإستقلال الرمزي والتنمية الظاهرية في دولها وخدمات مجتمعاتها المدينية إلى حالة إستعمار حديث ذي إستعمار داخلي وكيل على الريف وإلى إفلاس وتجويع وخصخصة وعولمة وإمتيازات وفساد وحروب أهلية.




4- أزمة التنظيم الإمبريالي لموارد العالم:

1- الإمبريالية في التاريخ : "الإمبريالية" Imperialism إصطلاح سياسي يوناني ورومي منسوب لمفردة الإمبراطورية وسؤدد الملك على ما يزيد عن مملكة واحدة، وقد نشأ هذا الإصطلاح من حالة سيطرة القرية أوالمدينة المتمركزة على تجارة وأمور القرى المحيطة بها نتيجة موقعها الطبيعي ووضعها العسكري وتحكُم هذه القرية والمدينة فيما بعد بسطوة القانون وتملكاته وضرائبه وشرطته وجيوشه وما يتصل بهم ثقافة وإعتقادات في أمور بقية القرى وحياة آهليها وإنقلب حال الإصطلاح حاضراً من الدل إلى المجد إلى دالة إلى الطغيان أما الإمبريالية كوجود وإصطلاح حديث فهي حالة طبقية إقتصادية-سياسية-إجتماعية ثقافية تتواشج بنشاط الرأسمالية العالمية (الأوربية-الأمريكية) في كينونة إستثمار لموارد العالم ومجتمعاته وإستغلالها أو تهميشها لأجل ربح الكيانات القائمة بهذا الإستثمار. وهي كأعلى شكل للرأسمالية تتصل في جذورها وأشكالها بطبيعة التقسيم الرأسمالي لموارد العالم منذ عهود الإستعمار وكيفية تنظيمه لتوزيع قوى وأدوات وأساليب الإنتاج ومنافعه على نطاق دول العالم في نظام إقتصادي مجحف مبخس مطفف لأغلبية المجتمعات والدول ومربح للقوى الأمبريالية بشقيها الأوربي والأمريكي وتوابعهم في القارات الأخرى. وقد نشأت الحالة الإمبريالية بتنسيق وتضافر رؤوس الأموال المصرفية والتجارية والصناعية الدولية النشاط كقوى رئيسة والقوى المسيطرة في كيانات الدول الأوربية والأمريكية وهيئاتها في مجالات القانون والإعلام والحكومة والمخابرات والجيش وتخديمها -بتأثير رأس المال ونفعه لأفرادها- كقوى لإدارة وتنفيذ أفكار رأس المال ومشروعاته العامة المتعلقة بطبيعة وجود الدولة ونشاطها في مجتمعها والعالم لغرض تحقيق أقصى الأرباح للهيئات الرأسمالية الكبرى. وقد عبر أحد الرؤساء الأمريكيين عن هذا الوضع صراحه بقوله: (( مصلحة شركة جنرال متورز = مصلحة أمريكا)) وهو قول لا يرعى منطقه تفاوت الحاجات والمصالح والقدرات بين الطبقة العاملة المنتجة للسيارات في المجتمع الأمريكي وإختلافها عن حاجات ومصالح وقدرات الأفراد المسيطرين على مجالس إدارة تلك الصناعة الحائزين على أعظم أرباحها. وكذا في المستوى العالمي لتحقق هذه المصلحة الأمريكية مع تفاوت المصالح والحاجات والقدرات بين القوى المسيطرة في "جنرال موتورز" والدولة الأمريكية وحاجات ومصالح المجتمعات والدول المُستثمرة بفعل الوضع الإمبريالي وتجارته المطففة المبخسة حيث تؤخذ منها الموارد والطاقات المكونة لأرباح تلك الشركة ودولتها مقابل خسائر بيئية وإقتصادية ومالية وسياسية وإجتماعية باهظة تنوء بها تلك المجتمعات والدول تتجاوز العائدات المالية البخسة التي نالتها وتكلفها معيشة ضنكاً. وقد نشأت الإمبريالية الحديثة مواشجة للإستعمار ونهب وتبخيس موارد الشعوب وتطفيف جهودها وقدراتها تطوراً من شركات غرب وشرق الهند الهولاندية والبريطانية والفرنسية والأوستيرية والسويدية وشركات أفريقيا المتنوعة في القرون الماضية وإلى الشركات الخمسمائة الأكبر في عالم اليوم. ولم تزل الإمبريالية حتى الآن تحقق نشاطها عبر العالم وحدوده وحقوقه مرتبطة بشكل عضوي وظاهري بحالة الإستعمار: حيث تطور وجود الإمبريالية والإستعمار بداية من النشاط الأول لرؤوس الأموال ضمن حالات الإستعمار القديم القائم على الوجود والقهر العسكري المباشر للبلاد والمجتمعات المستعمرة ثم تولي رؤوس الأموال للشركات (المحلية) لإدارة تجارة تلك المستعمرات بحق إسهامها في تكاليف حملات الإكتشاف والفتح أو شراءها لهذا (الحق) أو لجانب منه، ثم تحول وجود الإمبريالية ونشاطها من ذلك الطور البدائي مع إمتلائه بالخسائر السياسية والثقافية وتعرضه للثورات، راقيةً منه إلى حالة أربح لها جسدتها في نظام الإستعمار الحديث القائم على السيطرة المصرفية النقودية على عملة الدولة والإستغلال التجاري وقهر المجتمعات والشعوب والطبقات الكادحة بشكل غير مباشر لاجل تحقيق أقصى الأرباح الممكنة ثم ظهرت إلى العيان مؤخراً حالة تطوير لهذا النظام بجمعه بشكل متنوع بين أسلوب الإستعمار القديم وأسلوب الإستعمار الحديث.


2- تطور أسس وأشكال العمل الإمبريالية منذ الستينيات:


أ- من ناحية الأسس النظرية :

سجل الإعلام الإمبريالي تطورات الأزمة الإمبريالية من حالة "الحرب الباردة" إلى حالة "العولمة" إلى حالة "الأزمة العالمية" Recession وكانت الأزمة الإمبريالية قد نشأت كحالة وطور عملي طبقي ودولي وعالمي لحق التملك الخاص للموارد وحرية التقويم النقودي للمنافع وحيازتها وتملكها بواسطة الأفراد وفق قدراتهم المالية. فيما يعرف أيديولوجياً بالإسم الرنان "حرية السوق". ولحيوية النشاط الإصطفائي والإستئثاري لوجودها فإن الإمبريالية تعلي حق التملك الخاص وحرية سوقه ومتطلباته المادية والنظرية على جميع الحقوق الإنسانية والدولية الأخرى، فيما عرفه بعض الإسلاميين بإصطلاح "الإستكبار العالمي" وهم ينسون بذوره وجذوره في حقوق وحريات التملك والتجارة مثلما ينسون في بنوك فقههم الفضل في قياس حرمة التمك الخاص لوسائل حياة الناس على سُنة: (( ما أسكر كثيره فقليله حرام)).

ب- أشكال العمل الإمبريالية:

يتجسد النشاط الإمبريالي بشكل دائرة تتركز الأنشطة والأرباح في مركزها وتنتشر الأعمال والخسائر في محيطها. ولكن بوصف قد يكون أكثر موضوعية ودقة فإن النشاط الإمبريالي يشكل كياناً ونوعاً منظوماً من التطوير المتفاوت بين المجتمعات والبلدان التي يمارس ضدها نشاطه وبين المجتمعات والبلدان التي يركز فيها سلطة أعماله وأرباحه، وذلك لطبيعة حياته القائمة على التطور المتناقض بين تركيز الأرباح والإختصاص بها في جهة وتوزيع الأعمال والخسائر في محيط المجالات التي تعمل لصالح تكوين هذه الأرباح في جهة أخرى . وإذ تحقق الإمبريالية نشاطها فبواسطة عمليتين مترابطتين متلازمتين هما: 1-عملية الإستغلال و2- عملية الإستلاب أي تهميش المنتج ومصالحه ووعيه.


3- المنطق العام للإمبريالية ودعاويها السياسية:

أ- منطق المصلحة الفردية:
وفق منطق المصلحة الفردية تتواشج الإمبريالية بشكل طفيلي بعدد من الأفكار والدعاوى السياسية، أهمها القول بـ(ضرورة) حرية التملك الفردي للموارد العامة لتحقيق المصالح الإجتماعية! دون أن تأبه لدالة وأثر سيطرة بعض الأفراد على موارد عيش وحياة الناس، وإلى الفرق الإجتماعي بين حالة عشواء السوق وحال إنضباط التخطيط والتنمية والضرورة الإجتماعية الأوسع والأكثر دواماً للقيام بهم.

ب- الحقوق السياسية:
تبنى الطور الأعلى من الليبرالية بشكل نظري مبادئي الحرية والإخاء والتعاضد والمساوآة، ودعاوى نشر الحضارة والتمدن والإستعمار(التحرير)، وحتى أفكار التقدم والإشتراكية، ومكافحة العنصرية، وكذلك دعاوى حق المجتمعات والدول في تقرير مصيرها، والحكومة الدولية، الحرية، والسلام والأمن، مكافحة الديكتاتورية، توازن القوى، العلمانية، تقديس الدين، حقوق الإنسان، مكافحة الفساد، الديمقراطية والمجتمع المدني، مكافحة الإرهاب، حماية البئية والوقاية من تغير المناخ، وغير ذلك من شعارات عامة نتجت أصولها في مختلف المجتمعات بنضالات الإنسان ضد القهر والتمييز العنصري والإستعمار لكن القوى الليبرالية والإمبريالية إذ تتبناها بشكل متنوع في الزمان والمكان فإنها تسوق هذه الشعارات تحت سيطرة وهيمنة أدلوجة وقيمة عليا وهي أدلوجة وقيمة التملك الإنفرادي الخاص للموارد والمنافع، وحرية قوى السوق ونشاطها لتكريس هذه التملكات والمنافع لأصحاب القدرات الأقوى!! وهذا الإعلاء يعارض كل القيم الإنسانية بطبيعة عملها الإستغلالي وتكوينها للأرباح بالتغريب والإستلاب وتجريدها الآخرين من مواردهم وطاقاتهم بثمن بخس وخسارات عظمى في وجودهم وبيئتهم


4- مصادر القوة والضعف الإمبريالية:

ككل الأشياء في الطبيعة وفي الطبيعة الإجتماعية لم تتكون القوة الإمبريالية دفعةً واحدة، بل نشأت وتطورت أطوارا وإرتقت في ذلك من التكوين الرأسمالي المفرد والبسيط الى الكثير والمعقد العالمي معتمدة على العناصر والعمليات الآتي بيانها:

1- الإستعمار القديم ومخلفاته
2- التحكم في إصدار وتقويم العملات وفي عمليات التمويل والتصنيع والنقل العالمي والإتصالات والتجارة الدولية والإعلام
3- الضغوط والإغراءات الإعلامية واسياسية الديبلوماسية والدعم العسكري وتجارة السلاح
4- الديون الدولية

ونتيجة للتطورات السياسية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية في العدد الغالب من دول العالم وكذا في الدول التي تتمركز فيها القوى الإمبريالية قلت فاعلية هذه المصادر في الزمان الحاضر وإضمحلت وأضحت الإمبريالية من جديد في حاجة إلى موارد وأرباح حقيقية أكثر تعمل على تلبيتها وتحقيقها تحت شعارات سياسية جديدة كالإنفتاح وحماية الإستثمار، والتسهيلات، والتعاون الدولي، وحرية التجارة الدولية، والشراكة وعبر عمليات سياسية كـ"السلام الأخضر" و"مكافحة الشيوعية" و"السلام"، و"حقوق الإنسان" و"دعم الديمقراطية ومكافحة الإرهاب" . ومنذ الستينيات كانت التطورات في أكثر دول العالم المستعمَر القديم وليدة من تفاعل أربعة عناصر متداخلة هي:1- النشاط الشيوعي 2- نشاط حركات التحرر الوطني والدول المتحررة حديثاً، و 3 - النشاط الإجتماعي والنقابي والثوري ضد الميز الطبقي والعنصري والإستعمار الحديث ولأجل التقدم المتناسق والسلم العالمي، 4- التناقضات الداخلية والخارجية للتنظيم الرأسمالي العالمي القديم للموارد والسلطات: ففي العنصر الثالث الأخير كان التفاوت بين تصنيع الخامات في المستعمرات وفي مراكز الإستعمار الأوربية والأمريكية ومصاعب ولوازم وقواعد التنافس قد فرض ضرورة إستقلال المستعمرات، فتحولت الرأسمالية العالمية بضغط حركات التحرر الوطني من حالة الإستعمار القديم إلى حالة جديدة لإستغلال موارد المجتمعات والثروات التي كونها الإستعمار القديم في تكوين سيطرة وهيمنة جديدة منسقة وشاملة على موارد العالم بداية من تحديد البنوك والمؤسسات المالية لقواعد إصدار العملات وقيمها ونهاية بمحاولات تقوية أو إضعاف بعض الدول ومجتمعاتها. مما فاقم توترات طبقية وقومية ودولية معروفة يختزلها إصطلاح"الحرب الباردة" وقد تم إستثمار جانب من التوترات الدولية في صناعة وتجارة الأسلحة، وفي السيطرة شبه المباشرة على مراكز القرار السياسي في أغلب الدول المتحررة حديثاً التي فصلت بين إستقلال بلدانها من الإستعمار وإستقلال منتجيها من الإستغلال الرأسمالي، فولدت بقصور داخلي في بنية دولها ومجتمعاتها،وسهلت السيطرة عليها وإخضاعها بآليات الإستعمار الجديد وهضم حقوقها كدولة وكمجتمع. وقد أدت سيطرة الإستعمار الحديث وفروضه من مشاريع تنمية زائفة وفساد إلى زيادة الديون الدولية وتفاقمها بصورة ضعضعت إمكانات السداد ونقلت البلاد المستدينة إلى خانات الإفلاس وخصخصة وعولمة ونهب مواردها، مما ضاعف بنية خط الفقر الدولي وسبب ضعفاً في قدرات التصريف والتداول وأنتج أزمات مالية دولية شهيرة في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وفي القرن الواحد والعشرين إنعكست على السياسة الإمبريالية بزيادة في سعار الخصخصة والعولمة، وإرتفعت أسعار المواد الخام والطاقة، وأسعار المنتجات والخدمات بمعدلات أكبر من إرتفاع الأجور وقدرات الإستهلاك مما زاد ضعف إمكانات الإنتاج والتوزيع وزاد تحت شعارات الليبرالية الجديدة حالات الفقر والامية والجهل والتخلف والتوترات والحروب .


5- بعض النقاط في طبيعة ومظاهر الأزمة العامة للإمبريالية:

تعبير وإصطلاح "الأزمة" يعني التناقض الجذري بين عناصر الشيئ أو مكونات الحالة حيث يصير وجود أحدها ضداً لوجود الآخر وتضحى طبيعة حياته ونشاطه خصماً على طبيعة حياة ونشاط العنصر أو المكون الآخر مما لا يمكن تجاوزه وتحقيق الحرية منه إلا بغلبة واحد من العنصرين على الأخر بتطور في قدراته أو بإجتماعه مع عناصر أو مكونات أخرى ضد العنصر أو المكون النقيض والحد من نشاطه وإضعاف جذور حيويته وتعطيل مصادر حياته.

وأزمة الأمبريالية أزمة بنيوية لها أشكال متداخلة تتراوح بين الأزمات الإنتاجية والتجارية والمصرفية والأزمات الإجتماعية والدولية والحروب الأهلية والدولية والعالمية وهي تتصل ببنية النشاط الإمبريالي وطبيعته فبينما تميل القوى الإمبريالية إلى توسيع نشاطها وتأليله لتحقيق أقصى ما يمكن من أرباح فإن هذا النشاط والتوسع وما يتصل بتكاليفه وبطبيعته من تحكم أوتركيز أوحذف للموارد أوتزاحم أو إزاحة وما يتصل بذلك من إستغلال وتهميش يسبب بدوره ضيقاً جديداً في الموارد المتاحة وضعفاً في قدرة التصريف وبالتالي في القدرات الضرورة واللازمة لتجديد نفسه على المستوى العام.

فزيادة التكلفة أو تقليلها في وحدة إنتاج معينة تقلل قدرة التصريف وتخسر الإستثمار في تلك الوحدة أو في وحدة أخرى أقل (كفاءةً) منها وهذه الحقيقة التاريخية والموضوعية يستوي أمرها في حالة زيادة تخديم الآلآت في العمل أو تقليلها أو في حالة رفع الأسعار أو خفضها. ويقوم التنظيم الرأسمالي للموارد بإجحافه في توزيع الموارد والجهود والثمرات بتوليد تناقضات إجتماعية وسياسية شتى طبقية وعنصرية المنحى تمس الأعصاب والأوتار الحساسة في التشكيلات الإجتماعية المختلفة مثيرة القلاقل والإضرابات والإنتفاضات والثورات والحروب مما بدفع القوى الإمبريالية إلى الخروج من دوائرها والإرتقاء من هذه النشاطات العملية ومشكلاتها إلى نشاطات أخرى في مجالات التقنية المعقدة وفي مجالات الإقتصاد الرمزي بالمضاربة على الأسهم، والتجارة في التمويلات والعملات، وتدوير الأموال، وتأمين الخدمات السياسية والسمسرة في العقود أو إلى إنعزال بعض وحدات الرأسمالية من كل ذلك والإكتفاء ببعض النشاط في ظل التدهور العام للموارد والأرباح الحقيقية، وهو ما يزيد بكساده من وتائر الأزمة ويجددها ويفاقمها.

ومن مظاهر الازمة الرأسمالية العالمية التحولات المختلفة المعروفة في التاريخ الإقتصادي بين نظم الحماية السياسية للإنتاج والتجارة الوطنية، ونظم حرية الإنتاج والتجارة والتسويق، وما بينهما من حروب أهلية ودولية وعالمية، وكذا الدعوة الكثيفة المعاصرة إلى حرية التجارة والدعوة لحرية الإستثمار والدخول إلى السوق الصينية ثم التضجر الكثيف من النشاط الصيني والخسارة منه، حيث كما سبق القول إنتقلت عناوين الإعلام الإمبريالي من "الحرب الباردة" إلى "العولمة" إلى "الإزمة".


6- الحلول التي تقدمها الإمبريالية لعلاج أزماتها:

تتقدم الدوائر السياسية والعلمية والثقافية المرتبطة في تمويلها بالنشاط الرأسمالي إلى الجهات العامة والخاصة المتصلة بتسيير النشاط الإمبريالي وقوانينه ونظمه واعماله بعدد من (الحلول)، لعل أهمها ما لخصه خطاب رجل المال والإستخبارات المتحدر من أصول الطبقة الحاكمة الرومية والألمانية الأمريكية الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في هيئة الأمم المتحدة حيث أعلن للقضاء على (مشكلات العالم) قيام ماسماه "نظام عالمي جديد" New World Order. وهو تعبير روماني قديم بعثته النازية وخدمته لمصلحة حربها العالمية ضد المظالم الإمبريالية القديمة لألمانيا فحاولت النازية بناء على على قرآءة خاطئة لنظرية التطور والإرتقاء بناء نظام عالمي جديد يتحكم فيه راس المال الألماني الذي كان أقوى النظم الرأسمالية في العالم قبل أن يدمره الإتحاد السوفييتي حيث حدد الرئيس الأمريكي الأسبق أقانيم هذا النظام (العالمي) بأنها:

1- إنهاء الإيديولوجيا [ومقومات التفكير المنظوم بمصالح الطبقة العاملة والمجتمع]

2- الإعتماد على العلم والتكنولوجيا [في علاج المشكلات الإجتماعية]

3- حرية قوى السوق

4- تعزيز المجتمع المديني والديمقراطية


فحص الحلول الإمبريالية:

قد تشكل هذه الأقانيم تفصيلاً سياسياً لميثيولوجيا "نهاية التاريخ" التي روجتها مؤسسات البحث والعلوم السياسية الإمبريالية آوانذلك الإعلان فشرطها الأول يتطلب عقلاً خالياً من التاريخ وخبراته ومُرَكَزات علومه الإجتماعية، بينما يهمل الشرط الثاني الأوضاع الطبقية والظروف الإجتماعية والسياسية لإنتاج وتطبيق المعارف العلمية، وظروف توسيع التعامل بها، وآثار إحتكارها بـ"حقوق الملكية الفكرية"، وأزمة طبقية التعليم وتوجيهه لمصلحة القوى الرأسمالية والتطور المتفاوت. كذلك يتجاوز الشرط الثالث تفاوت قدرات قوى السوق ومصالحها وإختلافها جملةً عن تفاوت حاجات وقدرات المجتمعات البشرية ومصالحها. أما الشرط الرابع عن المجتمع المديني والديمقراطية فينسى حالة التحكم الفعلية في الحقوق والحريات التي تفرضها طبيعة حرية السوق وقواها وميلها المستمر للإنفراد بتقرير شؤون موارد المجتمعات وما في ذلك من تقرير لطبيعة حياة تلك المجتمعات ومستويات عيشها ومستقبلها دون أن يكون لها حق في تغيير أسس هذه الحالة أو التحكم فيها.

الطبيعة العملية هذه لنفاذ هذه الحلول وتطبيقها في العالم:

لم تبقى الحلول الإمبريالية طي أدراج كاتبيها فقد توسع في إنجازها حتى وصلت في الزمن الحاضر إلى مرحلة الأزمة والتآكل والتضخم والكساد والإفلاس والحروب. وقد تم التأزم بداية من موجة الخصخة التي زادت نتيجة لها الأرباح الظاهرية في المراكز الإمبريالية مقاربة أعداد فلكية تتجاوز الأصفار فيها الخمسة عشر صفراً وهي تتجه بقوة المضاربات إلى الصفر السادس عشر، ولكنها في الجانب الأكبر من العالم، أي الجانب المهمش إرتبطت نجاحات الخصخصة والعولمة بكل النتائج السالبة التي وردت عنها في تقارير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فزادت أو تكثفت معدلات الفقر والأمية وسوء التغذية والأمراض والإنقسامات والأزمات الإقتصادية-الإجتماعية والتوترات والحروب، وهي أمور تعرقل النشاط الإقتصادي العام بأشكاله.

وبناء على المقارنة بين الحلول الليبرالية المقترحة وبين الوقائع النظرية والعملية لإنفاذها يمكن القول بأن الحلول الليبرالية- الإمبريالية تسهم في تجديد الأزمة الرأسمالية العالمية بإنعاش جذورها وتنويع أشكالها أكثر من إسهامها في حل هذه الأزمة وعلاج ظواهرها. ومن هنا تتفاقم وتتجدد الزيادة في إنتشار وتكثف حالات الفقر والأزمات الإقتصادية الإنتاجية والمالية والتجارية والتوترات السياسية والمجاعات والحروب وتفشي الأمراض ونشاط حالة الديكتاتورية الدولية وعودة الشكل القديم للإستعمار والزيادة في العسف بحقوق الإنسان ومايرافقها من حالات القمع والإعتقالات والتعذيب والإعدامات والإغتيالات، والزيادة في نطاق وأنواع الجريمة وليس نهاية بجرائم الحروب والتطهير العرقي والثقافي، إضافة إلى ما تكلفه مقاومة هذه الأوضاع.


7- الحل الموضوعي للأزمة الإمبريالية:

عمق الأزمة الإمبريالية وتشعبها يجعل علاجها بطرق ووسائل الإسعاف والإصلاح عبثاً وأمراً سفها، فلابد من تناسب الحلول بما هي حلول مع مسببات الأزمة ومكوناتها وبعدها عن التعلق بعوارضها وأشكالها السطحية. ومادامت الأزمة في أصلها أزمة طبيعة تملك موارد المجتمعات والدول وحرمانها بهذا التملك من السيطرة عليها، لأجل مصالح الرأسمالية الدولية وتحقيقها الربح فإن الحل الموضوعي لهذه الأزمة لا بد أن يتصل بطبيعة هذه التملك وآثاره وذلك على النحو الآتي:

1- قيام المجتمعات والدول بتأميم جميع موارد الإنتاج الإجتماعي ووسائله الضرورة لحياتها وعيشها وسيطرتها عليها سيطرة تامة

2- ديمقراطية تنظيم أمور الإنتاج والعيش في الدول بصورة تخضع لقوى ومصالح العدد الغالب من الناس حيث تدار الوحدات الإقتصادية-الإجتماعية للإنتاج ومؤسساته وفق قواعد التعاون والشراكة والإدارة بالإنتخاب .

3- قيام أمور الحكم السياسية وتنظيمه لمعيشة الناس بشكل ديمقراطي شعبي،، تعاقدي وإتحادي بين مكونات المجتمع يقيمون به الأسس النظرية والعملية لكياناتهم الإدارية الريفية والمدينية ودولتهم.

4- تدعيم ثقافة التنمية المتوازنة والإشتراكية والسلام.

و يمكن أن تلاحظ على هذه الحلول سمات الإتساع والعمومية، ولكنها كذلك لتنوع الوضع الإمبريالي وإشكالات أزماته وللحيز المناسب له في وثائق العمل السياسي وضرورة مراعاة تباين قدرات التعامل معه بيد إن الإساس في تحقيق هذه الحلول وإنجازها هو تأسيس وتدعيم سلطة الشعب وديكتاتوريته المطلقة على موارده وأموره وتوجيه إستقلال المجتمعات والدول إلى مصلحة سكانها وشعوبها بدلاً عن وجهتها الحاضرة لمصلحة حكامها وأغنياءها حيث تكون ديكتاتورية البروليتاريا (= سلطة الشعب) بديلاً لسلطة وسيطرة رأس المال وهيمنته وتمييزه بين الناس بمجريات الإستغلال واتلتهميش أقاليماً وأجناس محظوظة وأقاليم وأجناس منحوسة.

فللخروج المتناسق من دائرة الإستغلال والتهميش الرأسمالي المنتج لهذا الوضع فإن إنجاز هذه ديكتاتورية الشعب وسلطته المطلقة والظفر بها يتصل بهمة الحزب الشيوعي ونشاط قيادته وأعضاءه في تنظيم القوى المستغلة والقوى المهمشة في المجتمع تنظيما طليعياً دقيقاً متنوعاً يكرس أفيد الطاقات المبددة والمهملة وينظمها في عملية تغيير إجتماعي شامل لقواعد البنيان الطبقي وهرمية تملكاته الإقتصادية الإجتماعية ويدفع بالتحول عن الأسلوب الرأسمالي المجحف للنشاط والبناء الإجتماعي إلى أسلوب أكثر إشتراكية وديمقراطية وعدالة وسلام يرتبط بقوى الطبقة العاملة وعموم الكادحين وتحولهم من حالات النقص والتكالب على موارد الإنتاج ووسائله وعائداته إلى حال الإشتراكية فيهم والإشاعة لخيراتهم شيوعية متقدمة ترفد إلغاء النظام الطبقي بتساوي الأقاليم بعضها بعضاً وتساوي النساء والرجال في الحقوق والواجبات العامة خارجة من مجتمعات الإصطفاء والإستئثار والتملك الخاص المفرد للمنافع العامة والتمييز الطبقي والعنصري إلى مجتمع غزير العطاء وافر الكرامة والحرية كينونته الإنسان، وقد يكون ذلك هو أحسن ختام لتطور مجتمعات البشر بكل تكالباتها وثوراتها وبداية رقي مجتمع الإنسان بكل إبداعاته وجمالياته وإشراقاته شمساً للخلق والسكينة والمحبة والسلام.





5- النتيجة العامة للتحولات في العناصر الأربعة الرئيسة في توجيه الوضع العالمي:

من جملة هذه التحولات في العناصر الأربعة الأربعة الرئيسة في توجيه الوضع الدولي العام بشؤونه الإقتصادية السياسية والإجتماعية الثقافية ينكشف خطأ الفصل والفصم بين التغيير السياسي والتغيير الطبقي أو بين تغيير العلاقات السياسية نحو الإستقلال الدولي وإبقاء العلاقات الإجتماعية الإقتصادية موصولة بنظام الإستغلال وقواعد الإستعمار الحديث!، حيث ظهرت الآثار المدمرة لهذا الخطأ في مسيرة تحرر المجتمعات. ومن كشف عناصره الأساسية وأبعاده تتضح إمكانية علاج هذا الخطأ بداية من الوعي بأهميةالترابط بين مسألة تنمية القوى المنتجة ومسألة تغيير علاقات الإنتاج. ففي ضحى أزمة الإتجاه الوطني والإشتراكي الفضفاض،والأزمة البنيوية للتنظيم الإمبريالي لموارد العيش والحياة في كوكب الأرض، تظهر بوضوح مسألة حيوية الترابط بين قضايا الإستقلال والوحدة الشعبية والوطنية والتنمية وقضايا التخطيط الإقتصادي والإشتراكية والعدالة لإجتماعية في توزيع الموارد والسلطات وتطوير القوى المنتجة، وقضية التغيير الجذري لعلاقات الإنتاج وضرورة تحويلها من حالة عشواء التملك الفردي والإكتناز إلى حال موجبة تشاع فيها خيرات الوجود الطبيعي والنشاط الإجتماعي شيوعية أكثر تقناسقاً وتقدماً وإستدامة من بواكيرها السابقة تحقق إنعتاق عموم الكادحين من بنيات الإستغلال والتهميش التي تزيد البؤس والتكالب والحروب . وهنا تتبلور أهمية وضرورة وجود وتقدم الشيوعية لحرية الطبقة العاملة وعموم الكادحين من الإستغلال والتمييز المضاد ولتعزيز الإستقلال الوطني بمقومات مادية وثقافية لحرية الناس من صنوف القهر والتمييز الطبقي والعنصري والنوعي.



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد في الأرض والسماء: الأوضاع الطبقية لتدميرالبيئة
- !!!!!!!!!
- 42 مسألة إنتقادية لمشروع التقرير السياسي
- جورج حبش
- نجوم
- الحفارين وأهل الطبقات
- الحوار المسلح (2)
- يا حفيد رسول الله (ص) لا تدعو إلى حرية الإستثمار!
- وقائع موت مُعلن للإنسان
- نقاط صغيرة في تجديد العملية الثورية
- الأزمة الإمبريالية في جذورها وفي محاولات حلها
- كيف تعزز السوق الحرة ضرورة ديكتاتورية البروليتاريا لحياة الن ...
- نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب
- بعض مفارقات حقوق الشعوب وحق الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها
- ثلاثة أخطاء قاتلة
- تخلف الأحزاب عن طبيعة الصراع الوطني يفاقم العنصرية والإستعما ...
- حُمرة أنغام الخريف
- نقاط في تاريخ الماسونية... من السودان وإليه
- عن أزمة النظام الرأسمالي ودولته السودانية في الجنوب
- التأميم والمصادرة ضرورة للوحدة والتنمية ومكافحة العنصرية


المزيد.....




- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - المنصور جعفر - النتيجة العامة لتحولات العناصر الأربعة الرئيسة في الوضع العالمي